قال باحث أميركي إنه بات من الواضح الآن أكثر من أي وقت مضى أن الخطاب "العدائي" الذي ألقاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي يوم 24 يوليو/تموز، كان بمثابة استهلال لحرب إقليمية أوسع نطاقا، رغم الإعجاب الذي تلقاه من النواب الأميركيين الذين ظلوا يقاطعونه بالتصفيق الحار.

وكتب سامي العريان، مدير مركز الإسلام والشؤون العالمية في جامعة إسطنبول، في مقال بموقع ميدل إيست آي البريطاني، أن نتنياهو -الذي يصفه بأنه مجرم حرب- سافر إلى الولايات المتحدة بعد فشله في تحقيق أهدافه العسكرية، للتحريض على الحرب ضد إيران وإطالة أمد حملة الإبادة الجماعية في قطاع غزة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جدعون ليفي: عندما تقع الكارثة تذكروا كيف احتفلتم باغتيال هنيةlist 2 of 2نقاط القوة والضعف لكامالا هاريس في مواجهة ترامبend of list

وذكر أن جيش الاحتلال الإسرائيلي درج في الآونة الأخيرة على تصعيد عملياته العسكرية حيث قصف ميناء الحديدة في اليمن، والضاحية الجنوبية في بيروت، واغتال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، وقبله القائد العسكري في حزب الله اللبناني فؤاد شكر.

إبادة جماعية

وقال إن هذا التصعيد يأتي بعد مرور 300 يوم على حرب الإبادة الجماعية التي تشنها دولة الاحتلال على غزة، وقُتل فيها -بحسب بعض التقديرات- ما لا يقل عن 50 ألف شخص أو دفنوا تحت الأنقاض، وأصيب أكثر من 100 ألف آخرين.

واتهم العريان -وهو أميركي من أصل فلسطيني- الولايات المتحدة بدعم إسرائيل في حروبها تلك، وهي التي منحتها الضوء الأخضر لمواصلة "جنونها بلا رادع".

وأوضح أن خطاب نتنياهو كان مليئا بـ"الأكاذيب الفجة"، وتباهى بإسرائيل "التي لا تقهر"، وبدورها "المحوري" باعتبارها "ركيزة لأمن واستقرار المنطقة وازدهارها الاقتصادي".

وقال إن دعوته لإلقاء خطاب في جلسة مشتركة لمجلسي الكونغرس (النواب والشيوخ) للمرة الرابعة على نحو غير مسبوق، كان "شرفا" لم يحظ به حتى ونستون تشرشل، رئيس الوزراء البريطاني إبان الحرب العالمية الثانية، الذي خاطب الكونغرس الأميركي خلال فترة ولايته (في الأعوام 1941 و1943 و1952).

مسرحية مخجلة

وفي معرض قراءاته للخطاب، وصف العريان أداء نتنياهو أمام الكونغرس بأنه كان "أشبه بمسرحية مخجلة"، شارك فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه وأعضاء أكبر هيئة تشريعية في الولايات المتحدة الذين تدعمهم مجموعات الضغط السياسي الموالية لدولة الاحتلال، لا سيما اللجنة الأميركية الإسرائيلية للشؤون العامة (أيباك).

وذكر الباحث في مقاله أن نتنياهو كان يهدف، في الأساس، إلى إظهار نفسه في صورة زعيم قوي غير هيّاب أمام الجمهور الإسرائيلي "المرتاب والمهزوز".

وأضاف أن نتنياهو ما انفك يعمل -في ظل افتقاره لأي إنجازات سياسية وعسكرية في غزة أو عدم استعداده لتغيير المسار- على تصعيد الصراع سعيا منه إلى جر الولايات المتحدة إلى الدخول في حرب إقليمية.

وأبان أن تلميح رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى أن الإدارة الأميركية تحجب عن إسرائيل الأسلحة التي تحتاجها، هو اتهام "زائف" يهدف إلى صرف الانتباه عن فشله في تحقيق "النصر الكامل" الذي كان يروج له.

طبول حرب

وتعمد نتنياهو التذكير بأن الحلفاء ما كان لهم أن يحققوا النصر في الحرب العالمية الثانية لولا دعم أميركا لهم بالسلاح والجنود، مدعيا أن حكومته ستتمكن من إنهاء المهمة في غزة إذا حصلت على القدر نفسه من الأسلحة.

غير أن العريان يرى أن ما لم يقله نتنياهو هو أن الحلفاء ما كان لهم أن ينتصروا من دون دعم الولايات المتحدة لهم بجيش "عرمرم"، سقط منهم أكثر من 400 ألف جندي قتلى.

وأشار إلى أن نتنياهو خصص ثلث خطابه في قرع طبول الحرب ضد إيران، زاعما أنها مسؤولة عن كل المشاكل التي تواجهها إسرائيل.

وأردف أن الخطاب تحدث عن المتاعب التي تتعرض لها إسرائيل، وكأنها ليست هي المسؤولة عن احتلال فلسطين، أو أن سياساتها تقوم على إنكار حقوق الفلسطينيين، وعلى بناء المستوطنات غير القانونية على الأراضي الفلسطينية "المسروقة"، وتجريد الشعب الفلسطيني من إنسانيته ومصادرة ممتلكاته، وتهويد المقدسات الإسلامية، والتوغلات اليومية للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، واغتيال المئات واعتقال آلاف الفلسطينيين.

انحياز مستمر

وواصل الكاتب هجومه على الخطاب، قائلا إن الادعاء الأكثر إهانة بالنسبة للأميركيين في سيل الأكاذيب التي احتواها هو تأكيده "الذي لا أساس له على الإطلاق" من أن الاحتجاجات الحاشدة المناهضة للإبادة الجماعية في المدن والجامعات الأميركية كانت بتحريض وتمويل من إيران.

واستشهد العريان بما ورد في كتاب: "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأميركية"، من تأليف الأكاديمييْن الأميركيين جون ميرشايمر وستيفن والت، الذي يعزو انحياز العديد من السياسيين الأميركيين المستمر لدولة الاحتلال إلى وقوعها في براثن اللوبي اليهودي بقيادة أيباك.

واعتبر أن ما جاء في الكتاب يعد التفسير الوحيد المعقول لسياسة الولايات المتحدة "الكارثية" في الشرق الأوسط، وخضوع العديد من نخبها للسياسات والمصالح الإسرائيلية "التي تتعارض في الغالب مع مصالح بلادهم الإستراتيجية".

وقال إن تأثير اللوبي اليهودي -الذي طالما ظل يحرض على الحرب ضد إيران- ظهر جليا في الاستقبال "الحماسي الأعمى" في الكونغرس لنتنياهو، الذي نعته العريان بأنه "مجرم حرب، وأحد أكثر القادة الإسرائيليين تشددا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات الولایات المتحدة رئیس الوزراء أن نتنیاهو

إقرأ أيضاً:

بعيون أصدقائها.. هذه هي عائشة نور إيجي المتضامنة الأمريكية التي قتلها الاحتلال

بعد مقتلها برصاص الاحتلال الإسرائيلي خلال مظاهرة في الضفة الغربية المحتلة، تحدثت صحيفة "الغارديان" مع أصدقاء المتضامنة الأمريكية الراحلة عائشة نور إيزجي، وأساتذتها السابقين الذين عن تفانيها والتزامها الأخلاقي تجاه القضية الفلسطينية.

والجمعة، تعرضت إيزجي لرصاصة إسرائيلية أصابتها في الرأس مباشرة خلال قمع قوات الاحتلال لمسيرة بيتا الأسبوعية، المناهضة للاستيطان، جنوبي مدينة نابلس، ما أدى إلى وفاتها.

وذكرت مصادر فلسطينية، أن المتضامنة الأمريكية تنحدر من أصول تركية، وهي متطوعة ضمن حملة "فزعة" لدعم وحماية المزارعين الفلسطينيين من انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه.

وتاليا ترجمة تقرير "الغارديان" حول المتضامنة عائشة نور إيزجي، بعيون أصدقائها وأساتذتها:



عائشة نور إيزجي إيجي، الناشطة الأمريكية البالغة من العمر 26 سنة، والتي قُتلت أثناء تظاهرها في الضفة الغربية المحتلة، يتذكرها أصدقاؤها وأساتذتها السابقون كمنظمة متفانية شعرت بالتزام أخلاقي قوي للفت الانتباه إلى محنة الفلسطينيين.

وقالت آريا فاني، أستاذة لغات وثقافات الشرق الأوسط في جامعة واشنطن في سياتل، التي كانت تدرس فيها إيجي: “توسلت إليها لكي لا تذهب، لكنها كانت تملك تلك القناعة العميقة بأنها تريد المشاركة في الشهادة على ظلم الناس وصمودهم بكرامة. لقد حاربت الظلم حقًا أينما كان”.

تحدثت فاني، التي كانت مقربة من إيجي على مدار السنة الماضية، إلى صحيفة الغارديان بعد ظهر يوم الجمعة، بعد ساعات من أنباء مقتلها التي أثارت غضبًا دوليًا. كانت إيجي تتطوع مع حركة التضامن الدولية المناهضة للاحتلال عندما أطلق الجنود الإسرائيليون النار عليها وأردوها قتيلة، وفقا لمسؤولين فلسطينيين واثنين من الشهود العيان الذين تحدثوا إلى وكالة أسوشيتد برس.




وقال طبيبان لوكالة أسوشيتد برس إنها أصيبت في رأسها، وقال الجيش الإسرائيلي إنه يحقق في تقرير يفيد بأن القوات قتلت مواطنة أجنبية أثناء إطلاق النار على “أحد المحرضين على نشاط عنيف”، وقال البيت الأبيض إنه “منزعج بشدة” من عملية القتل ودعا إلى إجراء تحقيق.

وقالت فاني إن إيجي، وهي أيضا مواطنة تركية، وقد تركت وراءها زوجها، تخرجت من جامعة واشنطن في وقت سابق من هذه السنة من تخصص في علم النفس وتخصص فرعي في لغات وثقافة الشرق الأوسط. وقالت فاني إنها سارت على المنصة حاملةً علمًا كبيرًا يحمل عبارة “فلسطين الحرة” خلال الحفل.

وقالت الأستاذة إنهما التقيا عندما كانت تلقي محاضرة كضيفة في دورة عن السينما النسوية في الشرق الأوسط، وتحدثت عن تجربتها الخاصة في التظاهر في الضفة الغربية سنة 2013.

وقالت: ”لم يكن لديَّ أي فكرة أن ذلك سيلهمها بعد ذلك لخوض تجربة مماثلة”، وروت كيف تواصلت معها للحصول على المشورة بينما كانت تستعد للانضمام إلى حركة التضامن الدولية: “حاولتُ أن أثنيها عن ذلك، ولكن من موقف ضعيف جدًا، لأنني كنت قد فعلت ذلك بنفسي. لقد كانت صاحبة مبدأ جدا جدا في نشاطها في هذه الحياة القصيرة التي عاشتها”.



وقالت فاني إنها في سنتها الدراسية الأخيرة، خصصت وقتًا كبيرًا “للبحث والحديث مع الفلسطينيين والتحدث عن صدمتهم التاريخية. كانت مطلعة بشكل لا يصدق على ما كانت عليه الحياة في الضفة الغربية. لم تكن مسافرة ساذجة، بل كانت هذه التجربة تتويجًا لكل سنوات نشاطها”.

كانت إيجي واحدة من المنظمين في الجامعة الشعبية لمنطقة غزة المحررة في حرم جامعة واشنطن، وهي واحدة من عشرات المخيمات المؤيدة للفلسطينيين التي أقيمت خلال الاحتجاجات في الربيع.

وقالت فاني: “لقد كان لها دور فعال في الاحتجاج على علاقات الجامعة مع شركة بوينغ وإسرائيل وقيادة المفاوضات مع إدارة الجامعة، فقد كان الأمر يهمها كثيرًا. وكنت أراها أحيانًا بعد أن تنام لساعة أو ساعتين فقط، كنت أقول لها أن تأخذ قيلولة، وكانت تقول: “لا، لديَّ أشياء أخرى أقوم بها”. لقد كرّست الكثير من الجهد، وتمكنت من التخرج فوق كل ذلك، وهو أمر مذهل”.

لقد حذرتها من العنف الذي تتعرض له في الضفة الغربية، بما في ذلك استخدام الغاز المسيل للدموع، وكانت تخشى بشدة على سلامتها، وقالت: “كنت أتخيل في أسوأ السيناريوهات أنها قد تعود وقد فقدت أحد أطرافها. ولم يكن لدي أي تصور أنها ستعود ملفوفة في كفن”.

كانت إيجي قد شاركت سابقًا في احتجاجات ضد خط أنابيب النفط في محمية ستاندينغ روك، كما انتقدت القومية التركية والعنف الموجه ضد الأقليات الكردية، وقالت فاني: “كانت إيجي ناقدة بشدة للسياسة الخارجية الأمريكية ولتفوق العرق الأبيض في الولايات المتحدة، ولم تكن إسرائيل استثناءً من انتقاداتها".

قالت كاري بيرين، مديرة الخدمات الأكاديمية في قسم علم النفس بجامعة واشنطن، في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى صحيفة سياتل تايمز، إن إيجي كانت صديقة و”ضوءًا ساطعًا” حملت معها الدفء والرحمة، وأضافت: “لقد جعلت مجتمعاتها أفضل بوجودها، وترك رحيلها قلوبًا مكسورة في جميع أنحاء العالم اليوم”.

وقالت آنا ماري كاوتشي، رئيسة جامعة واشنطن، إن إيجي كانت مرشدة زميلة في قسم علم النفس، مضيفة أنها “ساعدت في الترحيب بالطلاب الجدد في القسم وكان لها تأثير إيجابي في حياتهم”.

وقالت فاني إن إيجي كانت مستاءة للغاية من تعامل إدارة الجامعة مع الاحتجاجات التي جرت في الحرم الجامعي، وأضافت أنها تأمل أن يؤدي مقتلها إلى تشجيع مسؤولي الحرم الجامعي في جميع أنحاء البلاد على وضع حد لحملاتهم القمعية ضد النشاط المؤيد للفلسطينيين.




وقد أثار مقتل إيجي مقارنات فورية مع مقتل راشيل كوري في سنة 2003، وهي أمريكية كانت تبلغ من العمر 23 سنة من ولاية واشنطن أيضًا، والتي قُتلت على يد جرافة تابعة للجيش الإسرائيلي أثناء احتجاجها مع حركة التضامن الدولية ضد تدمير الجيش الإسرائيلي للمنازل في رفح.

وقالت حركة التضامن الدولية في بيان لها إن المجموعة كانت تشارك في مظاهرة سلمية أسبوعية قبل أن تطلق القوات الإسرائيلية النار على إيجي، وأوضحت الحركة: “قوبلت المظاهرة، التي حضرها رجال وأطفال في المقام الأول وهم يصلون، بالقوة من قبل الجيش الإسرائيلي الذي كان متمركزًا على تلة”.

ولم تتحدث عائلة إيجي في هذا الوقت، حسبما قالت الحركة التضامن الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان.

وتحدثت فاني وزميل لها في وقت سابق عن المفارقة التي أثارها مقتل إيجي في الحصول على استجابة دولية، حيث قالت: “لقد أرادت أن تسلط الضوء على معاناة الفلسطينيين. ولو كانت على قيد الحياة الآن، لكانت قد قالت: ‘لقد حصلت على هذا الاهتمام لأنني مواطنة أمريكية، ولأن الفلسطينيين أصبحوا مجرد أرقام. لقد تم إخفاء التكلفة البشرية بشكل إستراتيجي عن الرأي العام الأمريكي، وبالتأكيد عن الرأي العام الإسرائيلي… من الواضح أن هذه ليست النتيجة التي كانت ترغب فيها، ولكن من الشاعري بطريقة ملتوية ومثيرة للاشمئزاز أن تنتهي الأمور بهذه الطريقة”.

وتحدثت البروفيسورة فاني عن الموسيقى في أسلوب حديث إيجي، وقالت إنها كانت تمزح بأنها كانت ترغب في دراسة صوتها، وأضافت: “كانت سهلة التحدث وتجسد حقًا معنى اسمها، عائشة نور، الذي يعني “الحياة والنور”. كانت شخصًا جميلًا بشكل لا يصدق وصديقة مخلصة، والعالم أصبح مكانًا أسوأ بغيابها”.

مقالات مشابهة

  • الأرجنتين تمهد الطريق في «إعادة النهائي»!
  • باحث سياسي: نتنياهو يضغط على أمريكا ولا يريد إنهاء الحرب خوفا من السجن
  • مجموعة متحالفون التي تضم الولايات المتحدة وسويسرا ومصر والسعودية والإمارات والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي تدعو لخفض تصعيد فوري بـ”مناطق حرجة” في السودان
  • مسؤول بإدارة بايدن: الجيش الإسرائيلي بحاجة لفترة راحة تحسبا لحرب الشمال
  • واشنطن تتهم باكستانيا بالتخطيط لهجوم ضد يهود.. اعتُقل خارج الولايات المتحدة
  • بعيون أصدقائها.. هذه هي عائشة نور إيجي المتضامنة الأمريكية التي قتلها الاحتلال
  • هل نجحت الولايات المتحدة في تغيير سلوك السعودية عبر ورقة التسليح؟
  • باحث سياسي: نتنياهو كاذب والغرب يعاني من التعامل معه
  • باحث: كل من يعمل مع نتنياهو يعرف أنه كاذب
  • باحث: نتنياهو يصر على السياسات المتهورة واتهاماته لمصر “نكتة”