سواليف:
2025-02-03@23:53:02 GMT

ثقافة المصاطب

تاريخ النشر: 4th, August 2024 GMT

#ثقافة_المصاطب
م. #أنس_معابرة

اذا كنت لا تعرف المصاطب؛ فهي جمع مصطبة، وهي تلك العتبات الاسمنتية أو الصخرية التي تتواجد على أبواب المنازل والبقالات والمقاهي القديمة، وأحياناً تكون عبارة عن كراسٍ بسيطة، مصنوعة من أطباق البيض الفارغة، والمتراكمة فوق بعضها البعض.

تلك المصاطب كانت هي مصدر المعلومات والثقافة المتاحة في ذلك الحين، حين كانت المعلومات لا تأتي إلا من خلال موجات الإذاعة الحكومية، وهي بالعادة أخبار وطنية، أو أخبار تافهة لا تمت للحقيقة بصِلة، تماماً كما كانت تلك الإذاعات تبث معلومات النصر الساحق في حربنا مع العدو الصهيوني عام 67، لتتكشف الحقائق بعد ذلك عن هزيمة مُذلة.

وعادة ما تكون تلك المصاطب هي الفرصة لالتقاء أهل القرية، وتبادل الأخبار والمعلومات الثقافية، التي يتم إضافة بعض البهارات إليها، ثم تنتشر في القرية انتشار النار في الهشيم، عبر تناقلها بين المصاطب التي تعم القرى واطراف المدن.

مقالات ذات صلة من وراء إستشهاد إسماعيل هنية ؟ 2024/08/03

ما أعاد تلك الحقبة بمصاطبها ومعلوماتها الشحيحة والمضللة إلى ذهني هذه الأيام هو أنها ما زالت موجودة، ولكن اختلفت الأدوات والوسائل والأشخاص، ولكن الحقيقة أنها ما زالت تعمل بكفاءة.

اليوم يحسب المرء أنه بتقليب صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، والاستماع إلى بعض الزنادقة والأفّاقين والمنافقين عبر مقاطع الفيديو أنهم قد اصبحوا على قدرٍ عالٍ من الثقافة، وقادرون على الحديث في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية بكل ثقة واعتداد.

وكان للحديث عن المواضع المتعلقة بالشريعة النصيب الأكبر من تلك الأحاديث، كل شخص قادر على تفسير أية قرآنية أو حديث نبوي كما يحلو له، وينشر تلك السموم عبر المصاطب الحديثة، ليتناقلها العامة دون حرص أو تأكد من حقيقة تلك المعلومات.

أما وصفات الطبخ والعلاج؛ فحدث ولا حرج، الكل أصبح ذا خبرة في اعداد أشهى المأكولات، وهو لا يعرف الطريق إلى مطبخ منزله. وغيره من هو قادر على إعطاء وصفات لجميع العلل والأمراض، فثمرة القشطة تقتل السرطان، ومنقوع الخيار بالثوم يقضي على السكري، وفي الوقت ذاته؛ تجده يشكون من الضغط، والسكر، والدهون، والروماتيزم، وانسداد الشرايين، وغيرها.

مع تقدم الحرب على غزة؛ انتشرت العديد من مقاطع الفيديو التي تحتوي على معارك ضارية، قال ناشروها انها وقعت بين المقاومة والاحتلال، ليتبين بعد تفكير قليل وتأكد بسيط أنها مقاطع من لعبة حاسوبية لعينة.

كما انتشرت صور الشهيد إسماعيل هنية وأمامه مائدة تضم صحون الحمص والفول والفلافل، لتدّعي أنه يعيش في قصور وفنادق فخمة، بينما يموت أهلنا في قطاع غزة، حتى بعد أن سقط العديد من أولاده وأفراد اسراته شهداء في قطاع غزة، ثم هو شهيداً مقبلاً غير مدبر، ما زالوا يصرّون على حماقتهم وجهلهم.

من بين جميع المنشورات التي أشاهدها على مواقع التواصل الاجتماعي؛ بإمكانك القول أن 30% منها ذات محتوى فكاهي كوميدي، ومقالب سخيفة، تكررت حتى قُتلت، و30% منها وصفات للطبخ أو العلاج، و30% منها يدّعي الثقافة والعلم، أو أنها أقوال لكتّاب كبار أمثال الدكتور أحمد خالد توفيق رحمه الله، أو شخصيات مشهورة أمثال الدكتور أحمد الشقيري، وتجد في النهاية أنها كتابات ملفّقة، ولا تمت للكاتب المذكور بصِلة.

أنا لا ألوم ناشر تلك السخافات التي يهدف من خلالها إلى جمع أكبر قدر من الإعجابات وإعادة النشر، والوصول إلى اكبر عدد من المتابعين، فهو النجاح الوحيد الذي يحققه في حياته، وعدا ذلك؛ تراه يقبع في فشل كامل، من جميع نواحي الحياة.

ولكنني ألوم من يتابع تلك الحسابات من الأساس، أو يقوم بإعادة النشر دون التأكد من حقيقة تلك المعلومة أو مصدرها، ويساهم في إعادة أفكار المصاطب القديمة، ولكن عبر الحواسيب، والهواتف الذكية.

إننا نعيش اليوم في عصر الأجهزة الذكية المتقدمة، والعقول الغبية المتخلّفة، التي تستخدم كل تلك التكنولوجيا المتاحة لنشر الأكاذيب، والاشاعات التحريضية، والعنصرية المذمومة، والطائفية القاتلة، والقبلية الجاهلية.

عزيزي مثقف المصاطب الحديثة، أرجوك اختر منشوراتك بعناية، وحاول أن تتأكد من مصدر المعلومات وحقيقتها، ولا تكن سبباً لنشر الجهل بين الناس، فرب قارئ أو مشاهد أوعى من ناشر.

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

إلغاء الرقابة.. هل سيؤدي قرار “ميتا” إلى عصر جديد من المعلومات؟

عرضت قناة “القاهرة الإخبارية”، تقرير تلفزيوني بعنوان، :"إلغاء الرقابة.. هل سيؤدي قرار “ميتا” إلى عصر جديد من المعلومات؟".

قرار جديد من ميتا مجلس استشارات السلامة في ميتا يحذر من تداعيات تغييرات السياسة الجديدة ميتا تختبر الإعلانات على Threads.. خطوة أولى نحو تحقيق الأرباح

وأوضح التقرير، أنه في عالم تسيطر عليه المنصات الرقمية، حيث لا يمكن للفرد أن يمر في يومه دون التفاعل مع موجات من المعلومات المتدفقة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، يبرز قرار ميتا الأخير كقلب نابض في هذا المشهد المزدحم.

في يناير من هذا العام قرر مارك زوكربيرج وزملائه في الشركة إنهاء برنامج التحقق من المعلومات الذي كان يعتمد على مدققين خارجيين ليحل محله نظام ملاحظات المجتمع، الذي يتيح للمستخدمين أنفسهم تصنيف وتقييم المحتوى.

قرار “ميتا”قد يراه البعض خطوة نحو مزيد من الحرية، حيث يُمنح الجمهور السلطة لتحديد مصداقية المعلومات، بينما يخشى آخرون من أن تتحول شبكة الإنترنت إلى ساحة فوضى، حيث تصبح المعلومات المضللة هي السائدة، ومع إلغاء الرقابة المسبقة تجد العديد من منصات التواصل الاجتماعي نفسها في قلب العاصفة، حيث يمكن أن تصبح الآراء المتطرفة والمعلومات المشوهة أكثر تأثيرا، وفي خضام هذا التغيير قد يكون هناك فائز غير متوقع منها موسوعة ويكيبيديا.

ومع تزايد الشكوك حول مصداقية المحتوى في ظل غياب الرقابة قد يلتفت المستخدمون إلى مصادر موثوقة مثل ويكيبيديا التي توفر محتوى تم التحقق منه بعناية من قبل محررين أكاديميين ومختصين، ومع هذه التحويلات يبقى السؤال الأكبر، هل يمكن للمجتمع الرقمي أن يتحمل عبء تحديد الحقيقة في عصر باتت فيه المعلومات أسلحة في أيدي الجميع.

مقالات مشابهة

  • “فاطمة المعدول.. رائدة ثقافة الطفل وتأثيرها على جيل الرواد”
  • آخر المعلومات عن جريمة فاريا... هذا ما قامت به أمن الدولة ومُخابرات الجيش
  • إلغاء الرقابة.. هل سيؤدي قرار «ميتا» إلى عصر جديد من المعلومات؟
  • إلغاء الرقابة.. هل سيؤدي قرار “ميتا” إلى عصر جديد من المعلومات؟
  • د.حماد عبدالله يكتب: ثقافة الأمة فى حوزة (أقدامها) !!
  • معرض الكتاب يناقش "تأثير ثقافة المهرجانات على الفن والإبداع"
  • ثقافة المنيا تنظم ندوة توعوية حول تمكين المرأة في الريف
  • "إجازة مفيدة" انطلاق أنشطة نصف العام بثقافة سوهاج
  • كيف تُسقط دولة دون إطلاق رصاصة؟
  • ضمن مسرح الطفل.. ثقافة الفيوم تختتم عرض "قصر الأحلام"