عبدالعزيز البغدادي:بحثاً عن خطوات جادة لإصلاح القضاء
تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT
الحديث عن إصلاح القضاء حديث يتحسس منه كثير من الأخوة القضاة الذين يعتبرونه إقراراً بوجود بفساد في سلطة يرونها مقدسة، والحقيقة أن المقدس هو العدالة أما القضاة مهما علت درجاتهم فهم بشر يصيبون ويخطئون ، والنقد هو طريق إصلاح وتقويم أي وظيفة عامة أو خاصة ومنها السلطة القضائية ولكن ينبغي أن يكون بلغة تليق بمقامها باعتبارها أداة لتحقيق العدالة كقيمة تتصف بالقداسة.
ولأن هذه القيمة تهم كل مواطن يلوذ بها إن اقتضت الضرورة فإن من حقه أن يسهم في تقييم أداء مؤسسة القضاء واقتراح وسائل وأدوات إصلاحها اللائقة، ولأن الناس يختلفون في قدرتهم على التعبير فإن على القائمين على هذه المؤسسة البحث عن مواطن الخطأ ولو من الخطاءين في لغة تعبيرهم عملاً بقوله تعالى: (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظُلم)؛ حالة استياء الناس إذاً حتّمت طرح سؤال أعتقد أن البحث عن إجابته مسألة مهمة وهو : هل آن الأوان لنشوء تكتل مدني من بين القضاة والمحامين وعلماء وفقهاء القانون والسياسيين الذين عاشوا وعايشوا ما مرَّت وتمر به المؤسسة القضائية من هزات نتيجة التجاذبات والاضطرابات السياسية ومحاولات توظيفها سياسياً من قبل كل من يصل إلى السلطة بعيدا عن الضوابط الهادفة إلى الالتزام بجعلها ملاذاً لكل من ينشد العدالة ، هل آن الأوان لنشوء هذا التكتل المدني خدمة للعدالة لكل الناس دون استثناء ولا شيء غير العدالة والوقوف في وجه أي إجراء أو قرار أو تصرف هدفه خدمة أهواء سياسية أو دينية أو مذهبية خارج إطار الدستور والقانون ؟، لقد عانت العدالة في كل محطة من محطات التغيير السياسي من محاولات تحويلها إلى ألعوبة بيد القوى السياسية، ومع ذلك يتشدق الجميع بمبدأ استقلال القضاء ليتحول إلى طوطم أو لغز غير قابل للحل؟!؛ هذا التساؤل أكرر طرحه بين فترة وأخرى مخاطباً كل حر من المنتمين إلى السلطة القضائية والمحامين والأكاديميين وكل المهتمين داعياً إلى البحث الجاد عن صيغة علمية تضع القواعد والأسس التي تمنع أي استهداف للسلطة القضائية أو تلاعب ببنيتها ، طبعاً مع ضرورة أن يوضع في الاعتبار بأن البداية إنما تكون بتنقيتها من الشوائب والأدران التي لحقت بها في مراحل سابقة ولا تزال تسير على نفس الخطى والتي جعلت منها سلطة يشار إليها بأنها من أكثر السلطات القضائية فساداً في المنطقة والعالم ، وأرجو أن لا يعتبر هذا تجنيّاً وإنما توصيفاً لواقع تتناوله الألسن والأقلام مع الاحترام لكل القضاة الشرفاء مهما كان عددهم ، فأنا ممن يطالب دائماً بالابتعاد عن أي تجريح أو نقد غير علمي لهذه السلطة مهما كانت صحة ما ينسب إليها من فساد لأن احترام سلطة القضاء مسألة تهم كل مواطن مثلما يهمه إصلاحها ولا يحق لأي كان أن يتخذ من وضعها أيا كانت مستوى حقيقته من عدمه هدفاً للتجريح غير المبني على وقائع بعينها وبالإخلال بقواعد الاحترام، وكل من يتناول الموضوع لابد أن يدرك بأنه مسؤول أمام العدالة عما يقول له أو عليه ، أما القضاة فهم كما أشرنا بشر يخطئوا ويصيبوا فإذا رأوا أنفسهم معصومين ومقدسين فذلك عين الفساد وجوهر فتح باب الإفساد ومبتدؤه ، وهدف التكتل المدني الذي أدعو إليه هو وضع هذه السلطة التي هي ملك الشعب كبقية السلطات على طاولة البحث والتشريح وليس التجريح لإزالة ما علق بها من شوائب السلطات السياسية المتعاقبة وبالتالي وضع الأسس والقواعد التي تحميها من أي تدخل أو عشوائية القرار السياسي الذي يمس ببنائها أو يحاول إعادة بنائه على أسس تمس العدالة ، وأظن أن مثل هذه الخطوة الوطنية ستحسب لأي سلطة تضعها قيد العمل وتدعم تنفيذ ما تصل إليه من توصيات ، وهذه مهمة تحتاج أولاً إلى إحساس عال بالمسؤولية وإلى خطوات عملية غير مرتجلة تبدأ بتشكيل لجنة وطنية من القضاة والمحامين والأكاديميين المختصين والشخصيات الاعتبارية ذات العلاقة بالقضاء والمعرفة بشؤونه ، وليس في ذلك أي مساس باستقلال القضاء لأن استقلال القضاء إنما يكون في الحكم وليس في وضع السياسات أما تفرد السلطة القضائية بوضع السياسات التي تخصها يمكنها من تمثيل المنتمين إليها دون رأي للمجتمع صاحب الحق في جميع السلطات خاصة أن ما ينسب إلى هذه السلطات من فساد قد وضعها اليوم في محك الاهتمام العام إن لم يكن في موضع المتهم وبصورة باتت ملحة ، وهذا حال أي عمل متعلق بالشأن العام ، ويتوجب أن يكون من صلاحيات اللجنة إغلاق المجال للتدخل في عملها لتتمكن من تثبيت منع التدخل في شؤون القضاء ، والتأكيد على الأسس الدستورية والقانونية لاستقلاله كمبدأ ، ومراجعة معايير اختيار القضاة وتعيينهم وندبهم وتنقلاتهم وتوفير العيش الكريم لهم. ما لهذا الصوت يبدو كفناً ما لهذا الصمت أمسى وطناً
المصدر: الوحدة نيوز
كلمات دلالية: الامم المتحدة الجزائر الحديدة السودان الصين العالم العربي العدوان العدوان على اليمن المجلس السياسي الأعلى المجلس السياسي الاعلى الوحدة نيوز الولايات المتحدة الامريكية اليمن امريكا ايران تونس روسيا سوريا صنعاء عاصم السادة عبدالعزيز بن حبتور عبدالله صبري فلسطين لبنان ليفربول مجلس الشورى مجلس الوزراء مصر نبيل الصوفي
إقرأ أيضاً:
السيسي: دستورنا أكد على حماية السلطة القضائية وحظر التدخل في شؤونها وإعلاء سيادة القانون
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعرب الرئيس عبد الفتاح السيسي عن تقديره للدور الجوهري الذي تقوم به المحكمة الدستورية المصرية، مؤكدًا على أن الدولة المصرية حريصة على استقلال القضاء، وتعزيز دوره ومكانته، إيمانًا منها بأن العدل هو عماد المجتمع وضمانة للأمن والسلم فيه وأن دستور مصر أكد على هذه الاستقلالية، وعلى حماية السلطة القضائية وحظر التدخل في شؤونها، وعلى إعلاء سيادة القانون وترسيخ قيم الحق والمساواة والإنصاف.
واستقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الثلاثاء، رؤساء المحاكم الدستورية والعليا الأفارقة المشاركين في المؤتمر الثامن الذي تنظمه المحكمة الدستورية العليا المصرية لرؤساء المحاكم الدستورية والعليا والمجالس الدستورية الأفريقية، وذلك بحضور المستشار بولس فهمي رئيس المحكمة الدستورية العليا وعدد من قضاة المحكمة.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن الرئيس رحب بالحضور، وشدد على الأهمية التي توليها مصر لدعم وتعزيز دور السلطة القضائية في المجتمعات الإفريقية، مؤكدًا على أن تنظيم هذا المؤتمر وانتظام عقد اجتماعاته يعكس وحدة الأهداف والمصير المشترك بين شعوب القارة، التي تمتاز بالالتزام بقيم الحق والعدل، والتطلع لتعزيز مبادئ سيادة القانون، واستقلال القضاء، واحترام الحقوق والحريات.
وأضاف السفير محمد الشناوي المتحدث الرسمي، أن الرئيس أكد على أهمية الدور الذي تلعبه المؤسسات القضائية في ضمان أمن واستقرار دول القارة، فضلا عن دورها الحيوي في مواجهة التحديات المتعددة التي تواجه الدول الإفريقية، لا سيما في ظل الظروف الاستثنائية الراهنة.