رغم أننى لست ممن يرون فى وسائط التواصل الاجتماعي، تلك التى نسميها السوشيال ميديا، شرًا مطلقًا، إلا أن الملاحظ جليًا خلال الفترة الماضية أن تلك الوسائل كان لها دور كبير فى زيادة عدد التافهين والتافهات فى العالم كله بشكل عام وفى مجتمعاتنا العربية بشكل خاص. سهولة التعامل معها وانتشارها الرهيب أغرى كثيرًا ممن لا قيمة حقيقية لهم فى المجتمع بأن يتصدروا المشهد.
اغراء السوشيال ميديا جعل كل تافه وتافهة يعتقدون أن من حقهم التعرض لأى شخص ولأى قضية دون أن يكون لديه ولو الحد الأدنى من الإمكانيات الفكرية التى تؤهله للكلام فى هذه القضية أو تلك. لا اعتراض عندى طبعا على حرية الرأى، بل هى حق أصيل لكل إنسان على وجه الأرض لكن عندما يعتقد كل صاحب رأى أن من حقه الخوض فى قضايا أعمق بكثير من فهمه وإدراكه، هنا يكون علينا التصدى لمثل هذه الحالات التى انتشرت بشكل رهيب مؤخرًا وجعل كل من هب ودب لا يكتفى حتى بالجهر برأيه الذى ينم عن جهله الشديد بالقضية التى يتحدث فيها بل الأمر تعدى ذلك إلى أن هؤلاء يقرنون آراءهم بأسانيد وحجج يحتاج كل منها إلى متخصص فى تلك المجالات. لكن التافه والتافهة من هؤلاء لا يجدان أى غضاضة فى أن يفتيا فى أمور لا يجرؤ على الفتوى فيها حتى المتخصصون فيها. لذا امتلأت السوشيال ميديا ببوستات وتغريدات اتسم أصحابها بجرأة شديدة فى التصدى لقضايا تحتاج لسنوات من الدراسة والبحث قبل أن يقدم أى شخص على التعامل معها.
الغريب بل الأغرب أن اغراء السوشيال ميديا خاصة من بعض المشاهير الذين يتابعهم أعداد كبيرة من الناس قد جعل هؤلاء يتطوعون بالفتوى فى غير تخصصاتهم. فعلى سبيل المثال تجد واحدا من هؤلاء استمد شهرته من كونه لاعب كرة قدم. لم يرتبط اسمه بأى إنجاز فى عالم كرة القدم. اتيحت له الفرصة ليكون أحد أهم لاعبى العالم وليس فى المنطقة العربية فقط، لكنه استهتر وتعامل مع الموضوع بعدم جدية ولم يستطع أن يقاوم شهوة الشهرة فى سن الشباب فكان من الطبيعى أن يعتزل مبكرًا كلاعب. ولأن للفشل جينات بداخل الإنسان كما أن للنجاح جينات، فشل نفس الشخص كمدرب وكذلك كمحلل للمباريات. وبالطبع انتقل معه هذا الفشل عندما تحول لإعلامى له برامج يقدمها على الشاشات. ورغم أن كل ذلك يمكن احتماله لو كان الرجل لا يتكلم إلا فى تخصصه، لكنه رأى فى نفسه الجدارة بأن يخوض فى الحديث عن شخصيات سياسية فلسطينية عربية ارتبطت اسماؤها بالكفاح ضد الاحتلال الاسرائيلي، فيجيء تافه ليصفهم بأنهم ارهابيون كانوا يعملون لمصالحهم الشخصية.
مثال آخر لفنانة ربع موهوبة أغلب أدوارها كومبارس. لم يتعرض لها أحد بأى نقد على ملابسها مثلًا أو شعرها، فهى أمور تندرج تحت الحرية الشخصية حيث لا يستطيع كائن ما أن يجبر الآخرين على ارتداء ملابس معينة أو وضع غطاء للرأس. فإذا بهذه الممثلة تملأ السوشيال ميديا تصريحات وفتاوى عن عدم قضية حجاب المرأة. انا أتفق مع كل من تقرر لنفسها ارتداء الحجاب أو عدم ارتدائه لكن أختلف أن تعطى أى إنسانة لنفسها حق الفتوى فى مثل تلك القضايا. لكنها التفاهة ومحاولة لفت الأنظار تمامًا كما يفعل بعض الإعلاميين الذين يهاجمون ثوابت الدين والعقيدة تحت بند حرية الرأى. لو استعرضت أسماء لنماذج ستجد أن أغلب التافهين والتافهات هم أصلًا من أنصاف بل أرباع الموهوبين بل هم أقل من ذلك. فالشخص الناجح المتميز فى مجاله لا وقت لديه للتفاهات. الموهبة الحقيقية لا تحتاج أن تكمل موهبتها بالتوافه من الأمور ولا تتجرأ على الفتوى فيما لا تعرف.
طبقوا هذه القاعدة وستعرفون وقتها من هم هؤلاء التافهون والتافهات الذين احتلوا السوشيال ميديا لا لشيء سوى أن يلفتوا الأنظار و«ليركبوا» الترند الذى أفسد علينا حياتنا.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: هشام مبارك طلة وسائط التواصل الاجتماعي السوشیال میدیا
إقرأ أيضاً:
بعد واقعة الإعلامية رضوي الشربيني.. عقوبات رادعة تواجه هؤلاء بسبب السب
تساءل عدد من المواطنين عن عقوبات السب والقذف وفقا للقانون وذلك بعد قرار محكمة القاهرة الاقتصادية، حجز دعوى محاكمة بلوجر شهير لاتهامه بسب الإعلامية رضوى الشربيني لجلسة 17 مارس للنطق بالحكم.
الفرق بين السب والقذف وعقوبتهما
نصت المادة 302 / 1 على تعريف جريمة القذف بأنه: "يعد قاذفا كل من أسند لغيره بواسطة إحدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون أمورا لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونا أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه"، كما عاقبت المادة 303/1 على عقوبة جريمة القذف بالنص على: "يعاقب على القذف بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة عشر ألف جنيه"، وبخصوص جريمة السب فقد نصت المادة 306 على تعريف جريمة السب والعقوبة المقرر له، "كل سب لا يشتمل على إسناد واقعة معينة بل يتضمن خدشا للشرف أو الاعتبار يعاقب عليه فى الأحوال المبينة بالمادة 171 غرامة لا تقل عن ألفى جنيه ولا تزيد عن عشرة آلاف جنيه".
كما نصت المادة 308 من قانون العقوبات على انه إذا تضمن العيب أو الإهانة أو القذف أو السب طعناً فى عرض الأفراد أو خدشاً لسمعة العائلات تكون العقوبة الحبس والغرامة معاً، على ألا تقل الغرامة فى حالة النشر فى إحدى الجرائد أو المطبوعات عن نصف الحد الأقصى وألا يقل الحبس عن ستة شهور.
نصت المادة 26 من قانون جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 على أن: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثمائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تعمد استعمال برنامج معلوماتى أو تقنية معلوماتية فى معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوى مناف للآداب العامة، أو لإظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتباره أو شرفه"
وطالب دفاع الإعلامية رضوى الشربيني، أمام محكمة القاهرة الاقتصادية بمبلغ 101 ألف تعويضا مدنيا ضد بلوجر شهير لاتهامه بسب وقذفها والتشهير بها من أجل زيادة المشاهدات.
وكشف أمر إحالة البلوجر أن المتهم في غضون شهر يونيو لعام 2024 بدائرة قسم التجمع الأول بمحافظة القاهرة، سب المجني عليها رضوي الشربيني.
وأسند أمر الإحالة للمتهم انه وجه للإعلامية رضوى الشربيني الألفاظ المسيئة لها والمدينة بالأوراق التي تتضمن خدشًا للشرف.