الانسداد السياسي في فرنسا يهدد عقدا من التقدم الاقتصادي
تاريخ النشر: 4th, August 2024 GMT
لورانس بون
ترجمة ـ قاسم مكي
في الانتخابات البرلمانية الأوروبية عام 2014 تعرضت أحزاب فرنسا الاشتراكية والمحافظة الى خسائر وحققت قوى أقصى اليمين بقيادة مارين لوبان مكاسب ليست هيِّنة. وقتها، دعت لوبان إلى إجراء انتخابات برلمانية وطنية على الفور لكنها لم تحصل عليها. بعد عشر سنوات لاحقا كانت الحكاية مختلفة مع عواقب غير معلومة لاستقرار فرنسا السياسي واقتصادها.
ففي أوائل يوليو ترتب عن نتائج انتخابات الجمعية الوطنية التي دعا اليها الرئيس ايمانويل ماكرون انقسامُ الجهاز التشريعي (الجمعية الوطنية) إلى ثلاث كتل تمثلت في ائتلاف يساري عريض ومنقسم داخليا ووَسَطيِّين بقيادة ماكرون وأقصى اليمين. منذ ذلك الوقت تم توزيع أقوى المناصب الحكومية بطريقة أقل من أن تكون متسقة تماما مع نتائج الانتخابات. فأقصى اليمين ليس له ممثلون في هذه المناصب. ولدى أقصى اليسار بعض الممثلين بفضل أصوات أقصى اليمين. أما معسكر الوسط فعلى الرغم من كونه أكبر الخاسرين في الانتخابات إلا أنه حصل على التمثيل الأكبر.
لأسباب مختلفة هذه لعبة خطرة. فهي من الناحية السياسية تعطي الانطباع بأن الملايين العشرة من الناس الذين صوتوا لأقصى اليمين مواطنون من درجة أدنى. إنها تغذي الاستياء من النظام الديمقراطي لفرنسا الذي لا يعمل لمصلحة الجميع.
في الأجل القصير يمكن للوسطيين والاشتراكيين ومحافظي التيار السائد العمل معا. لكن يجب أن يكون هذا ترتيبا مؤقتا. بخلاف ذلك، سيكون البديل الوحيد لمثل هذه الجماعات المعتدلة في الانتخابات الفرنسية التي ستجرى في المستقبل إما أقصى اليمين أو أقصى اليسار.
يقينا، في حال تولَّى أي منهما السلطة سيعامل خصومه السياسيين بالطريقة نفسها التي عاملوه بها الآن. أي حرمانهم من تولي مناصب مؤثرة في الهيئة التشريعية.
اقتصاديا، هذه الألعاب السياسية يمكن أن تعرِّض للخطر التقدمَ الذي حققته فرنسا مؤخرا. كما أنها في الوقت ذاته تخفق في مواجهة الحاجة لزيادة الإنتاجية وضبط الإنفاق العام.
خلال الأعوام العشرة الماضية أنعشت روحٌ جديدة في قطاع الأعمال فرنسا. فالاستثمار الأجنبي المباشر شهد ازدهارا. وجاءت الشركات بأعداد كبيرة إلى الحدث الاقتصادي السنوي «اختر فرنسا» الذي يشابه منبر دافوس لكي تروّج لاستثماراتها في فرنسا. وهبط معدل البطالة وحظيت القوة الشرائية بالحماية. وعلى خلاف البلدان الأخرى الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لم تتفاقم التفاوتات في الدخول في فرنسا. كما تحسنت معظم المؤشرات الاقتصادية باستثناء الإنتاجية والمالية العامة (إدارة الأموال والموارد المالية للدولة- المترجم).
تجاهلت الحملة الانتخابية هذه القضايا. بل نادت الأحزاب خصوصا المتطرفة منها برفع الضرائب لتمويل المزيد من الإنفاق واتخاذ إجراءات من شأنها تعقيد ممارسة الأعمال في فرنسا. وللقضاء على أوضاع اللامساواة في الدخل جاءت «الوصفة» نفسها من أقصى اليسار وأقصى اليمين وهي رفع الحد الأدنى للأجور (في حين لدى فرنسا سلفا أحد أعلى الأجور الدنيا مقارنة بالأجر الوَسَطِي.) كما تتضمن هذه الوصفة زيادة الضرائب المفروضة على الأثرياء (وهذه فكرة مبهمة) وخفض سن التقاعد.
ستغير مثل هذه الإجراءات في حال تطبيقها سياساتِ عشرة أعوامٍ جعلت ممارسة الأعمال في فرنسا أكثر جاذبية وعززت التوظيف.
تتمَوْضَع القضايا الحقيقية لفرنسا في مكان آخر. فهي تشمل إلى جانب الضرائب المرتفعة صعوبة الحصول على الخدمات العامة أو محدودية توافرها خارج المدن الكبيرة.
في الواقع، فرنسا من بين الدول التي بها أحد أعلى مستويات إعادة توزيع الدخل التي تضع حدا أعلى للامساواة في الدخل. لكن ذلك يخفي تفاوتات إقليمية عميقة. فحسب يان ألقان، الأستاذ بكلية باريس للدراسات التجارية العليا، حوالي 60% من «الفرنسيين الغاضبين» ينتقدون المستوى المرتفع للضرائب فيما يشكو عديدون من عدم توافر الخدمات العامة. وهذا أمرٌ مفهوم.
فعلى الرغم من أن فرنسا توجد بها بعض أعلى معدلات الضرائب قياسا إلى الناتج المحلي الإجمالي والإنفاق إلى الناتج المحلي الإجمالي إلا أن العديدين خارج المدن الكبيرة يصارعون للحصول على الخدمات الصحية ويعانون من ضعف وسائل النقل وتدهور النظام التعليمي.
هذه الاختلالات الإقليمية تغذي غضب الناس. واللامساواة التعليمية المتصاعدة بين أولئك الذين يعرفون كيف يحصلون على التعليم الجيد وأولئك الذين لا يعرفون أو لا يستطيعون ذلك، تثير مخاوف الآباء بشأن مستقبل أطفالهم.
ويشعر معظم أفراد الطبقة الوسطى بالعبء الثقيل للضرائب ويجتاحهم القلق من الانزلاق إلى أدنى السلم الاجتماعي. فهنالك هامش ضيق بين «الطبقة الوسطى العليا» التي تكسب أكثر من 4000 يورو في الشهر وبين المستوى الأدنى منها.
لا يمكن حل مشكلة تدني الإنتاجية في فرنسا والضغوط التي تواجه ماليتها العامة بالنكوص عن سياسات العقد الماضي المناصرة لقطاع الأعمال. ولا يمكن حل الاستقطاب السياسي بإيجاد قطبية أو تعارض بين المتطرفين «في أقصى اليمين وأقصى اليسار» وبين من يتموضعون في «الوسط الجمهوري».
تتطلب قضية الإنتاجية تعليما أفضل وحرية ريادة الأعمال لتمكين الرشاقة في فضاء العمل (إيجاد المرونة في قوة العمل). وتتطلب مشكلة المالية العامة فرض قيود على الإنفاق بداية بالإنفاق الاجتماعي والذي يصل إلى حوالي 32% من الناتج المحلي الإجمالي. ويتطلب الانسداد السياسي التخلي عن حزب وَسَطَي وحيد بمجرد إجازة موازنة 2025.
فرنسا بحاجة إلى إحياء يسار الوسط ويمين الوسط إذا لزمها إيجاد بدائل للمتطرفين.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: أقصى الیمین أقصى الیسار فی فرنسا
إقرأ أيضاً:
تدشين المجلس الاقتصادي لسيدات الأعمال بالغرفة التجارية بدمياط
شاركت المهندسة شيماء الصديق نائب محافظ دمياط بفاعلية مؤتمر تدشين المجلس الاقتصادي لسيدات الأعمال المقام بالغرفة التجارية بدمياط ، وذلك بحضور الأستاذ محمد فايد رئيس الغرفة التجارية بدمياط والدكتورة ريم صيام رئيس مجلس سيدات الأعمال بالاتحاد العام للغرف التجارية ورؤساء الغرف التجارية بعدد من محافظات الجمهورية، " الشرقية ، البحيرة ، بورسعيد، البحر الأحمر ، السويس ، الإسماعيلية، كفر الشيخ، الأقصر ،سوهاج وقنا ".
واجتمعت المهندسة شيماء الصديق مع رؤساء الغرف التجارية وأعربت عن سعادتها بالمشاركة بهذا المؤتمر المتمثل في تدشين مجلس اقتصادي خاص بالسيدات والذي يعكس إهتمام كافة أجهزة الدولة بملف تمكين ودعم المرأة، وأكدت على دعم الدكتور أيمن الشهابي محافظ دمياط الكامل للغرفة وأعمالها ومبادراتها ، واختتمت الاجتماع بتوقيع تذكار للغرفة التجارية بدمياط .
وأعقبها البدء في فاعليات مؤتمر تدشين المجلس الاقتصادي لسيدات الأعمال، الذي استهلته نائب محافظ دمياط بالقاء كلمة ، وأكدت خلالها عن دعم المحافظة الكامل لهذا الحدث البارز مقدمة تحيات الدكتور أيمن الشهابى محافظ دمياط للحاضرين ، كما هنأت الغرفة التجارية بدمياط وسيدات الأعمال بها على تدشين المجلس الاقتصادى لسيدات أعمال دمياط، وذلك فى إطار قرار الاتحاد العام للغرف التجارية بتشكيل مجالس اقتصادية بجميع فروع الغرف بمحافظات الجمهورية، فى خطوة تعكس مدى الايمان بقدرات المرأة والنجاحات التى حققتها على المستوى الاقتصادى وكافة المستويات، حيث جاءت تلك الاستراتيجية تنفيذاً لتوجيهات القيادة السياسية بتمكين المرأة والتى تعيش حاليًا عصرها الذهبي بفضل وجود قيادة سياسية حكيمة وواعية تؤمن بدور المرأة داخل المجتمع.
وأعرب رئيس الغرفة التجارية بدمياط امتنانه للدور الذي تقدمه القيادة السياسية بالمحافظة لدعم وتمكين المرأة المصرية وخاصة خلال السنوات الأخيرة التي شهدت دعم كبير للمرأة ، و اوضح أن الغرفة التجارية بدمياط تعد المشارك رقم ١٢ بالمجلس الاقتصادي لسيدات الأعمال على مستوى الجمهورية ، كما أعلن عن اصدار مبادرة الغرفة التجارية والتي تعد الاولى من نوعها وهي اعفاء السيدات الأرامل من رسوم الشعب التجارية .
وفي سياق متصل ، تقدمت الدكتورة ريم صيام رئيس مجلس سيدات الأعمال بالاتحاد العام للغرف التجارية بالشكر والترحيب بنائب محافظ دمياط ورئيس الغرفة التجارية بدمياط ورؤساء الغرف التجارية المشاركين بالفاعلية ، واستعرضت دور المجالس الاقتصادية لسيدات الأعمال والذي بدء أول تشكيل له عام ٢٠١٥ بمحافظة الإسكندرية موضحة أن المجلس الاقتصادى لسيدات الأعمال يلعب دورًا رائدًا لمساعدة السيدات فى إقامة مشروعاتهن وأعمالهن والتيسير عليهن كافة الإجراءات، وخلق قنوات للتواصل لها على المستويين المحلى والدولى ، و تعزيز ثقافة ريادة الأعمال والإبداع لدى السيدات وتطوير مهاراتهن من خلال تنفيذ عدد من البرامج الداعمة لذلك وإنشاء حضانات للأعمال المبتكرة علاوة خلق آفاق تسويقية جديدة لمنتجاتهن.
وخلال فاعليات المؤتمر ، تم عرض مقطع مصور يوضح مجالات الاستثمار المتنوعة بمحافظة دمياط ، كما تم استعراض الفرص الاستثمارية المتاحة بالمحافظة والمتمثلة في كوبري دمياط الحضاري على مساحة ٢٠٠٠م٢ ويتضمن عدد من القاعات والساحات الخارجية لاقامة معارض ومؤتمرات وانشطة ترفيهية وموقع على مساحة ٧ فدان على النيل بمدينة رأس البر لاقامة نادي تجديف ومطاعم وموقع على مساحة حوالي ٦٠٠ م٢ لاقامة فندق سياحي بمدينة رأس البر وموقع على مساحة حوالي ١٠٠٠٠ م٢ لاقامة مطعم سياحي على النيل مقابل مدينة رأس البر ، وعدد من المحلات بسوق الجملة بشطا المقام على مساحة ٩,٥ فدان وساحتين لاقامة مصنع الثلج ومصنع لتعليب الاسماك ، موقع على مساحة حوالي ٥٠٠ فدان لاقامة منتجع سياحي بمنطقة بر الضهرة ، موقعين كل منهما على مساحة ١٧ فدان لاقامة منطقة سكنية ترفيهية تجارية .
وفي نهاية المؤتمر تقدم الأستاذ محمد فايد رئيس الغرفة التجارية لتسليم درع الغرفة التجارية للدكتور أيمن الشهابي محافظ دمياط وقد تسلمته انابة عنه المهندسة شيماء الصديق نائب محافظ دمياط ، كما تم تسليم درع الغرفة التجارية بدمياط للدكتورة ريم صيام رئيس مجلس سيدات الأعمال بالاتحاد العام للغرف التجارية ولرؤساء الغرف التجارية بمحافظات الشرقية ، البحيرة ، بورسعيد، البحر الأحمر ، السويس ، الإسماعيلية، كفر الشيخ، الأقصر ،سوهاج وقنا .
وعلى هامش المؤتمر، تابعت المهندسة شيماء الصديق المبادرات والأفكار المقترحة من الحاضرين لدعم الاستثمار بمحافظة دمياط مؤكدة على ترحيب المحافظة بالمستثمرين وتقديم كافة التسهيلات لهم .
وفي ختام المؤتمر، شهدت نائب محافظ دمياط توقيع بروتوكول تعاون بين الغرفة التجارية بمحافظة كفر الشيخ ومحافظة دمياط .