بوابة الوفد:
2024-09-09@14:08:23 GMT

التافهون والتافهات!

تاريخ النشر: 4th, August 2024 GMT

رغم أننى لست ممن يرون فى وسائط التواصل الاجتماعي، تلك التى نسميها السوشيال ميديا، شرًا مطلقًا، إلا أن الملاحظ جليًا خلال الفترة الماضية أن تلك الوسائل كان لها دور كبير فى زيادة عدد التافهين والتافهات فى العالم كله بشكل عام وفى مجتمعاتنا العربية بشكل خاص. سهولة التعامل معها وانتشارها الرهيب أغرى كثيرًا ممن لا قيمة حقيقية لهم فى المجتمع بأن يتصدروا المشهد.

ولأن التفاهة هى عنوان رئيسى من عناوين العالم حاليًا كان من الطبيعى أن يكون لها جمهور كبير يشجع أبطالها على التمادى فى تفاهتهم والاستمرار فيها اعتمادًا على جمهورهم الذى يطالبهم بالمزيد منها.

اغراء السوشيال ميديا جعل كل تافه وتافهة يعتقدون أن من حقهم التعرض لأى شخص ولأى قضية دون أن يكون لديه ولو الحد الأدنى من الإمكانيات الفكرية التى تؤهله للكلام فى هذه القضية أو تلك. لا اعتراض عندى طبعا على حرية الرأى، بل هى حق أصيل لكل إنسان على وجه الأرض لكن عندما يعتقد كل صاحب رأى أن من حقه الخوض فى قضايا أعمق بكثير من فهمه وإدراكه، هنا يكون علينا التصدى لمثل هذه الحالات التى انتشرت بشكل رهيب مؤخرًا وجعل كل من هب ودب لا يكتفى حتى بالجهر برأيه الذى ينم عن جهله الشديد بالقضية التى يتحدث فيها بل الأمر تعدى ذلك إلى أن هؤلاء يقرنون آراءهم بأسانيد وحجج يحتاج كل منها إلى متخصص فى تلك المجالات. لكن التافه والتافهة من هؤلاء لا يجدان أى غضاضة فى أن يفتيا فى أمور لا يجرؤ على الفتوى فيها حتى المتخصصون فيها. لذا امتلأت السوشيال ميديا ببوستات وتغريدات اتسم أصحابها بجرأة شديدة فى التصدى لقضايا تحتاج لسنوات من الدراسة والبحث قبل أن يقدم أى شخص على التعامل معها.

الغريب بل الأغرب أن اغراء السوشيال ميديا خاصة من بعض المشاهير الذين يتابعهم أعداد كبيرة من الناس قد جعل هؤلاء يتطوعون بالفتوى فى غير تخصصاتهم. فعلى سبيل المثال تجد واحدا من هؤلاء استمد شهرته من كونه لاعب كرة قدم. لم يرتبط اسمه بأى إنجاز فى عالم كرة القدم. اتيحت له الفرصة ليكون أحد أهم لاعبى العالم وليس فى المنطقة العربية فقط، لكنه استهتر وتعامل مع الموضوع بعدم جدية ولم يستطع أن يقاوم شهوة الشهرة فى سن الشباب فكان من الطبيعى أن يعتزل مبكرًا كلاعب. ولأن للفشل جينات بداخل الإنسان كما أن للنجاح جينات، فشل نفس الشخص كمدرب وكذلك كمحلل للمباريات. وبالطبع انتقل معه هذا الفشل عندما تحول لإعلامى له برامج يقدمها على الشاشات. ورغم أن كل ذلك يمكن احتماله لو كان الرجل لا يتكلم إلا فى تخصصه، لكنه رأى فى نفسه الجدارة بأن يخوض فى الحديث عن شخصيات سياسية فلسطينية عربية ارتبطت اسماؤها بالكفاح ضد الاحتلال الاسرائيلي، فيجيء تافه ليصفهم بأنهم ارهابيون كانوا يعملون لمصالحهم الشخصية.

مثال آخر لفنانة ربع موهوبة أغلب أدوارها كومبارس. لم يتعرض لها أحد بأى نقد على ملابسها مثلًا أو شعرها، فهى أمور تندرج تحت الحرية الشخصية حيث لا يستطيع كائن ما أن يجبر الآخرين على ارتداء ملابس معينة أو وضع غطاء للرأس. فإذا بهذه الممثلة تملأ السوشيال ميديا تصريحات وفتاوى عن عدم قضية حجاب المرأة. انا أتفق مع كل من تقرر لنفسها ارتداء الحجاب أو عدم ارتدائه لكن أختلف أن تعطى أى إنسانة لنفسها حق الفتوى فى مثل تلك القضايا. لكنها التفاهة ومحاولة لفت الأنظار تمامًا كما يفعل بعض الإعلاميين الذين يهاجمون ثوابت الدين والعقيدة تحت بند حرية الرأى. لو استعرضت أسماء لنماذج ستجد أن أغلب التافهين والتافهات هم أصلًا من أنصاف بل أرباع الموهوبين بل هم أقل من ذلك. فالشخص الناجح المتميز فى مجاله لا وقت لديه للتفاهات. الموهبة الحقيقية لا تحتاج أن تكمل موهبتها بالتوافه من الأمور ولا تتجرأ على الفتوى فيما لا تعرف.

طبقوا هذه القاعدة وستعرفون وقتها من هم هؤلاء التافهون والتافهات الذين احتلوا السوشيال ميديا لا لشيء سوى أن يلفتوا الأنظار و«ليركبوا» الترند الذى أفسد علينا حياتنا.

 

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: هشام مبارك طلة وسائط التواصل الاجتماعي السوشیال میدیا

إقرأ أيضاً:

دكتور مصطفي ثابت يكتب.. الاختلافات الفقهية حول الاحتفال بالمولد النبوي

يُعدُّ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من القضايا التي تثير نقاشًا فقهيًا مستمرًا بين علماء المسلمين، حيث انقسمت الآراء بين مؤيدين للاحتفال ومعارضين له. يتمحور هذا النقاش حول الأسس الفقهية والأدلة الشرعية التي تستند إليها كل جهة في تفسيرها لهذه القضية.

 

الرأي المؤيد للاحتفال بالمولد النبوي: 

يرى العديد من العلماء والمؤيدين أن الاحتفال بالمولد النبوي ليس بدعة أو محرمًا، بل هو تعبير عن محبة النبي محمد ﷺ وتقدير لرسالته العظيمة. ومن هؤلاء العلماء، الإمام السيوطي والإمام ابن حجر العسقلاني وغيرهم من الفقهاء الذين أشاروا إلى أن إحياء ذكرى المولد النبوي يدخل في إطار “البدعة الحسنة” التي ترسخ حب النبي وتزيد من ارتباط المسلمين بسيرته العطرة.

يستدل هؤلاء بآية: “قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا” (يونس: 58)، حيث يُرون أن ولادة النبي ﷺ هي من أعظم نعم الله على البشرية، وبالتالي فإن الفرح بها من باب شكر النعمة. كما يستشهدون بأن النبي نفسه كان يصوم يوم الاثنين لأنه يوم وُلد فيه، ما يُعزز من فكرة أن إحياء ذكرى ميلاده يمكن أن يكون مشروعًا.

 

الرأي المعارض للاحتفال بالمولد النبوي: 

على الجهة الأخرى، يرى عدد من العلماء أن الاحتفال بالمولد النبوي يُعد من البدع التي لم تكن موجودة في عصر النبي ﷺ ولا الخلفاء الراشدين. يستند هؤلاء إلى الحديث النبوي الشريف: “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد” (رواه البخاري ومسلم)، أي أن أي إضافة إلى الدين لم تكن موجودة في عهد النبي ﷺ تُعتبر بدعة غير مقبولة.

من أبرز العلماء الذين اعترضوا على الاحتفال بالمولد النبوي ابن تيمية والإمام ابن باز، حيث يعتبرون أن أي عمل غير مسنون يجب أن يُرفض، حتى وإن كانت نية صاحبه حسنة. ويؤكدون أن الاحتفالات الدينية يجب أن تكون وفق السنة النبوية وألا تُبتكر عبادات جديدة.

 

التوازن الفقهي:

 

بناءً على هذا التباين، تتجه بعض الأصوات الوسطية إلى التأكيد على أن الاحتفال بالمولد النبوي ليس بذاته عبادة مقررة في الدين، ولكنه عمل اجتماعي وثقافي يرتبط بالتذكير بالسيرة النبوية والمبادئ الإسلامية، شريطة أن يخلو من المخالفات الشرعية مثل التفاخر أو الإسراف.

يرى هؤلاء أن ما يقع في دائرة العادات يجب أن يُنظر إليه بما يُحقق مصلحة المجتمع ويُعزز من القيم الإسلامية، دون الابتعاد عن الثوابت الدينية. في هذا السياق، يمكن إدراج الاحتفالات ضمن ما يُعرف بـ”المصالح المرسلة”، وهي أعمال لم ينص عليها الشرع ولكنها تُقرُّ إذا كانت في مصلحة المسلمين ولا تخالف تعاليم الدين.

 

يبقى الجدل الفقهي حول الاحتفال بالمولد النبوي قائمًا، بين من يراه تعبيرًا عن حب النبي ﷺ ومن يعتبره من البدع غير المشروعة. وفي ظل هذا التباين، من المهم أن يظل الحوار الفقهي قائمًا على أسس علمية ومنطقية، مع احترام وجهات النظر المختلفة، حيث يُعد التنوع الفقهي سمة من سمات الشريعة الإسلامية التي تعطي فسحة للتعددية بما يتفق مع مقاصد الشريعة وحاجات المجتمع المسلم.

مقالات مشابهة

  • النصب على السوشيال ميديا.. ننشر نص أمر إحالة المتهمتان بسلب أموال المواطنين في آجا (خاص)
  • مظهر العريس أو تصدر الترند؟ عروسة مصرية غاضبة تجتاح السوشيال ميديا
  • «العروسة المغصوبة» تشعل السوشيال ميديا.. ورد صادم من العريس
  • أما آن لكم أن تعترفوا بحقوق معلمات محو الأمية.؟!
  • شاهد بالصور.. في مفاجأة كبيرة.. الكشف عن زوج نجمة السوشيال ميديا الحسناء “مرادي رشدي”  والذي تزوجته بعد انفصال دام 8 سنوات.. ناشط شهير وصاحب برنامج متابع
  • «خطافة الرجالة».. شقيقة زوجة أكرم توفيق تشعل السوشيال ميديا برسالة لـ هدير أبو نار
  • حقيقة حمل جورجينا رودريجيز.. أثارت الجدل على السوشيال ميديا
  • رودري: أفضّل الحياة الواقعية عن السوشيال ميديا
  • بكري: تطاول السفهاء على رموز الدين الإسلامي والمسيحي على السوشيال ميديا جريمة
  • دكتور مصطفي ثابت يكتب.. الاختلافات الفقهية حول الاحتفال بالمولد النبوي