الرياض : البلاد

مع توجه المملكة الحثيث والطموح نحو التحول في إطار رؤية 2030، فقد بات من المهم بالنسبة لها تعزيز قدرتها على التكيف ومواجهة الصعوبات وتحقيق التقدم في عالم سريع التغير وحافل بالتحديات في جميع المجالات..

وفي تصريح سابق لوسائل الاعلام وفي تعبيره عن هذا التوجه الذي تقوده المملكة، اشار معالي المهندس/ خالد الفالح، وزير الاستثمار بقوله: ” إن المملكة تمر بمرحلة من التحولات العميقة على صعيد تنويع القاعدة الإقتصادية وتحديث المجتمع.

ولتحقيق هذه التحولات، يجب علينا تعزيز ثقافة المرونة لتكون لدينا القدرة على استيعاب الأزمات والتعافي منها بسرعة والاستمرار في مسيرتنا ونحن أقوى من السابق.” .

وتشير التقديرات الصادرة عن مؤسسة” ستاتيستا ” الألمانية بأنه يتوقع للتكلفة المترتبة على الجرائم الإلكترونية عالميا أن تزيد من 34.3 تريليون ريال سعودي في عام 2024 إلى 51.82 تريليون ريال سعودي في عام 2028. وتعرف الجرائم الإلكترونية عادة بأنها ” العمل العمدي المنصب على الاحتيال بغرض إتلاف وقرصنة الأنظمة والبيانات المالية والشخصية وحقوق الملكية الفكرية، والحط من مستوى الإنتاجية والسير الطبيعي للأعمال التجارية والتحقيقات الجنائية والقدرة على استعادة البيانات والأنظمة بعد قرصنتها… إلخ”

جدير بالذكر أن عمليات القرصنة الإلكترونية باتت أكثر تعقيدا وتكرارا وضررا من أي وقت مضى بالبنية التحتية الرقمية والبيانات والمعلومات الحساسة والعمليات التجارية والصناعية المختلفة. ومن هنا، فإن الإجراءات التقليدية المنصبة على الحماية من تلك العمليات – والمقتصرة على الدفاع فقط – لم تعد كافية لمجابهتها والوقوف في وجهها، وخاصة مع تزايد التحديات التي باتت تشكل هاجسا للشركات الساعية نحو التحول الرقمي، وأيضا بسبب تطور أجهزة الاتصال والهجمات الإلكترونية بشكل غير مسبوق، الأمر الذي خلق حاجة لنوع من الأمن الإلكتروني فائق المرونة وقادر على التعامل مع تلك الهجمات.
والأمن الإلكتروني الفائق المرونة يقصد به ذلك المفهوم المنصب على بناء أنظمة وشبكات رقمية فائقة المرونة وقادرة ليس فقط على التصدي للتهديدات الإلكترونية والتعافي منها، بل إسباغ المزيد من القوة والكفاءة على الأنظمة المعنية بالتصدي لمثل تلك التهديدات. وعلى عكس إجراءات أمن البيانات التقليدية السابقة المصممة أساسا للدفاع، فإن أسلوب أمن البيانات الفائق المرونة يقوم على الرقابة المستمرة وكشف التهديدات الإلكترونية في الزمن الحقيقي لمنع حدوثها من الأساس، أو التعافي السريع منها إن هي وقعت، وذلك باستعمال تقنيات الذكاء الإصطناعي وتعليم الآلة التي تفيد في التعلم من الحوادث السابقة وتحسين الدفاعات الإلكترونية والأتمتة بهدف التنبؤ بالتهديدات الإلكترونية والتصدي لها بفعالية أكبر.

من الأساليب المندرجة في إطار أمن البيانات الفائق المرونة تقنية المعلومات والتقنية العملياتية وإنترنت الأشياء وإنترنت الأشياء الصناعي، وهي أساليب نجحت في ابتكار مبدأ شامل لحماية جميع عناصر البنية التحتية الرقمية لأية شركة أو مؤسسة أو حكومة..

ومع التطور الكبير الذي طرأ على تقنيات الذكاء الإصطناعي وإنترنت الأشياء الصناعي والأنظمة السحابية المهجنة، فقد باتت هناك حاجة لدى المملكة للاستعانة بها نظرا للتحديات التي تواجهها على صعيد أمن البيانات، والحاجة للعمل وفق إجراءات أمن معلومات أكثر مرونة لحماية البنية التحتية الرقمية لجميع القطاعات الإقتصادية لديها من خطر التهديدات الإلكترونية.

نجحت المملكة بفضل رؤية 2030 وما انبثق عنها من مبادرات تتعلق بأمن المعلومات؛ كإنشاء المركز الوطني للأمن السيبراني، في أن تصبح في مقدمة الدول الرائدة في مجال أمن المعلومات، مما مكنها من تعزيز جاهزيتها الرقمية والأمنية لحماية اقتصادها وبنيتها الرقمية االسريعة التطور، الأمر الذي أهلها لأن تغدو الدولة الأولى عالميا على مؤشر أمن المعلومات، والثانية عالميا على مؤشر التحول الرقمي ومؤشر التطور التقني والتطبيقات، وذلك طبقا للتقرير الوارد في الكتاب السنوي للتنافسية الدولية الصادر هذا العام عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية.

من أبرز معالم التطور الرقمي في المملكة هو ظهور العديد من المنصات الرقمية مثل “أبشر” و”قوى” و”نسق” وغيرها من المنصات الأخرى، والتي ساهمت في تحسين جودة الحياة والخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين على السواء، مع وجود خطط لدى المملكة لزيادة مساهمة القطاع الرقمي في الناتج الوطني الإجمالي من 5.48 بالمائة في عام 2021 إلى 19 بالمائة بحلول عام 2030.
وفي هذا السياق، صرح السيد/ سمير عمر، كبير استشاريي أمن المعلومات والرئيس التنفيذي لشركة فيرتوبورت قائلا: ” إزاء التهديدات الإلكترونية التي تتطور باستمرار في عالمنا اليوم، فقد بات الأمر يتطلب مرونة على صعيد أمن البيانات، مرونة لا تعنى فقط بالدفاع، بل تضمن التفاعل والتكيف والإبتكار واستباق الأحداث قبل وقوعها مع جعل العاملين في المجال الرقمي في الخطوط الدفاعية الأولى. وهذه دعوة للجميع للإنضمام لنا لاكتشاف مفهوم أمن البيانات المرن الذي لا يقتصر على كونه حاميا للبيانات، بل ميزة استراتيجية تعزز مستقبل القطاع الرقمي للمملكة. “

جدير بالذكر أن مؤتمر شركة فيرتوبورت حول أمن المعلومات لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2024 برز كمنصة ومنتدى عالمي للتصدي للتهديدات المحدقة بأمن البيانات عالميا. والمؤتمر بنسخته الثانية عشرة الآن سوف يستضيف العديد من ممثلي الشركات العالمية مثل شركة سلام وشركة سيايبرنايت وشركة سايبر بوليجون، علاوة على ذلك صناع القرار والخبراء في مجال الأمن السيبراني، لمناقشة آخر التحديات والحلول المتعلقة بحماية المؤسسات والشركات من أي خطر مستقبلي.

وفي تصريح له حول أهمية المؤتمر، نوه السيد/ أفيناش أدفاني، الرئيس التنفيذي لشركة سايبرنايت إلى أن ” المؤتمر يلعب دورا أساسيا في بناء قدرات المملكة العربية السعودية فيما يتعلق بأمن المعلومات، علاوة على أنه يشكل حجر الزاوية في سبيل تعزيز التطوير والتعاون بين المهتمين بهذا المجال. وبالنسبة لشركة سايبرنايت فإن مثل هذا الحدث الهام يعد منصة ذات قيمة كبيرة لتسليط الضوء على مدى التزامنا بتطوير قطاع أمن المعلومات في المنطقة العربية، ذلك لأنه يسمح لنا بالتشارك مع العديد من الجهات والأطراف الفاعلة في هذا المجال الحيوي، وطرح الحلول المبتكرة، والمساهمة في رؤية المملكة 2030 فيما يتعلق ببناء مستقبل رقمي آمن. أيضا، فإن مشاركتنا في هذا المؤتمر توضح أهمية مثل هذه اللقاءات في تبادل المعرفة وبناء العلاقات وتعزيز وسائل الدفاع أمام التهديدات الإلكترونية، وبالتالي السير بالمنطقة نحو مرونة أكبر على صعيد أمن المعلومات. ”

أيضا، سوف يركز المؤتمر على إنشاء إطار شامل حول أمن البيانات يعزز من نقاط القوة والقدرات لدى كل من القطاع العام والخاص والحكومي والشركاء الدوليين، مع التركيز على تشجيع الشراكات بين القطاعات المختلفة واللاعبين الكبار لخلق بيئة رقمية أكثر مرونة وقدرة على مجابهة التحديات المتسارعة.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: المملكة المملكة العربية السعودية رؤية 2030 التهدیدات الإلکترونیة أمن المعلومات أمن البیانات على صعید

إقرأ أيضاً:

المجموعة الإفريقية وصندوق النقد: التحول المفاجئ في التوقعات العالمية عطل زخم نمو القارة السمراء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

بحث الفريق الاستشاري الإفريقي في صندوق النقد الدولي تعزيز المرونة الاقتصادية لإفريقيا في منعطف محوري في الاقتصاد العالمي.
جاء ذلك في بيان أصدره هيرفيه ندوبا، وزير المالية والميزانية في جمهورية أفريقيا الوسطى، ورئيس التجمع الأفريقي، وكريستالينا جورجيفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي في ختام اجتماع الفريق الاستشاري الأفريقي على هامش اجتماعات الربيع للصندوق والبنك الدوليين.
واكد البيان أن النمو في أفريقيا يظهر بعض المرونة في مواجهة الصدمات المتعددة ولكن التحول المفاجئ في التوقعات العالمية قد أوقف زخم النمو، وأشار البيان إلى أنه تم تعديل النمو في القارة بانخفاض قدره 0.3 نقطة مئوية إلى 3.9 في المائة لعام 2025.
وأوضح أن الإجراءات السياسية القوية التي تم اتخاذها لخفض التضخم، وتحقيق الاستقرار في الدين العام، والحد من الاختلالات الخارجية تخاطر بالتراجع في مواجهة المزيد من الصدمات. 
وذكر البيان ان المخاطر على التوقعات مرتفعة وسط ارتفاع عدم اليقين وهناك اختلافات كبيرة بين البلدان، حيث تواجه الدول الهشة والمتضررة من النزاعات تحديات حادة بشكل خاص.
وأوضح البيان أن الفريق كان ثابتا في تصميمه على ضمان استقرار الاقتصاد الكلي والاستقرار المالي مع السعي إلى تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية للقارة. وبحسب البيان... ينبغي لجهود الإصلاح المحلي أن تعزز الاستدامة المالية، ولا سيما من خلال تعبئة الإيرادات المحلية وتحسين كفاءة الإنفاق وينبغي للبنوك المركزية أن تظل تركز على استقرار الأسعار، مع تخفيف السياسة النقدية لدعم النمو حيث يكون التضخم منخفضا وضمن الهدف. 
ووفقا للبيان وفي الوقت نفسه، فإن الإصلاحات الهيكلية الطموحة ستفتح النمو وتدفع خلق فرص العمل وسيعزز تعزيز التكامل التجاري من خلال اتفاق التجارة الحرة القارية الأفريقية القدرة على الصمود ويجتذب الاستثمار. 
ولدعم الإصلاحات، شدد الفريق أيضا على الحاجة إلى تمويل خارجي كاف وبأسعار معقولة.
ولفت البيان الى التزام الصندوق أكثر من أي وقت مضى بالعمل مع البلدان الأعضاء فيه للمساعدة في التنقل في البيئة الاقتصادية العالمية المعقدة. 
 

مقالات مشابهة

  • السورية للبريد تشارك في ورشة عمل إقليمية بالمغرب حول البيانات ‏الإلكترونية المُسبقة ‏
  • شركة أرامكو الرقمية توفر وظائف شاغرة
  • منصات الصين الرقمية تعيد تشكيل خريطة التجارة الإلكترونية عالميا
  • اتحاد الصحفيين: البيانات الإلكترونية الخاصة بالصحفيين إذا كانت كاملة ‏فلا داعي لتقديم استمارة ورقية
  • "القاهرة الإخبارية": منصات الصين الرقمية تُعيد تشكيل خريطة التجارة الإلكترونية عالميًا
  • المملكة لاعب محوري في مستقبل الرياضات الإلكترونية
  • قنا تخطو نحو السياحة الريفية: شراكة مع الأمم المتحدة لتطوير قرية دندرة
  • المجموعة الإفريقية وصندوق النقد: التحول المفاجئ في التوقعات العالمية عطل زخم نمو القارة السمراء
  • المغرب يتصدر إفريقيا في حماية المعلومات التجارية السرية ويحافظ على المرتبة 26 عالمياً
  • "توصيلتي".. نموذج ريادي للتحول الرقمي في صعيد مصر