تُضيء أوروبا بثرواتها.. ماذا تمتلك النيجر لتصبح محور الصراع بين الكبار؟
تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT
القاهرة- عمر حسن: تتصدر النيجر محركات البحث وعناوين الأخبار منذ أيام، الحديث يدور حول انقلاب على الرئيس وتولي المجلس العسكري سلطة البلاد، فماذا يحدث في ذلك البلد الإفريقي الذي يعيش أبناؤه في فقر مدقع؟
انقلاب عسكري
في السادس والعشرين من يوليو استيقظ العالم على أخبار عزل رئيس النيجر محمد بازوم في انقلاب عسكري نفذه الحرس الرئاسي وأيده الجيش.
لم تتردد قوى عالمية بارزة في الدخول على خط الأزمة على غرار روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وألمانيا، وغيرها، وهو ما يشكل مدعاة إلى التساؤل عن الأسباب الكامنة خلف ذلك.
ومنذ إطاحة الجنرال، عبد الرحمن تشياني، بالرئيس في 26 يوليو، ظهرت ألوان العلم الروسي فجأة في الشوارع، كما شارك الآلاف في احتجاج نُظم في العاصمة نيامي، ولوح البعض بالعلم الروسي وهاجموا السفارة الفرنسية.
تجري محاولات دولية الآن من جانب الولايات المتحدة الأمريكية ودول إفريقية لإنهاء الانقلاب في النيجر، لكن يبدو أن الأمر ليس بهذه السهولة، فالأزمة تحمل أبعادًا سياسية واقتصادية تهم مصالح دول كبرى.
النيجر.. كعكة الغرب
بلد هو الأكبر في غرب إفريقيا، تبلغ مساحته 1,267,000 كم²، وتعداد سكانه 24.4 مليون نسمة، ويعيش اثنان من كل خمسة أشخاص في فقر مدقع، بأقل من نحو دولارين في اليوم.
كلها دلائل تشير إلى فقر البلد، لكن الحقيقة تعكس ذلك تمامًا، إذ تعد النيجر سابع أكبر دول العالم المنتجة لليورانيوم، فضلا عن إنتاج الوقود الحيوي للطاقة النووية الذي يذهب ربعه إلى أوروبا، لاسيما فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، والتي تمتلك قاعدة عسكرية على أرض النيجر.
هذا يفسر أسباب حرص فرنسا على إنهاء الانقلاب في النيجر، إذ أعلن المجلس العسكري بمجرد امتلاكه زمام الأمور عن وقف تصدير اليورانيوم والذهب إلى فرنسا.
ويشكل اليورانيوم النيجري ما يطلق عليه كثيرون "الكعك الأصفر" الذي من شأنه أن ينتشل البلاد من مأزقها الاقتصادي، لكن طيلة السنوات الماضية لم يتحقق ذلك، ولا تزال عجلة التنمية متعثرة ويستمر الوضع الاقتصادي في التردي، بسبب استفادة الغرب بثروات البلد الإفريقي.
واليورانيوم يستخدم في توليد الكهرباء من الطاقة النووية، وتعد النيجر من أكبر موردي هذه المادة إلى أوروبا وفرنسا على وجه الخصوص، وتستعمل دول القارة العجوز اليورانيوم في علاجات السرطان، وللدفع البحري، وفي الأسلحة النووية.
وبحسب أرقام رسمية نشرتها الرابطة النووية العالمية، فإن النيجر زودت دول التكتل الأوروبي بنحو 25 في المئة من إمدادات اليورانيوم، وأنتجت البلاد عام 2022 نحو خمسة في المئة من إنتاج التعدين العالمي.
وتدير الشركة الفرنسية المثيرة للجدل "أورانو" مع قرينتها "سومير" المملوكة للنيجر أنشطة استخراج واستكشاف اليورانيوم في البلاد.
وتقع معظم المناجم والمواقع بالقرب من مدينة أرليت، في عدة مناجم أبرزها، منجم "أكوتا لليورانيوم"، غرب أرليت الذي ينتج نحو 75 ألف طن من اليورانيوم منذ عام 1978 قبل أن يتم إغلاقه في مارس عام 2021 بسبب نفاذ احتياطاته من الخام.
كما ساهم التنقيب عن الذهب، في تنويع عائدات البلاد ويمكن أن يتجاوز اليورانيوم في غضون سنوات قليلة، وفق موقع وزارة الاقتصاد الفرنسية.
ومنذ ديسمبر 2011، أصبحت النيجر منتجا للنفط أيضا، حيث ينتج حقل أغادم الذي تديره الشركية الصينية CNPC نحو 20 ألف برميل يوميا؛ وهو ما يتوافق مع السعة الاستيعابية القصوى للمصفاة المحلية (صوراز التي تدريرها ذات الشركة الصينية، والنيجر).
روسيا تُطل برأسها
في ظل حربها على أوكرانيا، والعقوبات المفروضة عليها من جانب الغرب، تسعى روسيا لتعزيز تواجدها في إفريقيا، خاصة بعدما خسرت فرنسا في السنوات الأخيرة مصالحها التاريخية الاستعمارية في 4 دول إفريقية؛ منها مالي وبوركينا فاسو، وجاءت هذه الخسارة لتصب في صالح روسيا.
وفي ظل التراشق بالاتهامات بين فرنسا والانقلابيين في النيجر، وتلويح باريس برد فوري في حال الهجوم على مصالحها، من غير الواضح ما إذا سيهدي القادة الجدد في نيامي "الكعك الأصفر" النيجري إلى روسيا على حساب فرنسا التي لا تزال تحتفظ بقوات عسكرية لها على الأرض.
للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا
المصدر: معلومات مباشر
إقرأ أيضاً:
أول بيان للمخلوع بشار الأسد بعد هروبه الى روسيا.. ماذا قال؟
أصدر رئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد، بيانه الأول بعد سقوط نظامه وهروبه إلى العاصمة الروسية موسكو.
ونشر الأسد بيانه عبر الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية السورية في مواقع التواصل، والتي قال إنها الوسيلة الوحيدة لنشره، "بعد عدة محاولات غير ناجحة لنشر هذا البيان عبر وسائل الإعلام العربية والأجنبية".
ووصف الأسد فصائل المعارضة التي سيطرت على العاصمة دمشق بـ "الإرهاب المتمدد"، نافيا أن يكون قد خطط للهرب من العاصمة سلفا.
وأضاف في البيان "في لحظة تاريخية فارقة من عمر الوطن ينبغي أن يكون فيها للحقيقة مكان، فإن ثمة ما يستدعي توضيحه عبر بيان مقتضب، لم تسمح تلك الظروف وما تلاها من انقطاع تام للتواصل لأسباب أمنية بالإدلاء به، والذي لا يغني بنقاطه المختصرة عن سرد تفاصيل كل ما جرى لاحقاً، حين تسنح الفرصة".
وأضاف "بداية.. لم أغادر الوطن بشكل مخطط له كما أشيع، كما أنني لم أغادره خلال الساعات الأخيرة من المعارك، بل بقيت في دمشق أتابع مسؤولياتي حتى ساعات الصباح الأولى من يوم الأحد 8 كانون الأول 2024".
وأضاف "ومع تمدّد الإرهاب داخل دمشق، انتقلت بتنسيق مع الأصدقاء الروس إلى اللاذقية لمتابعة الأعمال القتالية منها وعند الوصول إلى قاعدة حميميم صباحاً تبين انسحاب القوات من خطوط القتال كافة وسقوط آخر مواقع الجيش مع ازدياد تدهور الواقع الميداني في تلك المنطقة، وتصعيد الهجوم على القاعدة العسكرية الروسية نفسها بالطيران المسيّر، وفي ظل استحالة الخروج من القاعدة في أي اتجاه، طلبت موسكو من قيادة القاعدة العمل على تأمين الإخلاء الفوري إلى روسيا مساء يوم الأحد 8 كانون الأول، أي في اليوم التالي لسقوط دمشق، وبعد سقوط آخر المواقع العسكرية وما تبعه من شلل باقي مؤسسات الدولة".
وزعم الأسد أنه "خلال تلك الأحداث لم يطرح موضوع اللجوء أو التنحي من قبلي أو من قبل أي شخص أو جهة والخيار الوحيد المطروح كان استمرار القتال دفاعاً في مواجهة الهجوم الإرهابي".
وتابع "في هذا السياق أؤكد على أن من رفض منذ اليوم الأول للحرب أن يقايض خلاص وطنه بخلاص شخصي، أو يساوم على شعبه بعروض وإغراءات شتى، وهو ذاته من وقف مع ضباط وجنود جيشه على خطوط النار الأولى، وعلى مسافة عشرات الأمتار من الإرهابيين في أكثر بؤر الاشتباك سخونة وخطراً، وهو ذاته من لم يغادر في أصعب سنوات الحرب ويقي مع عائلته وشعبه يواجهان الإرهاب تحت القصف وخطر اقتحام الإرهابيين للعاصمة أكثر من مرة خلال أربعة عشر عاماً من الحرب".
وتابع متحدثا عن نفسه "من لم يتخل عن غير السوريين من مقاومة في فلسطين ولبنان، ولم يغدر بحلفائه الذين وقفوا معه.، لا يمكن أن يكون هو نفس الشخص الذي يتخلى عن شعبه الذي ينتمي إليه، أو يغدر به وبجيشه".
وأضاف "إنني لم أكن في يوم من الأيام من الساعين للمناصب على المستوى الشخصي بل اعتبرت نفسي صاحب مشروع وطني استمد دعمه من شعب آمن به، وقد حملت اليقين بإرادة ذلك الشعب وبقدرته على صون دولته والدفاع عن مؤسساته وخياراته حتى اللحظة الأخيرة".
وتابع "مع سقوط الدولة بيد الإرهاب، وفقدان القدرة على تقديم أي شيء يصبح المنصب فارغاً لا معنى له، ولا معنى البقاء المسؤول فيه. وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال التخلي عن الانتماء الوطني الأصيل إلى سورية وشعبها انتماء ثابتاً لا يغيره منصب أو ظرف، وفق تعبيره''.