نشرت مجلة "ّذا نيشن" الأمريكية مقالا للكاتب يوسف الجمل يسلط الضوء على كيفية استخدام "إسرائيل" للجوع كسلاح في حربها ضد الفلسطينيين في غزة، لافتا إلى تفاقم أزمة المجاعة في القطاع بشكل مطرد خلال الأشهر الماضية رغم التحذيرات الدولية والضغوط على "إسرائيل" لفتح المعابر وإدخال المساعدات.

وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إنه عندما بدأت المجاعة تنتشر في غزة لأول مرة في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أعرب المجتمع الدولي عن قلقه وحذر برنامج الأغذية العالمي من أن الناس في غزة يتضورون جوعًا حتى الموت، وأصدر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بيانات تحث "إسرائيل" على فتح المعابر والسماح بدخول شاحنات المساعدات.



وكانت الحُجة آنذاك أنه لا ينبغي استخدام التجويع كسلاح حرب، وأنه لا ينبغي تجويع الفلسطينيين لأسباب سياسية، وأن "إسرائيل"، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، ملزمة بضمان توفير إمدادات كافية من السلع الضرورية.

كان ذلك قبل أشهر، وقد ازدادت الأزمة الإنسانية في غزة سوءًا بكل المقاييس، وأصبح تجويع الفلسطينيين أمرًا طبيعيًا. واليوم، تنتشر المجاعة في شمال غزة وجنوبها دون أي احتجاج يذكر من المجتمع الدولي.

ورغم صدور حكم من محكمة العدل الدولية يؤكد أن أفعال "إسرائيل" يُحتمل أن ترقى لإبادة جماعية، إلا أن "إسرائيل" لم تواجه أي عواقب مادية.


وأوضح الكاتب أن منظمة لجنة خدمة الأصدقاء الأمريكيين التي يعمل بها، لا يزال لديها موظفون على الأرض في غزة، ويواصلون تقديم الطعام ومستلزمات النظافة الصحية وأشكالا أخرى من المساعدات رغم الصعوبات الهائلة. لكن المساعدات التي يمكن تقديمها محدودة للغاية بسبب ما تسمح إسرائيل بدخوله إلى غزة، وبسبب تهديد العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمر.

إن قدرة المنظمة على تقديم المساعدات ترجع إلى التزام وشجاعة موظفيها على الأرض، والذين هم من سكان غزة ولديهم علاقات مع المنظمات التي تجعل عملهم ممكنًا. من الصعب للغاية الآن على عمال الإغاثة الدوليين الوصول إلى غزة، كما أن العديد من المنظمات الكبيرة لا تستطيع تقديم المساعدات لأنها تفتقر إلى الصلات المحلية.

وأشار الكاتب إلى أنه عندما اقتحمت القوات الإسرائيلية مستشفى الشفاء في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، ثار غضب دولي غير مسبوق. ولكن عندما أدركت إسرائيل أن المجتمع الدولي لن يتجاوز كلمات الإدانة، اقتحم الجنود المستشفى مرة أخرى وقتلوا المئات، بمن فيهم المرضى والأطباء، وتم اعتقال مئات آخرين، ثم أحرق الجيش الإسرائيلي المستشفى بالكامل. وعندما رأت إسرائيل أن بإمكانها الإفلات من العقاب، فعلت الشيء نفسه في العديد من المستشفيات الأخرى في غزة.

وفي نيسان/ أبريل، تم الكشف عن ثلاث مقابر جماعية في مستشفى الشفاء، وكان من بين القتلى أشخاص يحملون ضمادات وعكازات طبية، وأعدم آخرون وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم. إننا نرى تصعيدًا مماثلًا مع القيود التي تفرضها إسرائيل على المساعدات الغذائية وانتشار المجاعة في غزة.

لقد اعتاد الفلسطينيون بالفعل على استخدام الجوع ضدهم كسلاح. فقد خضعت غزة منذ سنة 2007 لحصار إسرائيلي مشدد، وكان الجيش الإسرائيلي يحدّد كمية الطعام التي يسمح بعبورها عبر الحدود بناءً على الحد الأدنى من السعرات الحرارية التي يحتاجها الفلسطينيون لتجنب سوء التغذية، وكان قادة المجتمع الدولي غالبا ما يغضون الطرف عن ذلك. لقد عرف الفلسطينيون في غزة منذ سنوات أن موتهم أمر مقبول.

بعد فترة وجيزة من 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت عبارته المشينة: "لن يكون هناك كهرباء ولا طعام ولا وقود - كل شيء سيتم منعه". وقال تالي غوتليب، عضو الكنيست، إن الفلسطينيين في غزة يجب "تعطيشهم وتجويعهم". وحتى عندما أدى الضغط الدولي إلى إرسال شاحنات المساعدات إلى غزة، أرسل وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير ميليشياته لمنع دخولها.


وأفاد الكاتب بأن "إسرائيل" استهدفت الفلسطينيين الجائعين الذين يحاولون الحصول على الطعام بشكل متكرر. ففي حي تل الهوى في مدينة غزة، أطلق القناصة الإسرائيليون النار على أشخاص جاءوا للحصول على المساعدات. وقد تكررت مشاهد مماثلة في جميع أنحاء غزة. وفي دوار الكويت، قُتل 25 فلسطينيًا في 25 كانون الثاني/يناير 2024. وفي 23 آذار/مارس، قتلت "إسرائيل" في نفس المكان 23 فلسطينيًا جائعًا. وعند دوار النابلسي غرب مدينة غزة، استهدفت "القوات الإسرائيلية" مرة أخرى الفلسطينيين الجائعين الذين كانوا ينتظرون شاحنات المساعدات في ما يسمى "مجزرة الطحين" التي راح ضحيتها 115 قتيلًا ونحو 700 جريح. وفي 18 حزيران/يونيو 2024، قتلت القوات الإسرائيلية ثمانية من أفراد الأمن المكلفين بحراسة الشاحنات التي دخلت غزة من معبر كرم أبو سالم. وقد سمح تقاعس حكومات العالم لـ"إسرائيل" بمواصلة حملة التجويع التي تشنها.

وبحلول نيسان/ أبريل 2024، دقّت منظمة أوكسفام ناقوس الخطر بأن سكان شمال غزة "مجبرون على العيش على 245 سعرة حرارية في اليوم". وبدلًا من ممارسة ضغط حقيقي على إسرائيل للسماح بدخول المزيد من المساعدات، لجأت القوى الإقليمية والدولية إلى وسائل مكلفة للغاية وغير فعالة لإيصال المساعدات، وأنفقت الولايات المتحدة أيضًا 320 مليون دولار على رصيف بحري قبالة سواحل غزة لم يستمر حتى شهرًا واحدًا.

وأكد الكاتب أن الوضع مأساوي، فقد أصبح قصف المستشفيات وقتل الناس الذين ينتظرون في طوابير الطعام أمرًا طبيعيًا، وكلمات الاستنكار أصبحت لا تعني شيئًا في ظل القنابل التي تستمر الولايات المتحدة في شحنها. والمجاعة في غزة هي ظاهرة من صنع الإنسان، ويمكن وقفها.

وفي الوقت الحالي، تم إغلاق معبر رفح تمامًا وتباطأ توصيل المساعدات إلى غزة بشكل كبير، رغم أن الطعام والسائقين والشاحنات كلها جاهزة وتنتظر عبر الحدود، والطعام المخصص أصلاً لسكان غزة يتعفن تحت أشعة الشمس المصرية. إن وقف إطلاق النار بشكل دائم وفتح جميع المعابر والطرق البرية هو السبيل الوحيد لإيصال كمية المساعدات المطلوبة بأمان وكفاءة إلى الناس الذين سيموتون جوعًا بدونها. والبحث عن بدائل معقدة ومكلفة هو محاولة لكسب الوقت لإسرائيل لتواصل حملة الإبادة الجماعية في غزة.

وحسب الكاتب، يجب على الرئيس بايدن وحلفاء إسرائيل الآخرين استخدام نفوذهم لفتح هذه المعابر، وضمان إيصال المساعدات بشكل آمن، وتحقيق وقف دائم لإطلاق النار أو سيكون البديل هو المجاعة الجماعية والموت.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة التجويع غزة سلاح التجويع تواطؤ دولة الاحتلال صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المجتمع الدولی المجاعة فی إلى غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

«معلومات الوزراء»: استخدام الفحم في العالم ارتفع بنسبة 2.6% عام 2023

سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، الضوء على تقرير للوكالة الدولية للطاقة، والذي أشارت من خلاله إلى أنه بالرغم من التوسع السريع في مصادر الطاقة المتجددة، فإن النمو الهائل في الطلب على الكهرباء داخل الاقتصادات الرئيسة يشير إلى أن استهلاك العالم من الفحم سيظل مستقرًا إلى حد كبير خلال عامي 2024 و 2025، وسيظل الطلب العالمي على الفحم دون تغيير في العامين، حيث يعوض الطلب المتزايد على الكهرباء في بعض الاقتصادات الكبرى.

ويأتي ذلك في إطار اهتمام مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، برصد وتحليل كل ما هو متعلق بالتقارير الاقتصادية العالمية التي تهم الشأن المصري أو تدخل في نطاق اهتمامه.

«معلومات الوزراء» يستعرض مؤشرات وتوقعات الوكالة الدولية للطاقة بشأن الفحم

وأشار التقرير، إلى أن استخدام الفحم في العالم ارتفع بنسبة 2.6% في عام 2023 ليصل إلى أعلى مستوى على الإطلاق، مدفوعًا بالنمو القوي في الصين والهند، أكبر مستهلكين للفحم على مستوى العالم، وفي حين نما الطلب على الفحم في قطاعي الكهرباء والصناعة، كان المحرك الرئيس هو استخدام الفحم لسد الفجوة الناجمة عن انخفاض إنتاج الطاقة الكهرومائية والطلب المتزايد بسرعة على الكهرباء.

وفي الصين -التي تمثل أكثر من نصف استهلاك الفحم العالمي-، بدأ توليد الكهرباء من الطاقة الكهرومائية في التعافي في عام 2024 من مستويات العام الماضي المنخفضة بشكل استثنائي، إلى جانب الاستمرار في النشر السريع للطاقة الشمسية وطاقة الرياح، التي تؤدي إلى إبطاء نمو استخدام الفحم بشكل كبير في عام 2024، إلا أن الزيادة السنوية الأخرى الكبرى في الطلب على الكهرباء، -والتي من المتوقع أن تبلغ 6.5% في عام 2024-، جعلت انخفاض استهلاك الفحم في الصين أمر غير مرجح.

أما في الهند، فمن المقرر أن يتباطأ نمو الطلب على الفحم في النصف الثاني من عام 2024 مع عودة الظروف الجوية إلى المتوسطات الموسمية، وفي النصف الأول من 2024 ارتفع استهلاك الفحم في الهند بشكل حاد نتيجة لانخفاض إنتاج الطاقة الكهرومائية والزيادة الهائلة في الطلب على الكهرباء بسبب موجات الحر الشديدة والنمو الاقتصادي القوي.

وأضاف التقرير، أن الطلب على الفحم في أوروبا استمر في الاتجاه الهبوطي الذي بدأ في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى جهود الحد من الانبعاثات في توليد الطاقة، بعد أن انخفض بأكثر من 25% في عام 2023، ومن المتوقع أن ينخفض توليد الطاقة من الفحم في الاتحاد الأوروبي بنفس القدر تقريبًا هذا العام، كما انكمش استخدام الفحم بشكل كبير في الولايات المتحدة الأمريكية في السنوات الأخيرة، لكن الطلب الأقوى على الكهرباء وقلة التحول من الفحم إلى الغاز الطبيعي يهددان بإبطاء هذا الاتجاه في عام 2024، كما تواصل اليابان وكوريا الحد من اعتمادهما على الفحم، وإن كان بوتيرة أبطأ من أوروبا.

ومن ناحية العرض، فمن المتوقع أن ينخفض إنتاج الفحم العالمي بشكل طفيف في عام 2024 بعد النمو المطرد في العام السابق، ففي عام 2024، يتباطأ إنتاج الفحم في الصين بعد عامين من النمو الكبير، بينما في الهند، سيستمر زخم إنتاج الفحم، مع زيادة العرض بنحو 10% متوقعة خلال عام 2024، أما في الاقتصادات المتقدمة فيتراجع إنتاج الفحم.

وخلص التقرير إلى أن أحجام تجارة الفحم بلغت أعلى مستوياتها على الإطلاق على الرغم من انهيار الواردات في أوروبا وانخفاض الواردات في شمال شرق آسيا (اليابان وكوريا وتايبيه الصينية) منذ عام 2017. ومع ذلك، تتدخل دول أخرى للاستفادة من الإمدادات المتاحة، وفي عام 2024، من المقرر أن تصبح فيتنام خامس أكبر مستورد للفحم، متجاوزة تايبيه الصينية، في حين تظل الواردات إلى الصين والهند عند أعلى مستوياتها على الإطلاق.

وتمت الإشارة في ختام التقرير أنه بالرغم من تراجع الإنتاج المحلي في الصين في النصف الأول من هذا العام، وتشديد العقوبات على المنتجين الروس، والاضطرابات في عدد قليل من البلدان المصدرة، فإن سوق الفحم العالمية تتمتع بإمدادات جيدة. ومع استقرار أسعار الغاز الطبيعي مقارنةً بالسنوات الأخيرة، ظلت أسعار الفحم ضمن نطاقها في النصف الأول من عام 2024. وقد عادت إلى مستويات لم تشهدها قبل أزمة الطاقة العالمية، لكنها تظل مرتفعة بسبب الضغوط التضخمية.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل ستطالب الولايات المتحدة بالضغط على مصر.. لماذا؟
  • الكشف عن أهم الشخصيات في العالم التي من الممكن أن تصل إلى لقب ”تريليونير”.. تعرف عليها
  • في معركة الدعاية الأزلية.. كيف غيرت التكنولوجيا وجه الانتخابات في العالم؟
  • كاتب صحفي: «الاحتلال الإسرائيلي» يعرقل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة بشكل كبير
  • آليات الاحتلال الإسرائيلي تطلق النار والقذائف بشكل مكثف تجاه منازل الفلسطينيين
  • مراسل القاهرة الإخبارية: آليات الاحتلال الإسرائيلي تطلق النار والقذائف بشكل مكثف تجاه منازل الفلسطينيين
  • «معلومات الوزراء»: استخدام الفحم في العالم ارتفع بنسبة 2.6% عام 2023
  • «الأغذية العالمي» يدخل «100» طن من المواد الغذائية إلى دارفور عبر «أدري»
  • بوتين يغضب أمريكا ويكشف ما فعله ولي العهد السعودي مع الجاسوس الأمريكي
  • عاجل | هآرتس: صور مسربة من سجن مجدو تظهر استخدام الكلاب لإذلال الأسرى الفلسطينيين