حذف تصريحات حول الإمارات من مقابلة «العطا».. هل تدخل مكتب «البرهان»؟
تاريخ النشر: 4th, August 2024 GMT
مصدر قال لـ «التغيير» إن قائد الجيش هو الذي تدخل بشكل مباشر، أو وافق على التدخل بحذف تلك الأجزاء من المقابلة؛ بسبب أن ما ورد فيها سيسفر عن أضرار سياسية أو عسكرية..
التغيير: نيروبي: أمل محمد الحسن
بث تلفزيون السودان القومي، مساء أمس السبت، مقابلة مع مساعد القائد العام للجيش السوداني الفريق أول ياسر العطا بعد حذف أجزاء منها، والتي ظهرت في الترويج الذي سبق البث.
ووفق مصادر تحدثت لـ«التغيير» فإن مادة المقابلة تأخرت في الوصول من مدينة أمدرمان إلى مدينة بورتسودان شرقي البلاد ما أدى إلى تأخر زمن بث المقابلة التلفزيونية من الثامنة إلى التاسعة مساء.
وأزال مقص الرقيب أجزاء من المقابلة ظهرت في ترويج اللقاء ما يعني وفقاً للقيادي بالتحالف الوطني السوداني، ماهر أبو الجوخ، قيام جهة أعلى من “العطا” بالتدخل موضحا أن الجهات الأعلى هما قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان ونائبه.
ماهر أبو الجوخوأضاف: “من المؤكد أن قائد الجيش هو الذي تدخل بشكل مباشر، أو وافق على التدخل بحذف تلك الأجزاء من المقابلة؛ بسبب أن ما ورد فيها سيسفر عن أضرار سياسية أو عسكرية أو أي شكل آخر من الأضرار”.
من جهته، علق القيادي بالمؤتمر السوداني، خالد عمر يوسف في منشور على صفحته بـ”فيسبوك” على حذف بعض محتويات الحوار قائلاً “إن أقوال “الجنرال” ليست مثار نقدنا نحن فحسب، فخروجه عن النص وتفوهه بكل ما هو “خارج” أحرج حتى رفاقه”.
خالد يوسف: أي شقاء يسببه “الجنرال” للصديق قبل العدو كلما أمسك بيده “المايكرفون”
وأوضح يوسف، أن من قام بقص حديث الفريق أول ياسر العطا بعد بثها في الترويج الإعلامي ليس من معسكر أعداء “العطا” بل من معسكر أصدقائه. مضيفا “أي شقاء يسببه “الجنرال” للصديق قبل العدو كلما أمسك بيده “المايكرفون”.
الأجزاء المحذوفةيذكر أن الترويج الإعلامي الذي كانت مدته (4) دقائق حُذف أغلب ما ورد فيها خلال المقابلة التلفزيونية الكاملة.
وتضمنت تلك الأجزاء المحذوفة التي وردت في الترويج، معلومات حساسة تكشف عن تكون حلف استراتيجي جديد مع دول وُصفت بـ”العظمى” و”الكبرى” من داخل وخارج الإقليم لصالح السودان.
وكان الفريق أول ياسر العطا، كشف خلال المقابلة تلك عن وصول إمدادات ضخمة عسكرية وأسلحة. كما أكد انتظار الجيش وصول أسلحة نوعية جديدة. مبشراً بانتصارات كبيرة وحاسمة الأمر الذي سيؤدي إلى نهاية “هؤلاء الجنجويد” حسب تعبيره.
وكانت مصادر كشفت عن استقبال الجيش السوداني لدعم عسكري وأسلحة. ورجحت تلك المصادر وصول طائرات “بيرقدار” التركية ضمن الأسلحة التي استلمها الجيش.
“بيرقدار” التي تصنعها شركة “بايكار” التركية، وتتبع لسلاح الجو التركي تعتبر طائرات بدون طيار يتم التحكم فيها عن بعد، وتحلق على ارتفاع متوسط، وتعتبر دقيقة في إصابة الأهداف.
الإساءة للإماراتوقال مساعد القائد العام للجيش، الفريق ياسر العطا في سياق حديثه المنشور في الترويج والذي حذِف في الحوار الكامل إن العزلة التي يعانيها السودان سببها الحصار الذي فرضه “عيال زايد حكام أبوظبي شياطين العرب” متهما إياهم بأنهم يدخلون الشر في أي دولة أفريقية أو عربية يدخلونها، حسب وصفه.
وكشف في حديثه، في الجزء المحذوف من اللقاء، أن قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان أخبره عدد من المرات بأن رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد، الذي وصفه بـ”شيطان العرب” حاول الاتصال بالبرهان 5 مرات.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يوجه فيها الفريق ياسر العطا إساءات لدولة الإمارات. حيث تكررت ذات العبارات في عدد من مخاطباته الجماهيرية العسكرية.
من جانبه قال القيادي بالتحالف الوطني السوداني ماهر أبو الجوخ إن حذف الإساءات الموجهة للإمارات من الحوار ليست مؤشرا على انتهاء الأزمة بين أبوظبي وبورتسودان لكنها تحمل إشارة أخرى بعدم الرغبة في تصعيدها وإشعال مزيد من النيران.
خلاف داخل القيادةوقال أبو الجوخ لـ«التغيير، إن هذا التدخل المانع لتلك الجزئية أرسل رسالة أخرى مفادها أن الموقف المتطرف العدواني تجاه الإمارات ورئيسها هو موقف شخصي للعطا، وهو يتطابق فعليا مع موقف حلفائه الجدد الإسلاميين وبقايا حزب المؤتمر الوطني المحلول.
أبو الجوخ: الموقف المتطرف العدواني تجاه الإمارات ورئيسها هو موقف شخصي للعطا، وهو يتطابق فعليا مع موقف حلفائه الجدد الإسلاميين
وقطع أبو الجوخ بأن نتيجة تحالف العطا مع الإسلاميين ستكون خروجه من المشهد السياسي الذي وضع مساعد القائد العام أولى خطواته إليه.
وتساءل القيادي بالتحالف الوطني السوداني عن عدم قص الجزء المتعلق بطلب البرهان التنحي من القيادة.
وأشار إلى أن الإجابة تنحصر في أن يكون الرقيب ركز على القضايا الخارجية، ونسي قص هذه الجزئية أو تركها متعمداً لتأكيد عدم رغبة “البرهان” في الاستمرار في السلطة.
واعتبر أبو الجوخ بأن هذه الرسالة أكدت وجود تباين وعدم اتفاق يتطلب من البرهان قبل التنحي أن يتفق كباشي والعطا على تسليم الأول السلطة، رغم أنه أمر ينبغي أن يكون محسوما وفقا للتراتبية العسكرية.
وأضاف: “هذا يؤكد الخلاف، لكنه في ذات الوقت يظهر حالة الإنهاك التي طالت حتى قائد الجيش”.
وتابع: هذا الواقع يصلح لتفسير ما يمكن أن يحدث مستقبلاً حال أعلن الجيش مشاركته في مفاوضات جنيف.
وأكد أبو الجوخ حاجة البرهان لتجاوز بعض مواضع الخلاف الداخلية، والتي وضح من خلال اللقاء أن “العطا” عامل أساسي فيها.
وأضاف: أن المستفيد الأكبر من هذه “الصورة” هو “البرهان” لكونها تؤكد حجم الضغوط والصراعات الداخلية التي يواجهها من قبل الذين مساعديه”.
الوسومآثار الحرب في السودان الفريق أول ياسر العطا حرب الجيش والدعم السريعالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان الفريق أول ياسر العطا حرب الجيش والدعم السريع الفریق أول یاسر العطا قائد الجیش فی الترویج أبو الجوخ
إقرأ أيضاً:
استعادة الجيش للخرطوم هل تكشف حالة «الإنهاك» في صفوف الدعم السريع؟
أعلن الجيش السوداني الجمعة أنه سيطر بالكامل على الخرطوم، بعد حوالى عامين على خسارته العاصمة أمام قوات الدعم السريع، وفي أعقاب عملية واسعة شهدت استرجاع الجيش للقصر الرئاسي والمطار ومنشآت حيوية أخرى في الخرطوم.
التغيير ــ وكالات
وقال المتحدث باسم الجيش نبيل عبد الله في بيان صدر مساء الخميس “تمكنت قواتنا اليوم… من تطهير آخر جيوب لشراذم ميليشيا آل دقلو الإرهابية بمحلية الخرطوم”، في إشارة إلى قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو التي تخوض حربا مع القوات السودانية منذ أبريل 2023.
وكان قائد الجيش عبد الفتاح البرهان أعلن الأربعاء أن “الخرطوم حرة وانتهى الأمر” متحدثا من القصر الرئاسي حيث وصل لأول مرة منذ عامين.
وبعد عام ونصف عام من الهزائم، بدأ الجيش السوداني عملية عسكرية من وسط السودان نحو الخرطوم حقق فيها تقدما كبيرا على الأرض.
وكان البرهان نفسه قد أجبر على الهرب قبل نحو عامين عند تقدم قوات الدعم السريع بقيادة شريكه السابق محمد حمدان دقلو الملقب بحميدتي.
وتسبب هذا الصراع الدامي في سقوط عشرات الآلاف من القتلى ونزوح أكثر من 10 ملايين نازحين في داخل البلاد.
وبعد خسائرها المتتالية، هربت قوات الدعم السريع من العاصمة عبر جسر جبل أولياء آخر مخارج العاصمة باتجاه الجنوب، فيما شوهدت أجواء فرحة في كثير من أحياء الخرطوم.
البرهان يستعيد “زمام الأمور”أطلق الجيش هجومه على الخرطوم منذ سبتمبر الماضي في تحول مهم للحرب مع قوات حميدتي. وكانت قوات الدعم السريع تسيطر على النقاط الاستراتيجية للعاصمة ومنها المطار الدولي والقصر الرئاسي وعدة مواقع عسكرية.
“عودة عبد الفتاح البرهان إلى القصر الرئاسي لها رمزية كبيرة في داخل البلاد كما في خارجها” وفق الباحث المختص في السودان مارك لافيرني، الذي يضيف “البرهان يقول بأنه القائد الشرعي للبلاد وكأنه اليوم يريد أن يؤكد للعالم بأنه استعاد زمام الأمور”.
ولكن عودة البرهان إلى الواجهة تطلبت وقتا طويلا. ففي بداية الحرب ومع الاختراقات التي حققتها قوات الدعم السريع، اضطر البرهان إلى نقل قيادة قواته العسكرية إلى بورت سودان، أهم ميناء في البلاد يقع على البحر الأحمر، ويبعد نحو 700 كلم شمال شرق العاصمة.
ولم يستطع الجيش مذاك كبح تقدم قوات الدعم السريع إلى خارج دارفور معقلها التاريخي، ونجحت في السيطرة على مناطق في شمال وجنوب الخرطوم. وكبدت قوات حميدتي الجيش في نهاية سنة 2023 هزيمة مذلة من خلال سيطرتها على واد مدني عاصمة ولاية الجزيرة. إلا أن الجيش قلب المعطيات وتمكن في كانون الثاني يناير 2025 من السيطرة على مناطق يسكنها 400 ألف نسمة.
قوات حميدتي في تقهقر مستمربالنسبة إلى مارك لافيرني، فإن تغير ميزان القوى لصالح الجيش دليل على حالة “الإنهاك” في صفوف قوات حميدتي ويضيف: “قوات الدعم السريع ليست متكونة من جنود محترفين بتسلسل قيادة حقيقي وتنظيم لوجستي. لقد أرادوا الضرب بقوة وسرعة في البداية وسيطروا على أراضي شاسعة بدون أن تكون لهم القدرة على إدارتها”.
منذ بداية الحرب، تم رصد انتهاكات مروعة من الطرفين. ويتهم الجيش بشن غارات عشوائية ما تسبب في مقتل عدد كبير من المدنيين. وآخرها كانت ضربة على مدينة تورا في إقليم دارفور أودت بحياة المئات من الضحايا وفق شهود عيان.
إلا أن قوات حميدتي متهمة بارتكاب عدد أكبر من المجازر وينظر إليها على أنها أكثر عنفا. “إنهم قطاع طرق يأخذون ما يعترضهم في الأراضي التي يسيطرون عليها” وفق لافيرني.
وهذه الممارسات شوهت صورة قوات الدعم السريع وقدرتها على الاندماج مع السكان وانتداب مقاتلين منهم. وتواجه قوات حميدتي أيضا انشقاقات أبرزها للقائد العسكري أبو عقلة كيكل الذي انضم إلى الجيش في أكتوبر 2024.
قلق من مجازر في دارفوركان ينظر إلى ميزان القوى بين الجيش والدعم السريع على أنه متوازن نسبيا، رغم التفوق الجوي المهم لقوات البرهان بفضل قواتها الجوية. ومع تعودها على حرب الشوارع، تملك قوات الدعم السريع ترسانة مهمة تشمل المسيرات والصواريخ يزعم أنها حصلت عليها من الإمارات، الداعم الخارجي الأول لحميدتي، فيما تنفي أبوظبي تسليم أسلحة لهذه القوات.
وأمام المصاعب الميدانية، قام حميدتي في الأشهر الأخيرة بجولة دبلوماسية إقليمية شملت أوغندا وإثيوبيا وكينيا. وبحثا عن الشرعية، أعلن حميدتي في فبراير من نيروبي تشكيل “حكومة موازية” تهدف إلى الإدارة المباشرة للمناطق التي تسيطر عليها قواته. وهي مبادرة رفضها قطعيا البرهان الذي اتهم الرئيس الكيني كينيان وليام روتو بدعم غريمه.
هنا، يخلص لافيرني إلى القول “دول شرق أفريقيا التي استقبلت حميدتي كان بإمكانها الحصول على ثقل أكبر في مرحلة التفاوض. إلا أنه على المستوى العسكري، لا أرى أية فرصة لقوات الدعم السريع لقلب المعادلة”.
من جهته، أعلن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الخميس أن الولايات المتحدة ستسعى لبذل مزيد من الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب في السودان.
وقال الوزير الأمريكي إنه “منخرط” في الشأن السوداني، مشيرا إلى أنه ناقش هذه المسألة في الأيام الأخيرة مع أطراف دولية، من بينهم الرئيس الكيني وليام روتو ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.
ومع احتفال الجيش في الخرطوم بنهاية المعارك في العاصمة، يخشى مراقبون من أن يؤدي انكفاء قوات الدعم السريع في دارفور، التي ما زالت تسيطر عليها، إلى موجة عنف جديدة ضد الإثنيات غير العربية التي كثيرا ما تتعرض للاستهداف من قبل قوات حميدتي. في يناير كانون الثاني، اتهمت الولايات المتحدة قوات الدعم السريع بارتكاب إبادة عرقية هناك، ونددت بعمليات قتل ممنهجة لـ”الرجال والأولاد بمن فيهم الرضع، على أساس عرقي”.
نقلا عن الفرنسية 24
النص الفرنسي: دافيد ريش/ نقله إلى العربية: عمر التيس
الوسومالإنهاك الجيش الخرطوم الدعم السريع