جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-13@01:22:25 GMT

ركائز بقاء إسرائيل ومُهدداتها

تاريخ النشر: 4th, August 2024 GMT

ركائز بقاء إسرائيل ومُهدداتها

 

د. عبدالله الأشعل **

ما دامت إسرائيل قامت على المشروع الصهيوني وهي دولة مافياوِية وأنها حصلت على عضوية الأمم المُتحدة بالمؤامرة الدولية بين موسكو الشيوعية والغرب الرأسمالي الذي أنشأ إسرائيل وقدم لها الدعم في كل مراحلها، فإنَّ إسرائيل حالة نفسية قامت على أكتاف المُغرَّر بهم ممن يعتقدون أنهم يهود، مع أن اليهود الحق يرفضون قيام إسرائيل أصلًا، وكمشروع سياسي إجرامي، لذلك هناك ركائز لوجود إسرائيل وكلها تسعى إلى توفير الأمان النفسي، ويُفترض أن هذه الحالة ترافق المشروع الصهيوني منذ بداياته حتى الآن، لكن شعورها بالأمن أمر خاص جدًا لا يكاد يوفره أكثر الضمانات وثوقًا وهو أمن يقوم على حساب أمن دول المنطقة الأخرى.

وركائز قيام إسرائيل عديدة نذكر أهمها فيما يلي:

أولًا: الديمقراطية

تزعم إسرائيل أنها صاحبة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، وهذا صحيح؛ لأنَّ ديمقراطية إسرائيل قاصرة على أطراف العصابة وأعضاء المشروع الصهيوني، ولذلك لا يُقاس عليها، وأوهمت دول المنطقة أنها امتداد للديمقراطية الغربية، وأن وجودها في المنطقة العربية- الدكتاتورية بطبيعتها- يُغيِّر ثقافة الحُكَّام والمحكومين، ولذلك تحرص إسرائيل على أن تكون وحيدة في الديمقراطية والتسلُّح النووي، وترفض رفضًا قاطعًا إقامة الديمقراطية في المنطقة العربية؛ لأنَّ ديمقراطية المنطقة العربية ليست منافسة للديمقراطية الإسرائيلية؛ بل مُهددة لوجودها، ولذلك تحالفت إسرائيل مع القوى المستفيدة من عدم التغيير في المنطقة العربية، وأسهمت في إحباط جميع الثورات العربية منذ عام 2011، وليس صحيحًا أن إسرائيل زُرِعَت فى محيط عربي معادٍ لها، ولذلك مكّنت واشنطن إسرائيل من الهيمنة بالضغوط الأمريكية والإغراءات على النظم العربية، لدرجة أن كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق، عبَّرت صراحة في محاضرتها بالجامعة الأمريكية عام 2003 بالقول إن كل العلاقات العربية مع الولايات المتحدة علاقات تبعية، والأصل فيها إرضاء إسرائيل، فإذا كانت العلاقات العربية الإسرائيلية مُرضية لإسرائيل، انعكس ذلك على موقف واشنطن من الدول العربية.

وكشفت ملحمة غزة صدق هذه المقولة ونجاح واشنطن فى تطبيقها، ونكاد نقول إنَّ الحياة لا تتسع للدول العربية، وخاصة مصر وإسرائيل في وقت واحد؛ لذلك فشلت جميع محاولات الأطراف المختلفة للحصول على السلام للجميع والازدهار للجميع، وصممت علاقات المنطقة على أساس أن إسرائيل هي الفائزة في كل مكان.

ثانيًا: القوة

من أهم ركائز إسرائيل، القوة المرافقة للبطش والتنكيل والاذلال، حتى قال نتانياهو إن شرعية إسرائيل تنبع من قوتها. وتفهم إسرائيل القوة على أنها القوة الشاملة (القوة العسكرية والقوة التكنولوجية والقوة الاقتصادية والقوة السياسية)؛ ولذلك فإن اهتزاز الثقة في قوة إسرائيل- خاصة العسكرية- يضرب المشروع الصهيوني في مقتل، ذلك لأن القوة العسكرية هي التى تُؤمِّن المُغرَّر بهم المتعلقين بالحياة والأساطير، من أن إسرائيل تقوم على الأرض الموعودة المقدسة! وأن إسرائيل هي قمة اليهودية، مع أن إسرائيل عنصرية لا علاقة لها باليهودية، غير أن ما يُسمّى برجال الدين اليهودي خاصة "الحاخام الأكبر"، لا يتورع عن التأكيد على أن دعم إسرائيل كمشروع سياسي واجب ديني، ويقرأ عبارات مُؤلَّفة من التوراة المُزوَّرة التي أرشدنا إليها القرآن الكريم. وكأن إسرائيل الصهيونية تُشوِّه صورة اليهودية وقيمها المقدسة؛ مما تعبِّر عنه النظم القانونية المختلفة في جريمة ازدراء الأديان. وهذا مجال خصم لتقديم دعاوى إلى محاكم الدول الغربية التي يُظَن زورًا وبهتانًا أن القضاء فيها مستقل، والدليل على ذلك أن القضاء الفرنسي منذ عدة أيام أصدر حكمًا بحجب مشاركة الشركات الإسرائيلية في معرض باريس للسلاح، ولكن الحكومة الفرنسية بضغط من أمريكا وإسرائيل قد جمدت الحكم القضائي ويعتقد أن المعركة القادمة فى فرنسا تحتدم من جانب المدافعين عن استقلال القضاء الفرنسي ضد التأثير على استقلال هذا القضاء.

ثالثًا: سياسة الإبادة والإذلال والقمع والتجويع والحصار وقمع الفلسطينيين الجائعين المدنيين بعد القضاء على مقومات الحياة لديهم.

رابعًا: ضمان الدعم الأمريكي الذي يصل إلى مشاركة واشنطن مباشرة فى أعمال الإبادة كما نقل عن الرئيس المصري أنور السادات أثناء حرب أكتوبر أنه اتخذ قراره بإنهاء الحرب عندما تدخلت الدبابات الأمريكية فى الحرب بعلاماتها المميزة، وقال فى خطبته فى مجلس الشعب فى 16 أكتوبر 1973 أنه لا يستطيع أن يحارب الولايات المتحدة. وفي كل حروب إسرائيل وعدوانها في المنطقة العربية، كانت واشنطن أسبق من إسرائيل في هذا العدوان،، ولعل هجوم القوات الأمريكية على مصر من قاعدة هويلص الليبية عام 1967 خير دليل على هذه الحقيقة، وأهم دعم تقدمه واشنطن لإسرائيل هو تمكين إسرائيل من الحكام العرب. وقد رأينا نجاح هذه السياسة ونجاعتها فى ملحمة غزة؛ حيث عُقدت القمة العربية الإسلامية بعد مضي 25 يومًا على بدء حملة إسرائيل لإبادة غزة، ولم تُسفِر عن شيء، ذلك أن واشنطن تجعل إسرائيل فوق كل الحسابات وفوق القانون الدولي؛ لدرجة أن واشنطن تُضحِّي بديمقراطيتها وبمركزها في النظام الدولي وترتكب حماقات قانونية من أجل إسرائيل، وكان قانون مجلس النواب الأمريكي الأخير الذى يُهدد قضاة المحكمة الجنائية الدولية بالعقوبات إذا ما اتخذوا قرارًا بالقبض على زعماء إسرائيل العسكريين والسياسيين، علمًا بأنَّ المدعي العام للمحكمة قدَّم طلبا إليها للقبض على زعماء المقاومة، رغم أن بلاغًا واحدًا لم يُقدَّم ضد المقاومة، بينما قَدَّمت كل منظمات حقوق الإنسان ووكالات الأمم المتحدة بلاغات ضد جرائم إسرائيل، وقد استبق المدعى العام للمحكمة قانون مجلس النواب الأمريكي حتى يحظى بالرضا الأمريكي، ويتم التجديد له في العام القادم، وقد رأى بنفسه كيف أن الدكتور محمد البرادعي عُيِّن بترشيح من واشنطن مديرًا عامًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ثم تم التجديد له ثلاث مرات، على غير العادة، وضد أحكام لوائح الوكالة.

الخلاصة أن واشنطن تقدم لإسرائيل كل صور الدعم لبقائها والتمكُّن من تنفيذ جرائمها وتقدم لها الحماية الشاملة من الضغوط الدولية، كما إن الرئيس جو بايدن اعتبر الاختراق الدبلوماسى الإسرائيلي للعالم العربي، بمثابة الإنجاز الوحيد لإدارته في أربع سنوات!

أما مُهدِّدات إسرائيل ووجودها والمؤثر على قدرتها على ارتكاب الجرائم؛ فهي أولًا المقاومة ومعسكر المقاومة، ولذلك  تستميت إسرائيل لتأمين مستقبلها في المنطقة بالقضاء على المقاومة.

ثانيًا: استقلال الحكام العرب وتوجيه مجهوداتهم لخدمة أوطانهم وتنمية هذه الأوطان والشعوب والاستفادة من مواردها بدلًا من استقطاب الحكام العرب لصالح إسرائيل ضد شعوبهم وأوطانهم.

ثالثًا: اتفاق روسيا والصين وإيران على دعم العالم العربي غير المجمع على العداء لإسرائيل.

رابعًا: مطاردة الصهيونية عربيًا ودوليًا عن طريق تجنيد المجتمعات العربية وتثقيفها ضد الحركة الصهيونية على أساس أنها حركة إجرامية معادية لكل الشرائع السماوية وأن مناهضتها تُعد واجبًا أخلاقيًا ودينيًا وسياسيًا عن طريق إنشاء الجمعيات العربية التي تنشر هذه الثقافة وإصدار التشريعات والمقررات الدراسية في هذا الاتجاه وتجريم الصهيونية داخل المجتمعات العربية وفي القانون الدولي.

** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

محمد فراج: القمة العربية شهدت مخرجات مهمة لصالح القضية الفلسطينية

قال المستشار محمد السيد فراج، مستشار التنمية والتخطيط بالأمم المتحدة، إن القمة العربية الطارئة الأخيرة شهدت تطورات برزت فيها مخرجات مهمة تتعلق بالقضية الفلسطينية، مؤكدا أن هذه القمة حققت جزءاً كبيراً من أهدافها وتوصلت إلى نتائج ملموسة.

ونوه فراج في تصريحات صحفية، بأن القمة العربية الأخيرة عقدت في القاهرة بدعوة من الرئيس عبدالفتاح السيسي، وقد تمثل أهمية هذه القمة في كونها واحدة من الأبرز في السنوات الأخيرة، حيث جاءت هذه القمة في وقت حساس لتقديم الدعم للقضية الفلسطينية، وتحديدًا من خلال الموافقة على الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة.

خطة إعمار غزة 

وأكد مستشار التنمية والتخطيط، أن هذه الخطة تأتي كاستجابة لمواجهة الطرح الأمريكي بشأن تهجير الفلسطينيين، حيث كان للموقف العربي الموحد، وخاصة دعم كل من الرئيس السيسي والملك عبدالله، دور كبير في اعتماد هذه الخطة، ما يعكس قوة التنسيق بين الدول العربية في التصدي للضغوط الخارجية.

وتابع: "من أبرز المخرجات التي خرجت بها القمة هو الرفض القاطع لأي مخططات تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، بما في ذلك خطة التهجير أو أي استراتيجية تعيد بناء المنطقة دون الأخذ بعين الاعتبار حقوق الفلسطينيين، لافتا إلى أن هذا الرفض جاء متسقاً مع الرسائل العربية الموجهة، والتي طالبت بعدم التنازل عن الحقوق الفلسطينية أو السماح لأي جهة بالتلاعب بمصير الشعب الفلسطيني.

وشدد المستشار محمد فراج، على أن التأكيد على الرفض الجماعي للمخططات التي تستهدف القضية الفلسطينية يعكس أهمية الصوت العربي الموحد في مواجهة التحديات، فالقمة العربية تمثل منصة لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء، ولإرسال رسائل قوية بشأن القضايا المصيرية التي تواجه العالم العربي.

الموقف الأمريكي من غزة 

وتابع أن الموقف الأمريكي يمثل لغزًا معقدًا، حيث يبدو غير واضح حتى الآن، ويعتمد مدى جدية الولايات المتحدة في الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لوقف الحرب على التسريبات المتعلقة بتصريحات المبعوث الأمريكي آدم بولر، الذي تحدث عن ضرورة الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين.

وأردف فراج، أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تتحدث عن وجود ضغوط لإنهاء الحرب، حيث تم طرح مقترحات أمريكية تشمل فترات طويلة من التهدئة وإبعاد حركة حماس عن المشهد السياسي الفلسطيني ويتبقى التساؤل عن مدى قبول مثل هذه الحلول من جانب إسرائيل وحماس، وهو ما يمكن أن يؤثر بشكل كبير على مستقبل الصراع في المنطقة.

واختتم المستشار محمد فراج، بالتأكيد على أن القمة العربية أظهرت بوضوح ناقوس الخطر حول القضية الفلسطينية، وتجسد التزام الدول العربية بدعم حقوق الفلسطينيين في مواجهة التحديات المتزايدة، حيث يقدم المناخ الحالي فرصة لإعادة البناء والتوصل إلى حلول دائمة، شريطة وجود إرادة سياسية قوية من جميع الأطراف المعنية.

وأشار إلى أنه مع استمرار التوترات في المنطقة، تظل الحاجة ملحة لبقاء القضية الفلسطينية في صميم الأجندة العربية، فالتركيز على حقوق الفلسطينيين وإعادة الإعمار ورسم استراتيجيات فعالة للتنمية يُعتبر حجر الزاوية لتحقيق سلام دائم وشامل في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • الحوثيون يبدؤون حظر سفن إسرائيل وحماس والجهاد ترحبان
  • بين العجز الدبلوماسي ولغة القوة: السيد القائد يتجاوزُ القممَ العربية
  • القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح بقيادة القطاع الأوسط والشرقي بقيادة القائد أحمد قيدوم تحركت نحو المحور الجنوبي لكنس بقايا المليشيا
  • الخارجية الأمريكية ترحّب باتفاق اندماج قوات سوريا الديمقراطية ضمن مؤسسات الجمهوريّة العربية السوريّة
  • رادار العقوبات الأمريكية يهدد بقاء الحشد.. ما علاقة الحوثيين؟
  • رادار العقوبات الأمريكية يهدد بقاء الحشد.. ما علاقة الحوثيين؟ - عاجل
  • تنفيذ الأوامر الاستعمارية في القمم العربية !
  • محمد فراج: القمة العربية شهدت مخرجات مهمة لصالح القضية الفلسطينية
  • غضب إسرائيلي من تصريحات المبعوث الأمريكي عن المقاومة الفلسطينية
  • وزارة الخارجية الإيرانية تدين التهديدات الأمريكية باستخدام القوة وتعتبرها انتهاكًا للقوانين الدولية