اغتيال هنية.. الدوافع والأسباب
تاريخ النشر: 4th, August 2024 GMT
د. عبدالله آلبوغبيش **
بعد مُضي يومين من اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، وخفوت نار التغريد والتحليل، يُمكن التطرق إلى بعض النقاط في هذا السياق:
في أي قراءة للأحداث والتطورات لابُد من وضع الأحداث ضمن إطارها المحلي والإقليمي والدولي، فغياب مثل هذه النظرة يؤدي إلى فهم خاطئ للأحداث، وبالتالي يقودنا نحو متاهات في المواقف والقرارات.
1- إيرانيًا: شهدت إيران خلال الشهر الماضي انتخابات رئاسية مبكرة على ضوء تحطم طائرة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي؛ حيث فاز فيها مسعود بزشكيان الذي حظي بتأييد على مستوى القيادات والشعب وقد رفع شعار الدعوة إلى حل القضايا العالقة مع الغرب عبر المفاوضات، ولا شك أنَّ مثل هذا الموقف يؤدي إلى إحراج كيان الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي يجعل عملية تأليب المجتمع الدولي ضد إيران مهمة صعبة للاحتلال. إذن كان لا بُد من القيام بعملية استباقية تستفز طهران وتمنع تحقيق أي إنجاز إقليمي أو دولي لها منذ اللحظات الأولى لبدء مهام الرئيس الجديد.
2- عربيًا: عملية اغتيال إسماعيل هنية باعتباره شخصية تحظى بشعبية كبيرة لدى الرأي العام العربي والإسلامي لا سيما بعد عملية "طوفان الأقصى"، وذلك في قلب العاصمة الإيرانية طهران المعروفة بدعمها للمقاومة الفلسطينية، تساهم في إيجاد شرخ عميق بين إيران وحماس من جهة، وبين إيران والشارع العربي والمسلم من جهة أخرى؛ حيث تؤدي إلى توجيه الانتقادات لإيران، وربما توجيه أصابع الاتهام نحوها، بعد أن نالت شعبية كبيرة لدى الرأي العام العربي عبر دعمها للقضية الفلسطينية والتصالح مع السعودية في عهد الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي؛ ما ساهم بوقف عملية التطبيع التي يعمل الصهاينة على تحقيقها في الشرق الأوسط.
3- إقليميًا: لا شك أن أسطورة الجيش الذي لا يُقهر قد انهارت منذ السابع من أكتوبر 2023، وإن ما يسمى بالردع الإسرائيلي قد تزعزع إلى حد بعيد، بحيث إن الاحتلال بات مكشوفًا من جميع الجهات، وإن أصغر الحركات المناهضة للاحتلال باتت تستهدفه من كل حدب وصوب. إذن كان لا بُد للاحتلال من استعادة ذلك الردع وترميم تلك الأسطورة المنهارة عبر اغتيالات يصعب الرد عليها بالنظر الى ظروف الدولة أو الحركة المستهدفة.
4- دوليًا: بعد انتخاب الرئيس الجديد في إيران، تزايد الحديث عن تقارب بين طهران والعواصم الأوروبية وواشنطن، وهذا ما لا يروق لإسرائيل التي تتغذى من دعاية التهديدات الإيرانية ضدها، وتعمل على تشويه صورة إيران لدى الغرب وتخويف المجتمعات والحكومات الغربية من أي دور لإيران على المستويين الإقليمي والدولي، لذلك لا بُد من تفادي أي تقارب ومنع أي صفقة إيرانية غربية محتملة تساهم في تعافي الاقتصاد الإيراني؛ ما ينعكس إيجابيًا على تحسين صورتها دوليًا، بعد أن تمكّنت من تحقيق شعبية كبيرة لدى أوساط الرأي العام العربي من خلال التصالح مع المملكة العربية السعودية ودعم القضية الفلسطينية بكل ما أوتيت من قوة، وذلك في ظل غياب أي دعم عربي حقيقي للفلسطينيين في قطاع غزة.
5- إسرائيليًا: القضاء على قيادي كبير في حماس يساعد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو على تعزيز مكانته السياسية التي باتت تتآكل بعد أن طال أمد الحرب دون تحقيق إنجاز حقيقي. اليوم، يمكن الحديث عن أن نتنياهو لا يستطيع البقاء في منصبه السياسي إلا عبر الاغتيالات والاستمرار في الحرب التي تبين أنها لا تؤدي إلى نتائج ملموسة حتى الآن.
إذن.. من السذاجة الحديث عن أنَّ كيان الاحتلال الإسرائيلي لم يستطع اغتيال هنية في عواصم أخرى سوى طهران؛ فأي عملية اغتيال لا بُد من أن تحقق إنجازًا ملموسًا على عدة مستويات، وإلّا فإن التصفية الجسدية للشخصيات المستهدَفة خارج الظرف المناسب لا تخدم مصالح الجهة المستهدِفة لتلك الشخصيات. فكما نعلم أن زيارة الشهيد إسماعيل هنية إلى طهران لم تكن الأولى من نوعها، وعلينا أن نتساءل لماذا لم يتم اغتياله في المرات السابقة؟ لا سيما وأنها ليست المرة الأولى التي نرى كيان الاحتلال يغتال قادة المقاومة الفلسطينية في الدول المستضيفة لهم؛ فالاحتلال اغتال في السنوات الماضية فتحي الشقاقي في مالطا، وغسان كنفاني في بيروت، وفادي البطش في ماليزيا، ومحمود المبحوح في إمارة دبي، وغيرهم كثيرين.
إذن.. بعيدًا عن كل المشاعر والأحاسيس لا بُد من النظر إلى الأحداث والمجريات من منظور منطقي، ولا بُد من وضع الأمور في سياقها المحلي والإقليمي والدولي لاستخلاص الدروس والعبر، واتخاذ القرارات السليمة على ضوء ذلك.
** أكاديمي إيراني
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الموساد يتهم إيران بقتل حاخام حباد في الإمارات.. طهران تنفي
زعم تقرير نشرته صحيفة "معاريف" أن إيران متورطة في مقتل مبعوث حركة حباد العبرية في أبو ظبي، الحاخام تسفي كوجان.
وبحسب التقرير فإن المسؤولين الأمنيين في دولة الاحتلال الإسرائيلي يرجحون أن إيرانيين يقفون وراء قتل الحاخام في أبو ظبي.
كما أشادوا "باحترافية وعزيمة شرطة أبو ظبي والأجهزة الأمنية المحلية التي نجحت في اعتقال أفراد الخلية الثلاثة المشتبه في تورطهم بمقتل مبعوث حركة حباد في الإمارات٬ خلال 24 ساعة".
وأضاف التقارير أن "جهاز الموساد الإسرائيلي كان على تواصل مباشر مع الأجهزة الأمنية في أبو ظبي خلال التحقيقات، مما ساهم في تتبع الخلية المشتبه بها وإلقاء القبض على أفرادها".
The Prime Minister's Office and the Ministry of Foreign Affairs:
The UAE intelligence and security authorities have located the body of Zvi Kogan, who has been missing since Thursday, 21 November 2024. — Prime Minister of Israel (@IsraeliPM) November 24, 2024
وأعلنت حكومة الاحتلال صباح الاثنين "أن الثلاثة المشتبه بهم الذين اعتقلتهم شرطة أبو ظبي هم أعضاء في الخلية الرئيسية التي نفذت عملية الخطف والقتل"٬ بحسب معاريف.
وأشاد مصدر أمني إسرائيلي بأداء شرطة أبو ظبي، قائلاً: "عملت الشرطة المحلية بعزيمة وباحترافية تستحق التقدير. بعد حوالي 24 ساعة من تلقي البلاغ، تمكن المحققون من تتبع آثار الإرهابيين، ونجحوا في تحديد السيارة ومن ثم العثور على الجثة. القوات المحلية قادت التحقيق وتصرفت بطريقة مكنت من تحديد القتلة".
وقالت الصحيفة العبرية إن "الأوساط الأمنية، تعتقد أن إيران تقف وراء الحادثة. والتقديرات في إسرائيل تشير إلى أن الإرهابيين هم مرتزقة جندتهم إيران لتنفيذ عملية الخطف والقتل".
ويساور القلق حكومة الاحتلال من تكرار هذه الحوادث في دول أخرى هاجر إليها الإسرائيليون هربا من الحرب٬ "بما في ذلك دول مثل تايلاند، الإمارات، جورجيا، ودول أوروبية أخرى".
إيران تنفي
نفت السفارة الإيرانية في أبوظبي بـ"شكل قاطع" الادعاءات التي تتهم إيران بالتورط في مقتل حاخام يهودي في الإمارات.
وقالت السفارة في بيان رداً على سؤال من وكالة رويترز: "نرفض بشكل قاطع الادعاءات التي تزعم تورط إيران في مقتل هذا الشخص".
تحذير من المستوى الثالث
حذر مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، الإسرائيليين من السفر إلى الإمارات إلا للضرورة، وذلك بعد الإعلان عن مقتل مبعوث حركة "حباد"، الحاخام تسفي كوغان.
أصدر المجلس تحذيرًا من المستوى الثالث للسفر إلى الإمارات، مشيرًا إلى تهديد متوسط، وأهاب بالإسرائيليين تجنب السفر غير الضروري إلى الإمارات. وأوضح المجلس أن "عناصر إرهابية قتلت مواطنًا إسرائيليًا في الإمارات، وهناك قلق من استمرار التهديد ضد الإسرائيليين واليهود في المنطقة".
اليهود في الإمارات
ولا تتوافر أرقام رسمية حول عدد اليهود في الإمارات، لكن يقدر المؤتمر اليهودي العالمي أن ما بين 500 إلى 3000 يهودي يعيشون هناك، معظمهم من الأجانب.