لا جديد .. عودة بخفي حنين من «باريس 2024».. أين الخلل؟

المطلوب وضع استراتيجية واضحة المعالم ورسم خارطة طريق لصناعة بطل أولمبي

منذ عام 1984 تشارك سلطنة عُمان في دورات الألعاب الأولمبية الصيفية، ولم تتمكن حتى اليوم من حصد ولا ميدالية أولمبية واحدة، رفقة 6 دول عربية أخرى لم تتمكن هي الأخرى من الحصول على أي ميدالية وهي فلسطين واليمن وليبيا وموريتانيا والصومال وجزر القمر، بينما استطاعت أغلب الدول العربية من الصعود لمنصات التتويج في الدورات الأولمبية منذ بداية مشاركة المنتخبات العربية في هذا المحفل الأولمبي المهم.

سلطنة عُمان أنهت مشاركتها في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية الثالثة والثلاثين «باريس 2024»، بخفي حنين وذلك بعدما قدم المشاركون الأربعة الذين مثلوا المنتخبات الوطنية، نتائج متواضعة في الرماية والسباحة وألعاب القوى، وإن كان طموح لاعبي سلطنة عُمان هو تسجيل مشاركة أولمبية إيجابية وناجحة، وتحقيق أرقام ونتائج مبشرة تسهم في وضع رياضيينا في مراكز متقدمة وتحفزّهم للتنافس على مختلف الأصعدة، والوصول إلى الأهداف والنتائج الفنية المرجوة، إلى جانب تشريف مشاركة اسم سلطنة عُمان في هذا المحفل الأولمبي الكبير، إلا أن هذا كله لم يتحقق بفضل المنافسة الكبيرة من نخبة العالم في مختلف الألعاب.

العدوي سادسا في السباحة

السباح عيسى العدوي الدورة أنهى مشاركته في أولمبياد «باريس 2024» بعدما حل في المركز السادس بتسجيله توقيتا زمنيا قدره 53.19 ثانية في التصفيات التأهيلية المخصصة للمجموعة الثانية والتي أقيمت بالمسبح الأولمبي الرئيسي لمركز باريس للألعاب المائية، ولم يتمكن العدوي الذي كان في الحارة السابعة من تحقيق رقمه الذي يبلغ 51.67 ثانية، حيث حاول جاهدا كسر رقمه إلا أن المنافسة كانت قوية للغاية بوجود السباحين المصنفين والنخبة على مستوى العالم. وتعد هذه المشاركة الأولمبية الثانية للعدوي، حيث شارك في أولمبياد طوكيو وقد حقق رقما أفضل من الرقم الذي حققه في أولمبياد باريس، حيث سجل في أولمبياد طوكيو توقيتا زمنيا قدره (51.81) ثانية محتلا المركز السادس ذاته في التصفيات التمهيدية والتي كانت مخصصة للمجموعة الثالثة.

الخاطري في المركز الثلاثين بالرماية

أما الرامي الدولي سعيد الخاطري الذي شارك أول مرة في دورات الألعاب الأولمبية، فقد حل في المركز الثلاثين في ختام التصفيات التمهيدية الخاصة بمنافسات رماية أطباق الحفرة وبمجموع نقاط بلغ 114 نقطة، حيث خاض الخاطري منافسات الجولتين الرابعة والخامسة من التصفيات التمهيدية بالميدان الرئيسي لمركز شاتورو للرماية، ففي الجولة الرابعة حصل على 21 نقطة من أصل 25 نقطة، وفي الجولة الخامسة والأخيرة حصل على 23 نقطة من أصل 25 نقطة.

وقدّم الخاطري مستويات إيجابية بالرغم من المنافسة القوية التي حظيت بها المنافسات ووسط حضور العديد من الرماة العالميين والمصنفين على مستوى العالم، وكان الخاطري قد أنهى منافسات اليوم الأول من التصفيات التمهيدية بالحصول على 70 نقطة، وذلك في مستهل مشاركات منتخباتنا الوطنية في دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024، حيث نجح الخاطري في تقديم مستوى فني مميز على الميدان وحصل في الجولة الأولى 23 نقطة من أصل 25 نقطة بعد أن فقد نقطتين، وقدّم أداءً عاليا في الجولة الثانية بعد أن نجح في إحراز 25 نقطة من أصل 25 نقطة، وفي الجولة الثالثة والأخيرة حصل على 22 نقطة بعد أن فقد التركيز بعض الشيء وخسر ثلاث نقاط مهمة، لينهي التصفيات التمهيدية لليوم الأول بمجموع 70 نقطة. وتأهل من التصفيات الرامي الصيني كي ينج بعد حصوله على 123 نقطة، ورافقه الرامي الدولي ناثان هاليس من بريطانيا بعد إحرازه 123 نقطة، والأسترالي جيمس واليت بالرصيد ذاته من النقاط، وتأهل أعلى ستة رماة في النتائج لخوض النهائيات ويتم على إثرها تحديد أصحاب المراكز الأولى والحائزين على الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية.

العلوية سابعا في تصفيات القوى

بينما حلت العداءة مزون العلوية في مشاركتها الأولمبية الثالثة في المركز السابع في التصفيات التمهيدية المخصصة للمجموعة الثانية لمنافسات 100 متر سيدات بتوقيت زمني بلغ 12.58 ثانية، والتي أقيمت مساء اليوم الجمعة بالمضمار الرئيسي لاستاد دو فرانس بالعاصمة باريس. ولم تتمكن العداءة مزون العلوية من تجاوز التصفيات التمهيدية، بعد أن أهدرت فرصة الانتقال إلى الدور الأول محتلةً المركز السابع بعد تسجيلها لزمن قدره 12.58 ثانية لتختتم بذلك مشاركتها الأولمبية الثالثة في دورات الألعاب الأولمبية، كما أن توقيتها الزمني لم يكن مؤهلا للمرحلة المقبلة، حيث تم اختيار أفضل خمسة تواقيت زمنية من بين المجموعات الأربع بالتصفيات التمهيدية إلى جانب أصحاب المراكز الثلاثة الأولى في كل مجموعة. ويبلغ أفضل توقيت زمني للعداءة مزون العلوية في سباقات 100 متر 11.47 ثانية، بينما حققت العلوية في التصفيات التمهيدية المخصصة للمجموعة الثالثة ضمن منافسات 100 متر عدوا بأولمبياد طوكيو المركز السادس مسجلة زمنا قدره (12.35) ثانية، وفي أولمبياد ريو 2016 سجلت العلوية توقيتا زمنيا قدره 12.43 ثانية.

البلوشي يودع من الدور الأول

أما العداء علي بن أنور البلوشي فقد أنهى مشاركته في أولمبياد «باريس 2024» بعدما حل في المركز السادس بتوقيت زمني قدره 10.26 ثانية ضمن منافسات الدور الأول لمسابقة 100 متر عدوا للرجال عن المجموعة الثالثة على استاد دو فرانس، ولم يتمكن علي البلوشي من كسر رقمه الرسمي المسجل الذي بلغ 10.14 ثانية.

وذكر العداء علي البلوشي أنه كان يطمح في الوصول بعيدا في المنافسات بمشاركته الأولمبية الأولى إلا أن التنافس كان صعبا للغاية بوجود العديد من العدائين العالميين من مختلف دول العالم وفي مقدمتهم العداء الأمريكي والمصنف الأول على العالم نواه ليليس، مؤكدا أن مشاركته الأولى وتنافسه المباشر معهم، أكسبه العديد من الخبرات الفنية اللازمة للظهور القوي في المنافسات الإقليمية والدولية المقبلة، وأشار البلوشي إلى أنه يركز حاليا في المشاركات والأحداث والبطولات المقبلة، وأن هذه المشاركة الأولمبية ستكون في رصيده الفني وضمن خبراته الفنية التي سيأخذ منها الجوانب الإيجابية ويعمل على تعزيز الجوانب السلبية من أجل ظهور قوي في قادم الأيام، موضحا أنه لا يزال في بداية مشواره الرياضي وسيقدم الكثير بإذن الله في المحافل الرياضية المقبلة. ولم يكن التوقيت الزمني للبلوشي كافيا ومؤهلا للانتقال إلى المرحلة المقبلة، لتنتهي بذلك مشاركة العداء علي البلوشي في هذا الدور.

عُمان في الألعاب الأولمبية

بدأت سلطنة عُمان المشاركة في دورات الألعاب الأولمبية ممثلة باللجنة الأولمبية العُمانية منذ عام 1984 في مدينة لوس أنجلوس الأمريكية وحتى ختام المشاركة في أولمبياد «باريس 2024»، حيث بلغ عدد الدورات التي شاركت فيها سلطنة عُمان (11) دورة أولمبية مع اختلاف حجم المشاركة من دورة إلى أخرى وفقًا للمستوى الفني للألعاب من جانب وتعديل اللوائح والأنظمة الخاصة باللجنة الأولمبية الدولية من جانب آخر حيث وضعت شروطًا ومعايير تأهيلية ومستويات فنية وأرقاما معيارية من قِبل الاتحادات الدولية منذ مطلع التسعينيات من القرن الماضي، إذ لم يعد يُسمَح بالمشاركة لمن يرغب، بل لمن يحقق المعيار التأهيلي أو الحصول على بطاقات الدعم في بعض المسابقات للجان الأولمبية الوطنية التي لم تتمكن من تحقيق المعيار التأهيلي.

وكانت أكبر مشاركة لسلطنة عُمان في أولمبياد لوس أنجلوس 1984 حيث بلغ عدد الرياضيين (16) رياضيًّا مع الإشارة إلى أن معيار التأهل لم يكن مطبقًا آنذاك بالشكل الحالي، بينما كانت أقل مشاركة لسلطنة عُمان في أولمبياد أثينا 2004 حيث تمت المشاركة بلاعبَيْن اثنين فقط.

بينما كانت أول مشاركة نسائية لسلطنة عُمان في دورات الألعاب الأولمبية عبر أولمبياد بكين 2008، أما من حيث عدد الألعاب التي مثّلت سلطنة عُمان في دورة أولمبية واحدة كانت في أولمبياد أتلانتا عام 1996 بمشاركة 4 ألعاب رياضية وهي ألعاب القوى والرماية والسباحة والدراجات، وأولمبياد بكين 2020 بمشاركة 4 ألعاب رياضية في ألعاب القوى والسباحة والرماية ورفع الأثقال، بينما بلغ مجموع الرياضيين العمانيين الذين شاركوا في الدورات الأولمبية الـ(11) 61 رياضيا من الجنسين.

دور بازر للوزارة واللجنة الأولمبية

الوسط الرياضي وعيون الجماهير العمانية استبشرت خيرا وحلقت عاليا، بعد التوجيهات السامية لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظة الله ورعاه - نحو البدء في إجراءات إقامة مشروع مدينة رياضية متكاملة تستقطب استضافة البطولات والمسابقات على المستويين الإقليمي والعالمي. وتعالت أصوات الجماهير والمتابعين والغيورين على الرياضة العمانية بضرورة وضع استراتيجية واضحة المعالم ورسم خارطة طريق لصناعة بطل أولمبي خلال المرحلة المقبلة من مختلف الجهات ذات العلاقة، وبلا شك أن وزارة الثقافة والرياضة والشباب واللجنة الأولمبية العُمانية يواصل السعي بكل طاقتهما من أجل الارتقاء بالرياضة العمانية في مختلف الألعاب، إلا أن هذا التطور لن يظهر بين ليلة وضحاها وإنما خلال المرحلة القادمة والتي تواصل فيها وزارة الثقافة والرياضة والشباب إلى وضع استراتيجيات وخطط طموحة قادرة على وضع اسم عمان على خارطة الرياضة العالمية والتواجد ضمن منصات التتويج في مثل هذه المحافل الأولمبية.

صناعة البطل الأولمبي لا يأتي من فراغ وإنما بخطط مدروسة وبتكاتف جميع الجهات ذات العلاقة، وهذا ما أكدته الوزارة ضمن خططها لتطوير الرياضة العمانية، وذلك بعد إصدار القرار الوزاري في الثالث والعشرون من مارس عام 2021 بتشكيل اللجنة الرئيسة لرياضة الأداء العالي برئاسة صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب، ووكيل الوزارة للرياضة والشباب نائبًا للرئيس، وعضوية كل من رئيس اللجنة الأولمبيـة العُمانية وأمين عام اللجنة الأولمبية العُمانية ومستشار الوزير للتخطيط الرياضي ومدير عـام التخطيط ومدير عام الشؤون الإدارية والماليـة وعلي بن عبدالله بن حارب الحبسي ومدير عام الأنشطـة الرياضيـة عضوًا ومقررًا.

وجاء هذا القرار ضمن رؤية متكاملة لتطوير رياضة الأداء العالي - في إطار زمني مدروس - بما يسهم في تحقيق الرؤية المستقبلية عُمان 2040 " عُمان في مصاف الدول المتقدمة"، كما يهدف القرار إلى إيجاد مظلّة لرعاية الرياضيين المجيدين حاليا والذين أثبتوا أن لديهم من القدرات الكامنة ما يؤهًلهم لتكوين نواة رياضية قادرة على حمل الطموح المستقبلي للرياضة العُمانية والوصول إلى مستوى الأداء العالي العالمي والأولمبي.

وأوضح القرار الوزاري بشأن تشكيل اللجنة الرئيسة لرياضة الأداء العالي ملامح الخطة المعتمدة لدفع رياضة الأداء العالي نحو تحقيق المزيد من الإنجازات، وتعنى رياضة الأداء العالي بوضع السياسات العامة والبرامج والخطط لتطويرها لدى الرياضيين ممن يتم تصنيفهم ضمن فئة رياضيي الأداء العالي من مختلف الرياضات المعتمدة ومساندتهم لبلوغ المستويات العليا في المسابقات الرياضية القارية والدولية.

ونصت المادة الثانية من القرار على اختصاصات اللجنة وهي وضع خطة لتطوير رياضة الأداء العالي شاملةً الجوانب الإدارية والتنظيمية والمالية والفنية، ووضع نظام لتصنيف رياضيي الأداء العالي وتحديد حقوقهم وامتيازاتهم وواجباتهم، ووضع ضوابط أكاديمية وعلمية وفنية لـبرنامج "الابتعاث الرياضي الخارجي" ومتابعته لضمان تحقيق أهدافه، ووضع الضوابط والشروط للتفرّغ الرياضي والتنسيق في ذلك مع الجهات المعنية، كما تقوم اللجنة باعتماد قائمة بأسماء الرياضيين المصنفين ضمن فئة الأداء العالي، وتحديثها على ضوء التقارير المعدة من فرق العمل المختصة.

كما نصت المادة الثانية من القرار على اعتماد "عقود البرامج والأهداف" مع الهيئات الرياضية المختصة والرياضيين المصنفين ضمن فئة رياضيي الأداء العالي، على أن تقوم اللجنة بتحديد الرياضات المستهدفة لبرامج المستوى العالي، وتوفير المقومات الضرورية لتمكين الرياضيين المجيدين من الارتقاء إلى مستوى الأداء العالي وفقا للتجارب الدولية المتقدمة في هذا المجال، ووضع برامج المتابعة العلمية والطبية والفنية لرياضيي الاداء العالي ودعم خططهم وبرامج إعدادهم بالتنسيق مع الهيئات الرياضية المختصة، ووضع برامج المتابعة الاجتماعية والدراسية والمهنية للرياضيين المصنفين ضمن فئة رياضيي الأداء العالي بالتنسيق مع الجهات المعنية ووضع نظام الحوافز لرياضيي الأداء العالي.

ومن بين اختصاصات اللجنة أيضا وضع الآليات المناسبة لتعزيز مشاركة القطاع الخاص في رعاية رياضيي الأداء العالي، والعمل على إيجاد البيئة الرياضية المحفزة والداعمة لبلوغ مستويات الأداء الرياضي العالي، ونصت المادة الثالثة من القرار الوزاري على تشكيل فرق عمل فنية تخصّصية يسند إليها تنفيذ البرامج والخطط المعتمدة من اللجنة، على أن يتولى العضو المقرر مهام التنسيق والمتابعة ورفع التقارير الدورية بشأن نتائج ومخرجات فرق العمل.

المصدر: لجريدة عمان