على ما يبدو أن أزمة البحر الأحمر دخلت في نفق مظلم لا نهاية له في القريب العاجل، في ظل استمرار الهجمات الإرهابية التي تشنها ميليشيا الحوثي- ذراع إيران في اليمن، على السفن التجارية المارة قبالة سواحل اليمن.

مساء السبت، أبلغت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية عن إصابة سفينة تجارية كانت تبحر شرق مدينة عدن جنوب اليمن.

وبحسب بلاغ صادر عن الهيئة، إن حريقا اندلعا على متن سفينة على بعد 125 ميلا بحريا شرقي عدن إثر إصابتها بمقذوف ناري.

وأضافت إن ربان السفينة أوضح أن فريق الأمن المسلح لاحظ انفجارًا صغيرًا على مقربة من السفينة، مؤكدا عدم وجود أضرار وأن جميع أفراد الطاقم بخير، وأن السفينة تتجه إلى ميناء التوقف التالي.

ويأتي الاعتداء الحوثي الجديد عقب أيام من عمليات ردع عنيفة نفذتها القوات الأميركية ضمن عملية "حارس الازدهار"، وسط تدمير مسيرات جوية وبحرية أطلقتها الميليشيات صوب خطوط الملاحة الدولية بالبحر الأحمر.

من جانبها توقعت إحدى كبريات شركات النقل البحري العالمي استمرار اضطرابات الشحن العالمي في البحر الأحمر لفترة أطول دون أن يتم حل الأزمة في العام الحالي 2024. وأن سبب التوقعات يعود إلى الهجمات المتكررة والمستمرة التي تنفذها الميليشيات ضد السفن المارة في هذا الشريان.

وبحسب بيان جديد لشركة الشحن البحري العالمية "إيه بي مولر ميرسك" أن اضطرابات الشحن العالمي الناتجة عن الصراع في البحر الأحمر سوف تستمر لفترة أطول، ولن يتم حلها هذا العام. مضيفة: "تظل ظروف التجارة عرضة لتقلبات أعلى من المعتاد، نظراً لصعوبة التنبؤ بوضع البحر الأحمر، وانعدام الوضوح بشأن العرض والطلب في الربع الرابع".

ويتجه مؤشر النقل البحري العالمي إلى تحقيق أكبر قفزة سنوية له منذ عام 2010، بعد أن أجبرت الهجمات في البحر الأحمر السفن على السفر لمسافات أطول. وقد تأثر قطاع الشحن البحري العالمي بشدة بسبب الصراعات التي تجبر السفن إلى الإبحار جنوب القارة الإفريقية، بدلاً من عبور قناة السويس.

وتشير تقديرات "بلومبرغ إنتليجنس" إلى أن عدد سفن الحاويات التي تمر عبر قناة السويس انخفض بنحو 77% عن العام الماضي، بعد أن تسببت هجمات جماعة الحوثي المتمركزة في اليمن في جعل الممر المائي الرئيسي غير آمن. وقد أدت الحاجة إلى طاقة أكبر من السفن للإبحار حولإفريقيا إلى رفع أسعار الشحن، بعد أن كانت السوق قد دخلت في حالة ركود ما بعد الوباء مع تجاوز المعروض من السفن حجم الطلب عليها.

واستمرار الاضطرابات في البحر الأحمر ساهم في ارتفاع أسعار الشحن، وهو ما عاد بالفائدة على شركات النقل التي أعلنت ارتفاعاً في أرباحها، ومن بينهم شركة الشحن البحري العالمية "إيه بي مولر ميرسك" التي توقعت أرباحاً أساسية قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والإطفاء تتراوح بين 9 مليارات دولار و11 ملياراً هذا العام، مقارنة بتوقعات سابقة تراوحت بين 7 مليارات و9 مليارات دولار. وكان متوسط توقعات المحللين في التقديرات التي جمعتها "بلومبرغ" عند 8.76 مليار دولار.

كانت "ميرسك" رفعت بالفعل توقعات أرباحها للعام بأكمله في مايو وكذلك في يونيو، عندما قالت إن اضطرابات البحر الأحمر كان لها تأثير أكبر مما كان متوقعاً في السابق على خطوط الإمداد العالمية. 

وبالمثل، رفعت شركة الشحن توقعاتها لتجارة الحاويات العالمية في 2024، حيث تتوقع حالياً نمواً يتراوح بين 4% و6%. ويقارن ذلك بتقدير سابق كان حده الأعلى يشير إلى نمو يتراوح بين 2.5% و4.5%. لن يقل التدفق النقدي الحر للشركة في العام الجاري عن ملياري دولار، مقارنة بما لا يقل عن مليار دولار تم تحقيقه سابقاً.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: فی البحر الأحمر البحری العالمی

إقرأ أيضاً:

3 رسائل وجهها ترامب من خلال قصف مواقع للحوثيين باليمن

واشنطن- تطبيقا لمبدأ "السلام من خلال القوة"، أجمع مسؤولون أميركيون على أن هجمات بلادهم ضد جماعة أنصار الله الحوثيين باليمن تأتي لتحقيق السلام ومعالجة فشل إدارة الرئيس السابق جو بايدن، وعجزها عن وقف تهديدات الحوثيين للملاحة في البحر الأحمر.

وفي حين أن هجمات الحوثيين على السفن لم تستأنف حتى الآن، حتى بعد تعقد سير مفاوضات تمديد وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ذكر الحوثيون الأسبوع الماضي أنهم أسقطوا طائرة دون طيار أميركية من طراز "إم كيو 9 ريبر" فوق البحر الأحمر.

كما ذكر بيان للحوثيين أنهم سيستهدفون أي سفن تنتهك الحظر المفروض على مرور السفن الإسرائيلية عبر البحر الأحمر وبحر العرب وباب المندب وخليج عدن حال معاودة إسرائيل لعدوانها على قطاع غزة، وهو ما دفع بالكثير شركات الشحن الدولي عدم إرسال سفنها إلى البحر الأحمر.

ورد مسؤول عسكري أميركي على هذا التطور بالقول إن تعهد الحوثيين باستئناف الهجمات على الملاحة حفز على تجدد العمل العسكري الأميركي ضد الحوثيين.

أهداف ثلاثة

وأشارت تقارير أميركية إلى 3 أهداف سعت إدارة الرئيس دونالد ترامب لتحقيقها من وراء شن موجة من الهجمات الصاروخية والجوية على أهداف متعددة داخل الأراضي الخاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن.

إعلان

ويمكن تلخيص هذه الأهداف على النحو التالي:

تدمير قاذفات الصواريخ الحوثية التي كانت تتحرك من مناطق جبلية إلى مناطق ساحلية، وهو ما اعتبرته إدارة ترامب استعدادا لشن هجمات جديدة على السفن المارة من مضيق المندب والبحر الأحمر أحد أهم الأهداف العاجلة. استهدفت الهجمات لبعض قيادة جماعة الحوثيين التي اختبأت على مدار أكثر من عام بعد بدء الجماعة هجماتها في البحر الأحمر وإسرائيل. ترسل الضربات رسالة إلى إيران مفادها أنها يمكن أن تكون التالية، واستخدمت إدارة ترامب في هجماتها قوة نيران أكبر مما سبق واستخدمتها إدارة جو بايدن في هجماتها على الحوثيين على مدار العام الماضي. السلام من خلال القوة

وفي حديث لشبكة فوكس، قال وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، إن إدارة ترامب تبعث برسالة واضحة للحوثيين بعدم التساهل أو السماح بشن هجمات على السفن العابرة في البحر الأحمر، محذرا إيران من التدخل في هذا الشأن.

وقال هيغسيث "عاد عصر السلام من خلال القوة، هذه الحملة تدور حول حرية الملاحة واستعادة الردع، في اللحظة التي يقول فيها الحوثيون سنتوقف عن إطلاق النار على سفنكم، سنتوقف عن إطلاق النار على طائراتكم دون طيار، ستنتهي هذه الحملة، لكن حتى ذلك الحين، سيكون الأمر لا هوادة فيه".

وبدوره، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو لبرنامج "واجه الأمة" على شبكة "سي بي إس"، إنه "خلال الأشهر الـ18 الماضية، ضرب الحوثيون أو هاجموا سفنا بحرية عسكرية أميركية 174 مرة، وهاجموا 145 مرة سفن الشحن التجاري، لذلك، هم مجموعة من عصابات القراصنة لديهم أسلحة دقيقة موجهة مضادة السفن في أحد أهم ممرات الشحن في العالم، هذا لا يمكن له أن يستمر".

سياسة الضغوط القصوى

وفي حديث للجزيرة نت، اعتبر خبير الشؤون الإيرانية جودت بهجت، المحاضر بمركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا بجامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون، أن "الهجمات على الحوثيين قصد بها أن تكون رسالة إلى إيران أكثر من كونها تهدف لوقف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر".

إعلان

وقال بهجت "لقد توقف الحوثيون عن مهاجمة السفن منذ أن اتفقت حركة حماس وإسرائيل على وقف إطلاق النار، صحيح أنهم هددوا باستئناف الهجمات إذا لم يصمد وقف إطلاق النار، لكن هذا لم يحدث بعد".

ووضع الخبير في الشؤون الإيرانية "الهجمات في إطار التفاعلات الدبلوماسية بين طهران وواشنطن"، وقال إنه "قبل بضعة أيام، بعث ترامب برسالة إلى المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي، ويظهر التردد الإيراني من التفاوض مع واشنطن تحت التهديدات والترهيب، من هنا يبدو أن الهجوم على الحوثيين كان يهدف إلى إظهار أن الولايات المتحدة لن تتردد في استخدام القوة".

وأضاف أنه من غير المرجح أن يردع هذا الهجوم إيران، إلا أنه يبدو أن ترامب يسعى في فترة ما قبل التفاوض، إلى الحصول على بعض النفوذ وإخافة الإيرانيين.

ومن جانبه، قال ترامب إن الضربات كانت أيضا رسالة إلى إيران مفادها أنها بحاجة إلى وقف الدعم لجماعة الحوثيين على الفور.

وكتب ترامب على منصة "تروث سوشيال" (Truth Social) "إذا هددت إيران الولايات المتحدة، ستحملك أميركا المسؤولية الكاملة ولن نكون لطيفين حيال ذلك".

أما خبيرة الشؤون الدولية بمعهد ستيمسون في واشنطن باربرا سلافين، فقالت للجزيرة نت إنها تعتبر ما جرى "أكثر من صورة الضغط الأقصى التي يستخدمها ترامب ضد إيران"، مشككة في أن يكون لهذه الهجمات تأثير كبير على الإيرانيين.

وأضافت سلافين أن الحوثيين يقاتلون إلى الأبد وسيستمرون في ذلك، "إذا اعتقد ترامب أن هذا يجعل الولايات المتحدة تبدو قوية، فعليه أن يحاول أن يكون أكثر صرامة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلاف ذلك فالهجمات لا تعد أكثر من محاولة لتشتيت الانتباه بعيدا عن روسيا".

حروب لا تنتهي

يذكر أن وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث أكد أن بلاده لا تهدف للتورط في حروب لا تنتهي في الشرق الأوسط، وهو ما لم يتوقف ترامب عن تكراره من خلال مهاجمة سجل إدارات البيت الأبيض، الجمهورية والديمقراطية، لتدخلها العسكري في العراق وأفغانستان لما يقرب من الـ20 عاما.

إعلان

وكانت الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا قد قصفت في السابق المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن لكن عملية يوم السبت نفذتها الولايات المتحدة وحدها، وكانت هذه أول ضربة على الحوثيين في ظل إدارة ترامب الثانية.

وتتهم واشنطن إيران منذ فترة طويلة بتقديم مساعدات عسكرية للحوثيين وصادرت البحرية الأميركية أجزاء صواريخ إيرانية الصنع وأسلحة أخرى قالت إنها كانت متجهة إلى جماعة الحوثيين التي تسيطر على العاصمة اليمنية صنعاء وشمال البلاد، وهو ما تنفيه إيران.

وجاءت هذه الهجمات بعد أسبوعين من إرسال ترامب رسالة إلى المرشد الأعلى في إيران يعرض فيها مسارا لاستئناف المحادثات الثنائية بين البلدين حول تقدم البرنامج النووي الإيراني، وهو ما ترفضه إيران حتى الآن.

مقالات مشابهة

  • تكلفة الشحن عبر البحر الأحمر ترتفع مع استمرار هجمات الحوثيين
  • "الصكوك الوطنية": 15.8 مليار درهم استثمارات حملة الصكوك نهاية 2024
  • الحوثي لأمريكا: أي إجرام سيقابل برد
  • 3 رسائل وجهها ترامب من خلال قصف مواقع للحوثيين باليمن
  • الحوثي: منع السفن الإسرائيلية من المرور بالبحر الأحمر رد على حصار غزة
  • البنتاجون: العمليات العسكرية ضد الحوثيين ستستمر
  • الحوثيون: الضربات الأمريكية لن تمنعنا من استهداف السفن الإسرائيلية
  • ناطق الحوثيين: الغارات الأمريكية الأخيرة عودة لعسكرة البحر الأحمر
  • أستاذ قانون: أزمة البحر الأحمر كارثة كبيرة على التجارة العالمية
  • تقرير أمريكي: إدارة ترامب تواجه نفس الخيار الذي أربك بايدن بشأن إنهاء تهديد الحوثيين بالبحر الأحمر (ترجمة خاصة)