بوابة الوفد:
2025-03-16@08:45:28 GMT

لا تنفروا فى الحر!

تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT

كلما عُرض لى أمر مهم لا يحتمل التأجيل فى هذه الأيام شديدة الحرارة، أجدنى أميل إلى تأجيله بحجة شدة الحر، وعندما أتذكر مناسك الحج فى نفس الأجواء أميل أيضاً إلى التسويف والتأجيل، ودائمًا ما تحضرنى الآية الكريمة التى تقول:

«فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أن يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنفِرُوا فِى الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ» (81) التوبة.

ورغم أن الإسقاط ربما يكون مختلفًا فى الحالتين، (أمور الدنيا والجهاد فى سبيل الله) إلا أننى أعقد مقارنة بين حالنا هذه الأيام وحال الصحابة إبان هذه الغزوة وهى غزوة تبوك، ورغم الفارق الشديد بين الزمانين، سواء فى قدر الصحابة وقربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم من ناحية، والتحديات الصعبة التى يواجهونها من ناحية أخرى ربما أمام نفس العدو ونفس النقص فى العدد والعتاد، إلا أن الأمر يختلف هنا فى الرجال الذين وصفهم القرآن فى نفس السورة فى قوله تعالى:

«وَلَا عَلَى الَّذِينَ إذا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ» (92).

أى أنه فى الوقت الذى يتهرب فيه البعض من الجهاد ويبدون أعذارًا لا تنطلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورغم ذلك كان يأذن لهم، ولكى يخفف الله عز وجل وطأة منح الإذن على رسول الله، أوكل أمرهم إليه وقال لحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم «عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ»(43).

‏ورغم الفارق الضخم فى المقارنة كما ذكرنا من قبل، إلا أننا أمام تحديات فى غاية الخطورة، تتمثل فى أننا نرفض مجرد السير فى الحر وليس النفير أو الحرب، فماذا لو لم توجد الجيوش النظامية لتتولى أمر حماية الأقطار؟ فماذا نحن فاعلون فى حالة الفوضى وانهيار الأقطار لا قدر الله؟ على الرغم من أن وسائل النقل العادية أو الحربية كالغواصات والطائرات والمركبات أصبحت أكثر رفاهية بالمقارنة بالخيل والبغال والحمير، ومن لم يجدوها يتولون وأعينهم تفيض من الدمع حزنًا لأنهم لم يجدوا وسيلة تبلغهم أرض المعركة.

‏وقد ذكر المفسرون لقول الله تعالى:

«‏فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ‏»، أن هذا الأمر وهو الفرح بالتخلف عن الغزو أمر زائد على مجرد التخلف، فإن هذا تخلف محرم، وزيادة رضا بفعل المعصية، وتبجح به‏.‏‏ {«وَكَرِهُوا أن يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ‏»، وهذا بخلاف المؤمنين الذين إذا تخلفوا ولو لعذر حزنوا على تخلفهم وتأسفوا غاية الأسف، ويحبون أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل اللّه، لما فى قلوبهم من الإيمان، ولما يرجون من فضل اللّه وإحسانه وبره وامتنانه‏.‏‏

وثمة سؤال يطرح نفسه عن الحروب الحالية أو حروب المستقبل، التى تعمل فيها الأسلحة النووية ذاتيًا بالذكاء الاصطناعى، فهل يجدى معها النفير فى الحر أو البرد وهل سيشفع لأبنائنا وأحفادنا مكوثهم ليلًا ونهارًا أمام الألعاب الإلكترونية مثل البابجى والأتارى؟، ليخوضوا مستقبلًا نفس الحروب المعتمدة على الذكاء الاصطناعى، والقائمة على تكنولوجيا تمتلكها دول معينة تهدد بفناء العالم؟ وهل سيجدى مع هذا النوع من الحروب عدم النفير؟ وهل لدى الدول الإسلامية مشروعات ردع مشابهة لما تقوم به بعض الدول الكبرى؟ والتى انزعج منها مجلس الأمن وعقد اجتماعًا طارئًا منذ عدة أسابيع حذر فيه من التمادى فى هذا النوع من الأسلحة التى توجه بالذكاء الاصطناعى، والتى من الممكن أن تبيد العالم، ولا ندرى هل سنردد نفس الآية «لا تنفروا فى الحر»، أم أن الموضوع أصبح معقدًا للغاية ولا تتصوره أذهاننا؟ نسأل الله السلامة والنصر من عنده، أنه ولى ذلك والقادر عليه.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: طارق يوسف مناسك الحج الأيام شديدة الحرارة الذكاء الاصطناعى فى الحر

إقرأ أيضاً:

السودان في الصدارة .. توقعات “بارتفاع مذهل” للنازحين عالميا

توقعت منظمة إنسانية تعنى باللاجئين أن تدفع الحروب أكثر من 6.7 ملايين شخص إلى النزوح في مختلف أنحاء العالم خلال العامين المقبلين، مشيرة إلى أن ثلث الحالات ستسجل في السودان وميانمار.
وفي تقرير لها نشر اليوم الجمعة، قال منظمة “المجلس الدانماركي للاجئين” إن قرار الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا سحب المساعدات الدولية الذي وصفته بالمدمر، ترك ملايين الأشخاص الأكثر عرضة للخطر من دون الدعم الضروري لهم.
وقالت الأمينة العامة للمجلس شارلوت سلنته، في بيان، “نعيش في عصر الحروب والإفلات من العقاب ويدفع المدنيون الثمن الأكبر”. وأفاد المجلس بأن عدد النازحين حول العالم يبلغ حاليا 122.6 مليون شخص.
وتوقعت المنظمة أن يشهد عدد النازحين “ارتفاعا مذهلا” بـ4.2 ملايين شخص في 2025، وهو أعلى رقم يتوقعه المجلس منذ 2021، كما أنها تتوقع 2.5 مليون حالة نزوح قسري في 2026. وستسهم الحروب في السودان وميانمار في حوالي نصف حالات النزوح المتوقعة.

السودان بالصدارة
وقال المجلس إن ثلث حالات النزوح الجديدة تقريبا ستكون في السودان حيث “الأزمة الإنسانية الأكثر إلحاحا في العالم”، مشيرا إلى أن 12.6 مليون شخص نزحوا بالفعل داخل السودان وإلى دول الجوار. وأضاف التقرير أن “التجويع استُخدم كسلاح في الحرب، ما أدخل البلاد في مجاعة كارثية وراء الأخرى”.
أما في ميانمار، فتصاعدت حدة الحرب الأهلية المتعددة الجبهات التي أدت إلى نزوح 3.5 ملايين شخص، فيما يحتاج حوالي 20 مليون شخص، أي ما يعادل ثلث السكان، إلى المساعدات الإنسانية. وتوقع التقرير أن تشهد البلاد 1.4 مليون حالة نزوح قسري إضافية بحلول نهاية 2026.
وبحسب المجلس، ستشهد كل من من أفغانستان وجمهورية الكونغو الديمقراطية وسوريا واليمن وفنزويلا ازديادا في حالات النزوح جراء عوامل عدة بينها النزاعات المسلحة وتغير المناخ وإرث الحرب وانعدام الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
ونددت سلنته بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلغاء 83% من برامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (يو إس أيد) للمساعدات الإنسانية حول العالم، واصفة إياه بأنه يمثّل “خيانة للأشخاص الأكثر عرضة للخطر”.

الجزيرة

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • د. نصار عبد الله: للصيام حكمة تتمثل في تحمل الإنسان الشدة والضيق بإرادته قبل أن تُفرض عليه
  • السودان في الصدارة .. توقعات “بارتفاع مذهل” للنازحين عالميا
  • اللواء أركان حرب محمد أبو الفتوح جاب الله يكشف مراحل نشأة وتطور قوات الصاعقة المصرية
  • إذا لم يطور جبريل ومناوي خطابهما ويقتربا من الوسط والشمال والشرق في تحالفات سياسية (..)
  • خطبة الجمعة بحضور الرئيس السيسي.. عبد الباري: كلما احتدم الصراع لا يجد الحر في العالم إلا جيش مصر وقائدها.. فيديو
  • جستنيه: الاتحاد لن يحقق الدوري بهذا المدرب المفلس
  • شاهد| لماذا اختار نبي الله إبراهيم عليه السلام بالتحديد عبارة {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي}[الشعراء:77]؟
  • من مقامات نبي الله إبراهيم عليه السلام، وهو يسعى لهداية قومه.. الموقف الحاسم
  • من مقامات نبي الله إبراهيم عليه السلام، وهو يسعى لهداية قومه.. التنوع في أساليب الإقناع
  • حقيقة شعور الميت بمن يغسلونه ويودعونه قبل الصلاة عليه.. فيديو