سودانايل:
2025-02-16@11:13:01 GMT

إخلاء منازل المدنيين بين جدة وجنيف

تاريخ النشر: 5th, August 2024 GMT

حسام عثمان محجوب
4 أغسطس 2024

لم يكن واقعياً الظن بأن مفاوضات منبر جدة التي بدأت بعد اندلاع الحرب بأسابيع قليلة قادرة على إنهاء الحرب أو على أقل تقدير تحقيق وقف إطلاق نار قابل للاستمرار. ولكنها صارت مرجعية "أمر واقع" لكل المجهودات الدبلوماسية الدولية لإيقاف الحرب؛ مرجعية برعاتها الأمريكان والسعوديين، وبطرفي تفاوضها، القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، وبمراقبيها وميسريها وداعميها المتزايدين، وبما توصلت له في جولاتها المتعددة من اتفاقات وإعلانات، وبما نتج عنها من فشل المرة تلو الأخرى.

المنامة ليست جدة، وجنيف القادمة ليست جدة، وجدة اليوم غير جدة 2023، ولكن الجميع حريصون على التأكيد على أن كل المحطات تبدأ من جدة وإليها تنتهي.

والأمر كذلك، فليس منطقياً تبرع سياسيين وإعلاميين مدنيين من غير أعضاء مليشيا الدعم السريع بالتهوين من وجوب الالتزام بالتعهدات التي تم التوصل إليها في جولات جدة المختلفة، وعلى رأسها إعلان جدة بالالتزام بحماية المدنيين في السودان في 11 مايو 2023، واتفاقية وقف إطلاق النار قصير الأمد والترتيبات الإنسانية في 20 مايو 2023. منذ أشهر تكرر تبرير فطير بأنه لا يمكن المطالبة بخروج أفراد الدعم السريع من منازل المواطنين قبل الدخول في جولة تفاوض جديدة لأنهم دخلوها طلباً للحماية من هجمات الجيش ابتداءً. ثم في الأيام القليلة الماضية مع الإعلان عن جولة جنيف تبارى آخرون في الإتيان بمبررات جديدة، منها مثلاً أن الخروج من المنازل لم يرد نصاً أو أنه ورد في الإعلان الذي ليس له نفس قوة الاتفاق، وغيرها من مبررات أخرى مخزية. والأغرب أن بيانات مليشيا الدعم السريع الرسمية لم تعلن رفض إخلاء منازل المواطنين، أو عدم التزامهم بما وقعوا عليه من إعلانات واتفاقات.

من واجب الحريصين على حماية المدنيين السودانيين وإيقاف الحرب عدم السماح لكل الأطراف ذات الصلة بمنبر جدة، وعلى رأسها الجيش والمليشيا والرعاة، بالتخلي عن مسؤلياتها والتزاماتها، حتى مع علمنا بتاريخ نقضنا للعهود والمواثيق، وعلمنا بأنه لا قادة القوات المسلحة (وحكومة الأمر الواقع) ولا مليشيا الدعم السريع بحريصين على حماية المدنيين. وبدلاً من إيجاد الأعذار للمليشيا، فالأولى استحضار هذه الالتزامات وجعلها في مقدمة أي حديث عن إيقاف الحرب.

التزمت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في "إعلان جدة" الموقع في 11 مايو بمبادئ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان بما فيها:
التمييز بين المدنيين والمقاتلين، وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، والامتناع عن أي هجوم يمكن أن يسبب أضراراً مدنيةً عرضيةً، والتحوط لتجنب وتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين، مما يهدف إلى إخلاء مساكن المدنيين، وعدم استخدام المدنيين كدروع بشرية، والالتزام بحماية الاحتياجات والضروريات مثل المواد الغذائية والمناطق الزراعية والمحاصيل والثروة الحيوانية، وحظر النهب والسلب والإتلاف، والامتناع عن الإخفاء القسري والاحتجاز التعسفي للمدنيين، وعن التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، أو العنف الجنسي. والتزم الطرفان بضمان التزام جميع الأشخاص الخاضعين لهم أو تحت سيطرتهم بالقانون الإنساني الدولي.

ويمكن بوضوح ملاحظة أن مليشيا الدعم السريع لم تقم بأي من التزاماتها التي وقعت عليها في ذلك الإعلان، بل وقد زادت منها نوعاً وعدداً وانتشاراً. ولا يوجد مبرر لتجاوز هذه الاعتداءات بما فيها ذلك المبرر البائخ بأن هذه كلها من تبعات الحروب الطبيعية، فهذه التبعات لم تكن غائبة عن واضعي القوانين والمعاهدات الدولية والسياسيين والعسكريين. وبالطبع فإن الجيش نفسه خرق التزاماته في هذا الإعلان ويجب تحميله مسؤولياته عن خروقاته وجرائمه والضغط لإيقافها.

بعد إعلان جدة وقع الطرفان على اتفاقية "وقف إطلاق النار قصير الأمد والترتيبات الإنسانية" في 20 مايو 2023، كان من المفترض أن يسري وقف إطلاق النار لمدة أسبوع بعد يومين من التوقيع، وهو ما لم يحدث بالطبع رغم تمديد الاتفاقية. وقد حوت الاتفاقية تفاصيل عن الأعمال الممنوعة والمسموح بها أثناء وقف إطلاق النار، والتزامات الترتيبات الإنسانية. ومن أهم ما يجب ذكره من الاتفاقية تأكيدها على مرجعية إعلان جدة، وعلى جميع الالتزامات الواردة فيه. ورغم أن الاتفاقية انتهت ولم يتم تنفيذها، لكن من المهم الإِشارة لأن من الأعمال الممنوعة بحسبها استخدام المدنيين كدروع بشرية، واحتلال المستشفيات ومرافق البنية التحتية الأساسية، واحتلال مساكن المدنيين، والنهب والسلب والتخريب، والإخفاء القسري أو الاحتجاز التعسفي للأشخاص.

في 7 نوفمبر 2023 صدر بيان التزامات من المحادثات في جدة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، أعاد التأكيد على إعلان جدة (11 مايو)، ووضح أن المحادثات تركز على تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية وتحقيق وقف إطلاق النار وغيره من إجراءات بناء الثقة تمهيداً للتوصل إلى وقف دائم للعدائيات. اشتهر من هذه الإجراءات احتجاز الهاربين من السجون، وكان منها أيضاً تحسين المحتوى الإعلامي لكلا الطرفين، وتخفيف حدة اللغة الإعلامية، واتخاذ إجراءات حيال الأطراف المثيرة للتصعيد والمؤججة للصراع. ووقع ممثلا الطرفين على تعهدات محددة في الشأن الإنساني في ورقتين منفصلتين.

وصلنا كسودانيين، وما زال بعضنا في الطريق، للقناعة المؤسفة أن الحرب إن توقفت اليوم فلن نستطيع العودة لمنازلنا التي احتلها الجنجويد أو دمروها غداً. ولذلك يبدو تخير التزام قوات الدعم السريع بإخلاء المنازل دون غيره من التزامات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان الأكبر والأشمل إما تقصيراً أو تضليلاً، ويجب أن لا يخفت الصوت الذي يفضح انتهاكات القتلة والمجرمين ويعمل على إيقافها ويحملهم مسؤولياتهم حتى يحين موعد محاسبتهم عليها.

نصوص الاتفاقات:
https://www.spa.gov.sa/76895ccb96v

https://www.state.gov/jeddah-declaration-of-commitment-to-protect-the-civilians-of-sudan/

https://www.spa.gov.sa/w1905904

https://www.spa.gov.sa/N1993108

https://www.state.gov/joint-statement-on-commitments-from-jeddah-talks-between-sudanese-armed-forces-and-rapid-support-forces/

https://www.state.gov/wp-content/uploads/2023/11/SAF-Humanitarian-Commitments-Jeddah-ARABIC-Signed.pdf

https://www.state.gov/wp-content/uploads/2023/11/RSF-Commitments-Jeddah-ARABIC_Signed.pdf

 

husamom@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: ملیشیا الدعم السریع وقف إطلاق النار القوات المسلحة إعلان جدة

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يقصف مواقع للدعم السريع بالفاشر

أفادت مصادر في الجيش السوداني بشن الطيران الحربي 8 غارات جوية على تمركزات قوات الدعم السريع في أنحاء متفرقة من مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وسط تقارير عن استمرار المواجهات في وسط وشرقي العاصمة الخرطوم.

وأضاف الإعلام العسكري للجيش بالفاشر -في بيان صحفي أمس الخميس- أن 3 شاحنات جند "فرت" إلى مدينتي نيالا والضلعين تحمل أفرادا من منسوبي ما سماها مليشيا الدعم السريع، إثر هذه الغارات الجوية، متهما قوات الدعم السريع بقصف المدينة "مما أدى إلى مقتل مدني وإصابة 3 آخرين".

المواجهات مستمرة وسط الخرطوم ومحيط القصر الجمهوري (الجزيرة)

كما قال مصدر في القوات المساندة للجيش، للجزيرة، إن اشتباكات عنيفة دارت صباح أمس بين الجيش والقوات المساندة له من جهة وقوات الدعم السريع من جهة أخرى، للسيطرة على جسر سوبا من ناحية الشرق الرابط بين الخرطوم ومحلية شرق النيل.

"لا تفاوض"

في غضون ذلك قال رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان إنه لا تفاوض ولا مساومة مع من حمل السلاح ضد الشعب والدولة.

وأضاف البرهان في كلمة بمنطقة أم درمان العسكرية أن الجيش ماضٍ في مهمته "حتى تطهير آخر شبر في البلاد" ممن وصفهم بالمتمردين.

⭕️ رئيس مجلس السيادة القائد العام يتفقد منطقة أم درمان العسكرية

أم درمان: ١٣-٢-٢٠٢٥م pic.twitter.com/RsYYLV0306

— مجلس السيادة الإنتقالي – السودان (@TSC_SUDAN) February 13, 2025

إعلان

وتشهد حدود الخرطوم مع ولاية الجزيرة مواجهات عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع، حيث يسعى الجيش للتقدم إلى وسط العاصمة بعد سيطرته على مدينة جياد الصناعية جنوبي العاصمة.

وكانت مدينة جياد شهدت اشتباكات عنيفة بين الجيش والدعم السريع في الأيام القليلة الماضية قبل أن يتمكن الجيش من السيطرة عليها والتقدم نحو الخرطوم‫.

كما أشارت المصادر في الأسبوع الماضي إلى أن الجيش انطلق من قواعده بالمقرن نحو وسط الخرطوم ومحيط القصر الرئاسي لاستعادته من قوات الدعم السريع التي تسيطر عليه منذ الأيام الأولى للحرب.

وخلال الأسبوعين الماضيين، تقدم الجيش وسيطر على مدن بولاية الجزيرة، بعد إعلانه في 11 يناير/كانون الثاني الماضي، دخول قواته ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة بعد نحو عام من فقدانها لصالح قوات الدعم السريع، التي تتحدث بدورها عن إلحاقها "خسائر" بصفوف الجيش.

ولاحقا أقر قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في تسجيل صوتي، بفقدان السيطرة على ود مدني، لكنه اعتبر ذلك "مجرد خسارة لجولة وليس للمعركة".

وتخوض قوات الجيش والدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 حربا، خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، في ظل اتهامات متبادلة بين طرفي الصراع بارتكاب جرائم حرب عبر استهداف المدنيين ومنع المساعدات الإنسانية.

مقالات مشابهة

  • الدعم السريع تهاجم مخيم زمزم للنازحين بدارفور (شاهد)
  • بعد اختفاء حميدتي .. مَن يقود الدعم السريع؟
  • الجيش السوداني يصل اهم مناطق سكن واستقرار قوات الدعم السريع بالخرطوم
  • بعد اختفاء حميدتي.. مَن يقود الدعم السريع؟
  • الجيش السوداني يوسع هجومه على قوات الدعم السريع في وسط الخرطوم
  • السودان.. مشاهد مروعة من زمزم بعد مداهمة قوات الدعم السريع
  • قوات الدعم السريع تهاجم مخيما يعاني من المجاعة في السودان
  • سيوثق التاريخ بأن الدعم السريع( شر أهل الأرض)
  • الجيش السوداني يقصف مواقع للدعم السريع بالفاشر
  • الدعم السريع لم يعد سريعاً