من الصين إلى قمة هوليود… هل تتوج النجمة جوان تشين مسيرتها بجائزة الأوسكار؟
تاريخ النشر: 4th, August 2024 GMT
قبل أن تجتذب الغرب بأدائها اللافت في أفلام شهيرة بينها "الإمبراطور الأخير" (The Last Emperor) و"توين بيكس" (Twin Peaks)، كان لجوان تشين مسيرة سينمائية طويلة، إذ حققت نجومية منذ طفولتها في الصين حيث اختارتها زوجة الزعيم الشيوعي السابق ماو تسي تونغ شخصيا في أول أدوارها.
هذه المسيرة الاستثنائية، بدءا من الأفلام الدعائية للجيش الأحمر وصولا إلى سحر هوليود، قد تُتوج قريبا بترشيح لجائزة الأوسكار بفضل فيلم "ديدي" (Didi)، وهي قصة علاقة صعبة بين أمّ وابنها المراهق نالت استحسان النقاد، وتؤدي فيها جوان تشين دور أم عازبة مهاجرة.
تؤدي الممثلة البالغة 63 عاما دور تشونغسينغ، وهي فنانة تايوانية محبطة تعيش في كاليفورنيا، تحاول قدر استطاعتها إعالة أسرتها المكونة من طفلين، أحدهما ابنها البالغ 13 عاما، المنغمس في شغفه بلعبة السكيت بورد.
وتقول تشين إن هذا الدور "ينبثق مني، لأنه يمثل الحياة التي عشتُها. أنا، مثل تشونغسينغ، أمّ مهاجرة ربّت طفلين أميركيين. وقد ترافق ذلك مع علاقة حميمة ملؤها المحبة، ولكن أيضا مع هوة ثقافية وحالات سوء فهم وتوقعات لم تتحقق".
تقف الممثلة أمام الكاميرا منذ كان عمرها 14 عاما. في ذلك الوقت، رصدها أحد المخرجين، وأرسل صورها إلى زوجة ماو تسي تونغ، جيانغ تشينغ.
وتستذكر جوان تشين قائلة "كنتُ سعيدة جدا لأنهم اعتبروا أني أمتلك مقومات تجسيد الشخصية التي يحتاجون إليها. لم يكن حلمي. لم أكن قد فكرت في الموضوع قط عندما اختاروني للتمثيل. وبعد ذلك، شيئا فشيئا، تعلمت أن أحب ذلك".
نقص في الأدواروقد جنّبتها شهرتها في الصين الشيوعية في سبعينيات القرن العشرين إرسالها للعمل في الحقول خلال الثورة الثقافية، ثم انتقلت في العشرين من عمرها إلى الولايات المتحدة، حيث درست السينما، من دون أن يكون لديها أمل كبير في مستقبلها كممثلة آسيوية في هوليود.
وحققت شهرة عالمية بفضل دورها في فيلم "الإمبراطور الأخير" لبرناردو برتولوتشي عام 1987، الذي أدت فيه دور زوجة آخر حاكم صيني بو يي. وفاز الفيلم بـ9 جوائز أوسكار، إحداها عن فئة أفضل فيلم.
استكملت جوان تشين مسيرتها المهنية في الولايات المتحدة مع شخصية جوزي باكارد، وهي إحدى بطلات مسلسل "توين بيكس" الشهيرة لديفيد لينش، إضافة إلى مجموعة أفلام أخرى، لكن المسيرة لم تعمّر طويلا بسبب نقص الأدوار التي توافرت لها.
حققت جوان تشين النجومية منذ طفولتها في الصين حيث اختارتها زوجة الزعيم الشيوعي السابق ماو تسي تونغ شخصيا في أول أدوارها (غيتي)وتقول بأسف "في ذلك الوقت، لم يكن هناك ببساطة أي مخرجين أو كتّاب سيناريو آسيويين قادرين على صنع دور لي. هذا أمر مؤسف. لم تُستتبع المسيرة".
استمرت تشين في المشاركة بأدوار متفرقة في الإنتاجات الغربية، إلا أن الممثلة عملت بشكل أساسي في الصين لإرضاء طموحاتها الإبداعية.
ولكن في السنوات الأخيرة، تغيّرت المعادلة بفعل النجاحات الدولية التي حققتها أفلام معظم ممثليها من الآسيويين، بينها "أغنياء آسيويون مجانين" (Crazy Rich Asians) و"كل شيء في كل مكان دفعة واحدة" (Everything Everywhere All at Once)، أو الإنتاجات الكورية الجنوبية مثل "طفيلي" (Parasite) و"لعبة الحبار" (Squid Game).
"ضبابية"في فيلم "ديدي"، الذي بدأ عرضه في صالات السينما في عدد قليل من المدن الأميركية قبل طرحه على مستوى البلاد في 16 أغسطس/آب، تؤدي جوان تشين دور رسامة موهوبة تخلّت عن طموحاتها من أجل عائلتها، وجاءت لتستقر في الولايات المتحدة.
تعتني تشونسينغ بإخلاص بابنيها، أحدهما كريس، بطل الفيلم.
هذا المراهق المتأمرك للغاية، الملقب بـ "ديدي"، لا يحسن التعامل مع والدته، من دون أن يفهم كل تعقيدات حياتها الشخصية التي يبدأ بإدراكها تدريجيا.
رسالة الحب هذه من المخرج شون وانغ إلى والدته لها وقع خاص بالنسبة لجوان تشين.
وتقول "الأتراح والأفراح التي نراها في الفيلم تعكس تجربة عشتُها شخصيا"، مذكّرة بأن حياتها تختلف كثيرا عن حياة ابنتيها المولودتين في الولايات المتحدة، موضحة أنها اضطُرت كمهاجرة للتعامل مع "حالة من الضبابية بشأن الأرض التي تقف عليها".
حصل فيلم "ديدي" على جائزة في مهرجان ساندانس، وهو الوجهة الحقيقية لسينما المؤلفين في الولايات المتحدة، ويمكن أن يقدّم للممثلة إنجازا تتوّج فيه نهاية مسيرتها المهنية، إذ يتحدث النقاد عن احتمال ترشيحها لجائزة أوسكار عن أدائها في هذا الفيلم الطويل الأول لمخرج سينمائي شاب.
تقول تشين "عندما يكون هناك عدد كافٍ من الكتّاب والمخرجين، فإننا نصنع المزيد من الأدوار التي تشبه عددا أكبر من الأشخاص"، مضيفة "إنه أمر رائع. وأنا سعيدة للغاية لأنني ما زلت مستمرة في العمل".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی الولایات المتحدة فی الصین
إقرأ أيضاً:
تهديد ترامب للديمقراطية الليبرالية في الولايات المتحدة
هل ستبقى ديمقراطية الولايات المتحدة بعد انقضاء رئاسة ترامب؟ هذا ليس سؤالا نظريا، من الواضح أن ترامب يتبع نهجًا معروفًا لتحويل الديمقراطية الليبرالية إلى ديمقراطية «غير ليبرالية»، وهذه الأخيرة اسم للديكتاتورية.
في كتابه «روح الديمقراطية» يرى لاري دياموند الأستاذ بجامعة ستانفورد أن الديمقراطية الليبرالية تتكون من الانتخابات الحرة والنزيهة وحماية الحقوق المدنية والإنسانية لكل المواطنين دون فرز وحكم القانون الذي يُلزم كل المواطنين بالقدر نفسها. هذه إذن هي «قواعد اللعبة»، لكن فعالية هذه القواعد تعتمد على القيود المفروضة على أولئك الذين يسيطرون على الدولة مؤقتا. أهم هذه القيود القضاء والأحزاب السياسية والأجهزة البيروقراطية للدولة ووسائل الإعلام. هل ستصمد هذه القيود أولا أثناء رئاسة ترامب ثم لاحقا في الأجل الطويل؟
في حوار دار مؤخرا بمجلة «نيو ريبَبلك» أشار ستيفن ليفيتسكي ودانيال زيبلات الأستاذان بجامعة هارفارد ومؤلفا كتاب «كيف تموت الأنظمة الديمقراطية» إلى أن العملية الكلاسيكية المتمثلة في «التنازل الجماعي» أو «الانتحار المؤسسي» أمام الاستيلاء الاستبدادي على السلطة قطعت شوطا بعيدا. لقد استولى ترامب على الحزب الجمهوري، وأقنعت سيطرتُه على قاعدة الجمهوريين الانتخابية الحزبَ بقبول «الكذبة الكبيرة» عن فوزه بالانتخابات الرئاسية في عام 2020.
إلى ذلك، قررت المحكمة العليا أن الرئيس محصَّن من الملاحقة الجنائية عن أفعاله الرسمية، وهذا مبدأ يصر الفقيه القانوني البريطاني اللورد جوناثان سومشون على أنه يضع الرئيس فوق القانون وبالتالي يجعله عمليًا أشبه بالملك منه إلى المواطن. ونحن نشهد على الأقل أفرادًا أقوياء من أمثال مارك زوكربيرج وهم يركعون أمام حاكمهم الجديد.
ممَّ يخاف هؤلاء؟ إنهم يخشون من استخدام الرئيس جهاز الدولة ضدهم، وهذا ما ينوي عمله هو والناس الذين يحيطون به. فترشيحاته (لمن سيشغلون مناصب إدارته) تشير بقوة إلى ذلك. وأيضا خططُ إحلال البيروقراطيين (كبار موظفي الدولة) بأناس موالين لترامب والتي وُضِعت خطوطها العريضة في «مشروع 2025» لمؤسسة هيرتدج فاونديشن. مثل هذا الولاء سيكون سلاحًا قويًا للأوتوقراطية (الاستبداد)، فهو سيجعل الجهاز البيروقراطي للدولة مطيعًا للرئيس بدلا عن القوانين التي يلزمه تطبيقها.
تيموثي سنايدر، الأستاذ بجامعة ييل والخبير في الأنظمة الشمولية الأوروبية في القرن العشرين يصف الأسماء التي رشحها ترامب لتولي وزارات الصحة والعدل والدفاع وأيضًا أجهزة الاستخبارات بضربة «قطع الرأس» جزئيًا لأن عدم كفاءتهم وسوء طويَّتهم سيلحقان أذى جسيمًا بأداء الدولة. وأيضا سيتسبب التهديد بتسييس الحكومة الفيدرالية بما في ذلك القانون «ضد الأعداء في الداخل» بضرر بالغ للديمقراطية. (يقصد سنايدر بضربة قطع الرأس أن ترامب يهدف بترشيحاته إلى إضعاف وشل هذه المؤسسات الحكومية وجعلها بلا فعالية من خلال إحلال قادتها أو رؤوسها بقادة غير مؤهلين ومعارضين لرسالتها - المترجم).
كل هذه، يضيف ليفيتسكي وزميله زيبلات، تصرفات كلاسيكية لمن سيتحولون إلى مستبدين. ويمكن تصنيفها تحت عنوانين عريضين هما «السيطرة على الحكام وتهميش اللاعبين».
تحت عنوان السيطرة على الحكام تندرج التغييراتُ في الجهاز القضائي على كل المستويات، أما التصرفات المتعلقة بتهميش اللاعبين فتشمل مختلف أنواع الهجمات ضد المنظمات الإعلامية المستقلة والصحفيين والمؤسسات الأكاديمية والناشرين.
إلى جانب ذلك ينبغي تذكر المشروع المركزي الذي يستهدف إبعاد المهاجرين غير الشرعيين. ويبدو أنه في الغالب يوحِّد عناصر عديدة للمقاربة الجديدة التي يعتمدها ترامب في إطار شامل. فترحيل ملايين عديدة من البشر سيتطلب عملية عسكرية ضخمة وتدخلات واسعة النطاق في الاختصاصات الولائية والمحلية وإقامة مراكز احتجاز كبيرة وقمع الاحتجاجات وليس أقله إيجاد بلدان يُلقَى فيها بالمهاجرين المرحَّلين..
هل يمكن أن يحدث كل هذا حقا؟ ربما. لكن اقتران مثل هذه الزعزعة بما يمكن أن يكون في الغالب اضطرابًا اقتصاديًا كبيرًا قد يحوِّل الرأي العام بقوة ضد ترامب الذي فاز بهامش في الأصوات يساوي فقط 1.5% ولم يحظ أبدا بشعبية واسعة. (حصل ترامب في الانتخابات الأخيرة على 49.8% من الأصوات الشعبية وهاريس على 48.3%- المترجم).
لدى ترامب أنصار متعصبون، لكن لديه أيضا خصوما متعصبين. إلى ذلك، إذا ظل الدستور قائما سيقضي ترامب في الحكم فترة رئاسية واحدة (4 سنوات)، في الإجمال، من المرجَّح أن تضعف قبضته على الرأي العام وعلى الحزب بداية من الآن.
قدرات ترامب كمهرِّج شعبوي استثنائية، وغالبا ما سيجد الحزب الجمهوري استحالة في اكتشاف بديل كاريزمي بقدرٍ كافٍ لترامب في الانتخابات الرئاسية عام 2028. كما يكشف تحالفه أيضا عن دلائل على تداعيه. فالوطنيون المسيحيون والقوميون المتشددون ليسوا رفاقَ دربٍ طبيعيين «لبلوتوقراط» التقنية الأقوياء من أمثال ايلون ماسك. وإذا نجحوا في تقويض الانتخابات الوطنية الأمريكية قد تكون تلك «نهاية اللعبة»، وحينها ستكون العواقب وخيمة على العالم. فمن دون الوجود النشط للولايات المتحدة التي تحتكم إلى الديمقراطية ستتعرض عافية الديمقراطية الليبرالية في العالم إلى خطر عظيم.
في عام 1787 عندما سأل مواطنون أمريكيون بنيامين فرانكلين عن نوع الحكم الذي تبنّاه المؤتمر الدستوري قال لهم «الولايات المتحدة لديها جمهورية، إذا أمكنكم الحفاظ عليها»، ربما سنعرف قريبًا إذا كان ذلك ممكنا.