القوى العاملة الأجنبية وتصدير الأزمات إلى دول الخليج
تاريخ النشر: 4th, August 2024 GMT
مع العدد الكبير للقوى العاملة الوافدة في دول الخليج العربية، الذي بلغ أكثر من 21 مليون عامل أجنبي، طُرحت الكثير من النقاشات حول مستقبل هذه الدول ديموغرافيا وسياسيا واقتصاديا، وعبّر البعض عن قلقهم من أن يطالب هؤلاء العمال بما قد يعتبرونه حقوقًا سياسية مستقبلا، مثل التمثيل والمشاركة في المجالس النيابية والشعبية وغيرها، وحتى حقّ الترشح للمناصب العليا.
هناك بوادر لتصدير الأزمات إلى دول الخليج، التي كانت في العقود الماضية دولًا هادئة؛ ومن ذلك ما حدث في مدينتي أبوظبي ودبي، ومدن خليجية أخرى من مظاهرات لجالية آسيوية، تضامنًا مع المظاهرات العارمة التي انطلقت في بلدها.
أعادت تلك المظاهرات إلى السطح بقوة، قضية القوى العاملة الوافدة في دول الخليج العربية، بعد الحكم الذي أصدرته محكمة أبوظبي الاتحادية، بالسجن المؤبد على ثلاثة مقيمين، وعلى 53 آخرين بالسجن 10 سنوات، والسجن 11 سنة، بحقّ متهم واحد دخل إلى البلاد بصورة غير قانونية، بسبب التظاهر في أبوظبي ودبي، تضامنًا مع المظاهرات التي عمّت بلادهم.
هناك من رأى أنّ الأحكام كانت شديدة وعاجلة؛ وقد يكون ذلك صحيحًا، ولكن من أبسط البديهيات أنّ على المقيمين أن يلتزموا بقوانين الدولة المضيفة؛ فوفق القانون الإماراتي، تشكّل تلك الأعمال جرائم تمسُّ أمن الدولة وتخل بالنظام العام، هذا أولًا؛ وثانيًا فإنّ هناك أكثر من مائتي جنسية تعيش في دولة الإمارات، منهم أكثر من 600 ألف مقيم من بنجلاديش، وهي ثالث أكبر جالية فيها بعد الجالية الهندية ثم الباكستانية؛ فهل من المنطق أن تُحوّل كلُّ جنسية من تلك الجنسيات مشاكلها إلى الدولة المضيفة؟! فلو حصل مثل ذلك فيعني ذلك أنه يجب على الدولة أن تتفرغ فقط لمشاكل الوافدين، وهي مشاكل كثيرة ومتعددة، بدءًا من أسباب وجود هذا العدد الكبير من القوى العاملة في دول الخليج العربية، وليس انتهاء إلى ما يشكّله ذلك الوجود من خطر في الحاضر والمستقبل على التركيبة السكانية والهوية الوطنية للبلدان الخليجية.
حقيقة إنّ مشكلة القوى العاملة الآسيوية في دول الخليج عويصة؛ فعلى الرغم من أنّ كلَّ الحكومات الخليجية تعلم خطورة تلك القوى العاملة، إلا أنها تقف عاجزة عن إيجاد الحلول. وهناك دراسات أعدت من قبل المختصين، تناولت التحديات التي تواجه الدول الخليجية والحلول المقترحة لها، إلا أنّ الأمر يزداد سوءًا يومًا بعد يوم. وما يؤسف له أنّ هذه الحكومات تنتظر كارثة ما حتى تتخذ الإجراءات اللازمة، وقد يكون ذلك في الوقت بدل الضائع. وأذكر أنّ كثيرًا من الكتاب العمانيين كتبوا في الصحف المحلية حول هذه القضية على مدى سنوات، دون جدوى؛ وكنت قد كتبتُ مقالًا بعنوان «معظم النار من مستصغر الشرر»، نُشر في جريدة «الرؤية» العمانية يوم 24 يناير 2012، تعليقًا على تجمع مئات من العمال الوافدين العاملين في مشروع مطار مسقط الدولي، أمام مقر شركتهم في العذيبة، مرددين شعارات احتجاج على «خفض الرواتب»، قلت فيه: إنّ القصة ظاهريًّا يبدو أنها انتهت، لكنها من هنا بدأت وقد دقت ناقوس الخطر وأعادت إلى الأذهان مشكلة القوى العاملة الوافدة ومخاطرها على المجتمع، وأشرتُ إلى أنّ كثيرين تناولوا الموضوع دون فائدة، «وكأنّ هناك جهات ما أو أشخاصًا لا يريدون لهذه المسألة أن تنتهي...» وتساءلتُ هل نستطيع أن نعيش في أمان وأمن وسلام، والدولةُ لا تحرِّك ساكنًا في مشكلة أصبحت تؤرق الجميع؟ وكان السؤال التالي هو: كيف إذا تعرضنا لشيء كبير- لا قدر الله- إذا كانت مشكلة كهذه لا تجد حلا؟!
في اعتقادي أنّه إذا لم تكن هناك سياسات حازمة ومستشرفة للمستقبل في التعاطي مع قضية القوى العاملة الأجنبية في الخليج، فإنّ الأمر قد يفلت، وعندما يفلت فإنّ شظاياه ستصيب الجميع. ونحن في عُمان بحاجة إلى سن قوانين تراعي المجتمع العماني وأخلاقياته وبيئته، وأن تكون نابعة من الداخل ولا تفرضها علينا المنظمات ولا الحكومات الخارجية، التي يأتي منها هؤلاء العمال، وقد نكون الآن أحوج ما نكون إلى إعادة صياغة كلِّ القوانين المتعلقة بالقوى العاملة الوافدة، يشارك في ذلك أعضاء مجلس الشورى، والمكرمون أعضاء مجلس الدولة، وممثلون عن الجهات المختصة، ومنها الأمنية، حماية للبلد وحماية لحقوق المواطنين، وأن تشمل هذه القوانين عقوبات رادعة للقوى العاملة الهاربة، وتُخطر السفارات الأجنبية بها.
إنّ الأمر الذي يثير التساؤلات إلى حدِّ الغرابة، أنّ المواطنين العُمانيين عانوا كثيرًا من مشكلة القوى العاملة الوافدة، وصرخوا وبأعلى الأصوات، وامتلأت منتديات الحوار وصفحات الجرائد بشكاوى المواطنين، فهل لم يصل كلُّ ذلك إلى آذان جهات الاختصاص؟! وهل علينا أن نسكت دائمًا ونتجاهل معاناة المواطنين حتى ينفجر الموقف؟
من المفارقات العجيبة أنّ دول الخليج هي أكثر دول العالم استقطابًا للقوى العاملة الوافدة، على حساب الشباب الذين يبحثون عن العمل. وأعتقدُ أنّ الصورة في عُمان أكثر وضوحًا من غيرها؛ فيما نرى أنّ ملايين الوافدين يشتغلون ويمتهنون كلَّ شيء، وتذهب خيرات هذه البلدان إلى الخارج؛ فحسب تقرير للبنك الدولي، فإنّ هؤلاء العمال يحوّلون أكثر من 113 مليار دولار سنويًّا إلى بلدانهم. وهناك مفارقة أخرى هي أنّ من يتابع وسائل الإعلام، كثيرًا ما يقرأ أنّ دول الخليج تعلن بين فترة وأخرى عن سلسلة من المشروعات الضخمة، ويُردّد أنّ هذه المشروعات، ستعمل على إيجاد فرص عمل للشباب، وأصبحت تلك العبارة، لازمة ثابتة مع كلّ خبر يذاع وينشر عن أيِّ مشروع، ولكن السنين تمر دون أن يتحقق شيء، والذي يحدث أنّ هذه المشروعات تستقطب القوى العاملة الأجنبية أكثر.
قضيةُ القوى العاملة الوافدة- بتشعباتها- تفتح بابًا يحتاج إلى الإغلاق، بوضع الحلول المناسبة، قبل أن يستفحل أمرها؛ اليوم مظاهرات وغدًا ما هو أكبر، وهذا مؤشرٌ خطيرٌ لما هو قادم؛ فمعظمُ النار دائمًا من مستصغر الشرر، والشررُ قد تطاير في أكثر من مكان.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: القوى العاملة الوافدة فی دول الخلیج أکثر من
إقرأ أيضاً:
سمية الخشاب: أم 44 فتح لى سوق الخليج.. خاص
قالت الفنانة سمية الخشاب عإن مسلسل “أم 44” الذى يعرض حاليا فى رمضان فتح لها مجال فى السوق الخليجي وهو أمر إيجابي بالنسبة لها.
وأضافت سمية الخشاب فى تصريح خاص لصدى البلد : كواليس العمل اشبه بكواليس مسلسل الحاج متولى، حيث كان هناك حالة من الحب والود بين فريق العمل ككل على الرغم من ان العمل يضم عدد كبير من النجوم من جنسيات عربية مختلفة.
وتشارك سمية الخشاب فى رمضان الحالى بمسلسل “أم 44” والذى تدور أحداث المسلسل حول مجموعة من النساء تخطت أعمارهن سن الأربعين، وتعاني كل منهن مشكلات عدة على المستوى الأسري والاجتماعي والعاطفي والنفسي في سنهن.
المسلسل من بطولة سمية الخشاب من مصر، وجومانة مراد من سوريا، وهدى الخطيب من الإمارات، وعبير أحمد وفاطمة الصافي وحمد أشكناني ولولو الملا من الكويت، وليلى عبد الله من لبنان، وإيناس قمر من العراق، وإيمان الحسيني من البحرين، وعزام النمري وزياد القاضي وطارق النفيسي من السعودية، وتأليف الكاتبة الكويتية هبة مشاري حمادة، ومن إخراج السوري المثنى صبح.
آخر أعمال سمية الخشابآخر أعمال سمية الخشاب الدرامية مسلسل "بـ100 راجل" الذي شاركت به في موسم رمضان 2024، وشاركها البطولة سماء إبراهيم، ومحمود عبد المغني، ومحمد رضوان، ومحمد القس، وهالة فاخر، من تأليف محمود حمدان، وإخراج إبرام نشأت.