لجريدة عمان:
2025-02-19@22:15:25 GMT

وحوش الجذام

تاريخ النشر: 4th, August 2024 GMT

أصابع ملتوية، إبهام معقوف نحو راحة اليد، نظرة غير متسقة للعينين، ما يشبه الصفائح المعدنية تحت جلد الوجه، كل هذه العلامات هي دلالات تعني بأنّ «توكي يوشي» البالغة ٧٥عاما، في الرواية اليابانية «ملذات طوكيو» لدوريان سوكيجاوا، عبرت مأزق مرض الجذام في طفولة بعيدة.

لكن «توكي» تقرر أن تستفيد من خبراتها في صناعة الحلوى، فقد تعافت قبل 40 عاما، لكن تلك الأصابع كانت أمرا مزعجا في أي عمل تجاري، فكيف يمكن للزبائن أن يتلقوا الخدمة من أيدٍ مشوهة، دون أن يظهر تناقض حاد بين الأيدي المعطوبة والحلوى المعدة بإتقان!

سرعان ما سُحقت «توكي» جراء سوء فهم الناس لها، عندما انتهكت شروط الاتفاق مع صاحب المحل، وانكشفت أمام الناس، فانهارت المبيعات وأصبح المحل التجاري منبوذا!

فقدان الأطراف -حتى بعد الشفاء- جعل المرضى عرضة للتمييز، لا سيما في مكان مُعد لتناول الطعام حيث ينبغي أن يكون كل شيء لائقا بالزبون، وكأنّ رؤية الأصابع المعقوفة أشبه بالنظر إلى وحش مختبئ! وكأنّ هذا المرض يعني أن تتوقف حياتك تماما في الماضي السحيق!

ألغي القانون الخاص بعزل مرضى الجذام عام 1996 في اليابان، عندما ظهر «البرومين» الدواء الذي أحدث ثورة في علاج المرض، فخرج الناس من مصحات العزل واستطاع ذوو المرضى أن يلتقوا بهم بحرية، لكن المجتمع كان قد تغير! فقد أضمر الناس توبيخا شديدا على أمر مشين لم يقترفه المرضى، لاعتقادهم بأنّ الجذام عقاب إلهي يُصيب من كان سيئا في حياته الماضية، ولذا كان هذا المرض يجلب العار الرهيب للمريض ولعائلته أيضا.

كان من المستحيل على المريض أن يُغادر النطاق المحدد له طوال حياته. الأشجار الكثيفة كانت بمثابة أسوار عالية تمنعهم من الهروب. الشرطة لا يأتون عندما تقع الجرائم ورجال الإطفاء لا يأتون لإطفاء الحرائق، وحتى العُملات النقدية لا يتم تداولها إلا فيما بينهم. كانوا أشبه ما يكون بمجتمع صغير ومعزول.

المرأة التي تعودت أن تخيط الثياب تعطي دروسا في الخياطة في المصحة، وكذلك تفعل المعلمة والحلاق وصانع الحلوى والفخار، يجتهدون في إيجاد المعنى لحياتهم الجديدة والمُعذبة.

في مكان كهذا لا أحد يرغب في الحصول على الجثامين بعد الوفاة، لذا تبقى معزولة هي الأخرى! فالفصل العنصري يمتد من الحياة إلى الموت.

تغيرت القوانين وصارت في صالح مرضى الجذام لكن المجتمع بات عديم الرأفة والشفقة. فرغم أنّه سُمح لهم الالتقاء بأقربائهم الذين ذرفوا الدموع لفراقهم، إلا أنّهم لم يعودوا كذلك الآن! سأتذكر طويلا الرجل الذي فقد أطرافه بسبب الجذام وأصيب بالعمى، كان يقرأ كُتب برايل بلسانه كأنّه يتذوقها من مركز إحساسه الوحيد الذي تبقى له.

كانت شجرة الكرز تُعطي تلوينات للحالة النفسية للشخصيات، عندما تكون مزهرة وعندما تفقد أوراقها تظهر الأغصان العارية بوضوح. طائر الكناري الجريح الذي لا يتمكن من الطيران هو الآخر انعكاس لجراح العجوز «توكي»، فلطالما كانت تتوق للخروج من قفص العزل ذاك.

كانت «توكي» تريد أن تؤكد لنفسها أنّها من البشر أيضا، ولذا ظنت أنّ الإصغاء إلى الأشجار والأزهار والرياح والمطر والنور والقمر يجعلها كذلك «ولدنا لكي ننظر لهذا العالم، ولكي نصغي إليه»، فرغم سلسلة الآلام الهائلة كانت متأكدة أنّ لمجيئها إلى هذه الدنيا معنى.

لقد تمكنوا من تجاوز السور الشجري، من ركوب الحافلات، تمكنوا من السفر، إلا أنّ علاقتهم مع العالم باتت مبتورة! هكذا ينتهي المرض وتبقى آثاره كعلامات لا تتخفى.

صورة الاغتراب في الحياة والموت كانت مروعة، وكل شخص يموت هناك تُزرع لأجله شجرة يحبها. ولذا كان عدد الأشجار بعدد الذين أمضوا حياتهم في العزلة القاسية!

المؤثر أنّ الصورة المرعبة لهؤلاء الذين حوّلوا إلى وحوش تتقاطع مع تصورات مجتمعاتنا، فقد حكى لنا أجدادنا ما لا يقل ضراوة عن ذلك بشيء، ورغم ما تكشفه هذه الرواية من مرارة العزل في اليابان فإنّ ما عاناه مرضى الجذام في مجتمعنا وقرأنا عنه في كتب الرحالة يُوجع القلب، لكن قصصهم للأسف ذهبت إلى النسيان ولم يُدوّن أحدٌ شقاءهم ولا تطلعاتهم!

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

لا قلق من حمى القلاعية: لا ينتقل عن طريق استهلاك اللحوم والالبان

بغداد اليوم - بغداد

أكدت وزارة الزراعة، اليوم الأربعاء (19 شباط 2025)، أن حمى القلاعية لا تشكل أي خطر على صحة الإنسان، موضحة أنها مرض فيروسي يصيب فقط الحيوانات المجترة، مثل الأبقار والأغنام والماعز والجاموس، ولا ينتقل إلى البشر حتى عند استهلاك اللحوم أو الحليب.

وأوضحت الوزارة في بيان تلقته "بغداد اليوم" أن "المرض يؤثر فقط على الثروة الحيوانية، ولا يشكل تهديدًا للصحة العامة، داعية المواطنين إلى عدم الانجرار وراء الشائعات والاعتماد على المصادر الرسمية للمعلومات". 

وكانت وزارة الصحة أكدت، يوم امس الثلاثاء، عدم تسجيل أي إصابة بشرية بالحمى القلاعية في البلاد.

وقال المتحدث باسم وزارة الصحة سيف البدر إن "المؤسسات الصحية التابعة للوزارة لم تسجل أي إصابة بشرية بالحمى القلاعية سابقا ولا حاليا".

وفي ظل التخوفات التي انتشرت مؤخرًا حول تفشي الحمى القلاعية بين الثروة الحيوانية في العراق، أكد وزير الزراعة عباس جبر أن الوضع تحت السيطرة، وأن الوزارة تتخذ جميع الإجراءات اللازمة للحد من انتشار المرض.

وأشار وزير الزراعة في تصريح لـ"بغداد اليوم"، في وقت سابق اليوم إلى أن الإصابات الحالية بحمى القلاعية ظهرت في 5 فبراير شباط الماضي، وأن الوزارة بدأت فورًا في اتخاذ الإجراءات اللازمة لاحتواء المرض" مؤكدا أن الفرق البيطرية تعمل على علاج الأبقار المصابة، مع التركيز على تلقيح الأبقار غير الملقحة، خاصة الصغيرة منها، حيث أن معظم الإصابات تتركز في هذه الفئة.


مقالات مشابهة

  • ماجدة خير الله: الدراما المصرية جرس إنذار للأزمات والمرض النفسي 
  • لا قلق من حمى القلاعية: لا ينتقل عن طريق استهلاك اللحوم والالبان
  • أم تحذر النساء من عرض بسيط لسرطان عنق الرحم تجاهله الأطباء
  • أمين الفتوى بدار الإفتاء: الأفضل أن تكون العقيقة في المكان الذي يعيش به صاحبها
  • وحوش الفلاجشيب .. أفضل هواتف ذكية في الأسواق
  • وفاة الشاعر أمل الطائر والدفن بالشرقية
  • «وحوش وتنانين».. التشويق يسيطر على البرومو الرسمي لـ مسلسل جودر 2
  • القوات: انتهى الزمن الذي كانت إيران تعتبر فيه بيروت إحدى العواصم التي تسيطر عليها
  • الفوزان: الذي يكرم الناس ويفتح لهم مجلسه لا يُقدروه .. فيديو
  • وسيم يوسف: محبة الناس ودعواتهم كانت من أسباب قوتي وانتصاري على السرطان