كيف تنازلنا عن لُغتنا؟!
تاريخ النشر: 4th, August 2024 GMT
د. صالح الفهدي
في أحد المكاتب الاستشارية وبعد أن أنهينا الحديث مع إحدى المهندسات التي كُنا نظنَّها طوال الوقت من الجنسية اللُّبنانية، قالت دون أن نسألها لأنَّ الأمر بَدَا محسومًا لدينا: أنا سيرلانكيَّة!، حينها فتحنا أعيننا دهشةً، ولم نكد نصدِّق أنها سيرلانكيَّة بلسانٍ لُبناني! فسألناها: كيف ذلك؟ قالت: عملتُ في لُبنان عدَّةَ سنوات ولهذا أتحدَّث بلسانهم.
هُنا تساءلت: كيف يقضي الوافدُ في مُجتمعاتنا الخليجية جُلَّ عمرهِ، وهو يتحدَّث بلغةٍ مُكسَّرةٍ لا هي بعربيةٍ ولا بأجنبية، وإِنَّما هي من اختراعنا نحن؟! فلا تحدَّثنا بلغتنا إليه، ولا حدَّثناهُ بلغته؛ بل اخترنا لغةً هجينةً مركَّبةً، كلماتها معوجَّة، وحروفها مكسَّرة، وعباراتها مُلفقَّة!!
لقد حَرص اللُّبنانيون على لهجتهم فتعلَّمها الأجنبيُّ منهم بإتقان، وتنازلنا نحنُ عن لهجتنا فأردنا أن نصل والأجنبي إلى طريقٍ وسط، فكان هذا الطريقُ غير معبَّد؛ بل مليءٌ بالحفرِ، والمطبَّات، والأحراش!
قد تكونُ نيَّتنا في ذلك طيِّبة، وهي أن لا نكلِّفَ الأجنبي عناء فكِّ رموز لغتنا ولكننا أسأنا في ذلك أيَّما إساءة، فلا تكلَّمنا بلغتنا العادية أمامه وكسبنا بذلك ملايين من المتحدثين بلغتنا العربية أو بلهجاتنا العربية التي تتفاوتُ في نطقها وتشتركُ في كلامها غالبا، ولا نحنُ تعلَّمنا لغته فكسبنا لغةً أُخرى إلى لغتنا؟!
في إحدى مَنَاجِر الخشب، كان الزبون يتحدَّث إلى الصيني مالك المنجرة بذات اللغة الهجينة المكسَّرة التي يتحدَّثُ بها مع الآسيوي وهو يشرحُ لهُ ما يريدُ بمشقةٍ ومُعاناةٍ، فلمَّا انتهى ردَّ عليه الصيني المسلم بلغةٍ عربيَّة فصيحةٍ؛ بل إنِّه روى له حديثًا شريفًا عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "المسلمون عند شروطهم" ففغر الزبون فَمَه، وجحظت عيناه وهو لا يكاد يُصدِّق ما يسمع، وليس ذلك فحسب؛ بل وشعر في نفسه بالدُونيّة، فكيف له وهو العربيِّ أن يتحدَّث بلهجةٍ مقطَّعة الأوصال، ملفَّقة الكلمات، وكأنَّها مصنوعةٍ من الخردةِ في إحدى الصناعيات، في حين أن صينيًا مُسلمًا يتحدَّث بلغةٍ عربيَّة فصيحةٍ مضمِّنا كلامه حديثا شريفا؟!
تنازُلُنَا عنْ لغتنا أرخَصَ فينا قيمة لغتنا، وهي رأسُ هويتنا، وميِّزةُ خصوصيتنا، فأصبحَ الكثيرون منَّا يتحدَّثون بالإنجليزية دون مناسبةٍ مع بعضهم البعض ليس لأنهم يتقنونها بل لأنهم أرخصوا لغتهم فهانتْ عليهم، في مقابل تفضيلهم الأجنبية على لغتهم الأم لأنهم يشعرون -وهمًا- أن الأجنبية علامة على التَّحضُّر، وإشارة إلى العصرنة، ولكن ذلك ليس إلا نكرانًا للسانهم الأم، وجحودًا لهويتهم الأصل!.
لِمَ يحرصُ أجنبيٌّ على التحدِّثِ باللغةِ العربيةِ الفصيحة بعد أن يبذل مشقَّةً في تعلُّمها، أمَّا ابنها -ابن العربيَّةِ- فيراها غريبةً، شاذَّةً على لسانه، وهي أصلُه، ويراهُ المجتمعُ متصنِّعًا، متكلِّفًا إن تحدَّث بها؟!! لقد سألتُ ألمانيَّا يتحدَّثُ اللغة العربية عن السَّبب الذي جعلهُ يتعلَّمها فقال: "ذلك سرٌّ إلهي أَودعهُ اللهُ في صدري"، الله ما أجملها من عبارة، ويضيف: "لقد أحببتُ العربيَّة، وأحببتُ كتابةَ حروفها" ووجدتهُ قد كتبَ في بطاقةِ أحد الطلَّاب عبارة: "بارك الله فيك" إلى جانبِ عبارات كتبها بعض العمانيين بالإنجليزية!.
إنَّ لدينا من العمانيين أو غيرهم في المجتمعات الخليجية من يتحدَّثون في بيوتهم مع أبنائهم باللغة الإنجليزية، ولقد شهدتُ على ذلك، ليس بسبب العاملات الأجنبية وحسب؛ بل لحرص بعض الآباء والأمهات على أن يُرضعوا أبناءهم اللغة الأجنبية منذ نعومة أظفارهم، وهم لا يتصوَّرون كيف ستكون عقلية أبنائهم أو توجُّهاتهم حين يكبرون، فاللغةُ احتلالٌ للعقلِ، تُملي عليه الأفكار، والتوجُّهات، والسلوكيات، ثم يصبحُ مُغتربًا، مسلوبَ الثقافة؛ بل مسلوب الانتماء والولاء!!
حدَّثني أحد الإنجليز جنسيَّةً- العُمانيين قلبًا وروحًا- يقول: "إنني وبعد أن أصبحتُ أتحدَّث اللهجة العُمانية بإجادة، قُلتُ لنفسي: كيف أتحدَّث باللهجةِ العمانيةِ وأنا غيرُ مسلم، فدرستُ الإسلام في ستةِ أشهرٍ، ثم أعتنقتُ الدين الإِسلامي". أرأيتم فِعل اللغةِ في الإِنسان؟ هذه رسالة لعل بعض أولياء الأمور أن يعتبروا منها، ويعلموا الأثر المترتِّبَ على دفع أبنائهم دفعًا لإتقان الأجنبية على حساب لغتهم الأم العربيَّة.
لقد رأينا أقليات في بلاد الغربِ لم تُستلب منهم لغتهم الأم؛ بل حافظوا عليها في مجتمعات الأقلية، فلم تُنسهم السنين الطوال، واختلاطهم بالمجتمعات الأجنبية لغتهم العربية، في حين أن البعض في مجتمعاتنا العربية قد تغرَّبوا، وليس ذلك إلّا إنقاصًا من أنفسهم، يقول الشاعر الصيني Chen Lei (b.1939) مخاطبًا الذي يتحدَّث الإنجليزية:
خُذ نظرة: تعال إلى أمريكا
وتحدَّث بالشنغاهية، أو الكانتونية، أو البكِّينيَّة
هل يكترثُ أحدٌ بتحدِّيك للتحدُّثِ بها؟!
انظر إذن: لماذا أنت وحدك من يتصرَّف هكذا؟
يمكنك أن تخدش لحمي
لكنك لا تستطيع أن تسلبني حقِّي في لغتني
صوتي هو إحساسي
لغتي هي تفكيري.
تنازُلُنا عن لغتنا يعني تنازُلَنا عن هويَّتنا بصراحةٍ ووضوح، وكلُّ من لا يضعُ قيمة الأفضلية للغته التي نشأ عليها آباؤه وأجداده فهو متنكِّرٌ لهم، جاحدٌ للسانهِ، مضيِّعٌ لهويته.
علينا أن نتحدَّث مع الآسيوي بلغتنا اليومية دون تكسيرٍ، ولا تغيير، كما يتحدَّث اللبنانيون وغيرهم معه، وعلينا أن نعلِّم أبناءنا أن لغتهم الأم تعني هُويتهم فإِن ضيَّعوها فقد ضيَّعوا أنفسهم، أما لمن يحسبُ أنني أدعو لعدم تعلُّم لغةٍ أُخرى فأقول: بل أنَّ الأمر محسومٌ في قيمةِ تعلِّم لغةٍ أُخرى خاصَّة الإنجليزية فهي اللغة الرسمية الأُولى، ولكن معقل كلامي هو أن باختصار علينا أن نتوقف عن التحدث بلغةٍ هجينة مع الآسيوي، وأن نتحدث مع متحدثي الإنجليزية بها إن كُنا نستطيع، وأن نعلم أبناءنا أفضلية لغتنا العربية على كل لغةٍ في العالم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مزنة... التخوّف من الوصمة المجتمعيَّة
عتبة...
تقول الراوية عزيزة:
"فيه خوف يصيبك بالشلل وخوف يزيد عزمك".
وتقول كذلك: "في أشياء تنكسر بالغلط بين أيادينا ونعيش عمرا كاملا نحاول نصلحها، وفي أشياء نتعمد نكسرها ونحن مسلّمون بالظن إننا نقدر نرجعها مثلما كانت. طيب القلب اللي ينكسر في أمل يتصلح؟ ومن يصلحه؟".
مسلسل شارع الأعشى
في زمن السبعينيات، لم يكن الحديث عن حق الفتاة الخليجية في الاختيار الشخصي للزواج مطروحا أصلا. فالقوانين المدنية لم تكن تشجع زواج المرأة من خارج وطنها، وكانت تفرض لوائح داخلية صارمة تجعل هذا الخيار محفوفا بالعقبات. وعبر هذا السياق، يفتح مفهوم الاختيار الشخصي، الذي استعرته من كتاب (هويات متغيرة: تحدي الجيل الجديد في السعودية)، للباحثة مي يماني، بابا للحديث عن قضايا المرأة الخليجية في التعليم والسياسة، ناهيك عن حقها في الحب والارتباط.
يقدّم مسلسل شارع الأعشى للمؤلفة بدرية البشر تجسيدا دراميا مؤثرا لهذا الواقع، من خلال شخصية مزنة الفتاة الشجاعة الصادقة التي وقعت في حب شاب فلسطيني يُدعى رياض، وأرادت الزواج به.
مزنة التي قدَمَت إلى شارع الأعشى برفقة أمها وأشقائها متعب وضاري والجازية، كانت مثالا للفتاة التي تحلم بحب نقي، بعلاقة تنصف قلبها وتكافئ طيبتها. شهدت قصصا كثيرة من حولها: صديقتها عزيزة التي وقعت في حب أحد الشباب العاملين في تجارة الأقمشة، وكيف غدرت بها امرأة لعوب فخطفته. أختها الجازية وهي تتزوج برجل لا يُحبها، فعاشت معه أسوأ حياة زوجية، وأخوها ضاري الذي وقع هو الآخر في الحب. مزنة لم تكن تختلف عنهم، لكنها اصطدمت بجدار الأعراف السميك.
كانت مزنة تعيش في مجتمع محافظ، حيث يُمنع على النساء الغناء أو العمل أو حتى الوجود في سوق الحريم إلا ضمن ضوابط صارمة. في هذا السياق، تعرفت على رياض، الذي أعرب عن رغبته في الزواج بها. ورغم ترددها وافقت بعد أن رأت فيه حريتها، وانعتاقها من سلطة الأخوين والمجتمع الرافض.
تقدم رياض وأهله رسميا، لكن الأم رفضت، خاصة بعد أن رآها ضاري تتحدث معه في السوق، وظن بها السوء. أقسم أن يمنع هذا الزواج، معلنا أن رياض "غريب لا يعرف عاداتهم"، وهكذا مُنعت مزنة من الخروج.
في لحظة يأس، قررت الانتحار، واضعة سكينا على عنقها. ضربها ضاري وهو يصرخ: "إلا الشرف! عقرب الثرى! تريد تذبح عمرها عشانه؟ أنا اللي بذبحها".
لترد الأم بحزن: "هذه بنيتي، ولا أحد له قول بعد قولي وأنتَ لا تمسّ شعرة منها...".
وفي مواجهة بين الأم وابنتها، تسألها الأم بمرارة: "لم أتوقعك هكذا".
فترد عليها: "ماني خايفة من الموت".
لترد الأم:" كل هذا عشق! ما خفتي تخسرين عمرش؟ تخسرين دينش عشانه؟ ما هجيتك كذيه يا مزنة، قوية... شجاعة".
ترد عليها مزنة بإصرار: "ما خفت من الموت ولا ني خايفة منه".
لكن الأم، رغم صدمتها، لم تفقد رجاحة عقلها، تحاول إقناع ابنتها بأن الحب وحده لا يكفي: "... وهو. هجوتك بيذبح عمره عشانش؟ بيتحمل أخوانش، بيتحمل ضاري والطج والطعن؟ اسمعي يا مزنة هالعشق يخصكم أنتم الاثنين، الخطر منه علينا الجميع، ما حدن يأخذ إلا من ربعه ومن جماعته. أنا اليوم حميتش من أخوانش، أما هو فمن يفكه منهم، وهذا اللي عندي".
ومع تصاعد التوتر، يتقدم رجل آخر يُدعى مطلق بن نافل لخطبتها، ويبدأ الحديث داخل العائلة عن فكرة الستر والخلاص الشرعي من هذه الفضيحة. تُرمي الكرة في ملعب مزنة، فتوافق على الزواج به ظاهريا، لكنها تخطط سرًا للهروب مع رياض. في لحظة الذروة، وفي حضور شيخ المسجد والمتشددين الذين واجهوا الثلاثي رياض ومزنة وعزيزة ليلا في شارع الأعشى، أنقذت الأم الموقف بذكاء: "البنت هذي بنيتي، والذي معها رجالها والبنت الثانية من جماعتنا جاءت تودعها قبل لا يسافرون. هذا سعد نسيبنا ماخذ أختها"، ثم قالت لرياض: "باكر تمرنا أنتَ وأهلك، وشوف من يسعى لك في التصريح".
فيرد عليها رياض: "أنا معي الجنسية، وما يصير إلا اللي تبينه".
في نهاية الأمر، تقرر الأم تزويج مزنة من رياض، بعد أن تأكدت مِن أن معه تصريحا رسميا. لكن ذلك لا يمنع ضاري من رفض الزواج والتهديد بدفنها. المشهد يكشف عمق الأزمة؛ بين القانون والتقليد، بين حب يُريد الحياة وخوف من العار المجتمعي. في خلفية هذه القصة، يَسكن خطاب ديني واجتماعي مشترك، يُشيطن المرأة ويصور حريتها كفتنة واختلاطها كفضيحة. كما في خطبة الإمام: "...الفتن أصبحت تحيط بنا من جميع الجهات ونحن في غفلة. كان المسلم يطأطئ رأسه في سَيره وهو يمشي في الطريق حتى إذا التقى امرأة لا يراها؛ لأن الله -عز وجل- أمر الرجال بأن يغضوا من أبصارهم. أما الآن فأصبح نظرهُ في الشارع، وفي المجلة والتلفاز والفيلم، وكلها في حكم زنا البصر والعياذ بالله".
إنه الخطاب المتكرر بلسان المتشددين: "يا عباد الله الحذر ثم الحذر يا أخوات. زينة المرأة في سترها، اتقوا الله يا أخوات وحافظوا على حجابكم. والمزامير من الشيطان ولا يجوز عزفها ولا سماعها ولا تداولها". هذا الخطاب التقليدي يصوّر المرأة كجوهرة، والرجل كذئب، ويحكم على الحب النقي بأنه تهديد لحصن العائلة، وليس فرصة للحياة.
إن قصة مزنة ليست قصة فتاة أحبت رجلا من خارج قبيلتها، بل هي مأساة مجتمع يخشى الحب أكثر مما يخشى الظلم. إنها اختناق متكرر لحلم مشروع، يحاصر المرأة من الجهات كلها، ويصنع من الوصمة عدوا لا يُرى، لكنه حاضر في كل قرار.
قصة مزنة أيضا، ليست مجرد دراما تلفزيونية، بل تعكس واقعا تعيشه العديد من النساء الخليجيات. فزواج المرأة الخليجية من أجنبي لا يزال يواجه تحديات قانونية وعراقيل اجتماعية متعددة. ففي المملكة العربية السعودية، يتطلّب زواج المرأة من أجنبي "الحصول على موافقة وزارة الداخلية، مع شروط تتعلق بالاستقرار المالي والفارق العمري والفحوصات الطبية والسجل الجنائي للزوج، وعدم استيفاء هذه الشروط قد يؤدي إلى رفض الطلب"، وفي معظم دول الخليج، لا تَمنح المرأة المتزوجة من أجنبي جنسيتها لأطفالها، مما يؤدي إلى مشكلات في الإقامة والتعليم والرعاية الصحية تصل إلى المحاكم، وينطبق الحال على جميع دول الخليج. ورغم التطور القانوني في بعض دول الخليج، إلا أن الوصمة الاجتماعية لا تزال قائمة.
ما عاشته مزنة في شارع الأعشى، بكل ما فيه من حب مكبوت ومقاومة خافتة وضغوط عائلية ودينية ليس مجرد حالة معاصرة، بل هو تكرار لصورة المرأة في السرد العربي القديم منذ الجاهلية، مرورا بالعصور الإسلامية وصولا إلى أدب النهضة. في السرد العربي القديم كانت المرأة تمثل الفتنة أو المَتاع، إما معبودة تقاتل القبائل لأجلها أو مصدر بلاء يجب ضبطه أو أداة للصلح والنسب (عنتر وعبلة)، ومزنة في هذا الامتداد، ليست بعيدة عن تلك الصور وتمثيلاتها الرمزية، فهي محكومة بسلطات ثلاث كبرى: سلطة الأخ، وسلطة الأم، وسلطة المجتمع والفتاوى وخطبة الصلاة وتهمة التجريم. ومثل بطلات السرد العربي القديم، فإنّ كل تمرّد منها يُقابل بالعنف أو الخنق أو التهديد بالموت كما لو أن حياتها لا تُحتمل إلا ضمن حدود يقرّها الذكور المتشددون.
لكن المختلف هنا، أن مزنة تقف على حافة التغيير. فهي لا تموت كما ماتت ليلى الأخيلية قهرًا، ولا تُمنع من الحب كما مُنعت بلقيس في الأسطورة، بل تصرخ، تحاول، تجرّب، تفكر في الانتحار، لكنها في نهاية الأمر تنتزع شبه اعتراف من الأم، وتضع الجميع أمام خيار أخير: إما أن أكون أو لا أكون.
إن قصة مزنة في الحقيقة ليست بعيدة عن قصص النساء العربيات منذ فجر السرد: نساء يُحببن لكن لا يُصدقن، يُردن لكن لا يُمنحن، يُفكرن لكن لا يُسألن. ومزنة بهذا تمثّل لحظة تقاطع بين الماضي الثقيل والحاضر الذي سيأتي متأخرا.