لماذا لا يغضب العالم من استخدام إسرائيل التجويع كسلاح حرب؟
تاريخ النشر: 4th, August 2024 GMT
نشرت مجلة "ّذا نيشن" الأمريكية مقالا للكاتب يوسف الجمل يسلط الضوء على كيفية استخدام "إسرائيل" للجوع كسلاح في حربها ضد الفلسطينيين في غزة، لافتا إلى تفاقم أزمة المجاعة في القطاع بشكل مطرد خلال الأشهر الماضية رغم التحذيرات الدولية والضغوط على "إسرائيل" لفتح المعابر وإدخال المساعدات.
وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إنه عندما بدأت المجاعة تنتشر في غزة لأول مرة في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أعرب المجتمع الدولي عن قلقه وحذر برنامج الأغذية العالمي من أن الناس في غزة يتضورون جوعًا حتى الموت، وأصدر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بيانات تحث "إسرائيل" على فتح المعابر والسماح بدخول شاحنات المساعدات.
وكانت الحُجة آنذاك أنه لا ينبغي استخدام التجويع كسلاح حرب، وأنه لا ينبغي تجويع الفلسطينيين لأسباب سياسية، وأن "إسرائيل"، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، ملزمة بضمان توفير إمدادات كافية من السلع الضرورية.
كان ذلك قبل أشهر، وقد ازدادت الأزمة الإنسانية في غزة سوءًا بكل المقاييس، وأصبح تجويع الفلسطينيين أمرًا طبيعيًا. واليوم، تنتشر المجاعة في شمال غزة وجنوبها دون أي احتجاج يذكر من المجتمع الدولي.
ورغم صدور حكم من محكمة العدل الدولية يؤكد أن أفعال "إسرائيل" يُحتمل أن ترقى إلى الإبادة الجماعية، إلا أن "إسرائيل" لم تواجه أي عواقب مادية.
وأوضح الكاتب أن منظمة لجنة خدمة الأصدقاء الأمريكيين التي يعمل بها، لا يزال لديها موظفون على الأرض في غزة، ويواصلون تقديم الطعام ومستلزمات النظافة الصحية وأشكالا أخرى من المساعدات رغم الصعوبات الهائلة. لكن المساعدات التي يمكن تقديمها محدودة للغاية بسبب ما تسمح إسرائيل بدخوله إلى غزة، وبسبب تهديد العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمر.
إن قدرة المنظمة على تقديم المساعدات ترجع إلى التزام وشجاعة موظفيها على الأرض، والذين هم من سكان غزة ولديهم علاقات مع المنظمات التي تجعل عملهم ممكنًا. من الصعب للغاية الآن على عمال الإغاثة الدوليين الوصول إلى غزة، كما أن العديد من المنظمات الكبيرة لا تستطيع تقديم المساعدات لأنها تفتقر إلى الصلات المحلية.
وأشار الكاتب إلى أنه عندما اقتحمت القوات الإسرائيلية مستشفى الشفاء في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، ثار غضب دولي غير مسبوق. ولكن عندما أدركت إسرائيل أن المجتمع الدولي لن يتجاوز كلمات الإدانة، فقد اقتحم الجنود المستشفى مرة أخرى وقتلوا المئات، بمن فيهم المرضى والأطباء، وتم اعتقال مئات آخرين، ثم أحرق الجيش الإسرائيلي المستشفى بالكامل. وعندما رأت إسرائيل أن بإمكانها الإفلات من العقاب، فعلت الشيء نفسه في العديد من المستشفيات الأخرى في غزة.
وفي نيسان/ أبريل، تم الكشف عن ثلاث مقابر جماعية في مستشفى الشفاء، وكان من بين القتلى أشخاص يحملون ضمادات وعكازات طبية، وأعدم آخرون وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم. إننا نرى تصعيدًا مماثلًا مع القيود التي تفرضها إسرائيل على المساعدات الغذائية وانتشار المجاعة في غزة.
لقد اعتاد الفلسطينيون بالفعل على استخدام الجوع ضدهم كسلاح. فقد خضعت غزة منذ سنة 2007 لحصار إسرائيلي مشدد، وكان الجيش الإسرائيلي يحدّد كمية الطعام التي يسمح بعبورها عبر الحدود بناءً على الحد الأدنى من السعرات الحرارية التي يحتاجها الفلسطينيون لتجنب سوء التغذية، وكان قادة المجتمع الدولي غالبا ما يغضون الطرف عن ذلك. لقد عرف الفلسطينيون في غزة منذ سنوات أن موتهم أمر مقبول.
بعد فترة وجيزة من 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت عبارته المشينة: "لن يكون هناك كهرباء ولا طعام ولا وقود - كل شيء سيتم منعه". وقال تالي غوتليب، عضو الكنيست، إن الفلسطينيين في غزة يجب "تعطيشهم وتجويعهم". وحتى عندما أدى الضغط الدولي إلى إرسال شاحنات المساعدات إلى غزة، أرسل وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير مليشياته لمنع دخولها.
وأفاد الكاتب بأن "إسرائيل" استهدفت الفلسطينيين الجائعين الذين يحاولون الحصول على الطعام بشكل متكرر. ففي حي تل الهوى في مدينة غزة، أطلق القناصة الإسرائيليون النار على أشخاص جاءوا للحصول على المساعدات. وقد تكررت مشاهد مماثلة في جميع أنحاء غزة. وفي دوار الكويت، قُتل 25 فلسطينيًا في 25 كانون الثاني/ يناير 2024. وفي 23 آذار/ مارس، قتلت "إسرائيل" في نفس المكان 23 فلسطينيًا جائعًا. وعند دوار النابلسي غرب مدينة غزة، استهدفت "القوات الإسرائيلية" مرة أخرى الفلسطينيين الجائعين الذين كانوا ينتظرون شاحنات المساعدات في ما يسمى "مجزرة الطحين" التي راح ضحيتها 115 قتيلًا ونحو 700 جريح. وفي 18 حزيران/ يونيو 2024، قتلت القوات الإسرائيلية ثمانية من أفراد الأمن المكلفين بحراسة الشاحنات التي دخلت غزة من معبر كرم أبو سالم. وقد سمح تقاعس حكومات العالم لـ"إسرائيل" بمواصلة حملة التجويع التي تشنها.
وبحلول نيسان/ أبريل 2024، دقّت منظمة أوكسفام ناقوس الخطر بأن سكان شمال غزة "مجبرون على العيش على 245 سعرة حرارية في اليوم". وبدلًا من ممارسة ضغط حقيقي على إسرائيل للسماح بدخول المزيد من المساعدات، فقد لجأت القوى الإقليمية والدولية إلى وسائل مكلفة للغاية وغير فعالة لإيصال المساعدات، وأنفقت الولايات المتحدة أيضًا 320 مليون دولار على رصيف بحري قبالة سواحل غزة لم يستمر حتى شهرًا واحدًا.
وأكد الكاتب أن الوضع مأساوي، فقد أصبح قصف المستشفيات وقتل الناس الذين ينتظرون في طوابير الطعام أمرًا طبيعيًا، وكلمات الاستنكار أصبحت لا تعني شيئًا في ظل القنابل التي تستمر الولايات المتحدة في شحنها. والمجاعة في غزة هي ظاهرة من صنع الإنسان، ويمكن وقفها.
وفي الوقت الحالي، تم إغلاق معبر رفح تمامًا وتباطأ توصيل المساعدات إلى غزة بشكل كبير، رغم أن الطعام والسائقين والشاحنات كلها جاهزة وتنتظر عبر الحدود، والطعام المخصص أصلاً لسكان غزة يتعفن تحت أشعة الشمس المصرية. إن وقف إطلاق النار بشكل دائم وفتح جميع المعابر والطرق البرية هو السبيل الوحيد لإيصال كمية المساعدات المطلوبة بأمان وكفاءة إلى الناس الذين سيموتون جوعًا بدونها. والبحث عن بدائل معقدة ومكلفة هو محاولة لكسب الوقت لإسرائيل لتواصل حملة الإبادة الجماعية في غزة.
وبحسب الكاتب، فإنه يجب على الرئيس بايدن وحلفاء إسرائيل الآخرين استخدام نفوذهم لفتح هذه المعابر، وضمان إيصال المساعدات بشكل آمن، وتحقيق وقف دائم لإطلاق النار أو سيكون البديل هو المجاعة الجماعية والموت.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة التجويع غزة سلاح التجويع تواطؤ دولة الاحتلال صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المجتمع الدولی المجاعة فی إلى غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
إسرائيل: حماس تراجعت عن التنازلات التي أدت لاستئناف مفاوضات غزة
زعمت هيئة البث الإسرائيلية، اليوم الأربعاء 25 ديسمبر 2024، بأن "حركة حماس ترفض تقديم قائمة المحتجزين الأحياء والأموات الذين سيفرج عنهم في المرحلة الأولى، وسيتم تبادلهم مع أسرى فلسطينيين، في إطار اتفاق لوقف إطلاق النار والافراج عن المحتجزين".
وأضافت الهيئة نقلاً عن مصادر، أن الحركة تراجعت عن التنازلات التي أدت لاستئناف المحادثات وعادت لتطالب بإنهاء الحرب.
إقرأ أيضاً: الإعلام العبري: مفاوضات غزة لم تنهار وتفاهمات بشأن فيلادلفيا ونتساريم
وفي وقت سابق، أفادت وكالة الأنباء الفرنسية، نقلًا عن قيادي في حركة حماس، بأن اتفاق وقف إطلاق النار سيقضي بوقف الحرب تدريجيًا والانسحاب الإسرائيلي من غزة.
وأضاف القيادي بحركة حماس، أن اتفاق وقف إطلاق النار سينتهي بصفقة جادة لتبادل الأسرى والمحتجزين ووقف دائم للحرب، ومن الممكن أن يرى اتفاق وقف إطلاق النار النور قبل نهاية العام الجاري، إذا لم يعطله رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو .
وأشار إلى أن هناك بعض النقاط العالقة في مفاوضات وقف إطلاق النار لكنها لا تعطل التوصل لاتفاق، مضيفًا أنه تم الاتفاق على معظم النقاط المتعلقة بقضايا وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين.
وأكدت قناة كان العبرية نقلاً عن مصادر مطلعة على مفاوضات صفقة الأسرى، أن المفاوضات لم تنهار، وأن عودة الوفد الإسرائيلي كانت بهدف اتخاذ قرارات في إسرائيل بشأن كيفية المضي قدمًا في المفاوضات.
وكان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أكد، مساء أمس، عن عودة فريق المفاوضات الإسرائيلي الذي يضم مسؤولين رفيعي المستوى من الأجهزة الأمنية إلى تل أبيب، وذلك بعد أسبوع من مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، المكثفة في قطر.
وقال مكتب نتنياهو، في بيان صحفي، إن الوفد الذي يضم مسؤولين من جهاز الموساد والأمن العام (الشاباك) والجيش الإسرائيلي، يعود لـ"إجراء مشاورات داخلية في إسرائيل بشأن استكمال المفاوضات لإعادة الأسرى" المحتجزين في قطاع غزة.
وأشار مكتب نتنياهو إلى "أسبوع مهم من المفاوضات" في قطر، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.
المصدر : وكالة سوا