نحن وهُم : أزمة الضمير في السودان
تاريخ النشر: 5th, August 2024 GMT
نحن وهُم : أزمة الضمير في السودان
(1)
-،-،-،-،-،-،-،-،-،-،-،-،-،-،-،-،-،-،-
• جبير بولاد
_ مايكل كروليوني:" لقد عملت علي حمايتكم من كوابيس العالم "
ترد زوجته :" لكنك أصبحت كابوسنا "
( The Godfather _ part 3)
.. في بداية هذه الكتابة هممت أن يكون العنوان هو( أزمة الضمير السوداني ) ، ثم تراجعت الي تعديله ليكون( أزمة الضمير في السودان ) تحاشيا للتعميم الذي يظلم قلة رغم قلتها إلا انها كانت الوهج المُضيء الذي شذّ عن التعميم و ترك أثرا كبيرا تحققت فيه وصفية القلة الهائلة .
.. نحن و منذ أن ينشأ الفرد فينا كسودانيين، يبدأ المحيط الذي حولك بمنازعتك في تشكُلات ذاتك ، و حبسها في أُطُر تراكمية شيدها المحيط/ القطيع بأتقان لسنوات طويلة متراكمة، و أوُلي هذه الأطُر التقسيمة الأولية التي تصبح حجر الزواية فيما بعد لكل الأحكام و التصورات حول الآخر و الأنا، بدءاً من ثنائية(الولد/البنت) و مرورا ب(الجيران/نحن) و الي نشأت قاموس كامل واحدة من اخطر مفرداتها الذين يشبهوننا و الذين لا يشبهوننا في مجافة مريعة لدولة كان إفتخار خطاب مثقفيها هو التنوع و التعدد الذي يعتريها ثم تأتي قمة التطورات المُتشكلة فيما بعد حول الآخر عموما لتصل الي إشكالية ال(نحن/ العالم) ، هذه تطورات في طبيعة المجتمعات البشرية حدثت و تحدث بأستمرار و لكن في المجتمعات المتطورة ذات الخبرات المتراكمة و النوعية، كثيرا ما تمت إنحيازات لصالح ال(هُم) ضد ال( نحن) و ذلك لمعارف تطورت حول إتهام ال(نحن) بأستمرار كونها مهما بلغت تظل قاصرة و في مرحلة التعلم و الإضافة التراكمية المستمريين، و ال(نحن) أولي احجارها في البناء هي (الأنا) و في المرويات و الاساطير و قصص الأديان كانت دوما المَهلكة تأتي من تضخم الأنا هذه التي مجموعها ال(نحن) ، و تكفينا إشارة قصة إبليس مع الله في بدايات خلق آدم و أيضا قصة النبي موسي _ لاحظ النبي _ مع الخضر و الذي ظهر له بعد أن استشعرت أناه العلم الأوحد فوق كل ( الهُم) و هكذا دواليك .
.. في عودة لنشأتنا الإجتماعية السودانية، تظل الحدود الفاصلة بين ال(نحن) و ال(هُم) هي الحدود الأولي لفهم العالم الخارجي و شروطه و تبدأ من حدود حواف البيت(الجدران) و التساؤلات اللا بريئة حول من (هُم) الذين يجاورننا و من أي منطقة هم في السودان و هل سوف ينصاعون الي منظومتنا في السلوك و التصورات و حتي طريقة و انواع الطعام؟ أم سيكون هذا الفاصل الطيني القائم بيننا متجاوز لكونه جدار طيني الي جدارات أخري! .
.. في فترات سابقة من فترات نشوء الدولة السودانية ، حُظينا كمجتمعات سودانية بعقليات نادرة انتبهت مُبكرا لهذه الهوات المُهلكة مستقبلا، فأجتهدت في حدود إمكانياتها و إمكانيات الدولة في معالجات بدت عظيمة في وقتها، مثل الاعتناء بالمدارس القومية و التعدد الاستيعابي فيها، مثل خورطقت و حنتوب و وادي سيدنا و ...الخ، ثم لاحقا الخطط الاسكانية التي تراعي أيضا التعدد والتنوع المجتمعي، و بالرغم من أن المدينة و منذ أيام المستعمر حفلت بهذا التنوع، إلا انها في كثيرا من الأحيان لم تنجو من الارخبيلات القائمة علي تحوصل القرابة القبلية مثل ان تجد فريق الدناقلة و حلة الجعليين حلة فلاتة و ...الخ و لكن رغم هذه الارخبيلات فقد زاحمها التنوع و بقيت التسميات مع تنوع يكبر و يتسع كل يوم و أصبحت هذه سمة المدن او البنادر، هذه المزاحمة التي تأتي احيانا بالتخطيط و أحيانا اخري عفوا، كانت من المقترض ان تتحول من مزاحمة الي معايشة لو رافقها مشروع ثقافي/ اجتماعي ترعاه الدولة و و لكن كانت المحاولات الشحيحة التي كانت تحدث عبر الحكومات كانت نتيجة لمجاهيد شخصيات ألمعية تمر كالطيف في تشقلبات السلطة و اروقتها المتصارعة بأمراض تضخم الذات و محسدة المجايلة و كثيرا من الأمراض التي ما كانت تضع فكرة الوطن من أولوياتها بقدر ما كانت معايير الإنتصار تخص فقط هذه الأنا المتضخمة بأستمرار نتاج نشأتها الأولي التي أشرنا لها في بداية هذه السطور و لعب المحيط حولها الدور الاكبر في مسلكها في هذا الإتجاه.
... نواصل
jebeerb@yahoo.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی السودان ال نحن
إقرأ أيضاً:
درة: هذه كانت اللحظة الأصعب في فيلم "وين صرنا"
كشف الفنانة درة عن دوافعها في إخراج فيلم " وين صرنا" قائلة:"أنا عملت الفيلم عشان كل أهل غزة، وخليتهم يتكلموا عن نفسهم عشان يكون بالطريقة اللي هم حاسين بيها، وأكتر لحظة كانت صعبة عليا، هي اللحظة الحقيقية، لما كنا مستنين زوج نادين يجي من غزة، وكنا كلنا مستنينه يجي، كنت كأني أشعر بكل تفاعلات نادين.
وعلقت درة على إمكانية خسارتها لأعمال فنية كممثلة بسبب دخولها للإخراج في ندوتها اليوم ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي قائلة:' لو في خسارة هخسرها فالمكسب الإنساني ليا أكبر بكتير من الخسارة المادية والفنية".
كشفت هذه الندوة قوة السرد في تحفيز قدرات الأفراد على المقاومة والتحمل في أصعب اللحظات والمواقف، وحكى الحضور عبر خبراتهم ووعيهم الثقافي الفريد عن تجاربهم في تشكيل السرد السينمائي وروايات الهوية الشخصية والجماعية، ومحاولات البقاء والخلافات والنبرات الانهزامية.
ناقش الضيوف تحديات صنع الأفلام في مناطق الصراع والنزوح وتلك المحاصرة بالقيود السياسية، وعن خبرة كل منهم في استخدام الإبداع للدفاع عن رؤيتهم والنجاة من الأسى والمآسي.
سلطت الحلقة النقاشية الضوء على التقنيات السردية التي يمكنها تحوّل قصص الصراع الشخصي إلى سرديات مهمة إعجازية تلهم الجماهير وتحفّز المجتمعات على الاستمرار والمقاومة.