صلاح شعيب
ظللنا منذ فترة نتابع تصريحات وخطابات ياسر العطا التي تجاوز بها الأعراف السياسية، والعسكرية، والدبلوماسية مجتمعة. ففي الجانب السياسي تجده يصب جام غضبه باستمرار على من يسميهم المرتزقة والعملاء من أبناء شعبه. وذلك لكونهم ينادون بإيقاف الحرب حتى يحافظوا على هيكلية جيش البلد بقضها وقضيضها، ولاحقاً يصلحوه.
ودبلوماسياً يهاجم العطا الرئيس الكيني وليم روتو ويقول له: "إنت قوات شرق أفريقيا خليها..إنت جيب جيشك تعال". وكذلك وصف الشيخ الإماراتي
محمد بن زايد بقوله: "دولة الشر في أبو ظبي..محمد بن زايد..هذا الصهيوني القذر". وكذلك هاجم بذات اللغة الرئيس التشادي محمد دبي ووصفه بخبوب أفريقيا. وهذه اللغة المغلظة بالطبع ليست من الكياسة والسياسة الهادفة. أما عسكرياً فقد تحدث الجنرال كاذباً أكثر من مرة بالقول في أمدرمان - وذلك قبل نحو نصف عام - بأن الجيش سينتصر بعد أسبوعين!. ولاحقاً قال إن مدني ستتحرر بعد عيد الأضحى الماضي، والآن يوعد قاعدته بأن شهرا واحدا يكفي لسحق الدعم السريع ميدانياً. وهذا غيض من فيض العطا في هذا المجال. بعيداً عن الحديث غير الظريف عن تأثير "الكاسات" كما يشيع خصومه دائماً، فإن العطا حتى في كامل صحوه تجده لا يدرك بأن تصريحاته تدعم الدعم السريع، وتضر بالجيش في الوقت ذاته. فهو من ناحية يكثر من خصومه في الحيز المحلي، والإقليمي، والدولي. ولا يتيح فرصة لمناصري الجيش في هذا الحيز لإقناع الآخرين بانه يمكن تغيير خطاب الجيش للأحسن. ذلك لأنه لا يصمت حتى يأتي بما يحرج الجماعة المصرة على التلفيق، والكذب، وغسل ذاكرة الشعب. طبعاً ما تقدم عاليه يصح لو قارنا بصدقٍ لسانِ العطا بألسنة البرهان، وكباشي، وجابر، خصوصاً في الشأنين الإقليمي، والدولي. وبرغم أن مراقبين يقولون إن هذا التناقض بينه وزملائه يدل على تكامل أدوار الصقور والحمائم داخل كابينة القيادة العسكرية، ولكن الأمر يحتاج لنفي من الكابينة، وذلك لم يحدث حتى هذه اللحظة. على أن في السياسة أي شيء وارد بحيث يلعب كلٌ دوره المرسوم المتناقض للآخر، وفي الختام تعزف الأوركسترا اللحن الجنائزي إيذانا بالرحيل. فنظام البشير كان لديه أكثر من "ياسر عطا". تجد آنذاك ثلة حمائم يتحدثون مع القوى السياسية بلغة تعظم الشمل الوطني بينما يرفع الصقر نافع العصا الغليظة، ويكاد يتحدى المعارضة في القدرة على سل سكينها في الشارع لمبارزته. في الواقع ليس من حق العطا أصلاً أن يغضب ويشتم لو أن العرب المؤثرة انقسموا لفريقين في ما تعلق بدعمهم حرب السودان. ففريق متهم بجلب العتاد، وآخر الطائرات. فالجيش يكفيه أنه أيضاً يجد ممولين في النطاق الإقليمي العربي، والدولي، بشكل يفوق الدعم السريع في هذا المجال. ولو رجعنا للتاريخ القريب، والبعيد، لناشطي أحزاب البلابسة والحركات المسلحة فإننا نجد أن أحزابنا جميعها كانت تجد المعونة من الخارج في حالة السلم مع الدولة، أو الحرب. وحتى في زمن الانتخابات، والوثائق، والشهادات، في هذا الصدد موجودة بكثرة. والكيزان تحديداً الذين يثيرون الغبار والاتهام بعمالة التقدميين فهم كانوا قد تلقوا تمويلاً نقدياً وعتاداً من العقيد القذافي إبان سعيهم لاحتلال الخرطوم مع آخرين عبر حركة يوليو ١٩٩٧٦. وحتى جبريل ومناوي اللذين هاجما الإمارات كان العقيد سخيا معهما في منازلتهم للدولة المركزية. إذن فياسر العطا، والبلابسة، ورواد الحركات الذين يهاجمون الدول الداعمة لخصومهم بالعتاد الحربي يجدون ما يماثله من الإقليم. وهذه كلها شواهد لو انطلت على العامة فينبغي ألا تنطلي على الراسخين في تتبع صراع الدولة المركزية مع مكوناتهم المجتمعية، والأمثلة أكثر من أن تعد أو تحصى في هذا الجانب. نسيت الإشارة إلى ان العطا في حواره التلفزيوني الأخير كشف سراً للعامة يرتبط بالإحباط الذي يعاني منه هو، والبرهان، وكباشي، ما يجعلهم كلهم ينوون الهروب من المعركة بعد أن وصلوا الحد كما قال. وبهذا فإن العطا يرسل لمن هم دونه، والجنود، رسالة سالبة بأن معنويات القادة الذين لا يتقدمون الصفوف منهارة، فما بالك بالذين يقضون سحابة يومهم وسط هدير المدافع الذي يحيط بهم من كل حدب وصوب. هل ياسر العطا هو العميل الأكبر للدعم السريع؟
suanajok@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية:
یاسر العطا
فی هذا
إقرأ أيضاً:
تحركات دبلوماسية وحقوقية لمنع ترحيل “القرضاوي” إلى مصر أو الإمارات
#سواليف
شهدت قضية توقيف الشاعر #عبد_الرحمن_يوسف_القرضاوي, في لبنان, موجة واسعة من التضامن المحلي والدولي، حيث أعربت شخصيات بارزة ومنظمات حقوقية عن استنكارها للاعتقال، مع دعوات حثيثة للإفراج عنه ومنع ترحيله إلى مصر أو الإمارات.
وكانت السلطات اللبنانية قد أوقفت القرضاوي، وهو ابن العلامة الراحل يوسف القرضاوي، في 28 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بناءً على مذكرة تعاون أمني مع #مصر، كما وردت تقارير عن طلب إماراتي بتسليمه بتهمة “زعزعة الأمن”.
وعرف القرضاوي، بشعره ونشاطه السياسي ضد الأنظمة القمعية، فيما صدر ضدّه حكم غيابي بالسجن في مصر خلال عام 2017، وذلك في إطار اتهامات سياسية طالت العديد من معارضي النظام. وهو ما أثار، آنذاك، موجة استنكار دولية، خاصة وأن تسليمه لأي من البلدين قد يضعه في مواجهة خطر التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان.
وتقدم النائب السابق في البرلمان المصري، حاتم عزام، بشكوى عاجلة، إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان، ڤولكر تورك، مطالبًا بالتدخل للإفراج عن القرضاوي استنادًا إلى التزامات لبنان الدولية بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب.
مقالات ذات صلة
د. الطراونة .. ارتفاع إصابات فيروس HMPV يذكر بإصابات كوفيد-19 2025/01/04
وأكد عزام، في شكواه، أن القضية تحمل أبعادًا سياسية واضحة، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن الطلب الإماراتي، مثل سابقه المصري، يفتقر إلى أي أسس قانونية ويهدف إلى استهداف الشاعر بسبب مواقفه المعارضة.
في السياق ذاته، أدانت منظمة “سيدار للدراسات القانونية” احتجاز القرضاوي، واصفة الإجراء بأنه “قمع عابر للحدود” يهدف إلى إسكات الأصوات المعارضة. كما أصدرت المنصة العالمية للدفاع عن حقوق الإنسان، بيانًا، شديد اللّهجة استنكرت فيه الاعتقال، وطالبت السلطات اللبنانية بإطلاق سراح القرضاوي فورًا وضمان عودته الآمنة إلى تركيا.
على المستوى الإعلامي، أشار أسامة جاويش إلى وجود ضغوط تركية على لبنان لمنع تسليم القرضاوي، وهو ما يعكس تعقيدات القضية في ظل الصراعات الإقليمية والسياسية؛ فيما دعت عائلة القرضاوي الناشطين والصحفيين والمنظمات الحقوقية إلى التحرك لدعم جهود الإفراج عنه، مؤكدة أنه يواجه خطرًا حقيقيًا إذا تم تسليمه.
إلى ذلك، تُبرز هذه القضية جانبًا يوصف بـ”الخطير” من استغلال التعاون الأمني الدولي لاستهداف #المعارضين السياسيين، وهي ممارسة تتنافى مع القوانين الدولية. ولبنان، بوصفه طرفًا في اتفاقية مناهضة التعذيب، مُلزم بعدم تسليم أي شخص إلى دولة قد يتعرض فيها لخطر التعذيب أو سوء المعاملة.
ومع وجود سجل موثق لانتهاكات حقوق الإنسان في #السجون المصرية والإماراتية، فإن تسليم القرضاوي سيشكل انتهاكًا صارخًا لهذه الالتزامات. بحسب المنظمات الحقوقية.
جراء ذلك، بات التضامن الدولي مع القرضاوي يعكس رفضًا واضحًا لهذه الممارسات، ويضع السلطات اللبنانية أمام مسؤولية أخلاقية وقانونية. ومع تزايد الضغوط من شخصيات ومنظمات حقوقية، يبقى الأمل معقودًا على تدخل عاجل يضمن الإفراج عن القرضاوي وحمايته من أي مخاطر تهدد سلامته.