بوابة الوفد:
2024-10-06@16:57:30 GMT

لا تنفروا فى الحر!

تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT

كلما عُرض لى أمر مهم لا يحتمل التأجيل فى هذه الأيام شديدة الحرارة، أجدنى أميل إلى تأجيله بحجة شدة الحر، وعندما أتذكر مناسك الحج فى نفس الأجواء أميل أيضاً إلى التسويف والتأجيل، ودائمًا ما تحضرنى الآية الكريمة التى تقول:

«فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أن يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنفِرُوا فِى الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ» (81) التوبة.

ورغم أن الإسقاط ربما يكون مختلفًا فى الحالتين، (أمور الدنيا والجهاد فى سبيل الله) إلا أننى أعقد مقارنة بين حالنا هذه الأيام وحال الصحابة إبان هذه الغزوة وهى غزوة تبوك، ورغم الفارق الشديد بين الزمانين، سواء فى قدر الصحابة وقربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم من ناحية، والتحديات الصعبة التى يواجهونها من ناحية أخرى ربما أمام نفس العدو ونفس النقص فى العدد والعتاد، إلا أن الأمر يختلف هنا فى الرجال الذين وصفهم القرآن فى نفس السورة فى قوله تعالى:

«وَلَا عَلَى الَّذِينَ إذا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ» (92).

أى أنه فى الوقت الذى يتهرب فيه البعض من الجهاد ويبدون أعذارًا لا تنطلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورغم ذلك كان يأذن لهم، ولكى يخفف الله عز وجل وطأة منح الإذن على رسول الله، أوكل أمرهم إليه وقال لحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم «عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ»(43).

‏ورغم الفارق الضخم فى المقارنة كما ذكرنا من قبل، إلا أننا أمام تحديات فى غاية الخطورة، تتمثل فى أننا نرفض مجرد السير فى الحر وليس النفير أو الحرب، فماذا لو لم توجد الجيوش النظامية لتتولى أمر حماية الأقطار؟ فماذا نحن فاعلون فى حالة الفوضى وانهيار الأقطار لا قدر الله؟ على الرغم من أن وسائل النقل العادية أو الحربية كالغواصات والطائرات والمركبات أصبحت أكثر رفاهية بالمقارنة بالخيل والبغال والحمير، ومن لم يجدوها يتولون وأعينهم تفيض من الدمع حزنًا لأنهم لم يجدوا وسيلة تبلغهم أرض المعركة.

‏وقد ذكر المفسرون لقول الله تعالى:

«‏فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ‏»، أن هذا الأمر وهو الفرح بالتخلف عن الغزو أمر زائد على مجرد التخلف، فإن هذا تخلف محرم، وزيادة رضا بفعل المعصية، وتبجح به‏.‏‏ {«وَكَرِهُوا أن يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ‏»، وهذا بخلاف المؤمنين الذين إذا تخلفوا ولو لعذر حزنوا على تخلفهم وتأسفوا غاية الأسف، ويحبون أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل اللّه، لما فى قلوبهم من الإيمان، ولما يرجون من فضل اللّه وإحسانه وبره وامتنانه‏.‏‏

وثمة سؤال يطرح نفسه عن الحروب الحالية أو حروب المستقبل، التى تعمل فيها الأسلحة النووية ذاتيًا بالذكاء الاصطناعى، فهل يجدى معها النفير فى الحر أو البرد وهل سيشفع لأبنائنا وأحفادنا مكوثهم ليلًا ونهارًا أمام الألعاب الإلكترونية مثل البابجى والأتارى؟، ليخوضوا مستقبلًا نفس الحروب المعتمدة على الذكاء الاصطناعى، والقائمة على تكنولوجيا تمتلكها دول معينة تهدد بفناء العالم؟ وهل سيجدى مع هذا النوع من الحروب عدم النفير؟ وهل لدى الدول الإسلامية مشروعات ردع مشابهة لما تقوم به بعض الدول الكبرى؟ والتى انزعج منها مجلس الأمن وعقد اجتماعًا طارئًا منذ عدة أسابيع حذر فيه من التمادى فى هذا النوع من الأسلحة التى توجه بالذكاء الاصطناعى، والتى من الممكن أن تبيد العالم، ولا ندرى هل سنردد نفس الآية «لا تنفروا فى الحر»، أم أن الموضوع أصبح معقدًا للغاية ولا تتصوره أذهاننا؟ نسأل الله السلامة والنصر من عنده، أنه ولى ذلك والقادر عليه.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: طارق يوسف مناسك الحج الأيام شديدة الحرارة الذكاء الاصطناعى فى الحر

إقرأ أيضاً:

الحرّيفة عائدون بـ الريمونتادا

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- كشفت شركة " TVision" عن بوستر ترويجي، للجزء الثاني من الفيلم المصري "الحرّيفة"، الذي تم عرضه مطلع العام الحالي، وحقق نجاحًا نقديًا وجماهيريًا كبيرين، في مصر.

ويأتي الجزء الثاني من الفيلم، تحت عنوان فرعي "الريمونتادا"، وتدور أحداثه حول عزم "الحرّيفة" استكمال المشوار نحو تحقيق حلمهم، بعد فوزهم بالبطولة في أحداث الجزء الأول.

View this post on Instagram

A post shared by TVision (@tvisioneg)

ويروي "الحرّيفة" حكاية "ماجد" الذي يعشق كرة القدم، ولم تمنعه الظروف من ملاحقة شغفه، فعندما تغيرت ظروفه الاجتماعية، وانتقل إلى مدرسة أخرى بسبب ما واجهه والده من أزمات، استطاع تحويل الأزمة إلى فرصة، وانضم إلى فريق كرة قدم بأحد مراكز الشباب، وتعرف على شباب جدد، وحقق معهم النجاح على طريق الحلم.

الفيلم من تأليف إياد صالح، وإخراج كريم سعد، وبطولة: نور النبوي،  وأحمد غزي،  وأحمد بحر الشهير بـ"كزبرة"، وعبد الرحمن محمد، وخالد الذهبي، وممثلون كثر آخرون.

وأعلنت الشركة المنتجة عبر حسابها الرسمي على إنستغرام مؤخرًا أن الجزء الأول من فيلم "الحرّيفة": "انضم لقائمة أعلى عشر أفلام تحقيقًا للإيرادات في تاريخ السينما المصرية، وأصبح الأول في قائمة تحقيق أعلى الإيرادات خارج مواسم عيد الفطر، والأضحى، والصيف".

View this post on Instagram

A post shared by TVision (@tvisioneg)

مقالات مشابهة

  • آمال على شفير معارك الثأر والكرامة
  • الحرّيفة عائدون بـ الريمونتادا
  • هذا هو السودان الجديد رغم أنف الجنجويد ورغم طمع وتطلعات عرب الشتات
  • 7 عناصر تعطي الأفضلية لـحزب اللهعند الحدود
  • يأنسنون المشكلة في صنعاء و يتجاهلونها في عدن
  • كيف أبلغ النبي الصحابة بصيغة الصلاة عليه؟.. الشعراوي يوضح «فيديو»
  • صوت الناس.. قصة كفاح من بولاق الدكرور
  • عاجل الكشف عن مصير جثمان حسن نصر الله.. تم دفنه بطريقة سرية كوديعة.. وأدى الصلاة عليه 5 أشخاص .. تفاصيل
  • مدير الأكاديمية العسكرية: لدينا يقين ثابت بأن من طلب السلام عليه امتلاك قوة تحافظ عليه
  • كاتب صحفي: حزب الله لقن الاحتلال الإسرائيلي درسا في جنوب لبنان