مات «هنية» ليعيش ألف ألف «هنية»
تاريخ النشر: 4th, August 2024 GMT
حادث اغتيال رئيس المكتب السياسى لحركة حماس الفلسطينية «إسماعيل هنية» من قبل جهاز الاستخبارات الإسرائيلى «الموساد» .. لن يكسب إسرائيل حربها القذرة على قطاع غزة الحبيب والجريح منذ 300 يوم. مات «هنية» ليعيش ألف ألف هنية بعده يقاوم وينتفض ويثور لتأتى الغلبة والنصر من عند الله ولو بعد حين.
لقد اغتالته إسرائيل بتفجير عبوة ناسفة عبارة عن جهاز عالى التقنية يستخدم الذكاء الاصطناعي، زرعته مسبقًا فى غرفة نومه بمقر إقامة الحكومة الإيرانية الرسمى فى طهران.
مات «هنية» ولكن ستعيش أفكاره حتى لو اختلفت معه حول جدواها، يكفيك أن تحترم إخلاصه لقضية وطنه، وأنه فى النهاية دفع حياته وحياة معظم أولاده وأحفاده ثمن حرية هذا الوطن.
أنهت إسرائيل حياة هنية وغيره من القيادات الفلسطينية واللبنانية والعربية ليبقى السؤال ساخنًا: هل كسبت إسرائيل الحرب على قطاع غزة على الرغم من حجم المذابح والتجاوزات اللإنسانية التى ارتكبتها فى حق سكان غزة العزل؟
الإجابة تجىء على لسان باحثين إسرائيليين بالنفى القاطع، بل وجدوا فى حربها الدائرة على قطاع غزة عدوانا سافرا ووحشيا منذ 7 أكتوبر 2023، فقد نشر مؤخرًا مركز رؤية للتنمية السياسية فى بحث هام بعنوان «قراءات إسرائيلية نقدية لإدارة العدوان على غزة فى شهره العاشر»، حيث يرى باحثون إسرائيليون مع دخول الحرب «الإسرائيلية» على قطاع غزة شهرها العاشر، لا يزال الاحتلال يعلن أنّ هدفه الرئيسى هو القضاء على قدرات حركة حماس العسكرية، والإطاحة بحكمها، سعيًا لتغيير الواقع السياسى الاستراتيجي، ورغم أنّ العدوان بدأ باصطفاف غير مسبوق إلى جانب الاحتلال من قِبَل الولايات المتحدة والدول الغربية وبعض الدول العربية «ضمنًا»، لكن مرور هذه الشهور من العدوان كشف عن سوء إدارته فى مختلف الجوانب: العسكرية والقانونية والأمنية، ما أحدث ضررًا عميقًا فى شرعية هذه الحرب على الصعيد الدولي، وتراجع قدرة الاحتلال فى تسخير المجتمع الدولى لتحقيق أهدافه العدوانية.
وفى هذا البحث الهام لمركز رؤية للتنمية السياسية فقد وجّهت العديد من الكتابات «الإسرائيلية» انتقادات حادة لدوائر صنع القرار فى «تل أبيب» بسبب إخفاقاتها المتلاحقة فى إدارة الحرب، ما تسبب فى الحيلولة دون نجاحها فى تحقيق أهدافها، وما لم يحدث تغيير عميق فى الطريقة التى تتصرف بها، فيبدو أنّ وضع الاحتلال فى السنوات المقبلة سيكون أسوأ مما كان عليه قبل الحرب.
فى الوقت ذاته، هناك اعتراف «إسرائيلي» بوجود نقص فى توصيف جميع الجهود المطلوبة لإنجاز أهداف الحرب، وهو ما لم يكن ظاهرًا فى البداية، ما أسفر مع مرور الوقت عن ارتفاع الأثمان المدفوعة على المدى الطويل، لأنه كشف عن عدم دراية «إسرائيلية» كافية بأهداف حماس واستراتيجيتها، سواء أكان إجبار الاحتلال على إطلاق سراح كبار الأسرى فى سجونه أو الاستفادة من الفرصة السانحة على خلفية الضعف الذى أصاب الاحتلال بسبب الانقلاب القانوني، وما أسفر عنه من شروخات داخلية، ولعلّ عدم الإحاطة «الإسرائيلية» الكافية بهذه الأهداف نتج عنه خطأ فى فحص سلوك حماس العسكرى طيلة الشهور الماضية.
وبحسب الباحثين الإسرائيليين فى مركز رؤية للتنمية السياسية فإن اليوم، وبينما تدخل الحرب شهرها العاشر، تتواتر إقرارات الاحتلال بأنّ حماس استعدّت جيدًا للدفاع عن نفسها، وإلحاق العديد من الإصابات بجيشه، والتسبب بأضرار واسعة النطاق له، تمهيدًا لتحويل الحرب على غزة لتصبح متعددة الساحات، وتقويض اتفاقيات التطبيع، وزيادة الانتقاص من شرعية الاحتلال حول العالم، وصولًا لحرمانه من إمكانية استكمال خطته العسكرية، وإنهاء الحرب بعد إطلاق سراح الأسرى، ما يمنح الحركة مزيدًا من الهيبة والنفوذ بين الفلسطينيين، والبقاء مسيطرة على غزة، رغم ما مُنيت به من خسائر وأضرار.
يدرك الباحثون الإسرائيليون أكثر من ذلك، أنّ الاحتلال سعى لتعميم جملة من الرسائل «المضللة» فلسطينيًا ودوليًا، وأهمها أنه يقاتل حماس وليس الفلسطينيين، رغم ثبوت بطلانها وزيفها، بدليل أنّ الاستباحة الشاملة لقطاع غزة، من أقصاه إلى أقصاه، واستخدام القوة العسكرية الفتاكة ضد المدنيين الآمنين فى بيوتهم وخيامهم، ولّدت صورة إشكالية لدى شركاء الاحتلال، وفى الرأى العام الدولي، وتسببت فى انقسام معهم، وصلت حدّ تجميد صفقات أسلحة للاحتلال، وأضرار واسعة النطاق لشرعية العدوان، واحتجاجات لم يتم السيطرة عليها فى كبرى عواصم العالم والجامعات.
أخيرًا يجد الباحثون الإسرائيليون أن عشرة أشهر من الحرب «الإسرائيلية» على غزة قد كشفت أنّ سلوك الاحتلال لم يتنبه لكثير من التطورات التى واكبته، وبالتالى جاءت العديد من النتائج السلبية نتيجة التردد، أو عدم القدرة على اتخاذ القرارات المناسبة، وغياب الإدارة، بدليل أنه فى الكثير من الأحيان، أظهر الاحتلال إصرارًا غريبًا على مسار معين فى الحرب رغم أنّ ثمنه كبير، ويشكل مخاطر عالية جدًا، وبعد فترة من الوقت يتم التخلى عنه، ولكن بعد فوات الأوان، وبعد دفع ثمن باهظ للغاية، سواء أمام المقاومة من الناحية العسكرية، أو أمام المجتمع الدولى من الناحية الدبلوماسية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: هنية على قطاع غزة على غزة
إقرأ أيضاً:
ارتباك إسرائيلي حول توزيع المساعدات في غزة.. فشل في اختراق العشائر
مع تصاعد العدوان الاسرائيلي المتواصل على غزة، واستمرار المفاوضات، ولو بنسب متفاوتة، يجتهد الإسرائيليون في تقديم المزيد من المقترحات الميدانية لإنهاء هذه الحرب، مع خشيتهم بألا تكون أهدافها قد تحققت، رغم الكثافة النارية الدموية التي ألقت حممها على الشعب الفلسطيني.
وذكر النائب السابق لرئيس الساحة الفلسطيني في قسم التخطيط بجيش الاحتلال الجنرال عاميت ياغور، أنه "مع استمرار القتال على الجبهتين الجنوبية والشمالية، غزة ولبنان، نفهم أن تدمير جميع القدرات العسكرية تقريبًا للمنظمات المسلحة بطريقة لا تسمح لها بتهديد الاحتلال، والإضرار به، قد تم بشكل كبير، رغم أن ذلك لا يؤدي إلى استسلامها وانسحابها، وسيكون مستحيلا ملاحقة كل صاروخ وكل مقاتل آخر للعدو".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة معاريف، وترجمته "عربي21" أننا "إذا أردنا إنهاء هذه الحرب يوما ما على الجبهة الجنوبية، فيجب أن نعلم أن أمامنا حماس، منظمة عسكرية وسياسية وقوة حاكمة في قطاع غزة، وكان الطريق لتجاوزها سريعاً، والإفراج السريع عن الأسرى، هو التعامل مع ذراعيها العسكري والحكومي، في الوقت نفسه، زاعم علاقة حماس مع الجمهور في غزة تتعلق بالمقام الأول بالمساعدات الإنسانية، ومن المؤكد أن تخفيضها للحد الأدنى سيقلّل بشكل كبير من بقاء حماس، وقدرتها على القتال لفترة طويلة".
وزعم أن "الطلب الأمريكي الحازم والصريح حرم الاحتلال من تقليص المساعدات للحد الأدنى، وأطال أمد الحرب، وأضرّ بفرص إعادة المختطفين بأسرع وقت ممكن، ومن هذه النقطة فصاعدا، تحولت مسألة الضرر الذي لحق بالقدرات الحكومية لحماس إلى التركيز على مسألة من سيوزع المساعدات، وفي مسألة توزيعها الفعلي على الفلسطينيين ظهر أن الاحتلال عالق فعلاً، لأنه بينما عاد الجهد العسكري للمرة الثانية أو الثالثة في غزة، فإن الضرر الذي لحق بقدرات حماس الحكومية لم تتم إدارته كجهد محدد مع ضغوط كبيرة ومتواصلة".
وذكر أنه "باستثناء ثلاث محاولات فاشلة لخلق تعاون مع العشائر لتوزيع المساعدات الإنسانية بدلاً من حماس، فإن الاحتلال لم يمنح القضية أهميتها الحاسمة، المرتبطة بحماس، واستكمال أهداف الحرب المزعومة، واستعادة الأسرى، أي أن المستويين السياسي والعسكري فشلا في فهم أن الجهد العسكري في مواجهة حماس ضروري، لكن المهم بنظرها هو الحفاظ على قدراتها الحكومية وولاء فلسطينيي غزة لها، وهو الأساس لاستمرار وجودها في اليوم التالي، مع العلم أن قدراتها العسكرية ستخضع لإعادة التأهيل في عملية تستغرق عدة سنوات".
وأوضح أننا "اليوم دخلنا مرحلة ما بعد القتال العسكري في غزة، وفي نهاية الحرب بأكملها، وأمام الاحتلال بدائل استراتيجية: أولاها إنهاء الحرب أذا أنهت حماس حكمها الفعلي على غزة، وعدم عودتها لموقع قوة في غزة، وهو مهم جداً من الناحية الاستراتيجية الإقليمية، وسيطرة طرف ثالث على غزة، والحفاظ على السيطرة الأمنية الإسرائيلية الكاملة عليها حتى دخول قوة جديدة، وهو ما سيتم مناقشته في إطار الحديث عن الواقع الجديد في اليوم التالي، وإسناد السيطرة المدنية في مختلف المراكز في القطاع لقوة أخرى".
واستدرك بالقول أن "الأمريكيين يعارضون بشدة أي نشر لقوات إضافية في الشرق الأوسط، وبالتأكيد في مناطق القتال، مما قد يشير لشركات الأمن الخاصة، التي يوجد الكثير منها في الولايات المتحدة، وساعدت جيشها بشكل كبير في السيطرة على العراق وأفغانستان، عندما انتهت مرحلة العمليات العسكرية، بهدف تحقيق الاستقرار في المنطقة".
وزعم أن "عدم التدخل الإسرائيلي، أو وجود هيئة حكم خارجية سيسمح للمقاومة بالتسلل مرة أخرى لقطاع غزة عبر الأنظمة المدنية، مما يتطلب عمل الشركات الأمنية في مناطق إنسانية محددة "فقاعات إنسانية" في البداية شمال القطاع، مما سيمكن من العزلة عن مناطق القتال المتبقية، ويحرم حماس من القدرة على فرض السيطرة الاقتصادية، رغم أنه من العار أن يستمر النشاط المكثف في شمال القطاع حتى اليوم".