أبوظبي – الوطن:

تقدم دراسة تحليلية حديثة، أصدرها مركز تريندز للبحوث والاستشارات، قراءة معمقة في التداعيات المترتبة على الاعتراف الفرنسي بالسيادة المغربية على الصحراء، حيث أدى الاعتراف إلى توتر العلاقات مع الجزائر، التي قرّرت سحب سفيرها في باريس، وذلك على الرغم من تواتر تقارير إعلامية عن إعلام باريس للجزائر بشكلٍ مسبق بمضمون قرارها.

وذكرت الدراسة، التي جاءت تحت عنوان «الاعتراف الفرنسي بالصحراء كمغربية قراءة في الأسباب والتداعيات»، وأعدها محمد سالم السالمي، الباحث الرئيسي، ورئيس قطاع البحوث في «تريندز»، أن التطور الأخير قد وصل بالعلاقات الجزائرية الفرنسية إلى توتر واسع، في مقابل أفق غير محدود لتوثيق العلاقات مع المغرب، أمّا على مستوى ما يُعرف بـ«الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية»، فقد أعلنت البوليساريو استبعاد فرنسا من أي مبادرة لغرض وضع حدٍ للاستعمار في الصحراء.

 

مصالح استراتيجية

وفي المقابل، ترى الدراسة، أن العلاقات الفرنسية المغربية استراتيجية ومتعددة الأبعاد، كما أن الإقدام الفرنسي الأخير على الاعتراف بالسيادة المغربية قد انتقل بالعلاقات بين البلدين إلى آفاق غير محدودة للتعاون، الذي سيكون مفيداً لفرنسا في إعادة ترتيب مصالحها الاستراتيجية، وتفكيك العديد من التحديات الفرنسية في المنطقة، خاصة في ملفات مكافحة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، مع فرص مُكلفة فرنسياً لرأب الصدع الحاصل في العلاقات مع الجزائر بفعل الاعتراف الأخير، لكنها لا تزال قائمة.

مكاسب فرنسية

وحول الدوافع الفرنسية للاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء، ترجع الدراسة هذه الدوافع إلى إعادة تقييم الاستراتيجيات في اتجاه تعزيز العلاقات الثنائية مع المغرب، الذي يُعد حليفاً استراتيجياً في مجال الأمن والتعاون الاقتصادي، مما قد ينعكس بمكاسب محتملة لفرنسا في مجالات الاستثمار والطاقة والأمن في المنطقة.

وأضافت، أن فرنسا ترى في الاعتراف بالسيادة المغربية خطوة نحو تحقيق الاستقرار في منطقة الصحراء الغربية، التي تشهد نزاعاً طويل الأمد، وأن دعم السيادة المغربية يمكن أن يساعد في تعزيز الاستقرار والنمو الاقتصادي في المنطقة، وانعكاسات ذلك على مكافحة الإرهاب، حيث يؤدي المغرب دوراً مهماً في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية في شمال أفريقيا.

 

مصالح اقتصادية

وبينت الدراسة، أن الاعتراف الفرنسي قد يكون مدفوعاً بالمصالح الاقتصادية؛ حيث يُعد المغرب شريكاً اقتصادياً محورياً لفرنسا في شمال أفريقيا، والاعتراف بالسيادة المغربية يمكن أن يعزّز فرص التعاون في مجالات مثل التجارة، والطاقة، والاستثمارات، ويمنحها مزايا محتملة وحصرية ومبكرة في المنطقة، كما أن لفرنسا استثمارات كبيرة في المغرب، وقد يمثل الاعتراف بالسيادة المغربية جزءاً من جهود حماية وتعزيز هذه الاستثمارات.

 

علاقات معقدة

وعلى عكس العلاقات الفرنسية المغربية، توضح الدراسة أن تتسم العلاقات الفرنسية-الجزائرية بالتعقيد والتقلب، فعلى الرغم من التعاون الثنائي بين البلدين، فإن الإرث الاستعماري والتباين حول القضايا السياسية يمثّل دائماً تحدياً مستمراً أمام العلاقات الاقتصادية والتجارية الوثيقة بين البلدين، ففرنسا تُعد واحدةً من أكبر المستثمرين في الجزائر، والتجارة بين البلدين واسعة، ولكن التغيرات في السياسات الاقتصادية والأزمات المالية قد تؤثر على استقرار العلاقات الاقتصادية.

 

 


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

معهد واشنطن المرموق: ترامب سيعلن افتتاح القنصلية الأمريكية بالداخلة

زنقة 20 | الرباط

يرى تقرير لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ، أن الولايات المتحدة إذا لم تتدخل لحل النزاع حول الصحراء ، فإنها ستترك المجال لروسيا و الصين لفرض المزيد من النفوذ في المملكة المغربية.

وفي تحليل شامل لسهير مديني، فإن الحكم الأخير الذي أصدرته محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي يعقد العلاقات بين شريكين رئيسيين للولايات المتحدة وهما المغرب و الاتحاد الاوربي.

 

وترى كاتبة التقرير، أنه للوهلة الأولى قد يبدو هذا التطور وكأنه يتيح فرصة لزيادة الاستثمار الأمريكي في المغرب ، لكن من المرجح أنه سيدفع الرباط إلى أحضان الصين وروسيا ما لم يتم اتخاذ المزيد من الإجراءات، من طرف الولايات المتحدة الأمريكية.

و بحسب تحليل المعهد المرموق ، فإن واشنطن يمكن أن تلعب دورًا رئيسيًا في قضية الصحراء من خلال الدعوة بقوة إلى اتخاذ قرار حاسم في الأمم المتحدة.

ويرى التقرير أن المغرب بدأ في السنوات الاخيرة يكسب دعم كبريات الدول الاوربية خاصة اسبانيا وفرنسا ، بحيث لا يقل اليوم عن عشرين دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تدعم الحكم الذاتي في الصحراء المغربية.

التحليل أكد أن الدبلوماسية المغربية ردت بشكل مدروس على الحكم الذي أصدرته محكمة العدل التابعة للإتحاد الأوربي حينما أكدت بأن المملكة “لا تعتبر نفسها معنية بأي شكل من الأشكال بالقرار”.

وعلى النقيض من ذلك، عندما ألغت محكمة العدل الأوروبية اتفاقية التجارة الحرة مع المغرب في عام 2016 لأسباب مماثلة، علقت الرباط العلاقات الدبلوماسية مع الاتحاد الأوروبي.

ويشير رد الفعل الأخير إلى ثقة المملكة في أن دبلوماسيتها سجلت نقاطا رئيسية بشأن موضوع الصحراء منذ ذلك الحين بحسب التحليل.

فرصة اقتصادية أمريكية :

قبل أربع سنوات، أدى اعتراف إدارة ترامب بالسيادة المغربية على الصحراء إلى رفع التوقعات السياسية للرباط بشأن هذه القضية وحفز الدول الأخرى على إعادة تقييم مواقفها.

ورغم أن إدارة بايدن كانت مترددة، إن لم تكن معادية، تجاه هذا التحول، فإنها لم تتراجع عن مسارها (ويرجع ذلك جزئيا إلى دور القرار في إطلاق التطبيع المغربي مع إسرائيل) يورد التحليل.

ويرى التقرير أن إدارة ترامب المقبلة ستسعى إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لتعزيز اعترافها بسيادة الرباط على الصحراء.

فمن ناحية، يورد التقرير ، يمفترض أن تفتح قنصلية حقيقية في الداخلة كما وعدت واشنطن في عام 2020 (تم إنشاء وجود قنصلي لكنه ظل افتراضيا) كما يمكن أن تفتح عودة ترامب فرص استثمارية مربحة للشركات الأمريكية.

وعلى الرغم من أن واشنطن وقعت اتفاقية التجارة الحرة مع المغرب قبل عقدين من الزمان وليس لديها عوائق قانونية حالية للاستثمار الأجنبي المباشر في الصحراء المغربية، فإن الطفرة المتوقعة في الاستثمار الأمريكي لم تتحقق أبدا.

وفي ظل إدارة بايدن، ربما كان المستثمرون المحتملون مترددين في إبرام صفقات في الصحراء المغربية بسبب المخاوف من التراجع عن قرار ترامب لعام 2020؛ ولكن هذه المخاوف سوف تتبدد الآن بحسب التحليل.

ويرى التحليل أن أي طفرة في العلاقات الاقتصادية بين المغرب و الولايات المتحدة ستكون محدودة بسبب حقيقة واحدة وهي أن الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأكبر للمغرب، وذلك بسبب القرب الجغرافي وأسباب أخرى.

وعلاوة على ذلك، فإن أي استثمارات ضخمة في الصحراء المغربية (سواء كانت أوروبية أو أميركية) سوف تتطلب ضمانات بشأن أمن المنطقة وهو عامل سيظل غير مؤكد طالما ظل الوضع دون حل بحسب تقرير المعهد.

مقالات مشابهة

  • دراسة طبية حديثة تكشف العلاقة بين نوعية الغذاء وتأثيره على صحة المفاصل
  • رئيس مجلس المستشارين يستقبل وفد عن مجموعة الصداقة البرلمانية الفرنسية المغربية
  • تحليل: العلاقات الفرنسية الجزائرية على المحك مجددا
  • كارفور ينشر خريطة المغرب مبتورة من الصحراء ويرفع “خرقة البوليساريو”
  • معهد واشنطن المرموق: ترامب سيعلن افتتاح القنصلية الأمريكية بالداخلة
  • الصداقة البرلمانية الفرنسية المغربية تزور جهة الداخلة
  • دراسة بحثية لـ”تريندز”: الذكاء الاصطناعي يحول وجه الأمن السيبراني: فرص وتحديات
  • التوتر يصيبك بمرض صعب.. دراسة حديثة
  • دراسة جديدة لـ«تريندز» تستعرض تحوُّلات «التعليم العربي»
  • دراسة حديثة تحل لغز الديناصورات الطائرة