سودانايل:
2025-03-20@14:27:53 GMT

إخلاء منازل المدنيين بين جدة وجنيف

تاريخ النشر: 5th, August 2024 GMT

حسام عثمان محجوب
4 أغسطس 2024

لم يكن واقعياً الظن بأن مفاوضات منبر جدة التي بدأت بعد اندلاع الحرب بأسابيع قليلة قادرة على إنهاء الحرب أو على أقل تقدير تحقيق وقف إطلاق نار قابل للاستمرار. ولكنها صارت مرجعية "أمر واقع" لكل المجهودات الدبلوماسية الدولية لإيقاف الحرب؛ مرجعية برعاتها الأمريكان والسعوديين، وبطرفي تفاوضها، القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، وبمراقبيها وميسريها وداعميها المتزايدين، وبما توصلت له في جولاتها المتعددة من اتفاقات وإعلانات، وبما نتج عنها من فشل المرة تلو الأخرى.

المنامة ليست جدة، وجنيف القادمة ليست جدة، وجدة اليوم غير جدة 2023، ولكن الجميع حريصون على التأكيد على أن كل المحطات تبدأ من جدة وإليها تنتهي.

والأمر كذلك، فليس منطقياً تبرع سياسيين وإعلاميين مدنيين من غير أعضاء مليشيا الدعم السريع بالتهوين من وجوب الالتزام بالتعهدات التي تم التوصل إليها في جولات جدة المختلفة، وعلى رأسها إعلان جدة بالالتزام بحماية المدنيين في السودان في 11 مايو 2023، واتفاقية وقف إطلاق النار قصير الأمد والترتيبات الإنسانية في 20 مايو 2023. منذ أشهر تكرر تبرير فطير بأنه لا يمكن المطالبة بخروج أفراد الدعم السريع من منازل المواطنين قبل الدخول في جولة تفاوض جديدة لأنهم دخلوها طلباً للحماية من هجمات الجيش ابتداءً. ثم في الأيام القليلة الماضية مع الإعلان عن جولة جنيف تبارى آخرون في الإتيان بمبررات جديدة، منها مثلاً أن الخروج من المنازل لم يرد نصاً أو أنه ورد في الإعلان الذي ليس له نفس قوة الاتفاق، وغيرها من مبررات أخرى مخزية. والأغرب أن بيانات مليشيا الدعم السريع الرسمية لم تعلن رفض إخلاء منازل المواطنين، أو عدم التزامهم بما وقعوا عليه من إعلانات واتفاقات.

من واجب الحريصين على حماية المدنيين السودانيين وإيقاف الحرب عدم السماح لكل الأطراف ذات الصلة بمنبر جدة، وعلى رأسها الجيش والمليشيا والرعاة، بالتخلي عن مسؤلياتها والتزاماتها، حتى مع علمنا بتاريخ نقضنا للعهود والمواثيق، وعلمنا بأنه لا قادة القوات المسلحة (وحكومة الأمر الواقع) ولا مليشيا الدعم السريع بحريصين على حماية المدنيين. وبدلاً من إيجاد الأعذار للمليشيا، فالأولى استحضار هذه الالتزامات وجعلها في مقدمة أي حديث عن إيقاف الحرب.

التزمت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في "إعلان جدة" الموقع في 11 مايو بمبادئ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان بما فيها:
التمييز بين المدنيين والمقاتلين، وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، والامتناع عن أي هجوم يمكن أن يسبب أضراراً مدنيةً عرضيةً، والتحوط لتجنب وتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين، مما يهدف إلى إخلاء مساكن المدنيين، وعدم استخدام المدنيين كدروع بشرية، والالتزام بحماية الاحتياجات والضروريات مثل المواد الغذائية والمناطق الزراعية والمحاصيل والثروة الحيوانية، وحظر النهب والسلب والإتلاف، والامتناع عن الإخفاء القسري والاحتجاز التعسفي للمدنيين، وعن التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، أو العنف الجنسي. والتزم الطرفان بضمان التزام جميع الأشخاص الخاضعين لهم أو تحت سيطرتهم بالقانون الإنساني الدولي.

ويمكن بوضوح ملاحظة أن مليشيا الدعم السريع لم تقم بأي من التزاماتها التي وقعت عليها في ذلك الإعلان، بل وقد زادت منها نوعاً وعدداً وانتشاراً. ولا يوجد مبرر لتجاوز هذه الاعتداءات بما فيها ذلك المبرر البائخ بأن هذه كلها من تبعات الحروب الطبيعية، فهذه التبعات لم تكن غائبة عن واضعي القوانين والمعاهدات الدولية والسياسيين والعسكريين. وبالطبع فإن الجيش نفسه خرق التزاماته في هذا الإعلان ويجب تحميله مسؤولياته عن خروقاته وجرائمه والضغط لإيقافها.

بعد إعلان جدة وقع الطرفان على اتفاقية "وقف إطلاق النار قصير الأمد والترتيبات الإنسانية" في 20 مايو 2023، كان من المفترض أن يسري وقف إطلاق النار لمدة أسبوع بعد يومين من التوقيع، وهو ما لم يحدث بالطبع رغم تمديد الاتفاقية. وقد حوت الاتفاقية تفاصيل عن الأعمال الممنوعة والمسموح بها أثناء وقف إطلاق النار، والتزامات الترتيبات الإنسانية. ومن أهم ما يجب ذكره من الاتفاقية تأكيدها على مرجعية إعلان جدة، وعلى جميع الالتزامات الواردة فيه. ورغم أن الاتفاقية انتهت ولم يتم تنفيذها، لكن من المهم الإِشارة لأن من الأعمال الممنوعة بحسبها استخدام المدنيين كدروع بشرية، واحتلال المستشفيات ومرافق البنية التحتية الأساسية، واحتلال مساكن المدنيين، والنهب والسلب والتخريب، والإخفاء القسري أو الاحتجاز التعسفي للأشخاص.

في 7 نوفمبر 2023 صدر بيان التزامات من المحادثات في جدة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، أعاد التأكيد على إعلان جدة (11 مايو)، ووضح أن المحادثات تركز على تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية وتحقيق وقف إطلاق النار وغيره من إجراءات بناء الثقة تمهيداً للتوصل إلى وقف دائم للعدائيات. اشتهر من هذه الإجراءات احتجاز الهاربين من السجون، وكان منها أيضاً تحسين المحتوى الإعلامي لكلا الطرفين، وتخفيف حدة اللغة الإعلامية، واتخاذ إجراءات حيال الأطراف المثيرة للتصعيد والمؤججة للصراع. ووقع ممثلا الطرفين على تعهدات محددة في الشأن الإنساني في ورقتين منفصلتين.

وصلنا كسودانيين، وما زال بعضنا في الطريق، للقناعة المؤسفة أن الحرب إن توقفت اليوم فلن نستطيع العودة لمنازلنا التي احتلها الجنجويد أو دمروها غداً. ولذلك يبدو تخير التزام قوات الدعم السريع بإخلاء المنازل دون غيره من التزامات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان الأكبر والأشمل إما تقصيراً أو تضليلاً، ويجب أن لا يخفت الصوت الذي يفضح انتهاكات القتلة والمجرمين ويعمل على إيقافها ويحملهم مسؤولياتهم حتى يحين موعد محاسبتهم عليها.

نصوص الاتفاقات:
https://www.spa.gov.sa/76895ccb96v

https://www.state.gov/jeddah-declaration-of-commitment-to-protect-the-civilians-of-sudan/

https://www.spa.gov.sa/w1905904

https://www.spa.gov.sa/N1993108

https://www.state.gov/joint-statement-on-commitments-from-jeddah-talks-between-sudanese-armed-forces-and-rapid-support-forces/

https://www.state.gov/wp-content/uploads/2023/11/SAF-Humanitarian-Commitments-Jeddah-ARABIC-Signed.pdf

https://www.state.gov/wp-content/uploads/2023/11/RSF-Commitments-Jeddah-ARABIC_Signed.pdf

 

husamom@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: ملیشیا الدعم السریع وقف إطلاق النار القوات المسلحة إعلان جدة

إقرأ أيضاً:

الجيش يحاصر القصر الجمهوري ويطارد الدعم السريع وسط الخرطوم

ضيق الجيش الخناق على قوات الدعم السريع الموجودة بالقصر الرئيسي ووسط الخرطوم بعد شنه لهجمات جوية بالطيران المسير ومدفعية على عناصر هذه القوات التي حاولت الهروب من القصر الرئيسي عبر وسط الخرطوم مرورا بجسر الحرية مما أدى لتصاعد الألسنة الدخان من محيط القصر وبعض الأبنية المحيطة به.

معركة المسيرات

وقال مصدر ميداني للجزيرة نت إن مساء الأربعاء وحتى فجر اليوم الخميس حاولت قوة من الدعم السريع الانسحاب من محيط القصر ومجمع الوزارات الحكومية بوسط العاصمة السودانية الخرطوم.

وأشار المصدر أن قوات الدعم السريع المنسحبة كانت تستخدم عربات دفع رباعي قتالية وبعض المدرعات الخفيفة والدراجات النارية.

وأكد المصدر أن القوة حاولت الانسحاب عبر شارع القصر لفتح مسار عبر جسر الحرية للهروب ولكن الجيش تعامل معها بالمسيرات وتمكن من تدمير أكثر من 30 سيارات دفع رباعي وعدد من الدرجات النارية فضلا عن قتل العشرات من عناصر الدعم السريع.

برج الاتصالات أحد البنايات التي شكلت عائقا أمام تقدم الجيش وسط العاصمة لوجود قناصي الدعم السريع (الموقع الرسمي)

وأوضح المصدر أن شارع القصر وتحديدا المنطقة مابين معمل استاك الطبي وفندق مريديان شهد مقتل العشرات من جنود الدعم السريع وتدمير سياراتهم بالمسيرات.

إعلان

وأكد المصدر أن الجيش تحكم في كل الطرق المؤدية للقصر بعد غلقها بالمشاة وتغطيتها المسيرات بدأ من غرب الخرطوم حيث المنطقة الصناعية وشرقا حيث أبراج النيلين وجنوبا حتى مقرن النيلين وشمالا مدينة بحري.

وقال المصدر إن محاولات الانسحاب التي تقوم بها قوات الدعم السريع أشبه بالانتحار لجهة أحاكم الجيش سيطرته على كل المنافذ وسط الخرطوم.

معركة وسط الخرطوم

وبات وسط العاصمة السودانية ساحة يومية للمعارك الضارية بين الجيش قوات الدعم السريع.

وتضم منطقة وسط الخرطوم معظم المقرات السيادية والوزارية والمدنية والأسواق والمستشفيات الكبرى والبنوك والمصارف.

خريطة السودان الخرطوم وام درمان و الخرطوم بحري (الجزيرة)

مؤخرا بدأ الجيش التوغل في وسط الخرطوم وسيطر على عدة مواقع من بينها مستشفيات وفنادق ومحطات نقل كانت تتحصن بها قوات الدعم السريع وهو في طريقه للسيطرة على القصر الرئاسي الخاضع لسيطرة الدعم السريع منذ أبريل / نيسان 2023.

ويقول مهند فضل أحد المقاتلين في وسط الخرطوم للجزيرة نت إن الجيش وضع خطة استراتيجية للسيطرة على وسط العاصمة بأقل الخسائر تتمثل في محاصرة الدعم السريع بكل الآليات العسكرية.

وأضاف أن العملية انطلقت من المنطقة الصناعية وصولا للقيادة العامة وإغلاق المنافذ العامة ومحاصرة الدعم السريع في السوق العربي والقصر الرئاسي. وقال مهند إن الدعم السريع حاول استغلال بعض القوارب في النيل الأبيض للهروب وتم التعامل معها وكذلك تم إحكام إغلاق الشوارع المؤدية للقصر مما أفشل كل محاولتهم لفك الحصار المفروض عليهم.

فيما اكتفى أحد الضباط الدعم السريع بوسط الخرطوم بنفي خسارتهم لمعركة وسط الخرطوم أثناء حديثه المقتضب للجزيرة نت

عقبات في طريق القصر
يرى مراقبون أن ثمة عوائق ساهمت في تاخير اقتحام الجيش للقصر الرئاسي من بينها انتشار قوات الدعم السريع وسط الخرطوم خاصة الأبنية الشاهقة واتخاذها مكانا للقنص.

إعلان

يقول أحد ضباط سلاح المدرعات فضل حجب اسمه للجزيرة نت إن أكثر الأشياء التي أعاقت وصول الجيش للقصر هي العمارات الشاهقة وسط العاصمة مثل مباني شركة زين للاتصالات وأبراج بنك السودان المركزي وأبراج النيل للبترول وبرج الفاتح وقاعة الصداقة.

وقال المصدر إن قوات الدعم السريع اتخذت هذه المواقع أماكن للقنص ويستخدم قناصوه أحدث الأسلحة من بينها سلاح الكورنيت المضاد للدروع الذي يستخدم كسلاح للقنص سيما في منطقة مقر النيلين بالخرطوم.

واشار المصدر أن تواجد قوات الدعم السريع في مقر الكتبية الاستراتيجية بوسط الخرطوم أيضا يعتبر عائقا لتقدم الجيش من الجنوب حيث سلاح المدرعات.

وقال إن الجيش بعد حصار وسط الخرطوم قادر على تحييد كل العمارات والأبنية الشاهقة والسيطرة على القصر الرئاسي.

ماذا تبقى من القصر

يقول مصدر بالجيش السوداني للجزيرة نت إن ما يفصل الجيش عن القصر مساحة لا تزيد عن أمتار مشيرا إلى أن الجيش يسعى لتكبيد قوات الدعم السريع خسائر كبير في الأرواح والمعدات عبر سلاح المسيرات قبل الاقتحام البري للقصر.

وقال المصدر إن عملية استعادة القصر باتت في حكم المؤكد بعد فرض طوق من الحصار على قوات الدعم السريع بالسوق العربي والقصر الرئاسي وإغلاق كل المنافذ البرية والبحرية.

مقالات مشابهة

  • تزويد منازل المستفيدين من الدعم الاجتماعي بأبوظبي بحلول طاقة ومياه مستدامة
  • قواتنا المسلحة والمشتركة والمقاومة الشعبية الان في معارك شرسة قرب مدينة المالحة ضد مليشيا الدعم السريع
  • الجيش يحاصر القصر الجمهوري ويطارد الدعم السريع وسط الخرطوم
  • وسط الخرطوم – أكتبوا وصاياكم يا مليشيا الدعم السريع
  • ???? أحد أفراد مليشيا الدعم السريع حرق عتاد قوة كاملة للجنجويد
  • مليشيا الدعم السريع تهاجم معسكراً للاجئين السودانيين فى منطقة أدري بتشاد
  • الدعم السريع تقتل عشرات المدنيين في شمال دارفور
  • بعد هزائم الدعم السريع.. هل ينجح البرهان في فرض سيطرته؟
  • أطباء السودان  تكشف عن قتلى وجرحى بسبب اشتباكات بين منسوبي الدعم السريع 
  • ارتفاع ضحايا قصف الدعم السريع على مناطق أم درمان