الذكرى ٧٨ لتأسيس الحزب الشيوعي السوداني
تاريخ النشر: 5th, August 2024 GMT
بقلم: تاج السر عثمان
١
تمر في ١٦ أغسطس الذكرى ٧٨ لتأسيس الحزب الشيوعي السوداني في ظروف الحرب اللعينة الجارية التي شردت الملايين َواصابة وفقدان الآلاف و دمرت البنية التحتية والمصانع والمزارع والأسواق والبنوك، وعطلت المدارس والمستشفيات، وأدت لتدهور الأوضاع المعيشية والصحية جراء انتشار الأمراض مثل الكوليرا وفاقمت السيول والفيضانات الجارية الوضع الإنساني والصحي، اضافة لجرائم الحرب والإبادة جماعية والعنف جنسي، وتهدد الحرب بالمجاعة بعد فشل الموسم الزراعي، اضافة للزبادات المستمرة في الأسعار وتدهور قيمة الجنية السوداني، وخطر تقسيمم البلاد، مما يتطلب ايقافها.
جاءت الحرب بهدف تصفية الثورة ونهب ثروات البلاد من المحاور الاقليمية والدولية التي تسلح طرفي الحرب، مما يهدد وحدة البلاد واستقرارها، الأمر الذي يستوجب بناء اوسع جبهة جماهيرية لوقف الحرب واسترداد الثورة، وفتح المسارات الآمنة لوصول الأغاثات للمتضررين، وعودة النازحين لقراهم ومنازلهم، وإعادة تعمير ما دمرته الحرب، وتقديم مجرمي الحرب للمحاكمات، وقيام الحكم المدني الديمقراطي، وخروج العسكر والدعم السريع من السياسة والاقتصاد والترتيبات الأمنية لقيام الجيش القومي المهني الموحد تحت إشراف الحكومة المدنية، بعد حل المليشيات (دعم سريع ومليشيات الكيزان وجيوش الحركات)، ومواصلة الثورة حتى تحقيق أهدافها ومهام الفترة الانتقالية.
سوف نسلط الضوء في ذكرى تأسيس الحزب على سمات النشأة وارهاصات التكوين الأولى للحزب
٢
ارهاصات التكوين
قبل الإعلان الرسمي لتاسيس الحركة السودانية للتحرر الوطني – حستو(الحزب الشيوعي فيما بعد) ، سبقتها مجموعات وحلقات تأسست في مصر والعاصمة الخرطوم بمدنها الثلاث ( الخرطوم، الخرطوم بحري ، أم درمان) ، وعطبرة ، يمكن تقديم عينات علي سبيل المثال لا الحصر ، لمن كانوا في تلك الحلقات حسب روايات بعض المؤسسين مثل: كامل محجوب ، عبد الماجد ابوحسبو ، أحمد سلمان ، ومصطفي السيد في مذكراتهم ، وعباس علي والجزولي سعيد، ود . فاروق محمد إبراهيم ، ومحمد عمر فقيري، وابراهيم زكريا، في مذكراتهم ب( مجلة الشيوعي). الخ
أ- مجموعة مصر:
تاسست عام 1945 ( بل كان بعضها موجودا قبل عام 1945) وتتكون من :
محمد أمين حسين المحامي ، عز الدين علي عامر ، عبد الوهاب زين العابدين ، عبد الماجد ابو حسبو ، عبده دهب حسنين ، عبد الخالق محجوب ، التجاني الطيب ، عبد الرحمن عبد الرحيم الوسيلة، الجنيد علي عمر ، احمد سلمان ، عوض عبد الرازق ، سعد أمير طه ، علي محمد ابراهيم ، عمر محمد ابراهيم ، ، حسان محمد الأمين ، أحمد زين العابدين ، حامد حمداي، صالح عرابي، محمد خليل قاسم، بابكر محمد علي فضل، . الخ ، واستمر اتساع عدد هذه المجموعة مع ازدياد عدد البعثات الدراسية الجامعية لمصر.
ساهم في اتساع هذه الحلقة ايضا مجلتان صادرتان عن تنظيم شيوعي مصري هو الحركة المصرية للتحرر الوطني (ح.م) ،كانتا تصدران عن قسم السودانيين بهدف نمو هذا القسم أو الحلقات الشيوعية السودانية وتستقل فيما بعد، واستقل فيما بعد تحت اسم الحركة السودانية للتحرر الوطني(حستو) والذي أعلن عن نفسه بعد ذلك ( الحزب الشيوعي السوداني )، المجلتان هما " حرية الشعوب " ( 1942- 1943) ، وام درمان ( 1945- 1946) ، حصرتا نفسيهما في موادها الا فيما ندر أو في محرريها بشكل أساسي في محيط السودان ، كانت مجلتان يساريتين سودانيتين ، سواء من حيث المادة أو من حيث المحررين ، لكنهما صدرتا في القاهرة بحكم الأوضاع الخاصة التي سادت العلاقات بين مصر والسودان( للمزيد من التفاصيل راجع رفعت السعيد الصحافة اليسارية في مصر، 1925- 1948 ، دار الطليعة بيروت 1974 ، ص 9 ).
وعن مجلة أم درمان حسب رواية عبده دهب : كان صاحب الامتياز محمد أمين حسين ، ورئيس تحريرها عبده دهب ، وكما يشير أحمد سلمان في مذكراته ومشيناها خطي ، من الذين برزوا علي صفحات أم درمان أسماء مثل : محمد أمين حسين ، عبده دهب حسنين ، عبد الماجد ابو حسبو ، عز الدين علي عامر ، حامد حمداي ، صالح عرابي، محمد خليل قاسم ، زكي مراد صالح" .الخ، ومنعت الادارة البريطانية دخولها الي السودان ، وتم اغلاقها مع الصحف الأخري في الثامن من يوليو 1946.
٣
لم تخلو قيادة الحركة المصرية للتحرر الوطني (ح.م) ، وبعدها الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني (حدتو) من عضوية بعض السودانيين مثل : عبد الخالق محجوب ،بابكر محمد علي فضل، الجنيد علي عمر ، احمد سلمان ، الخ، ( للمزيد من التفاصيل :راجع أحمد سلمان ومشيناها خطي، 1983)
ب – مجموعة العاصمة ( منهم سافر لمصر للدراسة)، تكونت من:
حسن دفع اله ، الطاهر السراج ، عثمان محجوب ، عبد الحميد ابو القاسم هاشم ، حسن الطاهر زروق ، محمد علي نديم ، عبد القيوم محمد سعد ، أدم ابو سنينة ، كامل محجوب ، حسن ابو جبل ، عبد الحميد أحمد ، مصطفي السيد ، محجوب محمد صالح ، محمد سعيد معروف ، عباس علي ، د.خالدة زاهر ، محمد عمر بشير ، أحمد اسماعيل النضيف ، حسين عثمان وني ، مكاوي خوجلي ، جمال عيسي ، محمد عبد الحليم محجوب ، د. موريس سدرة ، د. عبد القادر حسن ، فخر الدين محمد ،أحمد المغربي ، حسن سلامة ، د. فاروق محمد ابراهيم ،ميرغني علي مصطفي ، احمد محمد خير ، جعفر ابو جبل ، عبد الرحمن حمزة (كان أول متفرغ حزبي)، عبد الحليم عمر ، الحاج سلمان ( سافر إلى مدني فيما بعد) ، سيد أحمد نقد الله ، ابو المعالي عبد الرحمن ، علي التوم ، الطيب حسب الرسول ، توفيق اسحاق ، محمد السيد سلام ، صلاح الدين ايوب ، بشير حسين ، حسن فراج ، بيومي السائح ، محمد عبد العزيز السراج ، مصطفي أمين ، الطاهر عبد الباسط ،ابراهيم حاج عمر ، معاوية ابراهيم سورج ، محمد عمر فقيري ، عبد الخالق حمدتو . الخ.
ج – مجموعة عطبرة، تكونت من :
الشفيع أحمد الشيخ ، قاسم أمين ، ابراهيم زكريا ( ثاني متفرغ حزبي)، هاشم السعيد ، الجزولي سعيد ، الحاج عبد الرحمن ابراهيم عثمان ، عبد الله عثمان الريح ، علي محمد بشير ،جمبلان ، محمد عثمان جمعة ، محي الدين محمد طاهر ،أرباب العربي، محجوب علي (النقابي العجوز)، . الخ .
كان مصطفي السيد أول من ساهم في تأسيس تلك الحلقات في عطبرة عام 1946 ، حسب روايته في كتابه: مشاوير في دروب الحياة ، مطابع السودان للعملة 2007)، تبعه هاشم السعيد الذي جاء الي عطبرة من بورتسودان حسب رواية الجزولي سعيد ، وعبد الخالق محجوب الذي جاء الي عطبرة في صيف 1947 في اجازته الجامعية السنوية، وساهم في تنظيم تلك الحلقات ، وتاسيس نقابة عمال
السكة الحديد بعد اضرابهم الشهير عام 1947.
٤
وكان من نتاج ذلك التراكم والحراك أن تأسست "الحركة السودانية للتحرر الوطني"– حستو-، وتم الاجتماع التأسيسي في الخرطوم للحركة في 16 أغسطس 1946 ، وضم المؤسسين الآتي اسماؤهم:
خضر عمر ” مهندس” ، السيد عبد الرحمن ” مهندس” ، عبد الوهاب زين العابدين ” طبيب”، عبد القيوم محمد سعد ” طالب” ، حسن الطاهر زروق ” معلم” ، عز الدين علي عامر ” طالب” ، التجاني الطيب ” طالب “، آدم ابو سنينة ” معلم، وضمت عمال ومثقفين وطلبة.
منذ تأسيسه اهتدي الحزب بالماركسية كمنهج وفق ظروف وخصائص السودان، وجاء تأسيس الحزب كما أشرنا سابقا امتدادا لتقاليد الحركة الوطنية السودانية الحديثة التي إنبلج فجرها بتأسيس جمعيتي الاتحاد السوداني واللواء الابيض واندلاع ثورة 1924م، ونهوض الحركة الثقافية والأدبية والرياضية، وخروج المرأة للعمل والتعليم، وتطور التعليم المدني الحديث، وظهور الصحافة الوطنية (الحضارة السودانية، النهضة السودانية، الفجر) التي اسهمت في رفع درجة الوعي الثقافي والفكري والسياسي. وبالتالي جاء ميلاد الحزب الشيوعي تطورا طبيعيا ومنطقيا للفكر السوداني.
وكانت الحركة حاجة ماسة فرضتها ظروف البلاد، وكما أشار عبد الخالق محجوب في كتابه "لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني" أن الحركة: "ارتبطت منذ تأسيسها بالنضال والمظاهرات ضد الاستعمار (المظاهرات التي قام بها الطلبة في عام 1946م)، وقدمت الحركة عموميات الماركسية باللغة العربية، وجذبت عددا من المثقفين الوطنيين والعمال لصفوفها، وارتبطت بالحركة الوطنية التحررية منذ نشأتها.
عندما تأسست الحركة السودانية للتحرر الوطني كان الشعاران المطروحين في الساحة السياسية: "وحدة وادي النيل تحت التاج المصري"، و"السودان للسودانيين تحت التاج البريطاني". باستخدام المنهج الماركسي تمت دراسة الواقع ، وتوصلت "الحركة السودانية... "الي الشعار البديل المناسب وهو: "جلاء الاستعمار عن السودان ومصر وحق تقرير المصير للشعب السوداني"، والكفاح المشترك بين الشعبين المصري والسوداني ضد الاستعمار، وكان هذا هو الشعار الذي التفت حوله الحركة الوطنية فيما بعد وكان استقلال السودان عام 1956م بعيدا عن الاحلاف العسكرية، كما لاينسي شعب السودان تضامن الاتحاد السوفيتي معه عام 1947 م عندما وقف في الجمعية العامة للامم المتحدة مطالبا باستقلال السودان.كما رفض الحزب الشيوعي صيغة النقل الاعمي لتجربة الكفاح المسلح علي نمط التجربة الصينية، والتي طرحت عام 1952م، وقدر ايجابيا خصوصية نضال شعب السودان الديمقراطي الجماهيري الذي افضي الي الاستقلال بدون الكفاح المسلح.
في عام 1947م.
٥
دار في الحزب صراع فكري حول: هل يظل الحزب الشيوعي مستقلا سياسيا وفكريا وتنظيميا ام يكون جناحا يساريا داخل الأحزاب الاتحادية (كما عبرت مجموعة عبد الوهاب زين العابدين سكرتير الحزب آنذاك) ، وكان من نتائج هذا الصراع أن ساد اتجاه الوجود المستقل للحزب، وتأكدت الراية والهويّة المستقلة للحزب.
بعد ذلك انطلق الحزب واسهم في تأسيس "هيئة شئون العمال في عطبرة"، و تنظيمات "رابطة الطلبة الشيوعيين" و"مؤتمر الطلبة" و"الجبهة الديمقراطية للطلاب"، و"رابطة النساء الشيوعيات" و"الاتحاد النسائي"، و"اتحاد الشباب"، واتحادات العمال والمزارعين والموظفين والمعلمين..الخ.
كما اصدر صحفه المستقلة مثل : مجلة
الكادر"(الشيوعي فيما بعد) والتي كانت وحتي اليوم مجلة داخلية تصدرها اللجنة المركزية للحزب ، ومجلة "الوعي" المجلة الجماهيرية التي تخصصت في العمل الثقافي والفكري"، وصحيفة "اللواء الأحمر" التي كانت جماهيرية، وصحيفة "الميدان" التي تأسست عام 1954م، وتم وضع دستور للحزب بعد أن كانت تحكمه العلاقات الشخصية وغير المبدئية، وتم تصعيد النضال ضد الجمعية التشريعية عام 1948م، وقدم الحزب شهداء في ذلك مثل: الشهيد قرشي الطيب في عطبرة.
* بعد اتفاقية 1953م، رفض الحزب الشيوعي شعار الاتحاديين " تحرير لاتعمير"، وطرح شعار "لاتحرير بلا تعمير"، أو البرنامج الوطني الديمقراطي باعتبار أن الاستقلال السياسي وحده لايكفي، بل يجب استكماله بالاستقلال الاقتصادي والثقافي، أي بانجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية التي تحقق السيادة الوطنية والتنمية المستقلة ، والمجتمع الزراعي الصناعي المتقدم ، وحرية تكوين الأحزاب والنقابات والاتحادات، وحرية النشر والتعبير واستقلال القضاء وحكم القانون، والاصلاح الزراعي الديمقراطي الذي يخرج الريف من ظلمات القرون الوسطي ، والحكم الذاتي الاقليمي لجنوب السودان في اطار السودان الموحد ، والذي يحقق التنمية المتوازنة ،والاعتراف بالفوارق الثقافية وحق المجموعات الثقافية في تطوير لغاتها وثقافاتها الخاصة، ، والمساواة الفعلية بين المرأة والرجل، والثورة الثقافية الديمقراطية .الخ من عناصر البرنامج الوطني الديمقراطي الذي طرحه الحزب مع بداية الاستقلال ، في وقت لم يكن للاحزاب التي حكمت بعد الاستقلال اي مشروع للنهضة والتنمية كما ذكر محمد أحمد المحجوب في "كتابه الديمقراطية في الميزان"، وهذا رد عملي علي بعض مثقفي البورجوازية الضغيرة الذين يقولون أن كل الأحزاب لم يكن لديها مشروع وطني بعد الاستقلال، وطور الحزب برنامجه الوطني الديمقراطي في برامجه المجازة في المؤتمرات: الثالث 1956 ، والرابع 1967 ، والخامس 2009 ، والسادس 2016..
رغم أن الحزب الشيوعي كان الحزب الوحيد الذي نظر لاتفاقية فبراير 1953م نظرة ناقدة وكشف عيوبها للشعب السوداني مثل: السلطات المطلقة للحاكم العام، وتأجيل الاستقلال لمدة ثلاث سنوات، ولكنه انتقد موقفه الخاطئ منها من زاوية أنه لم ينظر لجوانبها الايجابية باعتبارها كانت نتاجا لنضال الشعب السوداني، وأن المستعمرين تحت ضغط الحركة الجماهيرية تراجعوا، و وبعد ذلك واصلت الحركة الجماهيرية نضالها حتى تحقيق الاستقلال في أول يناير 1956.
alsirbabo@yahoo.co.uk
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحزب الشیوعی السودانی عبد الخالق محجوب زین العابدین تأسیس الحزب عبد الرحمن فیما بعد
إقرأ أيضاً:
الحقيقة تنتصر على الزيف.. الأمم المتحدة تفند مزاعم الجيش السوداني ضد الإمارات
متابعات: «الخليج»
انتصرت الحقيقة على الأوهام والزيف، عندما وجه التقرير النهائي لفريق خبراء الأمم المتحدة المعني بالسودان، صفعة مدوية للقوات المسلحة السودانية، مفنداً تهمها الموجهة ضد دولة الإمارات، التي لا ترتكز إلى أي سند أو منطق، سوى تصدير الأزمات إلى الغير في ظل مأساة حقيقية متعددة الأبعاد يعيشها الشعب السوداني. ودأبت الإمارات منذ اليوم الأول على تنفيذ المبادرات للتخفيف عن كاهل السودانيين آثار حرب أكلت الأخضر واليابس، وقتلت الآلاف من أبنائهم، وشردت الملايين، وحولت السودان إلى بؤرة من الأمراض والجوع، حيث يحتاج ما يزيد على 30 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية، كما يواجه أكثر من 600,000 شخص المجاعة بسبب تدمير الأسواق والزراعة نتيجة للصراع.
الإمارات كانت منذ اليوم الأول للحرب في السودان داعية للسلام، إذ بذلت مجهوداً كبيراً في دعوة طرفي الصراع (قوات الدعم السريع، والقوات المسلحة السودانية) إلى تجنيب السودان معركة لا يحتاج إليها، والاحتكام إلى العقل لحل الإشكالات القائمة، وإسكات أصوات المدافع، التي ذاق المدنيون منها الويلات، وهذا نهج الدولة، فهي لطالما رفعت لواء السلام، لإنقاذ الشعب من غفلة الحرب ودمارها، دون الالتفات إلى جميع المزاعم الصحفية والإعلامية والماكينة الإخوانية ضدها، والتي دحضها جميعها تقرير الأمم المتحدة.
التقرير شكل ضربة موجعة لروايات حاولت النيل من سمعة دولة الإمارات بمزاعم باطلة، كما يكشف زيف السياقات الإعلامية الغربية والآلة الإخوانية الداعمة لها التي تستهدف الإمارات، حيث إن جهودهم البائسة ضاعت في وجه الحقيقة التي سطّرها التقرير.
وأثبت التقرير أن ادعاءات القوات المسلحة السودانية لم تكن سوى محاولات مغرضة لتشويه صورة الإمارات، حيث لم يقدم أي دليل يدعم هذه الروايات، ما يكشف الحقيقة ويفضح زيف المزاعم التي روجتها القوات المسلحة السودانية بدعم من حملات إعلامية غربية وإخوانية.
وعلى الرغم من الهجمة الإعلامية الموجهة من القوات المسلحة السودانية ضد دولة الإمارات، فإنها واصلت دعوتها للقوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع لإنهاء الحرب الأهلية في السودان، دون شروط مسبقة، والانخراط في محادثات سلام، وتيسير وصول المساعدات الإنسانية، المنقذة للحياة إلى كافة أرجاء السودان.
وأكدت الإمارات أهمية توحيد جهود المجتمع الدولي لدعم عملية سياسية، ذات مصداقية، تفضي إلى حكومة يقودها المدنيون، مستقلة عن الجيش، وتؤدي في نهاية المطاف إلى إرساء السلام والاستقرار الدائمين للشعب السوداني الشقيق.
وعلقت البعثة الدائمة للدولة لدى الأمم المتحدة، على إصدار مجلس الأمن التقرير النهائي لفريق خبراء الأمم المتحدة المعني بالسودان، والذي يسلط الضوء على الانتهاكات واسعة النطاق التي ارتكبها كلا الطرفين المتحاربين ضد الشعب السوداني الشقيق.
وأكدت البعثة أن التقرير لا يقدم أي دعم للادعاءات الباطلة، التي وجهتها القوات المسلحة السودانية لدولة الإمارات، ولا يتضمن أي استنتاجات ضد الدولة.
وقال المندوب الدائم للإمارات لدى الأمم المتحدة السفير محمد أبوشهاب: «أصدر مجلس الأمن التقرير النهائي لفريق خبراء الأمم المتحدة المعني بالسودان، والذي يسلط الضوء على الانتهاكات واسعة النطاق التي ارتكبها كلا الطرفين المتحاربين ضد الشعب السوداني الشقيق، بما يشمل الغارات الجوية العشوائية والهجمات على المدنيين، وجرائم العنف الجنسي المرتبطة بالنزاع، إلى جانب استخدام منع وصول المساعدات الإنسانية كسلاح.
وأضاف: «من المؤسف أن أحد الأطراف المتحاربة، القوات المسلحة السودانية، قد دأب على توجيه اتهامات لا أساس لها من الصحة ضد بلادي، من أجل صرف الانتباه الدولي عما يرتكبه من فظائع، بما يشمل استخدام الأسلحة الكيميائية».
وتابع: «ولا يقدم هذا التقرير أي دعم للادعاءات الباطلة، التي وجهتها القوات المسلحة السودانية ضد دولة الإمارات، ولا يتضمن أي استنتاجات ضد الدولة. وتجدد دولة الإمارات دعوتها للقوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع لإنهاء هذه الحرب الأهلية، دون شروط مسبقة».
وطالب السفير «بالانخراط في محادثات سلام، وتيسير وصول المساعدات الإنسانية، المنقذة للحياة، إلى كافة أرجاء السودان. وأيضاً، يجب على المجتمع الدولي توحيد جهوده لدعم عملية سياسية، ذات مصداقية، تفضي إلى حكومة يقودها المدنيون، مستقلة عن الجيش، وتؤدي في نهاية المطاف إلى إرساء السلام والاستقرار الدائمين للشعب السوداني الشقيق».
تقرير لجنة الخبراء جاء باليقين، ووضع الأمور في نصابها عندما برأ الإمارات بشكل قاطع من ادعاءات القوات المسلحة السودانية التي حاولت ربط الإمارات بدعم قوات الدعم السريع لوجستياً أو عسكرياً، وهو ما يناقض اتهامات القوات المسلحة السودانية التي حاولت الترويج لها دون أساس، مما يبرز الحقيقة ويكشف زيف الادعاءات ضد الإمارات، التي لا تستند إلى أي أساس واقعي، الأمر الذي يبرز الحقيقة ويفضح محاولات التشويه ضد الدولة، حيث عكس التقرير مصداقية الإمارات والتزامها بالشفافية والقانون الدولي، خصوصاً أنها لا تتوانى عن الوقوف بصف السلام والاستقرار.
هذا التقرير يؤكد التزام الإمارات بدعم الجهود الإنسانية والسياسية لتحقيق السلام في السودان، بعيداً عن أي أجندات خفية، فقد واصلت الإمارات تعاونها مع الأمم المتحدة لدعم جهود الوساطة الدولية لإنهاء النزاع بكل شفافية، في حين أسقط التقرير جميع المزاعم التي حاولت النيل من سمعة الإمارات، ما يعزز مكانة الإمارات دولة ملتزمة بالقانون الدولي وداعمة للاستقرار، لتبقى صوت الحق، مواصلة جهودها لدعم الشعب السوداني في مواجهة التحديات.
وكشف تقرير لجنة الخبراء تورط مرتزقة كولومبيين مع قوات الدعم السريع، وهو ما أقرته الحكومة الكولومبية، وهذا تأكيد على تناقض مزاعم القوات المسلحة السودانية ضد دولة الإمارات، ويبرز مصداقية الإمارات.
وثقت سلطات دولية موثوقة عدة، بما في ذلك التحقيقات التي أجرتها الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الدولية والوكالات الإخبارية المعروفة، جرائم الحرب الخطيرة المرتبطة بالقوات المسلحة السودانية خلال العامين الماضيين، والتي شملت القتل الجماعي للمدنيين واستخدام الأسلحة الكيميائية والهجمات العشوائية على المناطق المكتظة وتدمير البنية التحتية الأساسية والعنف الجنسي وتجنيد الأطفال وغيرها من الجرائم.
ومن خلال مهاجمة الإمارات، تحاول القوات المسلحة السودانية القيام بمناورات تهدف إلى صرف الانتباه عن دورها في الفظائع الواسعة النطاق والتي لا تزال تدمر السودان وشعبه. حيث افتقرت الادعاءات المقدمة ضد دولة الإمارات إلى أي أساس قانوني أو واقعي.
تجاوزت مساهمات الإمارات للسودان 600 مليون دولار أمريكي منذ بدء الصراع، بالإضافة إلى إنشاء مستشفيات ميدانية في تشاد وجنوب السودان لدعم اللاجئين والنازحين.
كما أكدت دوماً على ضرورة ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وآمن ومستدام، ودانت أي محاولات لاستغلال هذه المساعدات لأغراض سياسية أو عسكرية، كما حثت جميع الأطراف على فتح المعابر الحدودية والداخلية فوراً لتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية دون انقطاع، مع ضمان حماية العاملين في المجال الإنساني وسلامة القوافل الإغاثية، ودعت الدولة إلى إزالة أي عقبات إدارية أو لوجستية تحول دون وصول المساعدات إلى المحتاجين، خاصة في المناطق النائية والمتضررة بشدة، وأكدت أهمية وضع خطط طويلة الأمد لإعادة إعمار السودان ودعم التنمية المستدامة بمجرد تحقيق الاستقرار.
ودعت الإمارات باستمرار إلى ضرورة وقف إطلاق النار بشكل فوري، وفك الاشتباك بين الطرفين المتحاربين، وإعادة تشكيل حكومة مدنية في السودان. وعلى الرغم من محاولة القوات المسلحة السودانية التقليل من شأن حدة الأزمة الإنسانية التي تسببت بها، قامت الإمارات العربية المتحدة، إلى جانب الشركاء الدوليين، بعقد مؤتمر إنساني رفيع المستوى للتخفيف من معاناة الشعب السوداني.