بقلم: محمد أعزوز

في ظل التحولات الجيوسياسية الراهنة، تبرز قضية الصحراء المغربية كواحدة من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام الدولي. ومع تزايد الدعم الدولي لخطة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب، تتجلى أهمية العلاقات الثنائية بين المغرب والدول الأوروبية، وخاصة فرنسا وإيطاليا، في عدة مجالات حيوية. على الصعيد الاقتصادي، يشكل الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول للمغرب، حيث تستورد فرنسا وإيطاليا العديد من المنتجات المغربية مثل النسيج والمواد الغذائية.

سياسيًا، تتميز العلاقات بالاستقرار والتعاون المستمر، حيث يتمتع المغرب بوضع متقدم مع الاتحاد الأوروبي. ثقافيًا، هناك تبادل مستمر يعزز التفاهم المتبادل، بالإضافة إلى التعاون في مجال الهجرة الذي يلعب فيه المغرب دورًا محوريًا. في هذا السياق، يتناول الباحث السياسي الإيطالي ماركو باراتو في مقاله على موقع Focus Mediterraneo، التحول الاستراتيجي في الموقف الفرنسي تجاه الصحراء المغربية، ويستعرض الرسالة التي وجهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى جلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لاعتلائه العرش، والتي تمثل تحولًا كبيرًا في العلاقات بين فرنسا والمغرب.

تحول في الموقف الفرنسي

يشير باراتو إلى أن الرسالة التي بعث بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى جلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لاعتلائه العرش، تعكس اعترافًا فرنسيًا بأن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل الأمثل لقضية الصحراء. هذا الموقف الفرنسي الجديد يعزز من خطة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب في عام 2007، ويؤكد على أن الوحدة الوطنية للمملكة هي السبيل لتحقيق الاستقرار في المنطقة. ويعتبر باراتو أن هذا التحول في الموقف الفرنسي يعكس تطورًا استراتيجيًا في العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث تسعى فرنسا إلى تعزيز شراكتها مع المغرب في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.

التحديات الفرنسية في إفريقيا

يبرز باراتو أن هذا القرار الفرنسي يأتي في وقت تواجه فيه فرنسا تحديات كبيرة في إفريقيا، خاصة في ظل التوترات السياسية والأمنية في منطقة الساحل والصحراء. ويعتبر أن الدعم الفرنسي لخطة الحكم الذاتي المغربية يعكس رغبة باريس في تعزيز مكانتها في القارة الإفريقية، من خلال دعم الاستقرار والتنمية في المنطقة. ويشير باراتو إلى أن هذا الموقف يعكس الإرادة السياسية الفرنسية، وأنه يجب على الحكومة الفرنسية، بغض النظر عن تشكيلتها، أن تتابع هذا النهج لدعم الاستقرار في المنطقة.

دعوة لتعزيز التعاون والشراكة مع إيطاليا وباقي دول الاتحاد الأوروبي

في ختام مقاله، يدعو باراتو الدول الأوروبية الأخرى، بما في ذلك إيطاليا، إلى اتباع نهج فرنسا في دعم الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية تحت السيادة المغربية. ويؤكد أن هذا هو السبيل لتعزيز الاستقرار والتعاون في المنطقة، مشيرًا إلى أن الاعتراف الدولي بخطة الحكم الذاتي المغربية يمكن أن يسهم في حل النزاع الطويل الأمد في الصحراء، ويفتح آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادي والسياسي بين دول المنطقة.

العلاقات المغربية-الإيطالية وموقف إيطاليا من قضية الوحدة الترابية للمغرب

وهنا لا بد من الإشارة إلى العلاقات بين المغرب وإيطاليا التي تمتد لقرون، حيث بدأت العلاقات الدبلوماسية الرسمية في أواخر القرن التاسع عشر. اليوم، تعتبر إيطاليا شريكًا تجاريًا مهمًا للمغرب، حيث تشمل التبادلات التجارية بين البلدين منتجات مثل الآلات والمعدات الصناعية والزراعية والطبية، بالإضافة إلى المنتجات السمكية والزراعية المغربية. وبخصوص ملف الصحراء المغربية، تدعم إيطاليا بشكل عام جهود الأمم المتحدة لإيجاد حل سلمي للنزاع في الصحراء المغربية. في السنوات الأخيرة، أبدت إيطاليا تفهمًا لموقف المغرب ودعمت مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب كحل واقعي للنزاع في الصحراء المغربية. على سبيل المثال، عبرت 18 مدينة إيطالية في منطقة كانافيس في شمال غرب إيطاليا، عن دعمها لمبادرة الحكم الذاتي للصحراء المغربية. في تصريح مشترك صدر عقب لقاء مؤسساتي عقد في مدينة ريفارولو كانافيس، أشاد عمداء هذه المدن بمسلسل الجهوية المتقدمة في المغرب وأعربوا عن تقديرهم للتحولات الإيجابية التي يشهدها المغرب تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس. وقد سبق وأشار تقرير صادر عن “معهد تحليل العلاقات الدولية” (Istituto Analisi Relazioni Internazionali - IARI) وهو مركز أبحاث إيطالي تأسس في عام 2018 في صقلية، إلى أن الجذور الثقافية لسكان الصحراء مرتبطة تاريخيًا بالمغرب، مما يعزز من موقف المغرب في النزاع المفتعل حول الصحراء. كما أشادت إيطاليا في إعلان الشراكة الاستراتيجية المتعددة الأبعاد بالجهود الجادة وذات المصداقية التي يبذلها المغرب لتسوية النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.

كما أكد مركز التفكير الإيطالي، المعروف أيضًا باسم “المركز الإيطالي للدراسات الدولية”، وهو مؤسسة بحثية تركز على تحليل القضايا الدولية والجيوسياسية، أن حل التوترات السياسية حول هذه القضية سيمر من خلال الحكم الذاتي الذي سيضمن الحقوق الجماعية والفردية للسكان الصحراويين، مع التركيز على مشاريع الاندماج الاقتصادي والاجتماعي لتعزيز الاستقرار والتنمية في المنطقة.

دور المجتمع المدني والمثقفين المغاربة ودور الدبلوماسية الموازية

يلعب المجتمع المدني المغربي في إيطاليا دورًا محوريًا في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتوضيح الحقائق المتعلقة بقضية الصحراء المغربية. على سبيل المثال، نظمت جمعيات مغربية في إيطاليا لقاءات وندوات لتسليط الضوء على الأدلة التاريخية والقانونية التي تثبت مغربية الصحراء. هذه الفعاليات تهدف إلى تعزيز الفهم الصحيح لقضية الصحراء المغربية بين الجمهور الإيطالي وتصحيح المفاهيم الخاطئة. من بين هذه الجمعيات، نجد الفضاء المغربي الإيطالي للتضامن الذي نظم لقاءات هامة في ميلانو، حيث تم مناقشة العلاقات التاريخية بين المغرب وإيطاليا ومستجدات القضية الوطنية.

وتلعب الدبلوماسية الموازية، التي تشمل جهود المجتمع المدني والجاليات المغربية في الخارج، دورًا حيويًا في دعم الدبلوماسية الرسمية. من خلال تنظيم فعاليات ثقافية وعلمية، والمشاركة في النقاشات العامة، تسهم هذه الجهود في تفنيد الادعاءات التي يروج لها أعداء الوحدة الترابية للمغرب، وخاصة تلك المدعومة من النظام الجزائري.

في ظل هذه الجهود، يتضح أن المجتمع المدني والمثقفين المغاربة يلعبون دورًا حاسمًا في تعزيز الفهم الصحيح لقضية الصحراء المغربية ودعم الدبلوماسية الرسمية. إن تعزيز التعاون والشراكة مع إيطاليا وباقي دول الاتحاد الأوروبي سيكون له دور كبير في تحقيق الاستقرار والازدهار في المنطقة، خاصة في ظل الإنجازات التي حققتها المملكة المغربية تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس.

إنجازات تنموية بارزة في الأقاليم الجنوبية المغربية تحت قيادة الملك محمد السادس

تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، شهدت المملكة المغربية تحقيق العديد من الإنجازات البارزة التي عززت مكانتها على الساحة الدولية. في الأقاليم الجنوبية المغربية، تم تنفيذ مجموعة من المشاريع التنموية الطموحة التي تهدف إلى تحسين البنية التحتية وتعزيز الاقتصاد المحلي.

مشروع ميناء الداخلة الأطلسي: يهدف هذا المشروع الاستراتيجي إلى تعزيز التجارة البحرية وربط المنطقة بباقي أنحاء العالم، مما يسهم في دفع عجلة الاقتصاد المحلي.

مشاريع الطاقة المتجددة: تشمل هذه المشاريع إنشاء محطات لتوليد الطاقة الشمسية والرياح، مما يسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة وتعزيز التنمية المستدامة في المنطقة.

تطوير البنية التحتية: شهدت الأقاليم الجنوبية بناء طرق سريعة ومطارات حديثة، مما يسهل حركة النقل ويعزز من جاذبية المنطقة للاستثمارات المحلية والدولية.

مشاريع زراعية: تهدف هذه المشاريع إلى تحسين الإنتاج الزراعي وتوفير فرص عمل للسكان المحليين، مما يسهم في تعزيز الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية.

قطاع السياحة: تم تطوير المنتجعات السياحية والفنادق لجذب السياح من مختلف أنحاء العالم، مما يعزز الاقتصاد المحلي ويبرز جمال الأقاليم الجنوبية.

هذه الإنجازات التنموية في الأقاليم الجنوبية تعزز من موقف المغرب وتؤكد التزامه بتحقيق التنمية والاستقرار والازدهار في المنطقة. وفي ظل المناخ المناسب الذي أوجدته هذه الإنجازات، إضافة إلى تطور الموقف الفرنسي تجاه دعم خطة الحكم الذاتي المغربية، يجب على الدول الأوروبية الأخرى أن تتبع نهج فرنسا في دعم الحكم الذاتي والاعتراف بمغربية الصحراء، كما أشار إلى ذلك ماركو باراتو في مقاله. إن تعزيز التعاون والشراكة مع إيطاليا وباقي دول الاتحاد الأوروبي سيكون له دور كبير في تحقيق الاستقرار والازدهار في المنطقة، خاصة في ظل الإنجازات التي حققتها المملكة المغربية تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس.

في الختام، يتضح أن التحول في الموقف الفرنسي تجاه قضية الصحراء المغربية يعكس تطورًا استراتيجيًا في العلاقات الثنائية بين المغرب وفرنسا، ويعزز من خطة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب كحل واقعي ومستدام للنزاع. كما أن دعم فرنسا لهذه الخطة يأتي في وقت تواجه فيه تحديات كبيرة في إفريقيا، مما يعكس رغبتها في تعزيز الاستقرار والتنمية في المنطقة.

من جهة أخرى، تلعب العلاقات المغربية-الإيطالية دورًا محوريًا في تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي بين البلدين، حيث تدعم إيطاليا جهود المغرب في إيجاد حل سلمي للنزاع في الصحراء. كما أن دور المجتمع المدني والمثقفين المغاربة في إيطاليا يسهم بشكل كبير في توضيح الحقائق وتعزيز الفهم الصحيح لقضية الصحراء المغربية.

إن الإنجازات التنموية التي حققتها المملكة المغربية تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس في الأقاليم الجنوبية تعزز من موقف المغرب وتؤكد التزامه بتحقيق التنمية والاستقرار في المنطقة. وفي ظل هذا المناخ الإيجابي، يجب على الدول الأوروبية الأخرى أن تتبع نهج فرنسا في دعم الحكم الذاتي والاعتراف بمغربية الصحراء، مما سيسهم في تحقيق الاستقرار والازدهار في المنطقة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: جلالة الملک محمد السادس العلاقات الثنائیة بین فی الأقالیم الجنوبیة فی الموقف الفرنسی الاتحاد الأوروبی الصحراء المغربیة المملکة المغربیة تحقیق الاستقرار المجتمع المدنی تعزیز التعاون لقضیة الصحراء الحکم الذاتی المغربیة تحت بین البلدین فی الصحراء بین المغرب ا فی تعزیز المغرب فی تحت قیادة فی تحقیق ا فی دعم یعزز من یسهم فی إلى أن أن هذا

إقرأ أيضاً:

موقع إيطالي: روسيا تنسق مع حفتر لإنشاء قاعدة جوية جنوبي ليبيا

سلّط موقع إنسايد أوفر الإيطالي الضوء على تحركات موسكو بالتنسيق مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر لإنشاء قاعدة عسكرية في معطن السارة جنوبي ليبيا، موضحا أن القاعدة قد تصبح مركزا رئيسيا لعمليات فيلق أفريقيا الروسي.

وقال الكاتب ماورو إنديليكاتو إن روسيا تتطلع للاستفادة من موقع معطن السارة الإستراتيجي بالقرب من الحدود مع تشاد والسودان، وتهدف إلى تعزيز نفوذها في منطقة الساحل الأفريقي على حساب النفوذ الفرنسي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحيفة أميركية: تفاهم ترامب مع بوتين جعل ألمانيا تفكر بالنوويlist 2 of 2صحف عالمية: هجوم إسرائيل على الضفة مدفوع سياسيا وأيديولوجياend of list

وأضاف أن روسيا بعد أن فقدت نفوذها في سوريا، تعمل على إعادة التموضع في البحر الأبيض المتوسط من خلال استغلال علاقاتها مع دولة أخرى محورية في المنطقة، وتحديدا علاقتها بخليفة حفتر.

أهمية إستراتيجية

وأوضح الكاتب أن حفتر يسيطر على شرق البلاد وعلى جزء كبير من جنوب ليبيا، ويستطيع تأمين ممر طويل لحلفائه يمتد من أعماق الصحراء الكبرى وصولا إلى سواحل البحر المتوسط.

وحسب التقرير، تدرك روسيا -التي تربطها علاقة وثيقة بحفتر منذ 9 سنوات- أهمية مثل هذا الموقع، وتحاول تعويض القواعد التي فقدتها في سوريا عبر قاعدة معطن السارة جنوبي ليبيا.

وقال إنديليكاتو إن صور أقمار صناعية حصلت عليها وكالات استخبارات غربية خلال الأشهر الماضية، أظهرت أعمال بناء مكثفة في منطقة معطن السارة النائية، وهي عبارة عن واحة صغيرة في منطقة الكُفرة، محاطة بطرق صحراوية، ويصعب الوصول إليها برًّا.

إعلان

لكن ما يمنح هذه المنطقة أهمية إستراتيجية كبيرة هو وجود قاعدة عسكرية ليبية قديمة تضم العديد من المستودعات القادرة على استيعاب عدد من الطائرات، بالإضافة إلى ما لا يقل عن 3 مدارج هبوط.

قلق غربي

وقد استخدم العقيد الليبي الراحل معمر القذافي هذه القاعدة خلال الحرب مع تشاد، لكنها أصبحت مهجورة منذ 2011، ولم تشهد أي عمليات ترميم منذ ذلك الحين.

وأوضح الكاتب أن القوات الروسية تنتشر في عدة دول بمنطقة الساحل الأفريقي، من جمهورية أفريقيا الوسطى إلى مالي، مرورا بالنيجر وبوركينا فاسو، ووصولا إلى السودان.

وحسب ماورو إنديليكاتو، قد تبدأ قاعدة معطن السارة قريبا باستقبال المعدات الروسية القادمة من سوريا، لتصبح المركز الرئيسي لقوات فيلق أفريقيا.

ويكشف الكاتب أن الولايات المتحدة وحلف الشمال الأطلسي (ناتو)، لا ينظران بعين الرضا إلى النشاط الروسي في هذه المنطقة جنوب ليبيا، برغم التقارب الأخير بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين.

مقالات مشابهة

  • هل تمثل التدريبات العسكرية “الفرنسية – المغربية” تهديدات للجزائر؟
  • المسؤول الأمني في الساحل السوري: العمليات التي نفذها فلول النظام المخلوع جاءت بدعم إيراني
  • وزير العدل الفرنسي : نشكر المغرب على تعاونه الأمني الممتاز والمغاربة يحضون بالإحترام في فرنسا
  • الوزير الشيباني: نرحب بدعم دول الجوار لسوريا في مواجهة التحديات التي تتعرض لها
  • بعد وفاتها .. من هى المطربة المغربية نعيمة سميح وأبرز أعمالها
  • صيام اللاعبين في رمضان يثير الجدل في الاتحاد الفرنسي
  • الشركات الأمريكية تقتحم الصحراء..ستارلينك والمغرب شراكة استراتيجية في الصحراء المغربية
  • نتنياهو يعرقل تنفيذ مراحل اتفاق غزة .. باحث يحلل المشهد
  • قضية الصحراء ومفهوم الحكم الذاتي في المغرب.. القصة الكاملة في كتاب
  • موقع إيطالي: روسيا تنسق مع حفتر لإنشاء قاعدة جوية جنوبي ليبيا