أشعل مثيرو شغب النار واقتحموا فنادق مخصصة لإيواء طالبي اللجوء في شمال إنجلترا، الأحد، بينما تواجه البلاد أسوأ اضطرابات اجتماعية منذ سنوات، وفقا لشبكة "سي ان ان".

واندلعت احتجاجات عنيفة في مدن وبلدات بأنحاء بريطانيا بعد مقتل ثلاث فتيات في هجوم بسكين في حفل راقص للأطفال في ساوثبورت في شمال غرب إنجلترا الأسبوع الماضي.

واستغل اليمين المتطرف الحادثة لنشر موجة من المعلومات المضللة، بما في ذلك ادعاءات كاذبة بأن المهاجم كان مهاجرا، لحشد احتجاجات معادية للمسلمين والمهاجرين. بينما تؤكد الشرطة أن المشتبه به ولد في بريطانيا وأنها لا تنظر إلى الهجوم باعتباره إرهابيا.

أحداث عنف واسعة

وتظهر لقطات حددت مواقعها الجغرافية شبكة "CNN"، متظاهرين يخربون فندقين تابعين لسلسلة "هوليداي إن" في شمال إنجلترا، أحدهما في مدينة تامورث، والذي سبق أن انتقده سياسي محلي لإيوائه طالبي اللجوء، والآخر في روثرهام.

وفي تامورث، وألقى المتظاهرون قذائف وحطموا نوافذ وأشعل حرائق، مما أدى إلى إصابة أحد ضباط الشرطة، وفقا للسلطات المحلية.

وفي الوقت نفسه في روثرهام، ألقى المتظاهرون ألواحا خشبية، واستخدموا طفايات الحريق ضد الضباط، وأشعلوا النار في متلاشيات بالقرب من الفندق، وحطموا النوافذ للدخول إلى المبنى، حسبما ذكرت الشرطة.

ووفقا لبيان أدلت به مساعدة مفوض الشرطة ليندسي باترفيلد، كان فندق روثرهام في ذلك الوقت "مليئا بالمقيمين والموظفين المرعوبين".

وقالت وزيرة الشرطة في المملكة المتحدة إنه سيكون هناك نهج "اعتقلهم بسرعة" تجاه مثيري الشغب من اليمين المتطرف الذين تسببوا في الاضطرابات، لكنه أضاف أنه لا حاجة لجلب الجيش.

وفي تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، أكدت ديانا جونسون أن الخطة هي تنفيذ اعتقالات وتوجيه اتهامات سريعة من أجل إبعاد مثيري الشغب عن الشارع بأسرع ما يمكن والعمل كرادع لمنع المزيد من الاضطرابات.

وتعد الاضطرابات العنيفة هي الأسوأ منذ أعمال الشغب التي شهدتها البلاد عام 2011 وتشكل تحديا كبيرا لحكومة حزب العمال برئاسة كير ستارمر بعد أسابيع فقط من توليها السلطة.

والأحد، أعلنت وزارة الداخلية البريطانية أنه سيتم تقديم "حماية أكبر مع أمن طارئ جديد" للمساجد في المملكة المتحدة في ضوء الهجمات الأخيرة.

تزايد التهديدات ضد المسلمين

قالت مجموعة مراقبة وطنية، الأحد، إن الارتفاع في أنشطة اليمين المتطرف أدت إلى زيادة تهديدات الاغتصاب والقتل ضد المسلمين  بخمسة أضعاف. وزيادة ثلاثة أضعاف في حوادث جرائم الكراهية، حسبما نقلته صحيفة الغارديان.

ووفقا للتحليل الأولي من منظمة "تيل ماما"، فإن المسلمين في بريطانيا تركوا "مرعوبين" بسبب الزيادة في نشاط أعمال اليمين المتطرف منذ، الاثنين.

و"تيل ماما" هي مجموعة مراقبة تتتبع شكاوى جرائم الكراهية ضد المسلمين. وتقول إن الزيادة في الخوف الذي يشعر به المسلمون مرتبطة مباشرة باليمين المتطرف. 

وتقول المنظمة الخيرية إن ما مجموعه 10 مساجد تعرضت لهجمات أو تهديدات، بما في ذلك أماكن العبادة الإسلامية في ساوثبورت وليفربول وهارتليبول. 

وتضيف الجمعية أن الناس أصبحوا خائفين جدًا لدرجة أنهم لا يغادرون منازلهم، مع تعرض النساء اللواتي يرتدين أغطية الرأس مثل الحجاب لتهديدات في الشارع. 

زهذه الزيادات مستمدة من الأرقام الأولية التي تم جمعها من 26 يوليو إلى 2 أغسطس، وتتم مقارنتها بنفس الفترة من العام الماضي. تتضمن البيانات الحوادث عبر الإنترنت وفي الواقع.

وأدان رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، الاحتجاجات العنيفة التي شهدتها نهاية الأسبوع، والتي أدت إلى اعتقال ما لا يقل عن 147 شخصًا منذ ليلة السبت. وحذر من أن المتورطين في أعمال العنف سيواجهون كامل قوة القانون.

وقال ستارمر، الأحد: "يحق للناس في هذا البلد في أن يكونوا آمنين، ومع ذلك، رأينا استهداف المجتمعات المسلمة، وهجمات على المساجد، واستهداف مجتمعات الأقليات الأخرى، وتحيات نازية في الشوارع، وهجمات على الشرطة، وعنف عشوائي إلى جانب خطاب عنصري. لذلك لا، لن أتردد في تسمية الأمور بمسمياتها: إنها بلطجة اليمين المتطرف".

وفي حديثه عن المشاهد العنيفة في روثرهام، وصف ستارمر "عصابات متجولة تنوي انتهاك القانون"، وأكد أن المشاغبين العنيفين "لا يمثلون بلدنا".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الیمین المتطرف

إقرأ أيضاً:

عودة اليسار لا تعني مواجهة اليمين في إسرائيل

بنى بعض المراقبين تقديراتهم على عودة دور اليسار للتأثير بقوة في المسار السياسي داخل إسرائيل، على مظاهرة حاشدة خرجت الأحد الماضي نظمها اتحاد نقابات العمال، الهيستدروت، تضامناً من أهالي الأسرى والمحتجزين لدى حركة حماس، وتجاهل هؤلاء أن هذه أول مرة يعلو فيها صوت اليسار بهذه الدرجة من الارتفاع منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة، وكانت ولا تزال الغلبة لليمين المتطرف للحكم في مفاصل الشارع والسياسة والحرب، وهو ما يستمد منه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو جزءا كبيرا من قوته السياسية، والأعلى ضجيجا وصخبا على الساحة الإسرائيلية.
حرّكت مظاهرة الهيستدروت الكثير من المياه للوقوف على شكل العلاقة بين اليسار واليمين، والتي ظهرت تجلياتها السلبية في السنوات الماضية، إذ مالت تماما ناحية الثاني، بالصورة التي يعتمد فيها تشكيل الحكومات على أحزابه المحسوبة على اليمين بألوانه المتباينة، والذي ازداد تغولا وحصد مكاسب متعددة، ونجح في توظيف حرب غزة في شرعنة الكثير من سياسات الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، وتحول إلى شبكة أمان لنتنياهو من أجل مواصلة الحرب على القطاع، ووضع خطة تعيد احتلاله، أو على الأقل إدارته بالطريقة التي تتواءم مع مصالح رئيس الحكومة الحالية.
بدت مظاهرة الهيستدروت الحاشدة كطيف عمالي مـرّ علينا واختفى سريعا، لأن محكمة العمل قضت بعدم قانونية التظاهر ورفضت التسييس، وهي رسالة ردع ليبقى اليسار كامنا، ولا يحاول الخروج على الجمهور علنا مرة أخرى، لأنه سيُصدم عمليا بمظاهرات أشد قسوة من قبل المتطرفين، وتنقل معركة الحرب من الكنيست والحكومة وبعض وسائل الإعلام إلى الشارع، وغالبا ستحسم لصالح المتشددين الذين يملكون غطاء سياسيا متماسكا من وزيري الأمن القومي والمالية، ناهيك عن استجابة كبيرة من جانب رئيس الحكومة لدعم التيار الذي يمثلانه.

من راهنوا على خروج الهيستدروت من قوقعته، تذكروا دوره في المظاهرات التي خرجت قبل اندلاع حرب غزة اعتراضاً على تغيير النظام القضائي، وتجاهلوا أن لا أحد تقريبا يتحدث عن هذه القضية في خضم ما يروج له اليمين من ضرورة توجيه الدفة نحو الشعب الفلسطيني، لتقويض حلمه في دولة مستقلة، وتعزيز السيطرة اليهودية الكاملة على المسجد الأقصى، وهو ما لا نسمع عنه اعتراضا واضحاً من أحزاب اليسار والجهات المحسوبة عليه.
لم يعد دور الهيستدروت قاصراً على الدفاع عن حقوق العمال، وانخرط في السياسة بشكل حوّله سابقا إلى قوة ثمينة لليسار من دون أن يتخلى عن المبادئ التوراتية الرئيسية التي تنطلق منها إسرائيل، وتكفي الإشارة إلى أن غالبية الحروب العربية الإسرائيلية اندلعت في عهد حكومات ينتمي قادتها لليسار، بينما عقدت اتفاقيات السلام في عهد حكومات يمينية ومتشددة.
والدلالة التي تكشفها هذه المسألة تكمن في سهولة الدخول في حرب، وصعوبة الوصول إلى السلام بين إسرائيل وأي من الدول العربية، لأن دعم الحرب يظل ثابتا في الذاكرة الجمعية لليهود، بينما التسوية السياسية بحاجة إلى إرادة وقوة وقدرة على المواجهة، لأن الأخيرة تحمل في جوهرها ما يعرف بالتنازلات من جانب إسرائيل.
يمثل الهيستدروت مصالح نحو 800 ألف عامل، وهي نسبة قليلة مقارنةً مع الجبهات التي يمثلها المتطرفون بمشاربهم المتنوعة التي أصبحت تقدر بالملايين، ومع اتساع رقعة الحركة أمام اليمين انكمش اتحاد العمال، وركز جل همه على مهمته الرئيسية المتعلقة بدعم المؤسسات الصناعية والمالية والاقتصادية التي قامت عليها إسرائيل أصلاً عام 1948، فالاتحاد تأسس قبل نحو عقدين من هذا التاريخ، ويقال دوماً إنه أقدم من الدولة نفسها، ولعب دورا حيوياً في تلبية احتياجات العمال في زمن هجرة اليهود إلى فلسطين في الفترة الأولى، كما أن ديفيد بن غوريون هو زعيم الهيستدروت في سنوات التأسيس، أصبح رئيساً للوزراء بعد ذلك.
كشفت الذكريات التي اجتّرها البعض مع مظاهرة اتحاد العمال عن نوع من التفاؤل وأنه سوف يلعب دوراً في الدفع نحو التعجيل بعقد صفقة الأسرى، وحث الحكومة على تليين موقفها، لكن ما حدث أن المظاهرة انفضّت سريعاً ومن غير المتوقع تكرارها بعد حكم محكمة العمل، ونتانياهو ضاعف شروطه بما يوحي أنه لا يعبأ بسماع الهيستدروت أو غيره من اللوبيات، ومصمم على استكمال مشواره في التصعيد.

أكدت المظاهرة ذاتها وجود انقسام داخل أهالي الأسرى وداعميهم حيال التوقيع على الصفقة، فهناك جبهة تعارضها، وتعتقد أن القبول بها في هذه الأجواء من قبيل الاستسلام لحماس، ما يعني أن اليمين نجح في اختراق أهالي الأسرى، ولم تعد العملية منحصرة في تحريرهم بأي ثمن سياسي، وهو الذي يمكن رئيس الحكومة من توسيع نطاق صلفه في المفاوضات، وعدم الاكتراث باليسار أو اتحاد العمال، فقد حلّت حكومة الحرب بعد خروج بيني غانتس منها، ولا يزال نتانياهو متماسكاً.
رسخت الحرب وتداعياتها مؤشرات خفوت دور اليسار قبلها، وعززت قوة اليمين داخل إسرائيل، الذي يريد قادته تأكيد أنه استوعب دروس الماضي بشأن الذهاب إلى عمليات سياسية للحفاظ على أمن الدولة، حيث اكتشف أن هذه المهمة تتحقق بالقوة وليس بالركون إلى السلام، ما يعني أن من يراهنون على تسويات رضائية إقليمية ودولية لن يحالفهم الحظ، فكل التصورات التي طرحها نتنياهو والتصرفات التي قام بها تؤيد خيار القوة، فضلا عما ينوي عليه من توجهات لتصفية القضية الفلسطينية.
يمكن أن تتغير هذه المعادلة في حالتين، الأولى: وجود ضغوط داخلية تجبره على الانحناء، وهي غير موجودة حتى الآن، بل على العكس ثمة قوة تساعده على المضي قدما في طريقه، والثانية: إرادة قوية من قبل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي للعودة إلى خيار السلام وحل الدولتين، وهو ما يسعى نتانياهو إلى تحطيمه مسبقاً من خلال الحلقات العسكرية الجهنمية التي تتم في قطاع غزة والضفة الغربية، وخلق ذرائع لأزمة مع مصر بشأن ممر فيلادلفيا، والاستغراق في تفاصيلها، في حين تمضي قوات الاحتلال في مخططها لتفريغ القضية الفلسطينية من مضامينها.
ولذلك فالتئام مظاهرة لليسار، ولو كانت حاشدة، لا يعني التصدي لليمين أو الدخول في مواجهة ممتدة معه، فقد نجح نتانياهو في إيجاد مساحة مشتركة بينهما على الأهداف الكبرى للحرب، ويندرج التباين الحاصل حول صفقة الأسرى ضمن أدوات اللعبة التي يتقنها، إذ يعي أن استطلاعات الرأي تميل لصالحه، وكل خصومه السياسيين من اليسار أو اليمين لا يوجد من يهدده بالشكل الذي يجبره على التراجع وتقديم تنازلات لحماس، لأنه بات على يقين أن الضغط العسكري هو الطريق الوحيد لتحرير ما تبقى من الأسرى والمحتجزين، وأن الحركة خسرت قوتها الضاغطة.

مقالات مشابهة

  • خبير في العلاقات الدولية: نتنياهو متمسك بالتصعيد العسكري لاعتبارات سياسية
  • عائلات مغربية تطالب بالعدالة بعد مرور 7 سنوات على فاجعة حريق لندن
  • سلطات السمارة تدعو إلى اليقظة لمواجهة الفيضانات وتترقب الأسوأ
  • كاتب صحفي: سياسيون إسرائيليون يشاركون في الاحتجاجات ضد نتنياهو
  • ليبيا.. اعتراض قارب يحمل عشرات المهاجرين
  • ستارمر يفتح صفحة جديدة: أول رئيس وزراء بريطاني يزور أيرلندا منذ خمس سنوات
  • عودة اليسار لا تعني مواجهة اليمين في إسرائيل
  • بولندا تبني جدارًا على الحدود مع بيلاروسيا لوقف تدفق المهاجرين
  • الشرطة البريطانية تبحث عن صاحبة الفستان الأصفر.. ما القصة؟
  • السجن 10 سنوات لسوري في بريطانيا بتهمة الاتجار بالبشر