"محمد الوادية" حكاية الانتصار على الموت والعودة للحياة
تاريخ النشر: 4th, August 2024 GMT
غزة - خاص صفا
"لكل أجل كتاب"، آجال وأعمار كتبت في علم الغيب، فلن يموت شخص حتى يستوفي آخر نفس له في الدنيا، ويتزود زاده حتى آخره، ومهما اشدت الكربة فلن تفارق حياتك إلا في الوقت الذي كُتب لك.
محمد الوادية، عارك الموت وتصارع معه خلال مدة استمرت 12 يومًا تحت حصار جيش الاحتلال الإسرائيلي وأرتال الدبابات تحيط به، فضلًا عن جرحه النازف إثر قذيفة أصابت كتفه فطرحته أرضًا.
يحكي محمد تفاصيل لحظات رعب وصراع الموت ونجاة كانت بعيدة المنال، ولكن العناية التي أحاطت سيدنا إبراهيم داخل النار كانت رفيقته في معركته: "كنا نازحين تحت القصف والقذائف الكل كان يركض يريد النجاة بحياته، نحن بسباق حياة وموت، كان المنظر هول من أهوال يوم القيامة، وما تريده هو أن تفوز بالنجاة مع زوجتك وأولادك".
ويضيف: "كنا نركض والقذائف فوقنا من كل حدب وصوب، حتى أصبت بكتفي وسقطت على الأرض، زوجتي وأولادي كانوا ينادونني بأن ألحق بهم كي نستطيع النجاة من زخات القذائف، لكن كان وضعي صعب جدًا فلم تكن لدي القدرة على الحركة".
ربما حانت ساعة الفراق وترك الأحبة، فهل سيكونون برفقة بعضهم أم أن روحًا واحدة ستفيض إلى بارئها، "بلحظة إدراك لعدم قدرتي على الركض معهم وخوفي عليهم من أن يتأذوا أو يصيبهم شيئًا، ناديت عليهم وقلت: "اتركوني وامضوا.. لن أنجو".
ويتابع: "مكثت في مكان سقوطي 12 يومًا تحت حصار جنازير الدبابات، كان رفاقي خلالهن أصوات صراصير الليل والكلاب المتعطشة لرائحة الموت، فضلًا عن مصاصي الدماء من بني البشر".
ويكمل قائلًا: "حتى أستطيع إكمال حياتي فكرت كثيرًا كيف يمكنني إيقاف النزيف نتيجة الإصابة، بحثت كثيرًا بين ركام المنازل حولي حتى عثرت على "سكين" وبعض من بقايا أثاث المنازل، أشعلت نارًا وسخنت "السكين" عليه لأكوي مكان الجرح".
تجربة علاج قديم ربما شاهدها على شاشات التلفاز أو رأى حكيمًا يكوي جرحًا لمقاوم لا يستطيع الذهاب إلى المشفى، شم رائحة جسده يشوى وتحمل ألم الكي لأجل "عمر وعبدالله وفرح ويزن".
يردف الوادية: "آخر شي أدركه وأشعر به، صورة الناس وهي تهرب للنجاة بأرواحها من سيلٍ متدفق لصواريخ لا تعرف للرحمة مكان".
هؤلاء الذين لم يستطيعوا الركض لأي سبب وتعثرت أقدامهم وسقطوا أرضًا كتبو في عداد المفقودين والشهداء فخروجهم أحياء من هكذا تجربة معجزة سيرها الله لصاحبها.
خرج الوادية من الموت ونجا بروحه بعدما حفته عناية الرحمن، "رأيت الموت باليوم ألف مرة فالخروج من هكذا تجربة ميلاد جديد، كتب الله لي الحياة لحكمة من عنده".
بقي الوادية حتى ينير حياة أبنائه، فاليتم قاسٍ يخطف الروح معه، فالآباء عملة نادرة في حرب مستعرة تركت رحاها على أكتاف الثكلى والأرامل.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
إقرأ أيضاً:
جاسوس سايغون حكاية مراسل حول فندق كونتننتال لمركز استخبارات
وتناولت حلقة برنامج "المرصد" بتاريخ (2025/4/28) حكاية الجاسوس الفيتنامي فام الذي عمل لعقدين من الزمن مراسلا موثوقا، في حين كان في الحقيقة ينقل أسرار سايغون إلى الشمال مساهما بحسم واحدة من أكثر الحروب دموية في القرن العشرين.
وقبل 50 عاما وفي 30 أبريل/نيسان 1975، دخلت القوات الشمالية سايغون منهية حقبة الاحتلال الأميركي وإعادة توحيد فيتنام، في مشهد حمل بين طياته مئات القصص الخفية التي كان أبرزها قصة الجاسوس الصحفي.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4فو نغوين جياب آخر قائد تاريخي لفيتنام الشيوعيةlist 2 of 4الجزيرة نت في فيتنام.. احتفالات عارمة في "هو تشي منه" بخمسينية النصر والوحدةlist 3 of 4حرب فيتنام.. خمسينية النصر والوحدةlist 4 of 4هو شي منه قائد ثورة فيتنام ضد فرنسا وأميركاend of listوقد نشط فام وسط نخبة الصحفيين والعسكريين والدبلوماسيين متنقلا بين الفنادق الكبرى كمراسل محترف، بينما كانت مهامه الحقيقية تتمحور حول تحليل الوثائق العسكرية وإرسال التقارير السرية لهانوي.
وداخل فندق كونتننتال العريق -الذي كان يعج بالصحفيين الغربيين- برع فام في استغلال موقعه، فعمل مترجما ومستشارا غير رسمي لكبار المراسلين مانحا إياهم تحليلات دقيقة للوضع الميداني.
علاقة عميقةوقد رافق برنامج "المرصد" الكاتب الأميركي لاري بيرمان الذي التقاه في مدينة هوشي منه، وتحدث عن عمق علاقة فام بالصحافة الغربية، إذ كان عنصرا لا غنى عنه لفهم المشهد العسكري والسياسي في فيتنام.
ولم يكن فام مجرد مراسل عادي، فقد كانت رسائله المشفرة تصل إلى قوات الشمال عبر أنفاق كوتشي السرية التي شكلت شريان التواصل الحيوي للمقاومة خلال سنوات الحرب.
إعلانوبحسب بيرمان، كان فام يحشو تقاريره السرية داخل لفافات قماش أو علب أفلام مستعينا بشبكة معقدة من العملاء لنقلها إلى معاقل القيادة الشمالية عبر طرق محفوفة بالمخاطر.
وتعود بدايات مسيرة فام إلى انضمامه مبكرا إلى رابطة استقلال فيتنام، قبل أن ينال منحة دراسية إلى الولايات المتحدة، ويتخرج بشهادة في العلوم الإنسانية، مما عزز غطاءه لاحقا كمثقف وصحفي بارع.
وبعد عودته إلى سايغون، عمل مع كبريات المؤسسات الإعلامية مثل رويترز وتايم ونيوزويك، واكتسب مصداقية عالية مما مكنه من الوصول إلى معلومات غاية في الحساسية.
حجر الأساسكان العام 1968 مفصليا، مع تنفيذ قوات الشمال هجوم "تيت" الواسع حيث شكلت المعلومات التي جمعها فام حجر الأساس لخطة الهجوم الذي زلزل الوجود الأميركي في فيتنام.
وتحول فام إلى أحد أبرز مصادر المعلومات للقيادة الشمالية، مستغلا ثقة الصحفيين والمسؤولين الأميركيين الذين كانوا يرون فيه صحفيا محايدا يشرح لهم تعقيدات الساحة الفيتنامية.
وفي الأيام الأخيرة قبل سقوط سايغون، عرض عليه بعض أصدقائه الصحفيين الأميركيين -مثل بوب شابلن- فرصة الهروب معهم، لكنه اختار البقاء تنفيذا لأوامر قيادته.
وبعد الحرب، خضع فام لفترة من "إعادة التأهيل السياسي" لضمان عدم تأثره بالثقافة الغربية، قبل أن يُكرم بلقب "بطل القوات المسلحة الشعبية" ويُرقى إلى رتبة لواء في الجيش الفيتنامي.
وتوفي فام عام 2006 عن عمر ناهز الثمانين، تاركا وراءه سيرة معقدة جمعت بين الوفاء لقضيته والمهارة الاستثنائية في العمل الصحفي والاستخباري.
الاستبداد التكنولوجيكما تناولت حلقة "المرصد" ظاهرة "الاستبداد التكنولوجي" حيث سلطت الضوء على تحول التكنولوجيا من أداة لتحسين حياة البشر إلى وسيلة للسيطرة على سلوكهم وقراراتهم السياسية.
واستعرضت نشأة مفهوم "التكنوقراطية" الذي دعا لاستبدال السياسيين بالعلماء والمهندسين، قبل أن يتطور لاحقا إلى واقع جديد تُحكمه شركات التكنولوجيا العملاقة.
إعلانوأشار خبراء إلى أن وادي السيليكون أصبح مركزا للتحكم الخفي بالمجتمعات، محذرين من أن الديمقراطية الكلاسيكية قد تفسح الطريق لعصر "الاستبداد التكنولوجي" مع صعود نفوذ أباطرة التقنية.
ورأى مراقبون أن الطفرة التكنولوجية منذ التسعينيات، مع هيمنة شركات مثل مايكروسوفت وفيسبوك، أسهمت في إعادة تشكيل المشهد السياسي والاجتماعي على مستوى العالم.
ومع تزايد قدرة هذه الشركات على جمع وتحليل بيانات الأفراد، بات واضحا أن تأثيرها يمتد إلى أنماط التفكير والاختيارات السياسية والاقتصادية للمجتمعات الحديثة.
28/4/2025