كتب - محمود مصطفى أبوطالب:


ألقى الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف كلمة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولي التاسع لوزراء الأوقاف والشئون الإسلامية الذي تنظمه وزارة الشئون الإسلامية والدعوة والإرشاد تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والذي يعقد في مكة المكرمة خلال الفترة من 28 محرم إلى 1 صفر لعام 1446هـ بعنوان : (دور وزارات الشئون الإسلامية والأوقاف في تعزيز مبادئ الوسطية وترسيخ قيم الاعتدال).


ووجه وزير الأوقاف في بداية كلمته الشكر والامتنان، لوزير الشئون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالمملكة على دعوته الكريمة، موضحًا أنه أتى من مصر الكنانة ومن شعبها الكريم وقيادتها الحكيمة ومن أزهرها الشريف محملًا بخالص التحية والتقدير للمملكة العربية السعودية ملكًا وولي عهد وحكومة وشعبًا ولسائر أصحاب المعالي الحضور ولسائر أوطانهم العزيزة والغالية على قلوبنا.

وأكد وزير الأوقاف أهمية موضوع المؤتمر : "دور وزارات الشئون الإسلامية والأوقاف في تعزيز مبادئ الوسطية وترسيخ قيم الاعتدال"، وأن جدول أعمال المؤتمر ومحاوره وافية شاملة، تشتبك مع هموم المسلمين، وتناقش قضاياهم، حيث جاء على قمة البحوث التي يطرحها المؤتمر قضية مواجهة الغلو والتطرف، وقضية تحصين المنابر، بما يحشد قدراتنا وطاقاتنا جميعًا ووزاراتنا ومؤسساتنا ودولنا جميعًا حتى نحتشد جميعًا لمواجهة كل صور العنف والتكفير والتطرف والغلو والتشدد وحتى نطفئ معًا نيران العنف والإرهاب ولنكون في زماننا هذا أمناء على ديننا وعلى أوطاننا ولنقتدي بسيدنا عبد الله بن عباس (رضي الله عنه) حين خاض المواجهة الجريئة الجسورة العلمية التي فكك فيها فكر التطرف والتكفير في زمنه، ليكون نبراسًا لكل أصحاب المعالى الحضور، ولكل صاحب منبر وقلم من الأمناء على الدين والوطن أن يخوضوا معركة مواجهة التطرف بكل جرأة وجسارة، لنحمي ديننا وبلادنا وأوطاننا من كل شر.

وأضاف وزير الأوقاف أن المؤتمر اختار عنوانًا آخر من عناوينه الكبرى وهو قضية القيم الإنسانية المشتركة التي ننادي بها نحن المسلمين في كل أنحاء الدنيا، مؤكدًا أن القرآن الكريم جاء محملًا بمستويات متعددة من الهداية، وأن وزير الأوقاف في كتابه: "المدخل إلى أصول التفسير" الذي ترجم إلى الإنجليزية والفرنسية أن القرآن الكريم قد جاء محملًا بهداية عامة تخاطب كل إنسان على ظهر الأرض وفيه أيضًا هداية خاصة تخاطب بالتشريع والهداية والعبادات من آمن به.

وأوضح أن الهداية القرآنية الخاصة تتمثل في كل آية بدأت بقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا" وكان الإمام الفخر الرازي (رحمه الله) قد أحصاها فوجدها ثمانيا وثمانين آية، ثم إن الهداية العامة تتمثل في كل آية بدأت بقوله تعالى: "يا أيها الإنسان"، أو بقوله تعالى: "يا أيها الناس"، أو بقوله تعالى "يا بني آدم"، مما إذا جمعناه خرجنا منه بمواثيق ومبادئ عليا يحرص عليها الشرع الحنيف، لتكون مبادئ تجمع شمل البشر على الخير والحق والهدى ؛ ولتكون مفتاحًا للاهتداء الى الله تعالى.

وأكد وزير الأوقاف أن أحد أهم أهداف المؤتمر المشتركة التي نعمل عليها ونزكيها ونجتهد في إيصالها إلى الناس أجمعين وتأتي على قائمة أعمال المؤتمر قضية الوطن والانتماء الوطني والوطنية والمواطنة، وهذه القضية قضية شديدة الأهمية في ظل زمن وعقود مضت نشطت فيه جماعات الإرهاب والتطرف في تقديم خطاب يقزم شأن الوطن ويصغره، فمن قائل أن الوطن حفنة تراب، وقائل إن الوطن مجرد حدود صنعها الاستعمار يريد التهجم على أحوال أوطاننا ودولنا القائمة، ومن قائل إن الوطن مقابل لفكرة الأمة فيرفض، إلى غير ذلك مما أحصاه وزير الأوقاف وتتبعه وقام بمواجهته وتفكيكه من منظومة الأفكار المغلوطة، مضيفًا أن شأن الوطن شأن عظيم وقد جاء الشرع الحنيف ليعلم الانسان أن يبجل شأن الوطن وفي تاريخ أئمتنا وعلمائنا ما يؤكد ذلك فالجاحظ ألف كتابًا عن حب الوطن، وصالح بن جعفر بن عبد الوهاب صنف كتابًا في الحنين إلى الأوطان، ووجدنا الإمام الحافظ أبا سعد ابن السمعاني ألف كتابا في النزوع إلى الأوطان ووجدنا أبا حاتم سهلا ابن محمد السجستاني ألف كتابًا وغير ذلك كثير من المعاصرين.

وأشار وزير الأوقاف إلى أن من أعظم ما نجتمع عليه في هذا المؤتمر أن ننادي في آفاق الدنيا وفي سائر شعوبنا وبلادنا وأوطاننا بتعظيم قيمة الوطن وبتعزيز انتماء الإنسان إلى وطنه وبترسيخ قيمة المواطنة العادلة التي تحمي أبناء الوطن جميعًا.


وأشار إلى أنه جاء هذا المؤتمر أيضا ليناقش دور الأوقاف في زيادة الناتج المحلي ودور الأوقاف في المسجد الأقصى المبارك، مؤكدًا أن قضية الوقف في تاريخ المسلمين كانت إبداعا تأسست على أركانه عملية التعليم وعملية الصحة، وانطلقت على أكتاف الوقف أعمال في غاية العجب تبرز جانب الحضارة العريقة في تاريخ المسلمين كم من مدرسة أو مستشفى أو عمل علمي أو بر أو خير تأسس على أكتاف الوقف كانت المدرسة المستنصرية من أكبر مدارس العلم في تاريخ المسلمين وقفت عليها أوقاف هائلة حتى يقول الحافظ الذهبي في كتاب تاريخ الإسلام (وهكذا فليكن البر بالعلم وإلا فلا)، وعلى غرارها نسجت جامعات كبرى.


وأضاف وزير الأوقاف أن مسجد محمد بيك أبي الذهب عندنا في أرض القاهرة المواجه للجامع الأزهر الشريف كثرت أوقافه للإنفاق على العلم وعلى إيواء الغرباء حتى فاض الخير فكان من بنود الوقف أن تشترى الغلال وأن تنثر فوق مئذنة المسجد لإطعام طير السماء العابر، كان من توفيق الله تعالى للمؤتمر أن يطرح قضية الوقف وأن ينظر في كيفية استثمارها وتوسيع دوائر الاستفادة منها.

وأكد وزير الأوقاف أن المؤتمر جاء لمناقشة قضية وسائل التواصل الحديثة في عالم السوشيال ميديا وفي عالم الذكاء الاصطناعي، حيث يموج العالم حولنا بطوفان هادر من الأفكار والتيارات حتى يتحول عالم السوشيال ميديا إلى الميدان الحقيقي للخطر الذي توجد فيه التيارات التي تختطف عقول أبنائنا لتجندهم في سبيل الإرهاب فكان لابد من وجود مشرِّف للمسلمين في هذا العالم وفي هذا الفراغ بما نقدم من خلاله مقاصد الشرع الشريف ومعاني الهداية.

وشدد وزير الأوقاف أن قضية القدس وفلسطين كانت وستزال القضية الأولى في وجدان كل مسلم، حيث ندعو الله (جل جلاله) أن يعجل بالفرج على أشقائنا وأهلنا في فلسطين عموما وفي غزة خصوصًا وأن يرفع الله تعالى كل ما نزل بهم من ظلم وقهر، ونطمح وندعو الله تعالى أن يهيئ اليوم الذي يتقرر فيه حق أشقائنا في فلسطين في إقامة دولتهم الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.

واختتم :" من بلد الله الأمين من مكة المكرمة ينطلق صوتنا جميعًا معتصمين بحبل الله مؤتلفين مجتمعين، كلمتنا واحدة في تقديم الهداية والإرشاد والعلم والأخلاق والرحمة وفي تقديم مقاصد الشريعة لكل دولنا وأوطاننا وشعوبنا بما يجمع القلوب ويحقن الدماء ويطفئ نيران العنف ويعيننا على مواجهة تحديات العصر وحمل مواريث النبوة ثم لتقديم الإسلام للعالمين دين الحق والهدى والخير والعلم واحترام الأكوان وإكرام الإنسان وحفظ الأوطان وزيادة العمران وازدياد الإيمان، سائلًا الله تعالى أن يكتب للمؤتمر كمال السداد والتوفيق وأن يكتب لبلادنا كمال الحفظ والأمان والرعاية، مضيفا:" أننا كمصريين نعتز بالأخوة الكبيرة والتامة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، داعيا لمصر والمملكة وبلادنا كلها بكل الخير والأمان، وداعيا للمؤتمر بكل التوفيق

المصدر: مصراوي

كلمات دلالية: انهيار عقار الساحل إيران وإسرائيل نتيجة الثانوية العامة أولمبياد باريس 2024 الطقس أسعار الذهب زيادة البنزين والسولار سعر الدولار إسرائيل واليمن هدير عبدالرازق حكومة مدبولي التصالح في مخالفات البناء معبر رفح سعر الفائدة فانتازي الحرب في السودان الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف القدس وفلسطين مؤتمر وزراء الأوقاف الشئون الإسلامیة وزیر الأوقاف أن بقوله تعالى الله تعالى الأوقاف فی أن الوطن فی تاریخ جمیع ا

إقرأ أيضاً:

بيان فضل العفو والتجاوز عن المعسر رغبة في الثواب

قالت دار الإفتاء المصرية إن مطالبة الإنسان بحقِّه في الشرع الشريف أمر مباح وليس بواجب، ما دام أن ذلك الحق المطلوب هو حقه الشخص وحده، لا يتعداه لغيره، مؤكدة أن الأصل أنه يطالب الإنسان بحقوقه.

بيان فضل العفو 

وأوضحت الإفتاء أن أراد الإنسان العفو عن حقه والمسامحة فيه لتعسر المدين أو حاجته أو لرغبة  فيما وراء العفو من الثواب والأجر، فإن ذلك من محاسن الأخلاق التي ندب الشرع إليها وحثَّ عليها؛ لما فيه من التآلف بين القلوب وتوطيد العلاقات الإنسانية بين الإنسان وأخيه.

وأضافت الإفتاء أنه تكاثرت الأدلة التي تحث على ذلك من القرآن الكريم والسنة المطهرة:
يقول الله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 280]، وقال تعالى: ﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: 134].

قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (3/ 374، دار عالم الكتب): [﴿وَأَن تَصَدَّقُوا﴾.. ندب الله تعالى بهذه الألفاظ إلى الصدقة على المعسر، وجعل ذلك خيرًا من إنظاره] اهـ.

وقال أيضًا (4/ 207): [العفو عن الناس أجلُّ ضُرُوب فعل الخير؛ حيث يجوز للإنسان أن يعفو وحيث يتجه حقه] اهـ.

وقال الإمام أبو محمد مكي بن أبي طالب في "الهداية إلى بلوغ النهاية" (10/ 6320، ط. جامعة الشارقة): [ومعنى: ﴿فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ﴾ [الزمر: 18]، أي: يتبعون ما أمر الله به الأنبياء من طاعته؛ فيعملون به؛ أي: يستمعون العفو عن الظالم والعقوبة، فيتبعون العفو ويتركون العقوبة وإن كانت لهم.

وإنما نزل ذلك فيما وقع في القرآن في الإباحة فيفعلون الأفضل مما أبيح لهم؛ فيختارون العفو على القصاص والصبر على الانتقام اقتداء بقوله تعالى: ﴿وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمور﴾ [الشورى: 43]] اهـ.

وقال العلامة ابن رشد الجد في "المقدمات الممهدات" (3/ 425، ط. دار الغرب الإسلامي): [فأما في الدنيا: فالعفو والصفح عن الظالم أولى من الانتصار منه بأخذ الحقِّ منه في بدنه أو ماله؛ لقول الله عزَّ وجلَّ: ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ [الشورى: 40]، وقوله: ﴿وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: 134]، وقوله: ﴿وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ﴾ [الشورى: 43]، ولا يعارض هذا قوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ﴾ [الشورى: 39]؛ لأن المدحة في ذلك وإن كانت متوجهة بهذه الآية لمن انتصر ممن بغي عليه بالحق الواجب ولم يتعد في انتصاره وكان مثابًا على ذلك لما فيه من الردع والزجر: فهو في العفو والصفح أعظم ثوابًا بدليل قوله بعد ذلك: ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾] اهـ.

وقال الإمام القرافي في "الفروق" (4/ 293، ط. عالم الكتب): [الأحسن للمظلوم الصبر والعفو عن الظالم لقوله تعالى: ﴿وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ﴾ أي: من معزومها ومطلوبها عند الله تعالى.

وتابعت الإفتاء قائلة: فإن زاد في الإحسان على ذلك بأن دعا له بالإصلاح والخروج عن الظلم؛ فقد أحسن إلى نفسه بمثوبة العفو وتحصيل مكارم الأخلاق، وإلى الجاني بالتسبب إلى إصلاح صفاته، وإلى الناس كافة بالتسبب إلى كفايتهم شره] اهـ.

وأكملت: بل إنَّ المسامحة هنا وهي من المندوبات تفضل الواجب في هذه المسألة؛ وهو الإنظار إلى ميسرة لاستيفاء هذه الحقوق.
 

مقالات مشابهة

  • أهمية الاستغفار في حياة المسلم
  • مؤتمر عُمان الوقفي يستعرض الحلول المبتكرة والتجارب الدولية لضمان الاستدامة القطاع
  • مهرجان بورسعيد يزيح الستار عن " بوستر" الدورة الأولى.. وفلسطين ضيف الشرف
  • مهرجان بورسعيد يعلن عن "بوستر" الدورة الأولى .. وفلسطين ضيف الشرف
  • مهرجان بورسعيد يزيح الستار عن "بوستر" الدورة الأولى.. وفلسطين ضيف الشرف
  • مطولات شعرية في الوحدة العمانية والتآلف القبلي
  • أوقات مكروه فيها دفن المتوفى .. تعرف عليها
  • بيان فضل العفو والتجاوز عن المعسر رغبة في الثواب
  • بحضور وزير الأوقاف.. ختام حفل حفظة القرآن الكريم يضيء مسجد الوهاب بالسقالة
  • وزير الأوقاف: سيناء تمثل قيمة جليلة وعميقة في وجدان كل مصري