نقاط بعد البث
حسن الجزولي
أزمنة الكرب وبعثرة الأوطان (36)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولا فكاك ،، 19 يوليو كمان وكمان!.
عن الشهيد عبد الخالق محجوب (5)
كتابة تخلو من أي وعي أو إزهار لقناديل !
* إن أبلغ محاولة احتقار وإهانة في الكتاب من الكاتب "والقائمين" على أمر الكتاب وتؤكد بما لا يدع مجالاً للشك التربص بعبد الخالق متسترين خلف "أزهار وعيه ورياحينه"، وردت على لسان الضابط "بشير مختار" المناوئ للشيوعيين ولزملائه الضباط في تنظيم الضباط الأحرار، الذين رأينا كيف شهد ضدهم في إفاداته والغل والتشفي يمتلكانه، كإفادته ضد زميله الضابط مدني علي مدني، وهاهو هنا يدلي بإفادة غريبة عن الشهيد عبد الخالق محجوب نفسه!.
* قال عندما استجوب النميري عبد الخالق بعد اعتقاله، وضح كل شيء، ما حاول يبرر، ما حاول ينفي، تفاصيل التفاصيل، وأسماء المشاركين، كان واضح وأمين جداً، كان صادقاً في كلامه، ثم قال أنه ونتيجة حديثه هذا "عن الحاصل بحذافيره وبناءً عليه، كان في ناس كتار كانوا ما معتقلين، تم اعتقالهم"!.
أي ما يعني باختصار أن عبد الخالق "واشي" وأنه اعترف على زملائه، والواشي في عرف المجتمع وتقييمه أنه شخص جبان رعديد وغير مؤتمن و"منفنس"!. فتخيلوا أن شخصاً بقامة عبد الخالق وهيبته وكاريزمته التي جُبل عليها، والرجل الذي وهب عمره وحياته لقضية يعتبرها من أنبل ما يمكن أن يخلص لها الانسان وهي قضية الوطن والشعب وضرورة النضال من أجل التغيير الاجتماعي، يحوله شخصاً من "أمثال الضابط بشير مختار" إلى رعديد أمام "النميري"!.
* لقد نقلت شخصيات أخرى من أمثال دكتور منصور خالد وعمر الحاج موسى والذين كانوا أكثر استقامة وتصالحاً مع أنفسهم، أدق وقائع لقاء النميري مع عبد الخالق بمكتبه في معسكر الشجرة، وكانوا لحظتها شهود عيان لما جرى، بالإضافة إلى الصحفية المصرية مريم روبين مبعوثة صحيفة الاهرام والتي كتبت عن تلك المقابلة بالتفاصيل الدقيقة، فلم يشر أي من هؤلاء إلى مثل ما أفاد به الضابط المشار إليه حول عبد الخالق!، وهو الذي شهد له جميع من كانوا في بهو إعدامه في تلك اللحظات كيف أنه ذهب للموت كعريس باسم ومعطر بزي مهندم وحذاء لامع!، كما شهدت له أجهزة الاعلام الاقليمية والدولية التي تابعت مجريات محاكمته العسكرية عن ثباته وشجاعته، ثم أولم تقرأ للصحفي الراحل إدريس حسن يقول عن تلك المحاكمة كيف أن عبد الخالق بدى كفرسان الأساطير القديمة وهو يترافع عن نفسه وحزبه، وكأنه يتحدث في ندوة جماهيرية؟!، بل اذهب واقرأ لعلي أبو سن عندما كتب عنه يقول "بان الحزب الشيوعي الفرنسي نظم مظاهرة كبرى في ميدان الجمهورية بباريس احتجاجا على اعدام عبد الخالق محجوب، ما زلت أذكر صورة عبد الخالق وهو يساق الى ساحة الاعدام والتي نصبوها في الميدان بحجم سبعة امتار "..." وقد اكتسى وجهه بذلك التعبير الرجولي الهادي الواثق المبهر وقد كتبوا فوقها بحروف ضخمة "هكذا يموت الشيوعيون" ، فكان رمزا لاجمل واعظم ما في السودان والسودانيين من معاني، ولقد تجولت وسط ذلك الحشد الهائل من الفرنسيين كانوا حوالي 100 الف شخص وشعرت بالفخر لانني لم اشهد باريس تحتفي باسم شخص اجنبي قط بتلك الصورة وذلك الحجم"!، وقد حدث قبل ذلك بنحو سنة أن تم اعتقال عبد الخالق قبل نفيه إلى مصر، وعقد له "مجلس قيادة ثورة مايو" محاكمة و طلب منه خلالها المدعو أبو القاسم محمد إبراهيم أن يكشف لهم عن أسرار الحزب الشيوعي، فزجره عبد الخالق موضحاً لهم أنه لو خير بأن يقطع لسانه أو يفعل مثل هذا الأمر، فلن يدلي ولو بحرف عن أسرار حزبه!.
وحيث أن الضابط بشير مختار وأمثاله من المناوئين لعبد الخالق وحزب عبد الخالق يأتون في أواخر أشواط ذلك الزمان ليلفقوا مثل هذه الأحاديث، * فنقول لهم، إن شهاداتكم يعتريها "الضمور والعور"، أذهبوا لتأتوا لنا بما يقوي منها!.
ــــــــــــــــــــــــ
*هذا زمن التكاتف، فالنعزز الدعوة له بشعار ثوار كميونة أعتصام القيادة " لو عندك خت ،، لو ما عندك شيل"!.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: عبد الخالق
إقرأ أيضاً:
جناح الأزهر بمعرض الكتاب يعرض الضوابط المنهجية للمعرفة والنظر عند أهل السنة
يقدِّم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ56 لزوَّاره كتاب "الضوابط المنهجية للمعرفة والنظر عند أهل السنة.. دراسة تأصيلية"، إعداد: وحدة التأليف بمركز الإمام الأشعري بالأزهر الشريف.
يعتبر هذا الكتاب بمثابة التقعيد لما يليه من إنتاج علمي، فقد ركز على الجانب المنهجي من خلال الضوابط المتعلقة بالمعرفة والنظر؛ لتكون مقدمة لأي بحث كلامي، تم تناول الضوابط من خلال ذكر موجزها وشرحها والنماذج التطبيقية عليها، وذلك من خلال 8 ضوابط.
الضابط الأول: "المعرفة ممكنة عقلا واقعة فعلا"، فقد قرر أهل السنة أن حقائق الأشياء ثابتة ردا على المشككين من السوفسطائية، ومنكري الحقائق، والقائلين بنسبيَّتها بوجه عام، مع الوضع في الاعتبار أن الاختلاف في الرأي والتعدد في الاتجاهات يدخل تحت مظلة الثوابت، وفارق كبير بين القول بإمكان المعرفة عقلا، وما لا يقع في دائرة النظر العقلي كحقيقة ذات الله تعالى وصفاته عز وجل.
الضابط الثاني: "أسباب حصول المعرفة ثلاثة: العقل الصحيح، والحواس السليمة، والخبر الصادق"، فالعلم إما أن يكون حاصلا من خلال الإنسان نفسه، أو لا، فإن كان من نفسه فالحواس والعقل، وإن كان من غيرها فالخبر، فالحواس من طرق وآلات المعرفة التي تمد العقل بالمعلومات، وبها يتعرف على مظاهر الإبداع في الكون ووجوه الحكمة فيه، وكان القيد بكونها سليمة للرد على المشككين في أداء الحواس، والعقلُ أحد أسباب حصول المعرفة، وسيلةٌ صادقة إذا تمت على شروطها، والمعرفة العقلية الصحيحة هي أساس صحة الحس والخبر، ولدور العقل المهم جعل أهل السنة والجماعة المعرفة العقلية واجبة، وليس معنى ذلك أن فيه الغنية عن النقل، فلا غنى للعقل عن توجيه الشرع وإرشاده. ومن أسباب حصول المعرفة: الخبرُ الصادق؛ لأن النص هو أصل الدين، وهو الكفيل بتحصين العقائد عن شرود العقول ومراوغات الخصوم، من أجل ذلك كان قطعيُّ النقل مقدَّمًا في الاعتبار عند أهل السنة على ظنِّيِّ العقل.
الضابط الثالث: "شروط إفادة الأدلة لليقين"
إذ الدليل إما أن يكون نقليًّا أو عقليا، فالنقلي يفيد اليقين إذا ثبت قطعا لفظه ومعناه وأنهما مرادان للشارع الحكيم، والعقليُّ يفيد اليقين إذا ترتَّبت أحكامه على قضايا يكون التصديق بها ضروريًّا أو مكتسبات تنتهي إلى تلك الضروريات.
الضابط الرابع: "لا تعارض بين العقل والنقل"، فبعد أن اتضحت شروط إفادة الدلائل لليقين، كان هذا الضابط الذي يبين أنه لا تعارض بين صريح النقل وصحيح العقل؛ لأن النقل والعقل كلاهما يصدران من مشكاة واحدة وهي نور الحق سبحانه، وقد جعلهما الله طرقًا من طرق الهداية لعباده.
الضابط الخامس: "الأدلة النقلية عقلية أيضًا في وقت واحد"، يهتم هذا الضابط ببيان أن النصوص الشرعية تحمل بداخلها دلائل عقلية، بحيث لو صيغت هذه الأدلة بطريقة عقلية مجردة لم تخرج عن المعنى المراد من النص؛ لذا فهي دلائل شرعية عقلية في نفس الوقت.
الضابط السادس: "وجوب معرفة الله تعالى" فمعرفة الله تعالى من خلال النظر واجبة على كل مكلف بلغته دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أجمعت الأمة على ذلك.
الضابط السابع: "العالم آية على وجود خالقه"، وقد تناول الأشاعرة هذا الضابط بعبارات متعددة، مصدرين به مباحثهم في هذا العلم الشريف، مستخدمين مصطلحات الحدوث، والإمكان، ودلالة الأثر على المؤثر، وبناء عليه تنوعت الطرق في الاستدلال على وجود الله سبحانه تعالى، فبعد بيان تحقق العلم بوجود الأشياء انتقل الأشاعرة إلى إثبات حدوثها وحدوث العالم بإطلاق؛ لما يعتريه من تغير، أو ترجيح للوجود على العدم وهو ما يعرف بدليل الإمكان الذي استخدمه بعض أعلام المدرسة، ولا بد للعالم من محدث من خارجه وهو واجب الوجود سبحانه وتعالى.
الضابط الثامن: (صحة إيمان المقلد) فالمقلد الذي يأخذ بقول الغير من غير أن يعرف دليله، فلا يخرج من دائرة الإيمان، وهذا ما دل عليه أعلام المدرسة الأشعرية الذين يبتعدون عن التكفير ما وجدوا إلى ذلك سبيلا، ولا ريب أن الخلاف في إيمان المقلد الجازم، وليس الظان أو الشاك فعدم صحة إيمانهما متفق عليها، والخلاف أيضًا بالنظر لأحكام الآخرة وفيما عند الله تعالى، أما بالنظر إلى أحكام الدنيا فيكفي الإقرار فقط ويجري عليه أحكام الإسلام في الدنيا.
وبهذه الضوابط المنهجية التي ضبطت منهج أهل السنة والجماعة العقدي يتضح لنا ما تميز به هذا المنهج الأغر من سمات توضع في ميزان فضله من وسطية واعتدال واتباع وعموم وشمول.
ويشارك الأزهر الشريف -للعام التاسع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56، وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبنَّاه طيلة أكثر من ألف عام.
ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان؛ مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.