مع تزايد احتمالات نشوب حرب شاملة بين لبنان وإسرائيل، من الضروري تحليل تأثيرات هذه الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي، والاقتصاد اللبناني، وتأثيرات الحرب أيضا على الشرق الأوسط وحركة الاستثمارات، وأخيرًا على الاقتصاد العالمي وإمكانية حدوث حرب عالمية ثالثة.

في هذا المقال، سنعرض تحليلاً علميًا محايدًا، مع التوسع في التوقعات المستقبلية والاختتام.

مع تصاعد الحرب من المتوقع أن تزداد الضغوط على الاقتصاد الإسرائيلي (غيتي) تأثير الحرب الشاملة على الاقتصاد الإسرائيلي

في حال اندلاع حرب شاملة بين لبنان وإسرائيل، من المتوقع أن يتعرض الاقتصاد الإسرائيلي لأضرار جسيمة على عدة جبهات.

وبالفعل، كان الاقتصاد الإسرائيلي يعاني من تبعات الحرب المستمرة في غزة، حيث انكمش بنسبة 20.7% في الربع الأخير من 2023، وهي نسبة أكبر من التقديرات الأولية. ويعكس هذا الانكماش تدهوراً في الصادرات والاستثمارات وإنفاق المستهلكين.

ومع تصاعد الحرب، من المتوقع أن تزداد الضغوط على الاقتصاد الإسرائيلي. وستزيد بالتبعية تكاليف الحرب المباشرة التي تقدر بنحو 42 مليار شيكل (11.66 مليار دولار) مع احتمال تجاوز هذه التقديرات بناءً على مدى التصعيد.

وفي حال توسع الصراع ليشمل حزب الله في لبنان بشكل مكثف، من المحتمل أن يتفاقم الضرر، مما سيؤدي إلى تراجع في النشاط الاقتصادي عبر عدة قطاعات رئيسية مثل السياحة والتجارة.

وقد تتأثر الصادرات الإسرائيلية هي الأخرى بشدة بسبب الاضطرابات الأمنية، مما يؤدي إلى تراجع في حجم التجارة الدولية.

كما قد تواجه إسرائيل تصنيفات ائتمانية أقل نتيجة زيادة المخاطر السياسية والاقتصادية، مما سيرفع من تكاليف الاقتراض ويؤثر على قدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية. وقد يؤدي تضرر البنية التحتية بالمناطق المتأثرة لتعطيل الإنتاج والخدمات، مما يبطئ من وتيرة التعافي الاقتصادي.

تأثير الحرب على الاقتصاد اللبناني

لبنان، الذي يعاني بالفعل من أزمة اقتصادية خانقة منذ عام 2019، سيواجه ضغوطًا إضافية في حال حدوث حرب شاملة.

ويجعل الانخفاض الحاد في قيمة الليرة -الذي بلغ أكثر من 90% مقابل الدولار الأميركي- لبنان في وضع هش أمام أي تصعيد إضافي.

وسيزيد أي نزاع من تفاقم الأزمات الحالية، بما في ذلك نقص المواد الأساسية والأدوية، مما يضر بشكل أكبر بالمواطنين ويؤدي إلى أزمة إنسانية أعمق.

وفي حالة حدوث حصار على الموانئ والمطارات، قد يتوقف لبنان عن تلقي الإمدادات الأساسية، مما يؤدي لنقص حاد في الغذاء والدواء والمحروقات.

في حالة حدوث حصار على الموانئ والمطارات قد يتوقف لبنان عن تلقي الإمدادات الأساسية (الفرنسية)

كما ستواجه البنية التحتية للبلاد، المتضررة بالفعل من الأزمات السابقة، تحديات إضافية، مما يتطلب إعادة بناء ضخمة.

وسيعاني القطاع السياحي، الذي كان أحد المصادر الأساسية للإيرادات، من تراجع حاد بعدد الزوار، مما يؤثر على الاقتصاد الوطني ويزيد من حجم البطالة.

أما تأثيرات النزاع على القطاع المصرفي فستكون مدمرة، حيث ستواجه البنوك تحديات في الحفاظ على الاستقرار المالي في ظل تزايد الأزمات.

وبينما تكافح الشركات بسبب الأزمات الاقتصادية المتتالية، فإنها قد تجد صعوبة في البقاء في حال نشوب الحرب، مما يفاقم من حالة الركود الاقتصادي ويزيد من الأعباء الاجتماعية.

الشرق الأوسط وحركة الاستثمارات

يتوقع أن يكون للصراع بين لبنان وإسرائيل تأثيرات واسعة على الشرق الأوسط بشكل عام. حيث سيزيد النزاع من حالة عدم الاستقرار في المنطقة، مما سيؤثر على حركة الاستثمارات بالدول المجاورة.

وعادة ما تتجنب الشركات والمستثمرون المناطق غير المستقرة، مما قد يؤدي إلى انسحاب الاستثمارات الأجنبية وتأجيل المشاريع الاستثمارية المخططة.

وقد تؤثر زيادة التوترات على أسواق الطاقة، خاصةً إذا شمل الصراع مناطق حيوية مثل مضيق هرمز، مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز.

وبطبيعة الحال فإن تفجر الحرب له تأثير كبير على التجارة الإقليمية، بما في ذلك الموانئ في البحر الأبيض المتوسط، وهذا قد يتسبب في تعطل سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف النقل، مما يؤثر على حركة التجارة الدولية.

بالإضافة إلى ذلك، قد يساهم الصراع في تصعيد النزاعات بين الدول الإقليمية، مما يزيد من حالة عدم الاستقرار ويؤثر على التعاون الاقتصادي بالمنطقة. وقد يؤدي ذلك إلى تراجع النمو الاقتصادي في بعض الدول بسبب تزايد التكاليف الأمنية، فضلا عن تراجع الثقة في الأوضاع الإقليمية.

الصراع في منطقة الشرق الأوسط أثر على حركة التجارة الدولية (غيتي) التأثير على الاقتصاد العالمي

قد يؤثر الصراع بين لبنان وإسرائيل بطريقة غير مباشرة على الاقتصاد العالمي، فقد يؤدي إلى زيادة التوترات العالمية، في ظل احتمال تأثر أسواق الطاقة أو التجارة الدولية.

ولا يُستبعد أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط والغاز -نتيجة للاضطرابات في الممرات المائية الحيوية- إلى تضخم عالمي ليزيد من تكاليف المعيشة في العديد من البلدان.

أما بشأن احتمال حدوث حرب عالمية ثالثة، فإن النزاعات الإقليمية قد تسهم في زيادة التوترات بين القوى الكبرى، لكنها لا تشير بالضرورة إلى نشوب صراع عالمي واسع النطاق، ذلك أن هذه القوى ستسعى لتجنب تصعيد الأمور إلى مستوى الحرب العالمية.

توقعات مستقبلية

في حال نشوب الحرب، ستواجه إسرائيل ولبنان تحديات كبيرة في التعافي الاقتصادي.

فبالنسبة لإسرائيل، سيكون التعافي عملية طويلة تتطلب استثمارات ضخمة في البنية التحتية وإعادة بناء القطاعات الاقتصادية المتضررة. وستشمل التحديات استعادة الثقة في الاقتصاد وتعويض الخسائر الناجمة عن الصراع.

أما لبنان، فيحتاج إلى دعم دولي عاجل لإعادة بناء اقتصاده وتحسين استقراره. ويتطلب ذلك استثمارات كبيرة في إعادة تأهيل البنية التحتية، وتحسين الوضع الأمني، وتعزيز الاستقرار المالي.

كما يتطلب الأمر دعمًا دوليًا لتعزيز الاقتصاد المحلي واستعادة الثقة في المؤسسات الاقتصادية.

وعلى الصعيد الإقليمي، من الضروري تعزيز جهود السلام والتعاون بين الدول المجاورة لتجنب المزيد من التصعيد، والتوصل إلى حلول دبلوماسية فعالة. وهنا يتعين على المجتمع الدولي تقديم الدعم اللازم لدعم استقرار المنطقة وتعزيز النمو الاقتصادي.

وفي الختام، يتطلب الوضع الراهن في الشرق الأوسط والمجتمع الدولي تجنب التصعيد، ومتابعة الحلول الدبلوماسية لتفادي المزيد من الضرر الاقتصادي والإنساني. فالصراعات الإقليمية تؤثر على جميع الأطراف، ولذا فإن التعاون الدولي والسلام الإقليمي مفتاحا تأمين مستقبل مستدام.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات على الاقتصاد الإسرائیلی بین لبنان وإسرائیل التجارة الدولیة البنیة التحتیة الشرق الأوسط یؤدی إلى قد یؤدی فی حال

إقرأ أيضاً:

محللون: عملية اللنبي كشفت التوتر الخفي بين الأردن وإسرائيل

القدس المحتلة- أجمعت قراءات محللين ومراكز أبحاث إسرائيلية على أن العملية التي نفذها سائق شاحنة أردني على معبر الكرامة (اللنبي) الحدودي مع الأردن وأسفرت عن مقتل 3 مستوطنين من عناصر الأمن في المعبر، كانت "مسألة وقت ليس إلا".

وعزت التقديرات الإسرائيلية هذه العملية إلى تصاعد التوتر الأمني في الضفة الغربية، واستمرار الحرب على غزة، وغياب أي أفق للهدنة، مع تواصل الاحتجاجات قرب السفارة الإسرائيلية في العاصمة الأردنية عمّان.

وفي الوقت الذي امتنع فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن توجيه الانتقادات إلى الأردن، سارع إلى اتهام إيران بالسعي إلى استخدام الأراضي الأردنية لتهريب الأسلحة والأموال إلى المقاومة الفلسطينية في الضفة، بينما وجهت بعض التحليلات الانتقادات للحكومة الأردنية والقصر الملكي.

وسوّغت القراءات الإسرائيلية انتقاداتها لديوان الملك عبد الله الثاني، كونه وضع على رأس أولوياته تقديم المساعدات الإغاثية للنازحين في قطاع غزة، وذلك على حساب التنسيق الأمني بين الجانبين بشأن المناطق الحدودية، وهو التنسيق الذي وصل إلى أدنى مستوياته بسبب رفض الحكومة الإسرائيلية لصفقة التبادل ووقف إطلاق النار.

جسر الملك حسين يعد المعبر الرئيسي بين الأردن والضفة الغربية وتسيطر عليه إسرائيل (الجزيرة) تراجع التعاون

تأتي هذه التقديرات للمحللين، وسط هواجس للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية تحذر من مغبة تعرض استقرار المملكة الأردنية للخطر، وأن يؤدي ذلك إلى خلق وضع تتمركز فيه إيران ووكلاؤها على الحدود الإسرائيلية الأردنية.

وبسبب هذه الهواجس، تجنبت حكومة نتنياهو المواجهة العلنية مع الجانب الأردني، رغم الانتقادات الأردنية الحادة لإسرائيل على خلفية الحرب على قطاع غزة، مراعاة من تل أبيب للاحتياجات الوجودية للمملكة وأمنها القومي، والاستجابة لها عبر قنوات الاتصال السرية.

وقدرت محررة الشؤون العربية والشرق أوسطية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" سمدار بيري، أن العملية المسلحة على معبر الكرامة، هي نتاج لتراجع التنسيق والتعاون بين البلدين بكل ما يتعلق بالجوانب الأمنية على المناطق الحدودية، وذلك بسبب استمرار الحرب على غزة.

وحسب وجهة نظر الكاتبة الإسرائيلية، فإن العملية المسلحة تشكل إخفاقا لأجهزة الأمن الأردنية، علما أن الجانبين الإسرائيلي والأردني عملا -كل من موقعه- منذ بدء معركة "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 واندلاع الحرب على غزة، من أجل منع عمليات مسلحة وإحباط أي عمليات تهريب أسلحة بالمعبر.

وتقول بيري إن الجانب الإسرائيلي يحاول ومنذ عدة أشهر الضغط على الأردنيين لإقامة حدود مغلقة في المعبر، مثل محطة الشحن بمعبر كرم أبو سالم "كير شالوم" المتاخمة لقطاع غزة، وأعلن الأردنيون أنهم مهتمون بذلك "لكنهم عمليا لم يتقدموا في هذه الخطوة، مقابل مواصلة الضغط في إسرائيل، لكن دون رد، حيث تقرر سحب طلب إغلاق معبر البضائع".

ومنذ بداية الحرب على غزة، أصبح التعاون الأمني بين الجانبين سلوكا روتينيا، دون تبادل الإحاطة والتحديثات الكثيرة، حسب بيري، وتضيف "في وقت الهجوم مباشرة، تحدثت الملكة رانيا، في مؤتمر بإيطاليا، وألقت مرة أخرى باللوم الرئيسي في الحرب بغزة على إسرائيل".

مسؤولية مشتركة

ومن وجهة النظر العسكرية، يعتقد المراسل العسكري لموقع "والا" الإلكتروني أودي عتصيون، أن العملية المسلحة في المعبر "كسرت حاجز الهدوء الذي ساد في المكان على مدار 30 عاما"، وعزا تنفيذ العملية للتصعيد الأمني المتوتر بالضفة، واستمرار الحرب على غزة، والرفض الإسرائيلي لوقف القتال والانسحاب من القطاع.

وأوضح أن المعبر الموجود في غور الأردن يقع تحت المسؤولية المشتركة بين إسرائيل والأردن، ويمر عبره كل عام نحو 100 ألف شاحنة وأكثر من 3 ملايين مسافر، وعلى خطى المستوى الإسرائيلي الرسمي تجنب المراسل العسكري توجيه اتهامات مباشرة إلى عمّان وتحميلها مسؤولية ما حدث، مضيفا: "لقد تمكن الأردنيون من الحفاظ على المعبر كجزيرة معزولة للنشاط الاقتصادي والمدني، حتى الحرب على غزة".

وألمح عتصيون إلى أن العملية المسلحة تأتي على خلفية التوتر والفتور بالعلاقات بين رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو والملك عبد الله الثاني، بسبب استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، قائلا إن "القدرة على ضمان عدم وصول سائق أردني إلى المعبر مسلحا، تعتمد على جهود القوى الأمنية الأردنية، والجهد الذي استثمرته إدارة الملك عبد الله في هذا الشأن".

ويضيف أن هذا الهجوم المسلح يأتي في أعقاب "زيادة النشاط العدائي" على طول الحدود الطويلة مع الأردن خلال العام الماضي، "والذي تجلى في زيادة تهريب الأسلحة ودخول المسلحين على طول الحدود إلى منطقة الأغوار، وسط جهود حماس وإيران لإشعال جبهة الضفة"، بحسب تقديراته.

تقويض الاستقرار

أما على الجانب الإستراتيجي، فذهبت الباحثة في معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب أوريت بيرلوف، إلى سيناريو من شأنه أن يزيد من التوتر الأمني على جانبي الحدود في منطقة الأغوار، وذلك في حال استمرت الحرب على غزة، وتصاعدت حدة المظاهرات والاحتجاجات قبالة السفارة الإسرائيلية في عمّان.

وتساءلت بيرلوف، في تقدير موقف، إذا ما كان ما وصفته بـ"الشر" سيتطور من الشرق؟ وذلك على خلفية استمرار الحرب على غزة، مشيرة إلى أن عودة الاحتجاجات ضد إسرائيل في العاصمة عمّان، قد تهدد بتقويض الاستقرار الداخلي في الأردن، "وهو تطور ستكون له عواقب وخيمة على أمن إسرائيل".

وأوضحت الباحثة الإسرائيلية أنه بعد مرور نحو 30 عاما على توقيع اتفاق السلام بين المملكة الأردنية وإسرائيل، لا يزال الجمهور الأردني ثابتا في معارضته للاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وللسلام والتطبيع مع إسرائيل.

وخلصت للقول إنه "يجب على إسرائيل أن تستجيب بشكل إيجابي للمبادرات الأردنية لزيادة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، وتفهم الاحتياجات الوجودية للمملكة الأردنية".

مقالات مشابهة

  • عن المواجهة بين حزب الله وإسرائيل.. هذا ما قاله وزير الخارجيّة الروسيّة
  • اليابان.. تعديل النمو الاقتصادي بالخفض في الربع الثاني
  • الحرب على غزة تدخل يومها 339 ومخاوف من انتفاضة بالضفة
  • محللون: عملية اللنبي كشفت التوتر الخفي بين الأردن وإسرائيل
  • الاعلام العبري: إسرائيل ليست جاهزة للحرب في لبنان لهذه الأسباب
  • إعلام إسرائيلي: الجيش مستعد للمعركة المحتملة مع لبنان وجاهز لأي سيناريو
  • الحرب على الأبواب.. إليكم ما قاله مصدر كبير عن الوضع بين لبنان وإسرائيل
  • إيقاف وإنهاء الحرب – ولكن كيف؟ (7-8)
  • حزب الله يطلق 30 صاروخا وإسرائيل تتوعد بالتصعيد
  • وقفات تضامنية حاشدة في عدد من المدن المغربية رفضا للحرب على غزة