حكاية المسرح المكشوف «الأب الروحي» لكل المهرجانات الصيفية
تاريخ النشر: 4th, August 2024 GMT
فى دنيا الفنون وخاصة الغناء لاشك أن دار الأوبرا المصرية هى المظلة الأساسية لكل مناهج الفن والغناء والموسيقى، وهى المرجع لكل حدث فنى والذى يسير على شاكلته جميع من يريدون تنظيم أحداث فنية خارج اسوار دار الأوبرا، فهى الأم التى انجبت عمالقة الفنون بمختلف اركانها.
من وسط مسارح دار الأوبرا المصرية، يقع المسرح المكشوف فى الساحة خلف المسرح الصغير، وهو المسرح الذى استطاع خلق نوعية جديدة من جمهور دار الأوبرا المصرية، بتاريخ كبير من النجاحات والتميز لفاعلياته الصيفية التى أنجبت العديد من النجوم والفرق الغنائية المميزة.
المسرح المكشوف بدار الأوبرا المصرية استطاع جذب فئات مختلفة من جمهور الاغنية والموسيقى لدار الاوبرا المصرية، فهو مسرح متحرر من قيود الزى الرسمى ويستطيع مناقشة افكار وعقول الشباب وتقديم فاعليات صيفية ممتعة يزينها الابداع والموسيقى الحقيقية، ومن هنا بدأت الفكرة.
الأب هو رب الاسرة، فهو حجر الأساس الذى يسير علىه ابنائه،وهو الدليل لبناء مستقبل ناجح، ولذلك نجد الطالب المتفوق يطلق على استاذه ومعلمه لقب «الاب الروحي»، لأن الأب دائما مايكون اساس لكل شيء، ولذلك يظل المسرح المكشوف هو الأب الروحى لكل المهرجانات الصيفية التى أصبحنا نشاهدها فى الحقبة الأخيرة، فهو مؤسس الفكرة وأول من قدم على خشبته ما يسمى بالمهرجان الصيفى خلال شهرى يوليو وأغسطس منذ اكثر من عشرين عاما.
قبل مدخل الالفية الجديدة، لم تكن ثقافة الفرق الموسيقية قادرة على لفت انتباه الجمهور، فكان الأبرز وقتها هى أعمال المطربين وألبوماتهم وحفلاتهم الغنائية، إلى أن تم انتداب موظف من وزارة التربية والتعليم لمكتب الإعلام بدار الأوبرا المصرية وهو الأستاذ محمد ظريف، وكان وقتها د.مصطفى ناجى رئيسا لدار الاوبرا المصرية والراحل محمد سالم مدير النشاط الثقافى.
رصدت دار الاوبرا المصرية ميزانية للمهرجان الصيفى على المسرح المكشوف لاتتعدى قيمتها مبلغ الـمائة ألف جنيه على مدار ستون يوما وهم شهرى يوليو وأغسطس، ولذلك كان من المستحيل أن يزيد أجر كل من يشارك فى الحفل سواء فنانًا او فرقة موسيقية عن اربعة آلاف جنيه، وهو ما جعل المسرح بعيد تماما عن النجوم.
بعد انتداب الاستاذ محمد ظريف لادارة الاعلام، فكر فى اقامة المهرجان الصيفى على المسرح المكشوف باتباع منهج النسبة، بمعنى ان يقام الحفل على المسرح والمشاركة فى المهرجان مع تحمل الفرقة الموسيقية صاحبة الحفل او الفنان الدعاية والتسويق وهو ما خلق حالة كبيرة من الانتشار وأصبح المسرح منبر لكل الفرق الموسيقية الشبابية التى تقدم شكلًا جديدًا من الموسيقى والغناء وقتها، ولعل ابرزهم على مستوى مصر كانت فرقة « وسط البلد» والذى كان المسرح المكشوف بدار الأوبرا نقطة الانطلاق الكبيرة لها، وكانت الفرق الموسيقية المشاركة بالمهرجان تتقاضى نسبة 75% من قيمة التذاكر المباعة وتتقاضى دار الأوبرا نسبة 25%، بدون دفع اى مبالغ مالية للفرق المشاركة، وهو ما لفت انتباه النجوم الكبار مثل الموسيقار العالمى يحيى خليل والموسيقار الكبير عمر خيرت بضرورة التواجد على المسرح المكشوف والتفاعل مع جمهور جديد لدار الاوبرا المصرية وسط الأجواء الصيفية.
بعد مرور العام الأول على تنفيذ الفكرة أصبحت أكثر توهجًا وانتشارًا وأيضا اكثر ترحابًا من قبل النجوم الذين أقبلوا بشدة على ضرورة التواجد داخل فاعليات المسرح المكشوف والاحتكاك بالجمهور الجديد لدار الاوبرا، وأصبحت الفرق الموسيقية العربية من السودان والاردن والعراق تسعى للتواجد والمشاركة وكذلك نجوم الموسيقى الكبار على مستوى الوطن العربى مثل الموسيقار الكبير عمر خيرت والموسيقار الكبير يحيى خليل والموسيقار العراقى نصير شمة، وكذلك نجوم الطرب مثل النجم على الحجار والنجم محمد حلو والنجم مدحت صالح، مع تخصيص كل منهم مسئول للدعاية والتسويق من اجل الحفل، وهو ماجعل المهرجان الصيفى بدار الاوبرا على المسرح المكشوف يصل الى كل فئات الجمهور، واصبح برنامج المهرجان يضم 60 حفل على مدار 60 يوم بدون تحمل دار الاوبرا المصرية اى نفقات وتحقيق ارباح وصلت لمبلغ اربعون الف جنيه وهى 40% من الميزانية الاساسية التى سبق وحددتها دار الاوبرا للمهرجان، وأصبح المسرح يسطر نجاحًا ومنهجًا جديدًا كان سببًا فى نشأة وعمل العديد من الهيئات الثقافية الحالية مثل ساقية الصاوى التى اتخذت من فكرة المهرجان الصيفى على المسرح المكشوف منهجًا دائمًا للعمل والنجاح تسير على خطاه الى يومنا هذا.
و لم يقف النجاح عند هذا الحد، بل قامت جميع الفرق الموسيقية المشاركة فى المهرجان الصيفى بالمسرح المكشوف بتأسيس مهرجانات وفاعليات غنائية فى بلادها على خطى هذه الفكر وهى العمل بالنسبة، فى كثير من دول العالم العربى مثل تونس والمغرب والسودان وغيرهم، حتى اصبح المسرح المكشوف هو الأب الروحى لجميع المهرجانات الصيفية على مستوى العالم العربى.
تحدثت «الوفد» مع الأستاذ محمد ظريف رئيس دار اوبرا دمنهور الأسبق ومؤسس فكرة المهرجان الصيفى على المسرح المكشوف منذ اكثر من عشرون عاما، حيث، قال : من اهم خطوات حياتى هو مشروع العمل بالنسبة على المسرح المكشوف بدار الاوبرا المصرية، وهو الحدث الذى ساهم فى ميلاد كافة الفرق الموسيقية التى أصبحت من اهم فرق العالم حاليا، بالاضافة الى جذب جمهور جديد لدار الاوبرا المصرية ومختلف تماما عن جمهور الزى الرسمى بالمسرح الكبير، وأصبحات دار الاوبرا المصرية مكان لجميع فئات الجمهور عاشقى الموسيقى والغناء.
و اضاف : على مستوى الربح المادى استطاع المهرجان ان يعود بربح كبير على دار الاوبرا المصرية، وصل لـ 40% من قيمة الميرانية المحددة للمهرجان، مع زيادة اسعار التذاكر لحفلات النجوم مثل الموسيقار الكبير عمر خيرت والتى نفذت وقتها بالكامل بالرغم من رفع سعر التذكرة لـ50 جنيه بدلا من 15 جنيه.
وتابع حديثه قائلا: نجاح كبير تم تحقيقه بالتعاون مع د. مصطفى ناجى رئيس دار الاوبرا المصرية وقتها والاستاذ محمد سالم مدير النشاط الثقافى، كان سبب فى قيام فاعليات فنية داخل جميع البلدان العربية بنفس المنهج ومنشآت ثقافية مثل ساقية الصاوى، ولذلك سيظل المسرح المكشوف هو الاب الروحى للمهرجانات الصيفية على مستوى العالم العربى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حكاية المسرح الأب الروحى المهرجانات الصيفية لدار الاوبرا المصریة دار الاوبرا المصریة دار الأوبرا المصریة المهرجان الصیفى الفرق الموسیقیة على مستوى وهو ما
إقرأ أيضاً:
مهرجان الرياض للمسرح يعيد قراءة إرث أحمد السباعي الثقافي
الرياض-رويترز
انطلقت الدورة الثانية لمهرجان الرياض للمسرح اليوم في مركز المؤتمرات بجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن بمشاركة 20 عرضا سعوديا مع برنامج يشمل ثلاث ندوات وست ورش عمل و20 قراءة نقدية.
وتتوزع العروض المشاركة على مسارين أحدهما للمسرح المعاصر ويضم 11 عرضا والآخر للمسرح الاجتماعي ويضم تسعة عروض.
ويمتد المهرجان الذي تنظمه هيئة المسرح والفنون الأدائية حتى السادس والعشرين من ديسمبر كانون الأول.
وقال سلطان البازعي الرئيس التنفيذي للهيئة في الافتتاح "هذا اليوم ليس احتفالا فقط بما حققه المسرح السعودي، بل هو انطلاقة جديدة نحو آفاق مسرحية ممتدة، وأمل متجدد لمستقبل مسرحي نصنعه معا".
وأضاف "هذا الحدث يجسد قيمنا المشتركة وأهدافنا السامية في أن يكون مسرحنا السعودي ’مسرح خالد’ يعكس هويتنا الثقافية الممتدة لآلاف السنين، وتنوعنا".
وكرم المهرجان في الافتتاح اسم الأديب والصحفي والمؤرخ الراحل أحمد السباعي الذي اشتهر بلقب "أبو المسرح السعودي".
ولد السباعي عام 1905 وعمل بقطاع التعليم ثم بدأ الكتابة في صحيفة (صوت الحجاز) التي تولى رئاسة تحريرها لاحقا، وأسس صحيفة (الندوة) ومن بعدها مجلة (قريش) الأدبية.
كان أول من سعى إلى إنشاء مسرح في السعودية بداية الستينيات من القرن العشرين، واستقدم مدربين للتمثيل من مصر وجهز عرض الافتتاح، لكن محاولته لم تكلل بالنجاح وقتها، وتوفي عام 1984.