نيويورك تايمز: لهذا لن تهزم حماس في الحرب
تاريخ النشر: 5th, August 2024 GMT
نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن محللين أن الضربات الأخيرة التي تعرضت لها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بما في ذلك اغتيال رئيس مكتبها السياسي اسماعيل هنية في العاصمة طهران، قد تكون انتكاسة قصيرة الأمد للحركة، لكنها غير كافية لمنعها من الظهور مرة أخرى سليمة، وربما أكثر تشددا وأقوى سياسيا.
وقالت الصحيفة في مقال للكاتبة إيريكا سولومون نشرته اليوم الأحد، إن حماس تعرضت لضربة قوية خلال الأيام الماضية تمثلت أولا في اغتيال هنية في طهران، ثم إعلان إسرائيل أنها قتلت القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام محمد الضيف ، في وقت تواصل فيه شن الحرب الأكثر دموية التي واجهها الفلسطينيون في القطاع.
وترى الكاتبة أنه في الحصيلة الأولى، يبدو أن النتيجة الأخيرة في الصراع الذي دام 30 عاما بين إسرائيل وحماس هي نتيجة مدمرة للحركة، وهي نتيجة تلقي بظلال من الشك على مستقبلها. ومع ذلك، فإن تاريخ حماس وتطور الجماعات المسلحة الفلسطينية على مر العقود ومنطق التمرد والمقاومة بشكل عام يشيران إلى أن الحركة لن تنجو فقط، بل قد تخرج أقوى سياسيا.
ويرى محللون ومراقبون إقليميون على اتصال بقادة حماس أن النكسات التي لحقت بالحركة تقدّم لإسرائيل نصرا قصير الأمد، ولكن لا تقدم لها نجاحا إستراتيجيا على المدى الطويل.
وقالت المحللة البارزة في الشأن الفلسطيني في مجموعة الأزمات الدولية تهاني مصطفى إنه "بدلا من خلق الصدمة التي كانوا يأملون فيها، والتي تجعل الفلسطينيين خائفين أو مهزومين تماما، سيكون لهذه الضربات التأثير المعاكس، وتكون إسرائيل قد قدمت لهم ورقة رابحة".
وأدت الحملة العسكرية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة إلى تشريد حوالي 90% من سكان القطاع البالغ عددهم مليوني نسمة، ودمرت أجزاء واسعة من مدنه، وقتلت أكثر من 39 ألف شخص، وفقا لوزارة الصحة في غزة.
رغم ذلك، لا تزال حماس تنشط وتجنّد مقاتلين جددا في قطاع غزة وخارجه، بحسب سكان محليين ومحللين. وقد بدأ المقاتلون أيضا في الظهور من جديد في المناطق التي كانت إسرائيل قد أبعدتهم منها قبل شهور، كما أنها حافظت حتى الآن على الاعتماد على مواردها الذاتية حتى وسط الحصار الإسرائيلي المشدد على غزة.
بالنسبة لحماس، كما تقول الكاتبة، فإن منطق المقاومة يعني أن مجرد البقاء في مواجهة جيش أقوى بكثير يوفر انتصارا رمزيا. ومع ذلك تأتي فرصة للبقاء تفوق أي ألمٍ تسببت فيه إسرائيل.
وتقول الكاتبة إن فقدان هنية سيكون صعبا أيضا على حماس. كان يُنظر إليه من قبل المحللين الإقليميين على أنه شخصية أكثر اعتدالا داخل الحركة، وكان يعمل كجسر بين الفصائل الفلسطينية. كما كان يُنظر إليه على أنه زعيم مستعد لدفع الجهود الدبلوماسية، بما في ذلك محادثات وقف إطلاق النار المستمرة وإن كانت متعثرة مع إسرائيل.
"
تمتلك حملات الاغتيال المستهدفة التي شنتها إسرائيل بحق منافسيها الفلسطينيين والإقليميين، سجلاً مثيرا للجدل، إذ جادل النقاد منذ مدة طويلة بأن هذا التكتيك يخلق ببساطة مساحة لظهور أحزاب أو قادة جدد كأعداء رئيسيين لإسرائيل، وغالباً ما يحل محلهم قوى أكثر تشددا.
في السبعينيات، قتلت إسرائيل القائد العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وديع حداد ، مما أدى إلى انهيار تلك المجموعة. بعد عقد من الزمان، حلت قوة فلسطينية جديدة محلها وهي قوة حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) بزعامة ياسر عرفات. كما قتلت إسرائيل قائدها العسكري خليل الوزير (أبو جهاد) في أبريل/نيسان 1988 في منزله بتونس، لكنها فشلت في شلّ حركة فتح.
منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أصبحت حماس الحركة التي يُنظر إليها من قبل الفلسطينيين على أنها تتولى زمام المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي، في وقت تلاشت فيه القدرات العسكرية للجماعات الأخرى، وفي حالة فتح تخلت الحركة عن إستراتيجية رئيسية وهي الكفاح المسلح لصالح المفاوضات.
مع انهيار محادثات السلام في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ازدادت قوة حماس. غير أن اغتيالات إسرائيلية عديدة لقادتها، بما في ذلك مؤسسوها، لم تشل الحركة.
قصة حياة هنية تقدم درسا مختلفا بشأن العواقب غير المقصودة لبعض محاولات إسرائيل تقييد حماس. كان من بين 400 فلسطيني طردتهم إسرائيل من غزة إلى جنوبي لبنان، الذي كان تحت الاحتلال الإسرائيلي آنذاك. بدلاً من أن يُهمش، اكتسبت شخصيات مثل هنية شعبية كبرى ومكانة إقليمية أوسع.
ربما أهم مبدأ لبقاء حماس، وفقا لمصطفى، هو عدم الاعتماد بشكل مفرط على الدعم المادي من مؤيديها الأجانب، وهو اعتماد سمح لإسرائيل باستنزاف منظمة التحرير الفلسطينية في السبعينيات والثمانينيات، على حد قولها.
يبدو أن حماس حتى الآن قد حافظت على هذا الاعتماد على الذات حتى في ظل الحصار الإسرائيلي المشدد على قطاع غزة.
يمتلك مقاتلو حماس مهندسيهم الذين يعرفون كيفية استخدام أي شيء يمكنهم العثور عليه على الأرض من الإمدادات التي تم الاستيلاء عليها من القواعد الإسرائيلية أو الكمائن على المركبات الإسرائيلية، أو من خلال استخراج المواد من الذخائر غير المنفجرة والطائرات من دون طيار التي سقطت.
"حصلوا على الكثير من الدعم الخارجي من حيث التمويل والتدريب، ولكن من حيث لوجستياتهم، الكثير منها محلي الصنع"، بحسب تهاني مصطفى، "ولهذا السبب، حتى الآن، بعد ما يقرب من 10 شهور لم تشهد المقاومة تراجعا".
ليس كل مراقبي حركة حماس يعتقدون أن حماس يمكن أن تصمد أمام الضغوط الحالية. بعض المحللين، مثل مايكل ستيفنز من مجموعة الأبحاث الملكية للخدمات المتحدة في لندن، يعتقدون أن الضربات ستسبب ضررا مؤقتا كافيا لإجبار حماس على تقديم المزيد من التنازلات.
من جهته، يرى أكرم عطا الله، محلل سياسي من غزة في صحيفة الأيام، أنه حتى لو تعاملت إسرائيل في النهاية مع حماس بضربة قاضية، فإن السؤال الوحيد سيكون من سيظهر بعد ذلك.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
لابيد: حكومة إسرائيل تطيل أمد الحرب بلا داع وحان وقت التحرك
اتهم زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، الحكومة بإطالة أمد الحرب دون داع بسبب المشاكل السياسية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو و"أوهام" ضم الضفة الغربية وإعادة الاستيطان بقطاع غزة .
وقال لابيد في منشور على منصة إكس: "الحكومة الحالية تطيل أمد الحرب دون داع بسبب المشاكل السياسية التي يعاني منها رئيس الوزراء، وبسبب أوهام الجناح اليميني المتطرف بالضم والعودة إلى غزة".
إقرأ أيضاً: الكشف عن تفاصيل جديدة بشأن صفقة تبادل محتملة بين حماس وإسرائيل
ويشير لابيد بذلك إلى تهرب نتنياهو من المثول أمام المحكمة وتذرعه بانشغاله بظروف الحرب، وإنكاره للمسؤولية عن الفشل بمنع الهجوم الذي شنته "حماس" على مستوطنات وقواعد عسكرية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وتابع زعيم المعارضة الإسرائيلية: "حان الوقت للتحرك السياسي، حان الوقت لنظام إقليمي جديد"، دون مزيد من التفاصيل.
إقرأ أيضاً: نتنياهو يرصد تصرفات غالانت منذ إقالته
وترفض حكومة نتنياهو وقف حرب الإبادة بقطاع غزة بزعم الاستمرار إلى تحقيق أهدافها المعلنة، وأبرزها القضاء على "حماس" في القطاع، والتأكد من عدم تمكنها من شن هجمات.
وبشكل مباغت هاجمت "حماس" في 7 أكتوبر 11 قاعدة عسكرية و22 مستوطنة بمحاذاة قطاع غزة، فقتلت وأسرت إسرائيليين "ردا على اعتداءات الاحتلال على المسجد الأقصى".
إقرأ أيضاً: هذا ما يقلق إسرائيل في أعقاب مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت
وتسبب الهجوم بحالة إرباك في إسرائيل على كافة المستويات، وسط اتهامات لحكومة نتنياهو بفشل التنبؤ المسبق بالهجوم الذي اعتبره مسؤولون إسرائيليون أكبر خرق استخباري في تاريخ تل أبيب.
فيما اعترف مسؤولون إسرائيليون بمسؤوليتهم عن الإخفاق، ويرفض نتنياهو ذلك، كما يتنصل من تشكيل لجنة تحقيق رسمية بالأحداث التي اعتبرها مراقبون أكبر خرق أمني واستخباري في تاريخ إسرائيل.
من جهة ثانية، يشير لابيد في كلامه إلى دعوات اليمين الإسرائيلي المتطرف لضم الضفة الغربية واحتلال قطاع غزة وإقامة مستوطنات إسرائيلية فيه.
وفي 2017، أعلن وزير المالية زعيم حزب "الصهيونية الدينية" المتطرف بتسلئيل سموتريتش، خطة لمعالجة الصراع مع الفلسطينيين، أطلق عليها "خطة الحسم"، ترفض وجود أي كيان فلسطيني وتشجع الاستيطان وتهجير الفلسطينيين وتدعم استخدام العنف ضدهم.
وفي 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، قال سموتريتش إنه أصدر تعليماته لإدارة الاستيطان والإدارة المدنية (تتبعان وزارة الجيش) لبدء "عمل أساسي مهني وشامل لإعداد البنية التحتية اللازمة لتطبيق السيادة" على الضفة الغربية.
وتعهد سموتريتش، وهو وزير بوزارة الجيش، بأن يكون "2025 عام السيادة الإسرائيلية" على الضفة، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت".
فيما نسبت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية) إلى نتنياهو قوله "عندما يدخل الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب البيت الأبيض، يجب إعادة إمكانية السيادة على الضفة الغربية إلى الأجندة".
وتستغل إسرائيل الإبادة التي ترتكبها بقطاع غزة لتصعيد اعتداءاتها في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أسفر إجمالا عن استشهاد 795 فلسطينيا، وإصابة نحو 6 آلاف و450، واعتقال أكثر من 11 ألف، وفق معطيات فلسطينية رسمية.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 148 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
المصدر : وكالة سوا - الأناضول