لجريدة عمان:
2025-04-25@21:53:44 GMT

وحوش الجذام

تاريخ النشر: 4th, August 2024 GMT

أصابع ملتوية، إبهام معقوف نحو راحة اليد، نظرة غير متسقة للعينين، ما يشبه الصفائح المعدنية تحت جلد الوجه، كل هذه العلامات هي دلالات تعني بأنّ «توكي يوشي» البالغة ٧٥عاما، في الرواية اليابانية «ملذات طوكيو» لدوريان سوكيجاوا، عبرت مأزق مرض الجذام في طفولة بعيدة.

لكن «توكي» تقرر أن تستفيد من خبراتها في صناعة الحلوى، فقد تعافت قبل 40 عاما، لكن تلك الأصابع كانت أمرا مزعجا في أي عمل تجاري، فكيف يمكن للزبائن أن يتلقوا الخدمة من أيدٍ مشوهة، دون أن يظهر تناقض حاد بين الأيدي المعطوبة والحلوى المعدة بإتقان!

سرعان ما سُحقت «توكي» جراء سوء فهم الناس لها، عندما انتهكت شروط الاتفاق مع صاحب المحل، وانكشفت أمام الناس، فانهارت المبيعات وأصبح المحل التجاري منبوذا!

فقدان الأطراف -حتى بعد الشفاء- جعل المرضى عرضة للتمييز، لا سيما في مكان مُعد لتناول الطعام حيث ينبغي أن يكون كل شيء لائقا بالزبون، وكأنّ رؤية الأصابع المعقوفة أشبه بالنظر إلى وحش مختبئ! وكأنّ هذا المرض يعني أن تتوقف حياتك تماما في الماضي السحيق!

ألغي القانون الخاص بعزل مرضى الجذام عام 1996 في اليابان، عندما ظهر «البرومين» الدواء الذي أحدث ثورة في علاج المرض، فخرج الناس من مصحات العزل واستطاع ذوو المرضى أن يلتقوا بهم بحرية، لكن المجتمع كان قد تغير! فقد أضمر الناس توبيخا شديدا على أمر مشين لم يقترفه المرضى، لاعتقادهم بأنّ الجذام عقاب إلهي يُصيب من كان سيئا في حياته الماضية، ولذا كان هذا المرض يجلب العار الرهيب للمريض ولعائلته أيضا.

كان من المستحيل على المريض أن يُغادر النطاق المحدد له طوال حياته. الأشجار الكثيفة كانت بمثابة أسوار عالية تمنعهم من الهروب. الشرطة لا يأتون عندما تقع الجرائم ورجال الإطفاء لا يأتون لإطفاء الحرائق، وحتى العُملات النقدية لا يتم تداولها إلا فيما بينهم. كانوا أشبه ما يكون بمجتمع صغير ومعزول.

المرأة التي تعودت أن تخيط الثياب تعطي دروسا في الخياطة في المصحة، وكذلك تفعل المعلمة والحلاق وصانع الحلوى والفخار، يجتهدون في إيجاد المعنى لحياتهم الجديدة والمُعذبة.

في مكان كهذا لا أحد يرغب في الحصول على الجثامين بعد الوفاة، لذا تبقى معزولة هي الأخرى! فالفصل العنصري يمتد من الحياة إلى الموت.

تغيرت القوانين وصارت في صالح مرضى الجذام لكن المجتمع بات عديم الرأفة والشفقة. فرغم أنّه سُمح لهم الالتقاء بأقربائهم الذين ذرفوا الدموع لفراقهم، إلا أنّهم لم يعودوا كذلك الآن! سأتذكر طويلا الرجل الذي فقد أطرافه بسبب الجذام وأصيب بالعمى، كان يقرأ كُتب برايل بلسانه كأنّه يتذوقها من مركز إحساسه الوحيد الذي تبقى له.

كانت شجرة الكرز تُعطي تلوينات للحالة النفسية للشخصيات، عندما تكون مزهرة وعندما تفقد أوراقها تظهر الأغصان العارية بوضوح. طائر الكناري الجريح الذي لا يتمكن من الطيران هو الآخر انعكاس لجراح العجوز «توكي»، فلطالما كانت تتوق للخروج من قفص العزل ذاك.

كانت «توكي» تريد أن تؤكد لنفسها أنّها من البشر أيضا، ولذا ظنت أنّ الإصغاء إلى الأشجار والأزهار والرياح والمطر والنور والقمر يجعلها كذلك «ولدنا لكي ننظر لهذا العالم، ولكي نصغي إليه»، فرغم سلسلة الآلام الهائلة كانت متأكدة أنّ لمجيئها إلى هذه الدنيا معنى.

لقد تمكنوا من تجاوز السور الشجري، من ركوب الحافلات، تمكنوا من السفر، إلا أنّ علاقتهم مع العالم باتت مبتورة! هكذا ينتهي المرض وتبقى آثاره كعلامات لا تتخفى.

صورة الاغتراب في الحياة والموت كانت مروعة، وكل شخص يموت هناك تُزرع لأجله شجرة يحبها. ولذا كان عدد الأشجار بعدد الذين أمضوا حياتهم في العزلة القاسية!

المؤثر أنّ الصورة المرعبة لهؤلاء الذين حوّلوا إلى وحوش تتقاطع مع تصورات مجتمعاتنا، فقد حكى لنا أجدادنا ما لا يقل ضراوة عن ذلك بشيء، ورغم ما تكشفه هذه الرواية من مرارة العزل في اليابان فإنّ ما عاناه مرضى الجذام في مجتمعنا وقرأنا عنه في كتب الرحالة يُوجع القلب، لكن قصصهم للأسف ذهبت إلى النسيان ولم يُدوّن أحدٌ شقاءهم ولا تطلعاتهم!

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

تسجيل وفاة ثالثة بالحمى النزفية في كركوك

23 أبريل، 2025

بغداد/المسلة: افاد مصدر أمني، اليوم الأربعاء، بوفاة رجل خمسيني بسبب اصابته بالحمى النزفية بمحافظة كركوك.

وقال المصدر إنه “رجل يبلغ من العمر 53 عاما توفي اليوم بسبب اصابته بالحمى النزفية في كركوك”، مشيرا الى ان “هذه الوفاة هي الثالثة خلال الأسبوعين الأخيرين”.
وأشار الى ان “الرجل يعمل قصاب ويعتقد اصابته نتيجة التعامل المباشر مع الحيوانات المصابة بدون علمه”.

وفي وقت سابق، أعلنت وزارة الصحة، تسجيل 14 إصابة وحالتي وفاة بمرض الحمى النزفية منذ بداية عام 2025.

وقال المتحدث باسم الوزارة سيف البدر لـ السومرية نيوز، ان “عدد الإصابات المؤكدة بمرض الحمى النزفية منذ بداية العام الحالي هو 14 إصابة وحالتي وفاة”، مبينا “سجلنا صباح اليوم حالة وفاة ثانية في كركوك وهو أحد منتسبي وزارة الصحة”.
وأضاف ان “الإصابات توزعت بواقع: ذي قار 6 إصابات، كركوك 4 إصابات منها حالتي وفاة، المثنى ونينوى والبصرة وبغداد الرصافة إصابة واحدة دون حالة وفاة”.

وتابع ان “الحمى النزفية هو مرض متوطن منذ أواخر سبعينات القرن الماضي وتم تسجيل إصابات في اغلب بلدان العالم”، مشيرا الى ان “اعداد الإصابات والوفيات خلال العام الماضي كانت قياسية وتمكنا من احتوائها من خلال التوعية الصحية”.

وشدد على “ضرورة تكثيف الجهود في المرحلة الحالية والتمكن من احتواء هذه الإصابات على هذا المرض”، موضحا ان “المرض هو فايروسي خطير ينتقل من خلال التماس المباشر مع الحيوانات المصابة او التماس مع لحومها وانسجتها او سوائلها وينتقل من خلال حشرة القراد”.

وأوصى البدر “بخزن اللحوم بدرجة تبريد عالية جدا وتطهى بدرجة عالية جدا إضافة الى ارتداء ملابس خاصة وخاصة الكفوف عند التعامل مع الحيوانات”، مشيرا الى ان “المرض يصيب الابقار والاغنام والمعاز والخيول والجمال أيضا، حيث ان أكثر الإصابات المسجلة هي لمربي الماشية والعاملين معهم”.

وبين ان “اعراض المرض هي ارتفاع في درجات الحرارة وآلام في مناطق مختلفة من الجسد والشعور بالإعياء، حيث عند تشخيص المرض في هذه المرحلة فاحتمالية الشفاء منه عالية جدا، الا ان تطور المرض والدخول في المرحلة الثانية يكون عبر ظهور حالات نزف من فتحتات الجسم تتبعها مضاعفات وفشل في انحاء الجسم والتي تكون احتمالية الشفاء في هذه المرحلة قليلة جدا”.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • الدواء المغشوش.. سم قاتل !
  • لن تصدق| إهمال تنظيف الأسنان يصيب النساء بهذا المرض
  • في اليوم العالمي لـ الملاريا.. كل ما تود معرفته عن المرض
  • أقوال بعيد العمال
  • بعيدا عن الألم والفقد.. حافظوا على قلوبكم من التوقف!
  • النور حمد (نموذجاً): عندما يتحدث النخبوي عن نفسه بصفة (نحن عملاء)
  • تسجيل وفاة ثالثة بالحمى النزفية في كركوك
  • قنوات المشروع تحتاج إلى 100 سنة لكي ترجع إلى ما كانت عليه قبل دخول الدعم السريع للجزيرة
  • "شات جي بي تي".. بين التسهيل والاعتماد المفرط
  • العشاء الأخير ثم المرض والوداع... هذا ما فعله البابا فرنسيس قبل الرحيل