تسابق التعزيزات العسكرية التي تجري على قدم وساق في أكثر من جبهة، المساعي الديبلوماسية الدولية المكثفة التي تسعى إلى منع تحول التوتر إلى حرب واسعة قد تدخل المنطقة في المجهول. فقد أفاد موقع «أكسيوس» الإخباري الأميركي بوصول قائد القيادة المركزية الأميركية مايكل كوريلا، إلى الشرق الأوسط في زيارة غير معلنة.

ونقل عن مسؤولين أميركيين قولهم: إن الجنرال الأميركي المسؤول عن القوات الأميركية في الشرق الأوسط وصل إلى المنطقة أمس الأول، مع استمرار الاستعدادات لهجوم إيراني محتمل على إسرائيل ردا على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» إسماعيل هنية في طهران. وأشار الموقع الإخباري إلى أن زيارة كوريلا كانت مخططة قبل التصعيد الأخير، لافتا في الوقت نفسه إلى أنه «من المتوقع أن يستخدم الرحلة لمحاولة حشد نفس التحالف الدولي والإقليمي الذي دعم إسرائيل ضد هجوم من إيران في أبريل الماضي». ونقل موقع «أكسيوس» عن 3 مسؤولين أميركيين وإسرائيليين قالوا إنهم يتوقعون أن تهاجم إيران إسرائيل في وقت قريب.

وأشار إلى أن الإدارة الأميركية تتوقع أن يكون الرد الإيراني مشابها للهجوم الذي نفذته طهران واستهدف إسرائيل بصواريخ ومسيرات في 13 أبريل الماضي، لكنه قد يكون أكبر نطاقا وقد يشمل عمليات من حزب الله في لبنان.

وفي سياق متصل، قال مصدر إيراني مسؤول لقناة «الجزيرة» الفضائية إن إسرائيل تجاوزت «كل المحرمات» عقب اغتيال هنية في طهران. وأكد أن تل أبيب أرسلت وسطاء لاحتواء الوضع.

واعتبر المصدر الإيراني ذاته أن على إسرائيل أن تدفع ثمن تجاوزاتها، وأضاف «لا شك لدينا من أنها ستدفعه وغاليا».

وقال إن إسرائيل تحاول الآن دفع طهران لعدم الرد «بهدف إظهارنا كدولة ضعيفة بلا ردع حقيقي»، واستبعد أن تقبل طهران بعدم الرد أو برد رمزي، وقال إن أي رد سيكون «قاسيا ومؤلما». وأشار إلى أن إسرائيل وبعد انتهاكها للسيادة الإيرانية ترسل وساطات للاحتواء، مستدركا انه «من غير الوارد التجاوب معها».

في المقابل، قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن تل ابيب تعتقد أن التعرض لهجوم مشترك أو منفصل من إيران وحزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية بات أمرا حتميا. وأكدت أنها تدرس جميع الخيارات على اعتبار أن الهجمات المحتملة قد تكون «شاملة ومميتة». وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن السلطات الأمنية والسياسية كثفت مشاوراتها مع واشنطن حول كيفية الرد على الهجمات المحتملة ضد إسرائيل. ولفتت إلى أن المسؤولين ناقشوا خيار التحرك أولا والقيام بـ «هجوم وقائي». وأضافت الصحيفة الإسرائيلية أنه طلب من الوزارات «الاستعداد لكل السيناريوهات التي قد تتطور إلى حرب على 5 جبهات سيتم فيها ضرب آلاف النقاط».

بموازاة ذلك، بحث ملك الأردن الملك عبدالله الثاني والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال اتصال هاتفي التصعيد الحالي في المنطقة.

وقال الديوان الملكي الأردني في بيان إن الملك عبدالله الثاني دعا إلى تكثيف الجهود الدولية للتوصل إلى تهدئة شاملة لتجنب توسع الصراع بالمنطقة والمزيد من الفوضى. وأكد أهمية إيقاف التصعيد الإقليمي وإجراءات الاحتلال الإسرائيلي أحادية الجانب محذرا من تداعياتها التي قد تؤدي إلى تأجيج العنف والتوترات. وشدد الملك عبدالله الثاني للرئيس ماكرون على ضرورة التوصل إلى إيقاف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة وإنهاء المعاناة الإنسانية لأهالي القطاع، لافتا إلى استمرار الأردن في تقديم المساعدات الإغاثية بشتى الطرق المتاحة. كما جدد التأكيد على أهمية العمل على إيجاد أفق سياسية تفضي إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية على أساس حل الدولتين.

كما أعلنت وزارة الخارجية الأردنية عن زيارة نادرة للوزير أيمن الصفدي إلى طهران لنقل رسالة «من الملك عبدالله الثاني، إلى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، حول الأوضاع في المنطقة والعلاقات الثنائية» وكذلك للقاء القائم بأعمال وزارة الخارجية الإيرانية علي باقري.

وأكدت وكالة أنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) ان زيارة الصفدي تستهدف تبادل وجهات النظر مع المسؤولين الإيرانيين حول القضايا الإقليمية والدولية.

في هذه الأثناء، أوصت فرنسا رعاياها المقيمين في إيران «بمغادرة البلاد مؤقتا» إذا استطاعوا، متحدثة عن احتمال إغلاق المجال الجوي والمطارات الإيرانية في سياق التوتر المتزايد مع إسرائيل.

وجاء في تحديث لتوصيات السفر نشرته الخارجية الفرنسية أمس «ندعو مواطنينا مجددا إلى توخي أقصى درجات الحذر في تنقلاتهم وتجنب أي تجمعات ومواكبة الأحداث الجارية وأي رسائل أو إرشادات من السفارة الفرنسية في إيران في الأيام المقبلة». وكانت باريس قد دعت في وقت سابق رعاياها غير المقيمين «الذين لا يزالون في إيران» إلى مغادرتها «في أقرب وقت».

المصدر: جريدة الحقيقة

كلمات دلالية: الملک عبدالله الثانی إلى أن

إقرأ أيضاً:

باريس تتهم سلطات إيران بنهب وتدمير المعهد الفرنسي للأبحاث

في تصاعد جديد للتوترات بين باريس وطهران، اتهمت مصادر دبلوماسية فرنسية السلطات الإيرانية بسرقة وتدمير المجموعة الثمينة من الوثائق والمُقتنيات التاريخية، والمُعدّات التقنية التي كانت موجودة في مباني المعهد الفرنسي للأبحاث (IFRI)، الواقع في قلب العاصمة طهران.

مُقتنيات غنية

المعهد مؤسسة ثقافية تتبع وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية، وبالتالي السفارة الفرنسية في طهران، إلا أنّه لم يستفد من الحصانة الدبلوماسية.

وهو يُعتبر أحد سبعة وعشرين مركزاً بحثياً فرنسياً في العالم، مهمته تعزيز الأبحاث في مجالات بحوث الآثار والعلوم الإنسانية والاجتماعية.

وتضم مكتبته الغنية أكثر من 49 ألف مرجع من بينها 28 ألف كتاب، فضلاً عن قواعد بيانات ضخمة.

ويُعتبر المعهد الفرنسي للأبحاث مركزاً مرجعياً للعديد من الباحثين في العالم حيث يُقدّم لهم الدعم في دراساتهم، وقد تمّ إغلاقه في عام 2023 بعد نشر مجلة "شارلي إيبدو" الساخرة رسوماً كاريكاتوريّة للمُرشد الأعلى علي خامنئي. وتمّ وضعه تحت الإشراف القضائي من قبل السلطات الإيرانية في أغسطس (آب) 2024.

وأشارت وزارة الخارجية الفرنسية إلى أنّ المعهد كان "مكاناً رفيع المستوى للثقافة والتبادلات البحثية"، تأسس في عام 1983 إثر اندماج البعثة الأثرية الفرنسية في إيران، والتي أنشئت في عام 1897 بموجب حصول الفرنسيين على الحقوق الحصرية للتنقيب في إيران لأغراض أثرية، والمعهد الفرنسي لعلم الآثار في طهران الذي أسسه عام 1947 الفيلسوف والمُستشرق الفرنسي هنري كوربين.

#Iran | Le chargé d’affaires de l’ambassade d’Iran a été convoqué au ministère de l’Europe et des Affaires étrangères le 30 août. A cette occasion, la France a dénoncé la pose de scellés sur les portes de l’Institut français de recherche en Iran, alors que la France s’était… pic.twitter.com/btVwr9A5ad

— France Diplomatie ???????????????? (@francediplo) August 31, 2023 تدمير مُوجّه وتقاعس أمني

وفيما لم تُقدّم السلطات الإيرانية أيّ تفسير رسمي لاختفاء وتدمير محتويات المعهد، علمت السفارة الفرنسية في طهران من مصادرها في يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) 2025، وفقاً للمعلومات التي جمعتها صحيفة "لوموند"، أنّ مباني المعهد تعرّضت للغزو المُنظّم في البداية من قبل مُدمنين على المخدرات. ك

ما أظهر المبنى الذي تمّ نهبه بالكامل آثار حريق، في حين تمّ تدمير المُعدّات الإلكترونية وتضرر الأثاث.

ورغم الطلبات المتكررة من السفارة الفرنسية، إلا أنّ الشرطة الإيرانية لم تتدخل للحيلولة دون تفاقم الأضرار والخسائر، وهو ما يُثير العديد من الأسئلة حول وجود دور رسمي، بما في ذلك كيفية كسر الأختام التي تُغلق المعهد. ويُصبح هذا الوضع أكثر إثارة للاهتمام نظراً لأنّ المعهد الفرنسي يقع في منطقة شديدة الحراسة، وتضم العديد من المؤسسات الإدارية والرسمية الإيرانية.

وكان المعهد مركزاً رئيسياً للدراسات حول العلوم الإنسانية والاجتماعية والأبحاث الأثرية حول إيران، والتي تُغطّي الفترة من عصور ما قبل التاريخ إلى العصر الحالي. ولم يقتصر مجال بحثه على حدود الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بل كان يمتد إلى جميع الثقافات في مُحيطها الإقليمي.

L’Iran ferme un institut français après la publication par « Charlie Hebdo » de caricatures https://t.co/FRRjX32q4S

— Le Monde (@lemondefr) January 5, 2023 مُساومة إيرانية

وكثيراً ما تتهم طهران فرنسا والغرب بالتدخل في شؤونها الداخلية. وقد بقي المقر الرئيسي للمعهد، الذي يقع في وسط طهران، مُغلقاً لسنوات عديدة، إلى أن أعيد افتتاحه في عهد الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني (2013-2021) كإشارة إلى تحسّن العلاقات بين باريس وطهران حينها، قبل أن يتم إغلاقه مُجدّداً منذ نحو سنتين.

يُذكر أنّ أسبوعية "شارلي إيبدو" الفرنسية الساخرة، وفي إطار دعمها "الإيرانيين الذين يُناضلون من أجل حريتهم"، أطلقت مُسابقة في عام 2023 لاختيار رسوم كاريكاتورية حول الأوضاع الداخلية في إيران، وذلك في أعقاب تصاعد احتجاجات الشعب الإيراني على وفاة الشابة مهسا أميني أثناء احتجازها لدى الشرطة في سبتمبر (أيلول) 2022.

L'Iran menace la France après la publication de caricatures de Khamenei dans "Charlie Hebdo" https://t.co/Cs4rA1veXH

— Marianne (@MarianneleMag) January 5, 2023

وعلى إثر ذلك دعت السلطات الإيرانية باريس إلى ما أسمته "مُحاسبة مُرتكبي هذه الكراهية والعنصرية" واصفة تلك الرسوم بـِ "المُهينة".

وأغلقت طهران المعهد الفرنسي للأبحاث كردّ على رفض الحكومة الفرنسية تقديم أيّ تنازلات ضدّ حرية الصحافة والرأي.

وكان من بين مهام المعهد، تنظيم ودعم المؤتمرات الدولية من خلال الرعاية المالية والدعم الاستراتيجي، والتعاون مع الجامعات ومراكز الأبحاث الإيرانية. وشكّلت مكتبته وقواعد بياناته، والخدمات المُتنوّعة التي كان يُقدّمها، مُلتقى نادراً للحياة الفكرية والبحثية للإيرانيين والفرنسيين والأجانب.

مقالات مشابهة

  • الخارجية الإيرانية: لافروف يزور طهران الثلاثاء لإجراء محادثات رفيعة المستوى
  • وزير استخبارات إيران: لا تراجع عن سياسة الرد بالمثل في مواجهة التهديدات الأمريكية
  • باريس تتهم سلطات إيران بنهب وتدمير المعهد الفرنسي للأبحاث
  • الخارجية الإيرانية: لافروف يزور طهران لإجراء محادثات رفيعة المستوى
  • تعويلٌ على تشييع نصرالله... هل بدأت إيران بخسارة لبنان؟
  • اعتقال بريطانيين في إيران.. سياقات التصعيد وانعكاساته
  • مجدي يوسف: مندوب إسرائيل كانت عينه في الأرض ولم يستطع الرد على كلمة النائب محمد أبو العينين
  • إيران.. أسطول كهربائي من «سيارات الشرطة والحافلات الذكية»
  • خامنئي يدعو قطر إلى الإفراج عن أموال إيران المحتجزة
  • تصعيد جديد.. إيران ترد على تهديدات نتنياهو ماذا فعلت؟