بانتظار رد المقاومة… الاحتلال يتأهب وسط خوف مستوطنيه وواشنطن تستنفر لحمايته
تاريخ النشر: 4th, August 2024 GMT
دمشق-سانا
حالة ترقب وقلق يعيشها كيان الاحتلال الإسرائيلي بانتظار رد المقاومة على الاعتداءات وجرائم الاغتيال الأخيرة التي نفذها في لبنان وإيران منتهكاً القوانين الدولية في محاولة لإدخال المنطقة في دوامة حرب واسعة مدعوماً كما جرت العادة من الولايات المتحدة الأمريكية التي استنفرت قواتها لحمايته.
من تشييع شهداء المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء مجدل شمس في الجولان السوري المحتلتصعيد الأوضاع هدف يسعى الاحتلال لتحقيقه منذ بداية عدوانه على غزة قبل 10 أشهر وخاصة بعد المجزرة التي ارتكبها في الـ 27 من الشهر الماضي في بلدة مجدل شمس بالجولان السوري المحتل وراح ضحيتها 12 طفلاً شهيداً وعشرات الجرحى، حيث ساق أكاذيب لتحميل المقاومة اللبنانية مسؤوليتها لاستثمارها كذريعة لتوسيع عدوانه على لبنان، لكن أهلنا في الجولان أفشلوا مخططاته وصرخوا بوجه مسؤوليه أنهم هم الإرهابيون ومجرمو الحرب، وأنهم لن يسمحوا له باستغلال دماء الشهداء لتنفيذ أجنداته، ولم يكتفوا بذلك بل طردوا رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وعدداً من وزرائه من مجدل شمس، مطالبين بوقف اعتداءات الاحتلال على الجولان ووقف الحرب على غزة.
أمام ذلك لجأ الاحتلال إلى عمليات الاغتيال، ففي الـ 30 من تموز شن عدواناً على الضاحية الجنوبية لبيروت ارتقى خلاله 7 شهداء بينهم القيادي في المقاومة اللبنانية فؤاد شكر، وأصيب 80 شخصاً، وبعدها بساعات وتحديداً فجر الـ 31 من تموز نفذ عملاً إرهابياً في طهران أدى إلى استشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الفلسطينية “حماس” إسماعيل هنية.
من العدوان الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروتورغم محاولة الاحتلال الهروب إلى الأمام عبر التصعيد لإعادة وهم التفوق والقوة الذي كسرته المقاومة الفلسطينية في معركة طوفان الأقصى، إلا أنه أساء التقدير في جر المقاومة إلى حرب شاملة، في الوقت الذي يريده، فالرد على تجاوزه الخطوط الحمراء، وخرقه قواعد الاشتباك قادم دون شك، إلا أنه مدروس بدقة وفي الزمان والمكان الذي تحدده المقاومة لا الاحتلال.
حرب نفسية شلت كيان الاحتلال، أوقفت حركة مطاراته وعمل مصانعه، وبثت الرعب في نفوس جنوده ومستوطنيه، بعد كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله خلال مراسم تشييع القيادي شكر حيث أكد أن على العدو الإسرائيلي و من يقف خلفه أن ينتظر الرد الآتي حتماً، وبعد وعيد إيران بدورها بجعله يندم على جريمة اغتيال هنية.
وتحسباً للرد الذي يتوقع الاحتلال أن يطول قواعد عسكرية وأهدافاً استراتيجية، استنفر كل وحداته العسكرية، واتخذ إجراءات طارئة شملت تقليص عمل المصانع، وتزويد المشافي بالوقود وأجهزة توليد الكهرباء وبهواتف تعمل بالأقمار الصناعية، وإخلاء مرائب السيارات لاستخدامها كمشاف تخوفاً من رد متعدد الجبهات.
شبكة “سي إن إن” الأمريكية قالت إنه في الوقت الذي يحتفل فيه نتنياهو بما يراه “انتصارات كبيرة” ، فإن المزاج في “تل أبيب” بعيد كل البعد عن الاحتفال، حيث تسود المخاوف من الرد، والحركة شبه معدومة، والمستوطنون خائفون، ويلجؤون لتخزين السلع الأساسية.
أما واشنطن فقد جددت التأكيد على التزامها بالدفاع عن “إسرائيل”، دافعة بمدمرتين من البحر الأحمر إلى المتوسط، ومعلنة أنها سترسل سرباً من الطائرات المقاتلة وطرادات ومدمرات وأسلحة إضافية إلى المنطقة، وستعزز وجود قواتها فيها، كما بدأت تحركاً لحشد تحالف دولي لحماية الاحتلال، كالذي حشدته في نيسان الماضي، حين ضربت إيران مواقع عسكرية له رداً على قصفه مقر قنصليتها في دمشق.
سيناريوهات واحتمالات كثيرة تتداولها وسائل الإعلام حول ما تحمله الساعات أو الأيام القادمة، لكن الحقيقة واحدة لا تتبدل أنه مهما بلغ حجم وحشية الاحتلال وجنونه بشن حرب مدمرة، فإن شعوب المنطقة لن تخضع، ولن يثنيها شيء عن التمسك بحقوقها الوطنية ومواصلة معركة التحرير، فهي صاحبة الأرض، والاحتلال كيان طارئ على المنطقة وسيكون مصيره الزوال.
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
ما الذي يحدث في المنطقة ؟
بقلم- عبدالرحمن مراد
على مدى فترة زمنية وجيزة لا تتجاوز عشرة أيام , تسقط دولة بكل مقدراتها ويغادر رئيسها , ويحدث أن تتحرك المعارضة الى المدن ولا يتجاوز الحدث دور التسليم والاستلام , وكأن الأمر قد دبر بليل والصورة الظاهرة لا تتجاوز الشكل الظاهر للناس , فما الذي يحاك للأمة ؟
تتسع دائرة الاهداف للعدو الصهيوني فيحتل جزءا كبيرا من الأراضي السورية بعد أن دخلت المعارضة السورية الى دمشق , وتنشط الماكنة العسكرية لتضرب أهدافا عسكرية ومعامل كيميائية وتشل حركة القدرات والمقدرات التي تراكمت عبر العقود الطويلة , وتتجاوز المعارضة فكرة الفوضى الخلاقة وتمنع المساس بمؤسسات الدولة , وتتجاوز هيئة تحرير الشام فكرة الغنيمة التي كانت فكرة أصيلة في معتقدها ,وتذهب الى النظام ,وحفظ المقدرات ,وتعلن اجراءات احترازية لضمان الامن والاستقرار, ثم تبادر اسرائيل لضرب المعامل ومخازن الاسلحة بحجة تأمين أمن اسرائيل ,وضمان عدم وصول الاسلحة للجماعات العقائدية التي استلمت السلطة في سوريا , وتذهب قوات سوريا الديمقراطية المتعددة الأعراق والاهداف الى خيار التسليم لبعض المدن مع احتفاظها بقرى متاخمة , وعدد كبير من جيش النظام السوري السابق يدخل العراق بكل عتاده , ثم يأتي مستشار الأمن القومي الامريكي ليزور المنطقة ,ويعلن أن ضمان أمن اسرائيل فرض ضرورة القيام بعمليات عسكرية احترازية , ويعلن صراحة أن اسرائيل أصبحت أقوى من أي وقت مضى .
أخذت الناس نشوة الانتصار ولم يدركوا أبعاد ما يحدث في المنطقة , التي تتعرض لعملية تهجين ,وصراع لن يهدأ في المدى القريب المنظور , فالسيناريو الذي نشاهد اليوم بعض تفاصيله لا يهدف الى استقرار المنطقة العربية ,ولكنه يمهد الطريق لإسرائيل كي تكون هي الدولة المهيمنة على مقدرات الأمة ,وعلى أمنها وعلى نشاطها الاقتصادي ,والعسكري ,وهو المشروع الذي يقف ضده محور المقاومة منذ انطلاق ثورات الربيع العربي الى اليوم .
سوريا التي فرح الغالب من الناس بثورتها ,وهللوا وصفقوا ,لن تصبح دولة موحدة ومستقرة في قابل الايام ,ومؤشرات ذلك قائمة ,وتعلن عن وجودها في الأرض التي تحكمها , فقوات سوريا الديمقراطية خليط غير متجانس من جماعات متعددة العرقيات ,وهي مدعومة بشكل كلي ومباشر من أمريكا , وهيئة تحرير الشام فصائل متجانسة لكنها تنطلق من عقائد غير موحدة وإن كان يجمعها الإطار السني لكن تختلف العقائد والمنطلقات وكل فصيل له منظوره الذي قد لا يتسق مع ظاهرة الاعتدال التي بدا عليها قائد العمليات العسكرية أحمد الشرع في الكثير من بياناته والكثير من تعليماته التي صاحبت دخول دمشق بعد تسليم نظام بشار الأسد لها , وفق صفقة وتوافقات تمت بين النظام وبعض الحلفاء كما تقول الكثير من التداولات التي لم يتم تأكيدها لكن حركة الواقع دلت عليها , إذ ليس معقولا أن يسقط النظام بكل تلك السلاسة والهدوء ودون أي ممانعة أو مقاومة بأي شكل من الاشكال مهما كانت المبررات ,فبشار الاسد لم يكن ضعيفا ولكنه يملك مقومات البقاء أو الصراع على أقل تقدير لزمن محدود لكنه أختزل المقدمات في نتائجها , فرأى التسليم خيار لابد منه , وقد كان التسليم خيار قديم لبشار لولا حزب الله الذي قلب المعادلة في اضطرابات الربيع العربي قبل عقد ونيف من الزمان , ويبدو أن خيار الضغط على بشار قد بلغ غايته مع انشغال حزب الله بحربه مع العدو الصهيوني , فكان استغلال الفرصة في سقوط سوريا لأهداف متعددة , وفي المجمل هي أهداف تخدم الوجود الاسرائيلي ولن تمس حياة المواطنين بسوريا بخير ولا تعدهم برخاء ولا برفاه فالمؤشرات التي صاحبت تسليم واستلام السلطة تقول أن اسرائيل تريد من سوريا بلدا منزوع السلاح لا يشكل خطرا على أمنها , كما أن الخيار الدولي يذهب الى مبدأ التقسيم , إذ أننا لن نشهد بلدا موحدا كما كان في سالف عهده بل سوف نشهد بلدا مقسما تتنازعه القوميات والعرقيات والعصبيات المتعددة وقد يتحول الى دويلات صغيرة قابلة للتهجين حتى تحقق اسرائيل غايتها في تحقيق دولة اسرائيل الكبرى .
السياسة الامريكية اليوم تحدها موضوعيا أربعة سيناريوهات معلنة وهي :
– السيناريو الأول عدم الاستقرار على نطاق واسع .
– السيناريو الثاني عدم الاستقرار المحلي .
– السيناريو الثالث الحرب الباردة .
– السيناريو الرابع العالم البارد ,وهو نتيجة منطقية للسيناريوهات الثلاثة أي الوصول الى الاستقرار في المستقبل من خلال ثنائية الخضوع والهيمنة للشعوب التي تنهكها الصراعات والفقر.
ومن خلال سياسة عدم الاستقرار الواسعة والمحلية ومن خلال ما يصاحب ذلك من حرب باردة يصل العالم الى حالة من تهجين الهويات التي سوف تقبل التعايش مع الواقع الذي يفرضه النظام الدولي الرأسمالي , وتعزيز قيم جديدة للمجتمع الحداثي الجديد حتى يكون عنصرا كونيا رافضا الهوية الجزئية التي تصبح فكرة غير مقبولة في مجتمع الحريات الفردية المطلقة لمجتمع ما بعد الحداثة الذي يشتغل عليه اليوم النظام الدولي الرأسمالي , وبسبب ذلك سارعت بعض الدول مثل روسيا الى اعلان فكرة الأمن الثقافي القومي الذي بات مهددا من خلال الحرب الباردة التي تنتهجها السياسة الامريكية في مستويات متعددة منها مجال الآداب وشبكات التواصل الاجتماعي والدراما ذات الاثر الكبير في محتواها الرقمي , فمصطلح “الهجنة ” مصلح جديد يدخل المجال الثقافي ويهدف الى تحديد نقاط الالتقاء بين الثقافات بهدف تذويب الفوارق لينشأ مجتمع كوني يقفز على فكرة الهويات القومية .
خلاصة الفكرة أن ربيعا جديدا قادما يتجاوز فكرة الفوضى الخلاقة يقوم على تنمية الصراعات ويتخذ من الحرب الباردة سبيلا للوصول الى غاياته ومؤشراته بدأت من سوريا .