أرقام مخيبة للآمال.. لماذا صار السباحون أبطأ في دورة باريس الأولمبية؟
تاريخ النشر: 4th, August 2024 GMT
تشهد منافسات لعبة السباحة في دورة الألعاب الأولمبية المقامة حاليا في العاصمة الفرنسية باريس حضورا أقل للأرقام القياسية مقارنة بالدورات السابقة، إذ لم يُسجّل سوى رقم عالمي جديد على مدار 6 أيام من المنافسة، كما فشل سباق 400 متر حرة للسيدات في تحطيم الرقم العالمي السابق، رغم حملة الترويج الكبيرة التي حظي بها هذا السباق إلى حدّ وصفه "بسباق القرن"، لوجود 3 سبّاحات من حاملات الأرقام القياسية ضمن المتسابقات.
يعيد ذلك إلى الواجهة ما تناولته التقارير قبل بدء المنافسات الأولمبية، فقد أشار مدربون وخبراء إلى تخوفهم من عمق المسبح الأولمبي الذي تجري فيه المنافسات، فعمقه لا يعد الأمثل وهذا يؤثر تأثيرا سلبيا في سرعة السباحين.
هل يوجد حوض سباحة بطيء؟
عمق حوض سباحة "لا ديفانس أرينا" الذي تجري فيه المنافسات الحالية يبلغ 2.15 متر. ورغم أن العمق الأدنى المطلوب بحسب لوائح الاتحاد الدولي للألعاب المائية هو متران، فإن بعض الخبراء يرى أن عمق 2.15 متر ليس مثاليا، ويقارنون ذلك بأحواض السباحة في منافسات دورتي طوكيو وريو السابقتين إذ بلغ عمقها فيهما 3 أمتار، ويرى الخبراء أن ذلك هو الرقم الأمثل لعمق حوض السباحة. يُذكر أن دورة طوكيو 2021 شهدت تحطيم 6 أرقام عالمية في منافسات السباحة بينما شهدت دورة ريو 2016 تسجيل 8 أرقام جديدة.
يستند هذا الرأي إلى علم الفيزياء، فحركة السبّاحين في الماء تولّد موجات تنتشر خلال المسبح بشكل طولي وإلى أسفل، حيث ترتطم بالقاع وترتد إلى السطح، مكونة اضطرابات تعمل على إبطاء سرعة السبّاحين، لأنها تُنتج سطحا متموجا يحتاج إلى مزيد من القوة لإزاحة الماء أثناء السباحة، أي إن مقاومة الماء تزداد.
لهذا السبب، تكون المياه أكثر هدوءًا مع ازدياد عمق المسبح، لأن الموجات الناشئة ترتد خلال زمن أطول، بينما يتسبب المسبح الضحل في ارتداد مزيد من الأمواج، تجعل المياه أكثر اضطرابا وتزيد من مقاومتها بما يؤدي إلى تأثير سلبي على سرعة السبّاح.
وإذا كان من المعلوم أن الموجات الصوتية تنتقل في الماء بسرعة 1500 متر/ثانية، فإن الموجة تستغرق أقل من 3 ميلي ثانية للارتداد والعودة إلى السطح في حوض بعمق 2.15 متر، مقارنة بـ4 ميلي ثانية في حوض عمقه 3 أمتار. ومع أن الفارق يبدو ضئيلا للغاية، إلا أنه مؤثر في رياضة يُحدد الفائز فيها بالميلي ثانية.
وفي تصريح للجزيرة نت، يقول الدكتور غود ريدي، نائب مدير الابتكار ومهندس الأبحاث الرئيس في معهد جورجيا لتكنولوجيا الموارد: "نعم، يؤثر ذلك على الأداء، حيث تنتقل موجات الضغط التي تحدثها أذرع السبّاحين وأرجلهم وتنعكس مرة أخرى إلى السطح، ومن ثم تخلق خشونة (عدم انتظام) على الماء، ويجب على السباحين دفعها أثناء العوم".
المنافسات الطويلة أكثر تأثرايبلغ طول حوض السباحة الأولمبي 50 مترا، ولأن ارتداد الأمواج يزداد باستمرار مع حركة الأشخاص داخل الحوض، فإن الدورة الأولى (الـ50 مترا الأولى خلال السباق) لن تشهد اضطرابا كبيرا في الحوض، بينما سوف يزداد ذلك الاضطراب تدريجيا مع زخم المنافسة، أي إن تأثير الأمواج سوف يكون أكبر كلما كانت المنافسة لمسافة أكبر، وهذا يعني أن سباقات السباحة المتوسطة والطويلة في أولمبياد باريس، مثل منافسات 400 متر أو أكثر (وهي التي يقطع السباحون خلالها الحوض 8 مرات أو أكثر)، سوف تتأثر تأثرا أكبر من المنافسات الأقل مسافة.
ويبدو أن الأرقام ترجح ذلك، ففي منافسات 400 متر حرة للسيدات حصلت البطلة الأسترالية أريان تيتموس على الميدالية الذهبية بفارق زمني تعدّى الثانيتين عن الرقم العالمي المُسجّل باسم البطلة ذاتها في العام الماضي، بينما نجح السباح الصيني بان زانل في كسر الرقم العالمي في سباق 100 متر حرة، وهو الرقم العالمي الوحيد الذي سُجّل إلى الآن في الدورة الحالية.
في المقابل، يرى آخرون أن نظرية المسبح البطيء ليست صحيحة، والدليل أن مسابقات السباحة التي أقيمت في الأيام الأربعة الأولى من الدورة الأولمبية الحالية أسفرت عن الفوز بـ7 منافسات بأوقات أسرع من تلك التي شهدتها دورة الألعاب الماضية في طوكيو، وكانت 7 منافسات أخرى أبطأ ومنافسة واحدة مماثلة تماما للأولمبياد الماضي، وذلك يعني أن الميدان العام لم يتأثر رغم ما يثار عن بطء الحوض.
في السياق ذاته، يشير جون أيرلاند، مدير الخدمات الفنية في شركة ميرثا بولز الأميركية لبناء أحواض السباحة، إلى أن الفارق بين حوض سباحة يبلغ طوله 3 أمتار و2.5 متر هو لا شيء.
لكن ريدي -في تصريحه للجزيرة نت- يؤكد أن الفارق لا يتعلق فقط بارتداد التموجات، فيوضح أنه "غالبا ما يكون عدم الانتظام في سطح الماء غير متساوٍ، لأنه يعتمد على مكان السبّاح في الحوض بالنسبة إلى السباحين الآخرين. وعلى سبيل المثال، قد يواجه السبّاح في الحارات الوسطى تأثيرات موجية أعلى من السبّاحين في الحارات الطرفية".
ما يعنيه ريدي أن ضحالة المسبح تزيد كذلك من عدم تكافؤ الفرص، لأن السباحة في وسط الحوض تتأثر بعدم انتظام الماء من كل الاتجاهات المحيطة، بينما يقل هذا الزخم في حالة السباحة في الأطراف.
إن عدم تكافؤ الفرص يتكرر مرة أخرى على مستوى ترتيب السبّاحين، حيث يوضح ريدي أن الوجود في المقدمة، وخصوصا في المسابقات القصيرة المسافة، يخلق أفضلية على محاولة التقدم من الخلف والاضطرار إلى الاندفاع عبر عدم الانتظام المائي.
ويضيف الدكتور ريدي أن هذا التأثير سوف يكون ملحوظا بالكاد لمعظم القراء ممن يعرفون السباحة (كسبّاحين غير تنافسيين) لكن في السباقات ذات العيار الأولمبي التي تحسمها 0.01 ثانية أو أقل، فإن أي مقاومة صغيرة للماء لها تأثير يؤخذ في الاعتبار.
وبسؤال ريدي عن السبب في أن حمامات السباحة في بعض الأحيان لا تصل إلى 3 أمتار ما دامت زيادة العمق ترتبط بسلاسة وقدرة أفضل على الأداء، أجاب بأنه "في حالة زيادة عمق المسبح عن 3 أمتار فإن ذلك سوف يحمل تأثيرا سلبيا في واقع الأمر، على الرغم من أن الطاقة الناتجة عن الأمواج المنعكسة سوف تكون ضئيلة على السطح، إلا أن التأثيرات الذهنية على السبّاح سوف تجعله يشعر بالبطء".
إن المسألة على غرار ركوب الطائرة، لأن المسافر يشعر بأن الرحلة تمضي ببطء حينما تكون الطائرة مرتفعة، وفي المقابل يشعر المسافر بسرعة الطائرة خلال الإقلاع والهبوط، رغم أن سرعة الطائرة فعليا طوال الرحلة أعلى من سرعتها في مرحلتي الهبوط والإقلاع.
يضيف ريدي أن بعض السبّاحين يتصور بالفعل أن السباحة في حوض ضحل تجعلهم يشعرون بأنهم يسبحون بسرعة أكبر رغم أن أزمنتهم لا تدعم ذلك، لكن يبدو أن الخيار الآخر، وهو جعل حمامات السباحة ضحلة أكثر كان له تأثير سلبي أوضح على الأرقام القياسية.
أزمة حوض السباحة الأولمبي امتدت إلى درجة وصفها بالتعمد والمؤامرة من قبل المنظمين، إذ عدّها متابعون بمنزلة انتقام من أحداث جرت قبل 16 عاما في أولمبياد بكين 2008، حين انتزاع الفريق الأميركي ذهبية سباق التتابع الحر 4 في 100 من نظيره الفرنسي في ما وصف آنذاك بأعظم حدث سباحة في كل العصور.
وفق ذلك، يرى معتنقو نظرية المؤامرة أن بناء حوض سباحة بعمق أقل هو عمل مقصود من الفرنسيين، لأنهم يعلمون أن السبّاحين الأميركيين يعتمدون على السباحة تحت الماء أكثر، ولذا فإن هؤلاء سوف يتأثرون أكثر من غيرهم بالموجات تحت السطحية المرتدة من القاع.
يُذكر أن دورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت في بكين عام 2008 شهدت التحطيم الأكبر للأرقام القياسية العالمية في رياضة السباحة، فقد حقق السبّاحون خلالها 25 رقما ويعد هذا أكثر عددا من الأرقام العالمية التي أحرزت في هذه الرياضة منذ عام 1976.
وقد أرجع كثيرون الفضل إلى ملابس السباحة العالية التقنية "إل زد أر رايسر"، المكونة من مادة البولي يوريثين التي أسهمت في التقليل من مقاومة الماء، مما دفع الاتحاد الدولي إلى حظر استخدام هذا النوع من بدلات السباحة في أعقاب بكين 2008.
عملت بدلة رايسر من خلال آليات عدة، حيث قامت بالتقليل من الاحتكاك بين الجلد والماء بما يحدّ من كمية الماء التي يسحبها جسم السباح معه أثناء العوم، لأن البولي يوريثين مادة بلاستيكية يمكنها رفض الماء. وقد أفادت وكالة ناسا، وهي جهة تعاونت في تطوير البدلة، بأن مقاومة احتكاك الجلد انخفضت بنسبة 24% مع ارتداء هذه البدلة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الرقم العالمی السباحة فی فی منافسات حوض سباحة متر حرة
إقرأ أيضاً:
ياسر إدريس يفوز برئاسة اللجنة الأولمبية المصرية بالتزكية
فاز المهندس ياسر إدريس، برئاسة اللجنة الأولمبية المصرية للدورة الانتخابية 2024-2028 بعد الإعلان رسميا عن غلق باب الترشح على الانتخابات التي تجرى يوم 25 أبريل المقبل وعدم تقدم أحد لمنافسته ليتم حسم ذلك المنصب بالتزكية بجانب 5 مقاعد أخرى.
وفاز ضمن قائمة المهندس ياسر إدريس في الانتخابات لعدم تقدم أحد للمنافسة كل من المستشار محمد مصطفى في منصب النائب الأول والدكتور إسماعيل شاكر بمنصب النائب الثاني.
كما حسم منصب السكرتير العام اللواء حازم حسني لعدم تقدم أحد للترشح أمامه في ذلك المنصب، وفي منصب السكرتير العام المساعد أيضا فاز الأستاذ محمد مطيع لنفس ذات السبب، كما فاز اللواء شريف القماطي بمنصب أمين صندوق اللجنة الأولمبية المصرية لعدم تقدم أحد لمنافسته على ذلك المنصب.
وتشهد انتخابات اللجنة الأولمبية المصرية التي تقام يوم 25 أبريل المقبل منافسة على مقاعد العضوية حيث تقدم 10 مرشحين يتم اختيار 8 من ضمنهم وجاءت قائمة المهندس ياسر إدريس في العضوية كل من محمد عبد المقصود، اللواء مجدي اللوزي، اللواء أحمد كامل، اللواء أشرف حلمي، اللواء أشرف فرحات، المهندسة آمنة الطرابلسي، ، واللواء محمد محمود، وكابتن طارق السعيد، و أيمن علي.
وفي اليوم الأخير من غلق باب الترشح تقدم خالد ديوان اليوم الجمعة بأوراق ترشحه على منصب عضوية مجلس إدارة اللجنة الأولمبية المصرية لينضم بذلك إلى قائمة المرشحين المتنافسين على منصب العضوية.
وكان فتح باب الترشح لانتخابات مجلس إدارة اللجنة الأولمبية خلال الفترة من 1 إلى 7 مارس الجاري على أن يعقب ذلك فحص أوراق المرشحين ثم إعلان القائمة النهائية لقائمة المرشحين على الانتخابات ويعقب ذلك إقامة الجمعية العمومية للجنة الأولمبية المصرية يوم 25 أبريل المقبل التي يضم أحد بنودها انتخابات مجلس إدارة اللجنة الأولمبية المصرية مع مناقشة جدول الأعمال.
ويحق للتصويت في انتخابات مجلس إدارة اللجنة الأولمبية المصرية للدورة الانتخابية 2024-2028، 31 صوتا بواقع 30 اتحادا أولمبيا وصوت للبرلمانية آيه مدني العضو الدائم للجنة الأولمبية الدولية.