هل الحرب حتمية بين حزب الله واسرائيل؟
تاريخ النشر: 5th, August 2024 GMT
ليس من السهل الحديث عن ان الحرب الشاملة والمفتوحة بين "حزب الله" ولبنان من جهة وبين اسرائيل من جهة اخرى باتت حتمية، لان هكذا ترجيحات تحمل معها حديثاً موازيا عن امكانية وقوع الحرب الاقليمية مع ما يعنيه ذلك من تفلت كامل للامور وحجم دمار غير مسبوق، وعليه فإن القرار بالذهاب الى الحرب لدى اسرائيل او خصومها ليس بهذه البساطة، انما يمكن التأكيد فقط على ثابتة واحدة هي ان الرد الايراني ورد "حزب الله" آتيان لا محالة ولا يمكن ابدا تجاهل هذه النقطة او استشراف المستقبل القريب عبر تجاهلها.
وصلت كل الوساطات التي نقلت رسائل من اميركا واسرائيل الى ايران و"حزب الله" في الساعات الماضية الى طريق مسدود، اذ ان الرد بات محسوما ويبدو الا تنازل عن حجمه وهدفه ولم تعد طهران و"حزب الله" يفتحان الباب لاي وساطة اميركية بعد قصف الضاحية الذي اعقب تطمينات اميركية بأن الضاحية محيدة. في كل الاحوال يبدو ان الرد سيحصل خلال المرحلة المقبلة لكن هل سيؤدي حتما الى حرب شاملة؟
هناك عدة احتمالات يمكن الحديث عنها وقد تكون الحرب الشاملة هي احداها، الاحتمال الاول هو ان يرد المحور، بشكل جماعي او بشكل فردي وان تقوم اسرائيل بإبتلاع الضربة، لكن هذا الاحتمال ضعيف نسبيا، اولا لان الرد سيكون قاسيا وقويا ولا يمكن تخطيه والا سيسبب ضررا لمنظومة الردع الاسرائيلية وثانيا لان رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو لديه رغبة بالتصعيد ولن يترك هذه الفرصة من دون الاستفادة منها.
الاحتمال الثاني هو ان تقوم اسرائيل بالتهديد بالرد على الرد، ويأخذ الامر عدة ايام بعد الضربة الايرانية او ضربة "حزب الله" فترد اسرائيل بما هو اقل واضعف من رد المحور، فيرد المحور بما هو اقل من الرد الاسرائيلي وهكذا تتراجع احتمالات الحرب وتذهب الامور الى ردع وردع مضاد وتثبيت قواعد اشتباك جديدة، وتعود الامور الى ما هي عليه ضمن الستاتيكو المعتاد منذ بدء "طوفان الاقصى"، وهذا امر وارد واحتمال حصوله منطقي خصوصا ان الولايات المتحدة الاميركية سيكون لها دور بحصوله.
الاحتمال الثالث هو ان تبقى الضربات بين الطرفين فترة طويلة بمعنى ان يصل الرد ومن ثم رد على الرد وهكذا، وهذا ما قد يكون عبارة عن ايام قتالية لا تتفلت فيها الامور الى حدود كبيرة، اي ان المعركة ستبقى ضمن حدود الاستهدافات العسكرية ولا يقوم اي طرف من الاطراف بإستهداف المدنيين او تدمين المدن في العمق، وهذا الامر قد يؤدي بشكل فعلي الى فتح ابواب التسوية في لبنان وفلسطين والمنطقة ككل.
اخيرا احتمال الحرب الشاملة الذي قد يحصل بعد الرد الايراني مثلا، اذ تذهب اسرائيل الى رد كبير وسريع ومن ثم رد اخر من قبل المحور يفوق الرد الاول فتتدحرج الامور لتصل الى حرب شاملة قد تكون بدايتها معروفة لكن نهايتها غير معلومة النتائج، خصوصا ان قوى كثيرة قد تتدخل في المعركة وقد تتحول عمليا الى حرب اقليمية وهذا ما اكدت ايران انها مستعدة له اذا كان هو ثمن ردها على اغتيال رئيس المكتب السياسي في حركة حماس اسماعيل هنية. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
هل تريد إسرائيل فعلًا التوصل إلى تسوية مع لبنان؟
لم يكن اللبنانيون، إلى أي فئة انتموا، يحتاجون إلى الكثير من المعلومات لكي يعرفوا مسبقًا ما سيكون عليه ردّ الرئيس بري، بصفته "الأخ الأكبر" لـ "حزب الله"، على الورقة الأميركية للحّل. فهو في النهاية يريد أن يأكل عنبًا، بالتزامن مع سعيه من خلال تنسيقه مع "حزب الله" إلى إبعاد "الناطور" عن الحديقة الخلفية للبنان، وذلك من خلال رفضه ما تضمّنته الورقة الأميركية للحّل من نقاط من شأنها إطلاق يد إسرائيل جوًّا وبرًّا وبحرًا. وهذا ما لا يقبله أي لبناني عاقل. فالقبول بما يمكن أن يطمئن إسرائيل غير وارد، لأن ما يطمئن إسرائيل يتعارض مع السيادة اللبنانية، وهذا ما كانت عليه طبيعة الردّ اللبناني. فالرئيس بري على تنسيق تام مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي يصرّ على تطبيق القرار 1701 بكل بنوده، بعد وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، وإعطاء الجيش الدور الأكبر في المحافظة على الاستقرار في المنطقة الواقعة جنوب الليطاني بالتنسيق مع قوات "اليونيفيل"، من دون توسيع لصلاحياتها الأساسية، مع رفض مطلق لما تحاول إسرائيل فرضه بقوة النار، أي أن تمتلك "حق العمل العسكري" متى شاءت. وهذا يعني التنازل عن مبدأ السيادة، وبالتالي التسليم باستباحة مناطق البيئة الحاضنة لـ "المقاومة الإسلامية"، بحيث يصبح العيش فيها شبه مستحيل. أمّا ما يتعلق بتوسيع اللجنة الدولية لمراقبة تنفيذ القرار 1701 فإن الرئيس بري، ومعه الرئيس ميقاتي، لا يريان أي فائدة في انضمام كل من المانيا وبريطانيا إلى هذه اللجنة الدولية، التي يرأسها جنرال أميركي وآخر فرنسي. ويرى الجانب اللبناني تفعيل عمل اللجنة القديمة بدلًا من توسيعها. وهو لزوم ما لا يلزم. لأن أي زيادة على عمل اللجنة القديمة يعني زيادة على ما نصّ عليه القرار 1701، أي أن يكون مذّيلًا بعلامة +. وهذا ما يرفضه لبنان كأساس صالح لمفاوضات يُعتقد أنها ستكون طويلة وشاقة، مع إصرار على ألا تبدأ هذه المفاوضات إلاّ بعد وقف شامل للنار، إذ من غير المنطقي أن يقبل لبنان بالسير بهذه المفاوضات على وقع الغارات الإسرائيلية، التي تدّك المناطق المستهدفة يوميًا، والتي ينتج عنها المزيد من الضحايا والدمار والخراب. لذلك فإن الاولوية اليوم هي للتفاوض على وقف الحرب، أما ما بعدها فمتروك لنجاح التسوية، ولكن على عكس ما يروج له البعض من أن التسويات تأتي دائمًا على حساب لبنان، الذي دفع أثمانًا باهظة نتيجة عدم وضوح في الرؤية وفي التقدير وبعد النظر. ويرى مراقبون حياديون أن مستقبل المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل، والتي ترعاها الولايات المتحدة الأميركية، مرهون بمدى جدّية استعداد تل أبيب لوقف شامل للنار، وهي التي تؤكد على لسان قادتها والمسؤولين فيها أن الحرب الشاملة والواسعة، التي شنتّها على لبنان منذ شهرين تقريبًا لم تحقّق أهدافها بعد. وهذا يعني أن لا نية لدى حكومة الحرب الإسرائيلية بوقف مسلسل اعتداءاتها قبل أن تضمن عدم تكرار عملية "طوفان الأقصى" بنسخته اللبنانية". ويقابل إصرار تل أبيب على مواصلة اعتداءاتها تمسّك "حزب الله" بخطابه الجماهيري، الذي يرفض التسليم بالأمر الواقع، من خلال ابرازه ما حقّقه من إنجازات ميدانية، حتى أن بعض نواب كتلة "الوفاء للمقاومة" يذهبون بعيدًا في مسألة إبراز هذه الإنجازات، التي يعتبرون أنها ستفضي عاجلًا أم آجلًا، إلى تراجع تل أبيب عن شروطها التعجيزية، ومن ضمنها بالتأكيد إبقاء الجنوب ولبنان كله تحت العين الإسرائيلية، مع الإصرار على أن تطورات الميدان الجنوبي لا تسمح لإسرائيل بأن تدّعي النصر وفرض شروطها التي تتناقض مع السيادة. من هنا، فإن "حزب الله"، الذي سلم ملاحظاته للرئيس بري، يحاول أن يرسّخ معادلة جديدة تقوم على التناغم بين الميدان والمسار الديبلوماسي، مع ما يمكن أن يترتب عن هذه المعادلة المعقدة والمكلفة في آن. وهذا ما تفعله أيضًا إسرائيل، التي تسابق دباباتها في الجنوب المسار التفاوضي. المصدر: خاص "لبنان 24"