فجر الأربعاء الماضى جرى اغتيال "إسماعيل هنية" رئيس حركة حماس فى غارة صهيونية غادرة على مقر إقامته فى طهران إثر مشاركته فى احتفال تنصيب الرئيس الإيرانى الجديد "مسعود برشكيان". وهكذا عاد الحديث من جديد عن سياسة الاغتيالات الإسرائيلية إلى الواجهة مع قيام إسرائيل باغتيال قادة فلسطينيين خلال حرب غزة التي لا زالت مشتعلة إلى الآن.
واقعة اغتيال إسماعيل هنية تستدعى لنا عمليات اغتيال كثر قامت إسرائيل بارتكابها، نذكر منها على سبيل المثال اغتيال "غسان كنفانى" فى يوليو 1972 بعبوة ناسفة نفذها جهاز الموساد الإسرائيلى، واغتيال "خليل الوزير"- أبو جهاد- فى 1988، وصلاح خلف" فى 1991، و"فتحى الشقاقى" فى أكتوبر 1996، و"أبو على مصطفى" أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فى 2001. والقائمة المذكورة لا تشمل جميع الاغتيالات التي قامت بها إسرائيل، وإنما تركز على الاغتيالات التى طالت شخصيات بارزة.
كان "نتنياهو" قد قال بأن قتل قيادات حركة حماس يقرب إسرائيل من تحقيق أهدافها الرامية إلى تصفية شخصيات فلسطينية رائدة، ليدعم هذا كل أهداف الحرب، وأهداف إسرائيل فى كسر إرادة حركة حماس وإرادة الشعب الفلسطيني، وتحقيق ما تصبو إليه من أهداف وهمية. وفى خضم ذلك تنسى إسرائيل أن "حماس" مؤسسة ومفهوم وليست أشخاصًا، وأن مثل هذه العمليات ستدفعها نحو مواصلة سيرها فى الطريق الذى رسمته مهما كانت التضحيات، ولذا فإن العمل الجبان الذي قامت به إسرائيل لن ينال من عزيمة المقاومة الباسلة، وستظل سائرة على طريق الصمود والثبات.
وهنا وجب التساؤل: أين المجتمع الدولى الذى تحول وللأسف إلى متفرج ومشاهد لا يحرك ساكنًا حيال إسرائيل؟. لقد كان عليه فيما لو أنصف تحمل مسؤولياته فى اتخاذ إجراءات فورية تفرض وقف العدوان الإسرائيلى الغاشم على قطاع غزة، ووقف خروقات إسرائيل للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وهى القرارات التي تحمي أمن المنطقة واستقرارها، وتقوم بتأمينها من التبعات الكارثية الناجمة عن استمرار العدوان الإسرائيلي، واستمرار تفاقم انتهاك إسرائيل لحقوق الإنسان وحقوق الشعب الفلسطيني، ووقف جرائمها ضده، وهى الجرائم التى ستؤدى فى النهاية إلى جر المنطقة نحو توسيع الصراع، وإلى تهديد الأمن، والسلم الإقليميين، والدوليين.
يحمد لمصر مواقفها المشرفة، فلقد سارعت وأدانت سياسة التصعيد الإسرائيلية الخطيرة، وحذرت من أن ذلك يمكن أن ينذر بإشعال المواجهة فى المنطقة بشكل قد يؤدى إلى تداعيات، وعواقب وخيمة. ولهذا بادرت مصر فطالبت مجلس الأمن والقوى المؤثرة دوليًّا الاضطلاع بمسؤوليتها فى وقف هذا التصعيد الخطير فى الشرق الأوسط، ووضع حد لسياسة حافة الهاوية. معتبرة أن تزامن هذا التصعيد الإقليمى مع عدم تحقيق تقدم فى مفاوضات وقف إطلاق النار، من شأنه أن يزيد من تعقيد الموقف لا سيما مع غياب الإرادة السياسية الإسرائيلية للتهدئة.
ولا شك أن عملية الاغتيال والسلوك الإسرائيلى المستهتر القائم على الاستهداف المستمر للمدنيين فى غزة سيؤدي حتمًا إلى انزلاق المنطقة إلى دائرة الفوضى، وتقويض فرص السلام.
واليوم يتعين وقف عمليات إسرائيل فى اغتيال المدنيين، ووقف نهج الاغتيالات السياسية توطئة لإفساح المجال أمام استمرار التفاوض بين الأطراف المعنية. مع الأخذ فى الاعتبار بأن السلام الإقليمى والدولى بحاجة إلى شركاء جادين، وموقف دولى ضد التصعيد والاستهتار بأرواح شعوب المنطقة.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
الشرع: ذرائع تقدم إسرائيل في سوريا لم تعد قائمة.. ونحترم اتفاقية 1974
علق قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، الخميس، على توغل جيش الاحتلال الإسرائيلي جنوبي البلاد، مشيرا إلى أن ذرائع "إسرائيل" في تقدمها برا في سوريا "لم تعد قائمة" في إشارة إلى انتشار المليشيات الإيرانية قبل سقوط نظام بشار الأسد.
وقال الشرع خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في قصر الشعب بالعاصمة دمشق، إن "إسرائيل تقدمت في المنطقة العازلة بذريعة وجود مليشيات إيرانية وهذا العذر لم يعد قائما بعد تحرير دمشق".
وأضاف "أبلغنا الأطراف الدولية باحترام سوريا اتفاقية 1974 واستعدادها لاستقبال القوات الأممية وحمايتها"، لافتا إلى أن "الجميع مجمع على خطأ التقدم الإسرائيلي في سوريا ووجوب العودة إلى ما كانت عليه قبل التقدم الأخير".
وأعرب قائد الإدارة السورية الجديدة عن "استعدادهم لاستقبال قوات أممية في المنطقة العازلة لعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل التقدم الإسرائيلي".
يأتي ذلك على وقع مواصلة الاحتلال الإسرائيلي توغله في الأراضي السورية موسعا احتلاله للجولان منذ سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من كانون الأول /ديسمبر الماضي.
ومنذ عام 1967، تحتل إسرائيل 1150 كيلومترا مربعا من إجمالي مساحة هضبة الجولان السورية البالغة مساحتها 1800 كيلومتر مربع، وأعلنت ضمها إليها في عام 1981، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.
واستغلت دولة الاحتلال التطورات الأخيرة في المنطقة واحتلت المنطقة السورية العازلة في محافظة القنيطرة، معلنة انهيار اتفاقية "فض الاشتباك" لعام 1974، في خطوة نددت بها الأمم المتحدة ودول عربية.
والأربعاء، استشهد ثلاثة سوريين، بينهم مدني، جراء قصف جوي للاحتلال الإسرائيلي استهدف قوة من الأمن العام في الريف الجنوبي لمدينة القنيطرة، جنوب غربي سوريا.
وخلال المؤتمر الصحفي، قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ، إن "استيلاء إسرائيل على المنطقة العازلة بالجولان مدان ويجب أن تنسحب فورا".
استئناف العلاقات بعد 13 عاما
وعلى صعيد آخر، أعرب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الذي يزور دمشق لأول مرة بعد سقوط النظام، عن سعادته باستئناف العلاقات القطرية السورية بعد انقطاع دام 13 عاما.
وأضاف "نحن على أبواب مرحلة جديدة في تاريخ سوريا وقطر تمد يدها للسوريين للشراكة"، لافتا إلى أن الوضع في سوريا يتطلب ضرورة النظر في رفع العقوبات عن البلاد في أسرع وقت.
وكشف الوزير القطري عن زيارة مرتقبة لأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى دمشق، قائلا "سمو أمير دولة قطر سيزور سوريا في المستقبل القريب".
يأتي ذلك في ظل تواصل توافد الوفود الإقليمية والدولية إلى العاصمة السورية دمشق من أجل لقاء الإدارة السورية الجديدة، التي أرسلت بدورها وفدا رفيع المستوى برئاسة وزير الخارجية في جولة موسعة على عدد من الدول العربية، بالإضافة إلى تركيا.
وضم الوفد السوري الذي زار الإمارات والسعودية وقطر والأردن وتركيا، كل من وزير الدفاع مرهف أبو قصرة ورئيس الاستخبارات العامة أنس خطاب.
وفجر الأحد 8 كانون الأول/ ديسمبر، دخلت فصائل المعارضة السورية إلى العاصمة دمشق، وسيطرت عليها مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 عاما من حكم عائلة الأسد.
وجرى تكليف المهندس محمد البشير، وهو رئيس حكومة الإنقاذ التي كانت تدير إدلب، بتشكيل حكومة لإدارة شؤون البلاد في المرحلة الانتقالية، إلى غاية الأول من شهر آذار/ مارس المقبل.