لعلّها الذكرى "الأهدأ"، من حيث الشكل لا المضمون، لانفجار مرفأ بيروت، منذ ذلك اليوم المشؤوم الذي حفر عميقًا في ذاكرة كل اللبنانيين، الذين لم يستطيعوا طيلة أربع سنوات مضت، أن يستوعبوا فعلاً ما حصل في تلك اللحظة التي دخلت التاريخ بعدما دمّرت مدينتهم عن بكرة أبيها، في حادثٍ صُنّف واحدًا من أقوى الانفجارات غير النووية، ولو لم تتكشّف حقيقته بعد، ولا تزال الفرضيّات تتنازعه، من الإهمال إلى الفساد، مرورًا بعوامل خارجية "مستترة".


 
لا شكّ أنّ الظرف السياسي والأمني الذي واكب الذكرى هذا العام هو الذي "همّشها" بشكل أو بآخر، حتى كادت تمرّ "مرور الكرام"، فلا كانت التحرّكات الخاصة بالمناسبة على جري العادة، ولا كان "الزخم" الذي واكبها على قدر المأساة التي يختزلها "زلزال" الرابع من آب، فالأعين كلّها شاخصة هذه الأيام حول احتمالات الانزلاق إلى حرب شاملة، على وقع "حبس الأنفاس" بانتظار الضربة الإيرانية وردّ "حزب الله"، وما قد يترتّب عليهما من تغيير في المعادلات.
 
مع ذلك، كان تحرّك الرابع من آب أساسيًا بالنسبة لأهالي ضحايا الانفجار، الذين يرفضون أن يثنيهم شيء عن التذكير بعدالة قضيتهم وأحقيتها، والذين أرادوا أن يذكّروا في الرابع من آب، بأنّ العدالة الغائبة، أو بالأحرى "المغيّبة"، مطلبٌ لا رجعة عنه، رغم كلّ "التمييع" الذي أصاب التحقيقات "المجمّدة" منذ أفرِغت الزنازين من الموقوفين، وكُفّت يد المحقق العدلي، في ظاهرة تكاد تكون غير مسبوقة، مع كلّ ما تثيره من جدل...
 
تصعيد الأهالي ورسالتهم..
 
صحيح أنّ الذكرى الرابعة لانفجار مرفأ بيروت تكاد تكون "الأهدأ" منذ أربع سنوات، فهي لم ترقَ لمستوى "الثورة" التي يعلنها الأهالي كلّ عام، على النظام السياسي والقضائي، الذي يقتل أحبّاءهم مرّتين، ولا تحوّلت إلى "قتال شوارع" بينهم وبين القوى الأمنية كما درجت العادة، حتى في التحرّكات الشهرية التي كانوا يقومون بها دوريًا، بل اقتصرت على تحرّك "محدود" حتى في الزمان والمكان، تضمّن بضع كلماتٍ للأهالي، لا أكثر ولا أقلّ.
 
لكنّ الصحيح أيضًا أنّ هذه الكلمات حملت بين طيّاتها تصعيدًا كلاميًا قد يكون "الأعنف" في السياق السياسي منذ أربع سنوات، سواء لجهة تسمية من وصفهم بعض الأهالي بـ"معرقلي" التحقيق بانفجار المرفأ، أو لجهة التصويب على "حزب الله" تحديدًا، وصولاً لحدّ اتهامه بافتعال "حرب أهلية" من أجل تطيير التحقيق ومنع تقدّمه إلى الأمام، وهو ما دفع البعض إلى التحذير من الوقوع في فخّ "التسييس" الذي كان أصلاً السبب في "فوضى" الملف.
 
يرفض الأهالي مثل هذه التهمة، مشدّدين على أنّهم لم يستندوا إلا إلى الوقائع والمعطيات على الأرض، فهم كانوا واضحين بأنّهم يرفضون مصادرة دور المحقّق العدلي، بدليل أنّهم لم يدخلوا في فرضيات التحقيق، ولا في إصدار الأحكام، لكنّهم استندوا إلى الوقائع والمعطيات التي تثبت أنّ ثمّة أطرافًا عرقلت التحقيق في العلن، والمشكلة مع هؤلاء أنهم لم يسمحوا بتقدّم المسار القضائي، ولم يحترموا جراح الأهالي التي لن تُشفى إلا بمعرفة الحقيقة، كما هي.
 
هل من جديد قضائيًا؟
 
لعلّ المشكلة الأكبر المرتبطة بالتحقيق، والتي تشكّل "حسرة" في نفوس الأهالي في الذكرى الرابعة لانفجار مرفأ بيروت، ليست فقط أنّ أربع سنوات مرّت على الجريمة التي قيل يومًا إنّ حقيقتها ستُكشَف خلال أربعة أيام، ولكن لأنّ القوى السياسية شرّعت لنفسها كفّ يد المحقق العدلي، لأنه تجرّأ على طلب السياسيين للمثول أمامه، وجمّدت التحقيقات، ومن دون أن يرفّ لهم جفن، وكأنّ المطلوب من الأهالي أن يستسلموا لحقيقة أن موت أبنائهم كان "قضاء وقدرًا".
 
ولعلّ العودة لمسار التحقيقات منذ اليوم الأول تكفي للدلالة على ذلك، بدءًا من تنحية المحقق العدلي الأول القاضي فادي صوان، بسبب ما صُنّف "ارتيابًا مشروعًا"، وصولاً إلى محاولة "محاصرة" المحقق العدلي الثاني القاضي طارق البيطار، الذي ردّ بالادعاء على السياسيين وتحديد جلسات لاستجوابهم، قبل أن تتحول المواجهة "قضائية-قضائية" بعد الادعاء عليه بجرم "اغتصاب السلطة"، وإخلاء جميع الموقوفين في الملف، بكلّ بساطة وبلا نقاش.
 
وعلى الرغم من أنّ المسار القضائي شبه مجمَّد، منذ مُنِعت النيابة العامة التمييزية من التواصل مع القاضي، تتحدّث المعطيات المتوافرة عن "جديد" على خطّ الملف يُطبَخ في الكواليس، سواء نجحت الاتصالات القائمة بين البيطار والمدعي العام التمييزي أم فشلت، باعتبار أنّ الرجل مصرّ على إصدار القرار الاتهامي قبل نهاية العام الحالي، وهو يستعدّ لمرحلة جديدة من التحقيق بعد انتهاء العطلة القضائية في منتصف شهر أيلول المقبل.
 
إذا كان تراجع "الزخم" مفهومًا في ظلّ الظروف الحربيّة غير المبشّرة، قد لا تكون ظاهرة صحية أن تصبح "جريمة" الرابع من آب، مجرّد "ذكرى" يحييها اللبنانيون مرّة في العام، كأيّ مناسبة عاديّة أخرى. فما حصل في الرابع من آب ليس عاديًا، وما حصل بعده على صعيد التحقيقات ليس عاديًا أيضًا، وما قد يحصل على الأرجح في حال استئناف التحقيقات لن يكون عاديًا أيضًا، فهل من نهاية "عادلة" لهذا الملف المفتوح على المأساة؟!
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: لانفجار مرفأ بیروت الرابع من آب أربع سنوات

إقرأ أيضاً:

القبض على عصابة تمتهن سرقة ممتلكات الأهالي في إدلب

إدلب-سانا

ألقت عناصر مخفر تلعادة التابع لقيادة شرطة محافظة إدلب القبض على عصابة تمتهن سرقة ممتلكات الأهالي.، وأعادت المسروقات لأصحابها.

القبض على عصابة تمتهن سرقة ممتلكات 2025-02-19malekسابق اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني تبدأ جلسة حوارية في درعاآخر الأخبار 2025-02-19القبض على عصابة تمتهن سرقة ممتلكات الأهالي في إدلب 2025-02-19اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني تبدأ جلسة حوارية في درعا 2025-02-19وزارة التربية ومنظمة مكتبات بلا حدود الفرنسية ‏تبحثان تعزيز التعاون  2025-02-19مديرية موارد اللاذقية تنفذ حملات تنظيف وتعزيل للقنوات والمجاري المائية 2025-02-19مدير المؤسسة العامة للتأمينات: نعمل على دراسة شاملة لوضع حلول تضمن حقوق المتقاعدين 2025-02-19وزير المالية يبحث مع وفد من التجار والصناعيين معوقات نمو الاقتصاد ‏المحلي 2025-02-19أطباء مغتربون في ألمانيا: مستعدون لدعم القطاع الطبي بالأجهزة الحديثة والمتطورة 2025-02-19الإدارة المحلية تجري جولة على مدينة عين ترما 2025-02-19كتاب “تطور العلوم الحديثة” يروي مسارات التطور العلمي عند البشرية عبر 3 آلاف عام 2025-02-19“انتصار وطن”… احتفال بدار الأوبرا بدمشق يعيد سرد حكايات من الثورة السورية

صور من سورية منوعات تيك توك تستأنف خدماتها في الولايات المتحدة بفضل ترامب 2025-01-20 الصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية إلى الفضاء 2024-12-05فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23حدث في مثل هذا اليوم 2024-12-077 كانون الأول-اليوم العالمي للطيران المدني 2024-12-066 كانون الأول 2004- اقتحام القنصلية الأمريكية في جدة بالمملكة العربية السعودية 2024-12-05 5 كانون الأول – اليوم الوطني في تايلاند 2024-12-033 كانون الأول 1621- عالم الفلك الإيطالي جاليليو جاليلي يخترع التلسكوب الخاص به 2024-12-022 كانون الأول- اليوم الوطني في الإمارات العربية المتحدة 2024-12-011 كانون الأول 1942 – إمبراطور اليابان هيروهيتو يوقع على قرار إعلان الحرب على الولايات المتحدة
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • الذكرى الـ19 لرحيل الإعلامية العراقية أطوار بهجت
  • العليمي يدعو الجيش اليمني إلى تصعيد الموقف ضد الحوثيين
  • استكمال التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت باستجواب ضابطين بالجيش
  • وزير العدل: لا يمكن بناء دولة من دون قرار ظني في انفجار المرفأ
  • تصعيد دموي في السودان: أكثر من 200 قتيل في هجوم لقوات الدعم السريع خلال ثلاثة أيام
  • بأكثر من 60 طالباً.. اكتظاظ في مدرسة بالرمادي يثير استياء الأهالي
  • تصعيد جديد.. إيران ترد على تهديدات نتنياهو ماذا فعلت؟
  • لا إطلاق نار.. بيان من إدارة مرفأ طرابلس
  • القبض على عصابة تمتهن سرقة ممتلكات الأهالي في إدلب
  • الطب العدلي العسكري يباشر بفحص المخدرات لفرقة القوات الخاصة الثانية