تعاني مناطق ومخيمات شمال شرق سوريا ظروفا معيشية صعبة،  مع شح المساعدات وسوء الخدمات، إضافة إلى ارتفاع درجات حرارة تجاوزت عتبة الـ40، درجة، ما حول نهار النازحين في المخيمات المنسية إلى جحيم.

تشكو رحمة الحمود (33 عاماً)، وهي أم لأربعة أطفال قتل والدهم في الحرب، من الظروف الصعبة التي تقاسي الأمرين تحت وطأتها في أحد مخيمات مدينة الرقة.



في المخيم اليوناني حيث تعيش والذي اكتسب اسمه من مطعم يحمل الاسم ذاته على ضفاف نهر الفرات عند أطراف مدينة الرقة، تتعالى أصوات أطفال يركضون بين خيم مهترئة تحت أشعة شمس حارقة، فيما تنقل نساء المياه في أوعية تملأها من صنبور في باحة المخيم، بينما تنهمك طفلة بغسل الأطباق قرب خزان مياه.

وتقول الحمود في حديثها لـ"فرانس برس": أطفالنا يمرضون بشكل متكرّر، يعانون من حرارة وحالات إسهال وتقيّؤ، الخيمة حارّة جدا ولا نستطيع الجلوس داخلها في فترة الظهيرة".

صباح الخير من مخيمات مدينة الرقة.
المصدر: AFP pic.twitter.com/aPJamr3eAe — وكالة ثقة (@thiqanewsagency) December 22, 2022
وتتابع السيدة التي فقدت زوجها: المساعدات قليلة والمنظمات لا تعترف بهذا المخيم. لو كانت تساعدنا  كل شهرين أو ثلاثة، لاستطاع الناس العيش" بشكل أفضل.

تضمّ مناطق سيطرة الإدارة الذاتية الكردية، خصوصا في محافظتي الرقة (شمال) والحسكة (شمال شرق)، عشرات المخيمات العشوائية التي تؤوي مدنيين فروا من مناطق عدة على وقع المعارك بين أطراف مختلفة من النزاع السوري المتواصل منذ العام 2011.

وتحوي محافظة الرقة التي شكّلت المعقل الأبرز لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، قبل دحره منها في تشرين الأول / أكتوبر 2017، العدد الأكبر من المخيمات العشوائية، وفق الإدارة الذاتية الكردية.

وتعمل الحمود مع أولادها الثلاثة في ظل تلك الظروف القاسية، وتقول شارحة همها: "كلمة منسيين قليلة لوصف الظروف التي نعيشها في المخيم".

وتضيف: "نحن منسيون بشكل كامل، لا مواد تنظيف والخيم مهترئة، تدخل الشمس منها، بينما تتجاوز درجات الحرارة عتبة الأربعين".

مخيمات منسية

في شمال غرب البلاد الخارج عن سيطرة النظام، ينتشر أكثر من ألف مخيم نظامي وعشوائي لنازحين يعتمدون بشكل أساسي على مساعدات المنظمات الدولية العابرة للحدود.

وتراجع الدعم الذي كان يصل إلى تلك المنطقة منذ إغلاق طريق المساعدات العابرة للحدود قبل ثلاث سنوات.

وإن كانت كميات أكبر من المساعدات تصل إلى المخيمات النظامية التي تعمل فيها منظمات محلية ودولية، فإن المخيمات العشوائية تشهد أوضاعا معيشية صعبة جراء قلّة المساعدات وانتشار الأمراض ونقص المياه.

وتقول تانيا إيفانز من منظمة الإغاثة الدولية إن "المخيمات العشوائية في شمال شرق سوريا يمكن اعتبارها منسية"، مشددة على ضرورة زيادة الاهتمام بها، وتمويلها والدفع نحو جهد مستدام تجاهها من المجتمع الدولي.


ويقيم قرابة 150 ألف نازح في المخيمات النظامية، بينما تؤوي المخيمات العشوائية عشرات الآلاف من النازحين، مسؤول المخيمات والنازحين لدى الإدارة الذاتية شيخموس أحمد.

ويشرح لـ"فرانس برس" من مكتبه في الرقة: "نعمل على خطة لنقل المقيمين في المخيمات العشوائية إلى مخيمات منظمة، لتتمكن الإدارة الذاتية والمنظمات الإنسانية من التعامل مع الأوضاع الإنسانية والصحية".

وتُشكّل المواقع العشوائية 79 في المئة من مخيمات النازحين في الرقة، وفق تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الذي يعتبر تلك المخيمات الأكثر "هشاشة" وعرضة لتداعيات حالات الطقس القاسية جراء "غياب التخطيط والبنى التحتية والإدارة".

بحث في القمامة لأجل العيش

وفي الأطراف الشمالية الشرقية لمدينة الرقة، يقع مخيم سهلة البنات للنازحين، وبالقرب منه كومة من البلاستيك والحديد تباع عادة لسيارات تجوب المخيم القريب من مكب نفايات.

ويعتمد غالبية المقيمين في المخيم على مدخول يوفره البحث بين القمامة عن مواد يمكن بيعها. ويمكن رؤية نساء وأطفال يحملون أكياسا على ظهورهم بينما يغطي السواد أيديهم ووجوههم المرهقة.

وتقول النازحة من محافظة دير الزور شكورة محمّد (30 عاماً) بعد عودتها من جمع البلاستيك: "ما من مساعدات تأتي الى المخيم، يعمل الناس في القمامة ويبحثون عما يمكنهم بيعه لشراء الخبز وتأمين مصروفهم اليومي".


وتتابع "الوضع سيء هنا وحالة المخيم مأساوية. في الصيف ما من مياه باردة"، مضيفة أنه منذ بدء النزاع "نحن منسيون. لو تذكّرنا الناس، لما وصلنا الى هذه الحال".

على غرار غالبية قاطني المخيم، تناشد محمّد بينما تغرورق عيناها بالدموع، المنظمات الإنسانية تقديم المساعدات. وتقول "يجهد الرجال والنساء والأطفال هنا لأجل لقمة العيش".

في المخيم ذاته، تنظف أم راكان (أربعينية) النازحة من دير الزور، أمام خيمتها. وتعلّق باختصار "لم نعد نعوّل على مساعدة من أحد، لأننا فقدنا الأمل منذ سنوات وقدرنا أن نعيش هذا الجحيم الى الأبد".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سوريا الرقة سوريا الرقة النازحين السوريين الشمال السوري سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی المخیم شمال شرق

إقرأ أيضاً:

بغداد تحت وطأة الازدحام: هل أصبحت التظاهرات تهديدًا للسلام؟

سبتمبر 29, 2024آخر تحديث: سبتمبر 29, 2024

المستقلة/- شهدت العاصمة بغداد اليوم الأحد أزمة ازدحامات خانقة، حيث تكدست السيارات في العديد من الشوارع الحيوية، وعلى رأسها شارع المطار وسريع القادسية، نتيجة لإغلاق الجسر المعلق بسبب التظاهرات المنددة باغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني، السيد حسن نصر الله. هذا الحدث يثير تساؤلات جدية حول تأثير الاحتجاجات على حياة المواطنين اليومية، ومدى قدرة الحكومة على إدارة الأزمات.

مع إغلاق الجسر المعلق، توقفت حركة المرور في العديد من الشوارع الرئيسية، مما أدى إلى تكدس السيارات وإحباط السائقين. وشملت خارطة الازدحامات مناطق مثل شارع المعتز في البياع، وجسر الجادرية، ونفق الزيتون، بالإضافة إلى شارع الرشيد وشارع 14 تموز. هذه المشاهد ليست جديدة على بغداد، لكنها تثير القلق بشأن قدرة السلطات على توفير الأمن والراحة للمواطنين في ظل حالة من عدم الاستقرار السياسي.

الاحتجاجات: صدى للأزمة

التظاهرات التي شهدتها العاصمة ليست مجرد رد فعل على حدث معين، بل تعكس حالة من الغضب والاستياء العام بين المواطنين. فبينما تُظهر التظاهرات دعمًا لقضية معينة، فإنها في الوقت نفسه تؤدي إلى تعطيل الحياة اليومية، وتطرح تساؤلات حول كيفية تحقيق التوازن بين الحق في التعبير عن الرأي وحق المواطنين في التنقل بحرية. هل يمكن للحكومة أن تتعامل مع التحديات بشكل يضمن السلام والأمن؟

ردود الأفعال المحلية والدولية

بعد انسحاب المتظاهرين، تم إعادة فتح الجسر المعلق، لكن الخوف من تصاعد التوترات في محيط السفارة الأمريكية لا يزال قائمًا. هذه الديناميكية بين الاحتجاجات والخوف من ردود الفعل الحكومية تضع ضغطًا إضافيًا على الوضع في البلاد. كيف يمكن للعراق أن يتجنب الوقوع في دوامة العنف والاضطرابات؟

خيارات الحكومة

يتطلب الوضع الحالي اتخاذ إجراءات فعّالة من قبل الحكومة العراقية لتخفيف حدة التوترات. من الضروري أن تعمل الحكومة على تعزيز الحوار مع المجتمع المدني، والتفاعل مع مطالب المتظاهرين، في وقتٍ يسعى فيه المواطنون لاستعادة ثقتهم في المؤسسات الحكومية. بدلاً من التعامل مع الاحتجاجات بالعنف أو الإهمال، يجب أن يكون هناك نهج شامل يضمن حقوق المواطنين وأمنهم.

مقالات مشابهة

  • عائلتي تحت وطأة الغارات.. رسالة مؤثرة من وسام أبو علي
  • مصادر بالجيش السوري: إسرائيل أسقطت عشرات الصواريخ الإيرانية التي حلقت فوق سوريا
  • إيران ترسل المساعدات إلى لبنان عبر سوريا بسبب تهديدات إسرائيلية
  • لجنة سنن البحر بولاية صحم تناقش التحديات التي تواجه الصياد الحرفي
  • اقتحامات لقوات الاحتلال في عدد من مخيمات الضفة الغربية (شاهد)
  • رام الله - التنمية تعلن وصول 26 شاحنة مساعدات الى شمال غزة
  • طالبات مدارس المخيمات في شباك استغلال الكوادر التعليمية
  • رئيس الوزراء يؤكد مواصلة العراق تقديم المساعدات التي تدعم صمود الشعب اللبناني
  • السوداني: العراق مستمر بتقديم جميع المساعدات التي يحتاجها الشعب اللبناني
  • بغداد تحت وطأة الازدحام: هل أصبحت التظاهرات تهديدًا للسلام؟