طولكرم- سلطت عمليتا الاغتيال اللتان نفذتهما إسرائيل قرب طولكرم بالضفة الغربية ضد مقاومين باستخدام مسيرات -في أسلوب ليس الأول من نوعه، وفي مكان يحمل دلالات- الضوء على مدى القلق الذي يعيشه الاحتلال من تطور المقاومة وتزايد تأثيرها في الضفة، وسعيه للقضاء عليها بكل الوسائل وتحت جميع الظروف، بحسب مراقبين.

وفي منطقة مفتوحة وبعيدة عن مخيمات مدينة طولكرم التي يصفها الاحتلال بأنها بؤرة المقاومين ومركز نشاطهم، اغتالت إسرائيل 5 مقاومين في قصف بمسيَّرة عند السادسة من صباح أمس السبت، وفي منتصف نهار اليوم نفسه قتل الاحتلال -وبنفس الطريقة وعلى مقربة من مكان الاستهداف الأول- 4 مقاومين آخرين، وتخلل القصفين اقتحام طولكرم ومخيميها نور شمس وطولكرم الذي جرَّفته آليات الاحتلال ودمَّرت بنيته التحتية.

ولم يكن هدف الاحتلال عبثيا، فأبرز المستهدفين في الاغتيال الأول هو هيثم بليدي (أبو النور) ابن مخيم طولكرم وأحد قادة كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وأسير محرر أمضى سنوات بسجون الاحتلال بتهمة إيواء المطارد الشهيد أشرف نعالوة، وأفرج عنه قبل أقل من عامين، إلى جانب عبد الجبار الصباغ أحد قادة سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد، وجمال أبو هنية ابن مدينة قلقيلية.

وسبق هذا الاستهداف العسكري، حسب حسن خريشة السياسي الفلسطيني وابن مدينة طولكرم، تحريض واستهداف سياسي من قبل قادة الاحتلال أمثال الوزير بتسلئيل سموتريتش الذي دعا إلى "تحويل طولكرم إلى غزة ثانية".

المقاومون الذين استشهدوا في عمليتي الاغتيال الإسرائيلية السبت (مواقع التواصل) تطور المقاومة

وثمة أسباب، كما يقول خريشة للجزيرة نت، أصبحت تزعج إسرائيل وتدفعها لإنهاء حالة المقاومة بطولكرم، أهمها:

بسالة المقاومين داخل المدينة وخارجها وإلحاقهم خسائر مباشرة بصفوف جنود الاحتلال ومستوطنيه. طولكرم تعد "خاصرة رخوة" لإسرائيل بسبب قرب المسافة، وبالتالي سهولة أعمال المقاومة وقوة تأثيرها. سعي المقاومة بطولكرم لتطوير وسائلها القتالية الأكثر ايلاما، وأهمها، كما ادعت إسرائيل "تصنيع الصواريخ" لضرب العمق الإسرائيلي. طولكرم أصبحت بؤرة للتشكيلات العسكرية من مختلف المدن الفلسطينية وباتت تضم كثيرا من المقاومين.

ورغم محاولاته العديدة، لم يستطع الاحتلال إدخال الفرقة بين هؤلاء المقاومين رغم اختلاف انتمائهم السياسي والأيديولوجي، وقد أثبتوا أنهم "عابرون للتنظيمات" حسب وصف خريشة.

ويرجع المتحدث عمليات الاغتيال الجماعي لظهور المقاومين واستعراضاتهم وتنقلهم بشكل جماعي، وضعف خبرتهم الأمنية تزامنا مع انتشار مسيَّرات إٍسرائيلية ترصد كل تحركاتهم، مما أدى لسقوط أعدادا كبيرة منهم.

ورغم ذلك، لن تضعف الاغتيالات المقاومة بل ستزيدها بفعل الحاضنة والالتفاف الشعبي عليها، ونتيجة لذلك -يقول خريشة- خلفت حالة الاستشهاد "رمزية وقدوة" لجيل الشباب الذين زاد التحاقهم بالمقاومة.

لكن هذه المقاومة لا تزال تحتاج "لعقول كبيرة وإطار أكثر تنظيما ودقة" توجههم بما يضمن استمرار المقاومة وتصاعدها وبما يعززها ويجعلها نهج حياة للفلسطينيين، وبما يحفظ أمن المقاوم "لأننا نقاوم من أجل دحر الاحتلال وليس من أجل ارتفاع عدد الشهداء".

ضعف الردع الإسرائيلي

أما عقل صلاح الأكاديمي والمحلل السياسي الفلسطيني، فيرى أن هذه الاغتيالات "سياسة قديمة جديدة" تنتهجها إسرائيل بفعل طبيعتها الدموية وتعطشها لقتل أكبر عدد من الفلسطينيين بغض النظر عن الهدف المحدد إن كان فردا أو جماعة، ولا تقيم اعتبارا لوجود المدنيين.

ويتفق صلاح مع خريشة في أن أهم أسباب هذه الاغتيالات هو تصاعد نشاط المقاومين وقدرتهم على تطوير أدوات القتال، وخاصة بما يتعلق بالعبوات الناسفة التي أثرت بالاحتلال فعلا. ويضيف للجزيرة نت أن وجود مقاومة لا يتسق مع قرارات الاحتلال ودعواته لعودة المستوطنين إلى شمال الضفة الغربية (مستوطنات أخلتها إسرائيل عام 2005).

لكن هناك أسبابا غير مباشرة تجعل من هؤلاء المقاومين صيدا سهلا للاحتلال وبالتالي عليهم تجنبها، ويقول صلاح "المقاومون وبحكم حداثة تجربتهم وخبرتهم لا يأخذون الاحتياطات الأمنية، وولوجهم إلى الحداثة الإلكترونية جعلهم أكثر عرضة لعمليات الاغتيال والتصفية".

وأمام ذلك كله، يضيف صلاح أن إسرائيل تصارع الزمن لإنهاء ظاهرة المقاومة شمال الضفة الغربية تحديدا وبأي ثمن خوفا من انتقال العمليات النوعية إلى مناطق أخرى، لكن "المقاومة لن تنتهي إلا بانتهاء الاحتلال".

الهروب للأمام

ويتفق الخبير الفلسطيني بالشأن الإسرائيلي عادل شديد -في تحليله للجزيرة نت- مع ما ذهب إليه خريشة وصلاح، ويقول إن إسرائيل تعيش أزمة عميقة في غزة ولبنان تعجز من خلالها عن إعادة الهدوء إلى الإسرائيليين، وهذا يدفعها للهروب إلى الأمام وخلط الأوراق.

ويرى شديد أن هنالك بنية تحتية وقدرات نوعية جديدة للمقاومة لم تعهدها الضفة خلال العقدين الأخيرين، الأمر الذي بات يحرج إسرائيل سياسيا وأمنيا وعسكريا، مشيرا إلى أن الحكومة الإسرائيلية التي وصفها بـ"حكومة المستوطنين المتطرفة" تعتبر أن كسر المقاومة بالضفة أولى أولوياتها.

ومع ذلك، يعتقد شديد أن "كل الأساليب الإسرائيلية لكسر هذه المقاومة بالضفة باءت بالفشل، وما زالت البيئة الاجتماعية والجماهيرية تشكل حاضنة ورافعة للمقاومة، وبالتالي يراد كسر هذه البيئة عبر زيادة الفاتورة والكُلفة واستخدام الحد الأقصى من القدرة العسكرية".

وتشير المعطيات إلى أن إسرائيل -واستجابة لما يصنفون بأنهم قادة اليمين المتطرف وقادة بالجيش- صعَّدت الآونة الأخيرة من استهداف المقاومين في الضفة عبر الاغتيال من الجو، سواء بالقصف المباشر عبر الطيران الحربي أو بالطائرات المسيَّرة، وكان لمدينتي جنين وطولكرم تحديدا التي فقدت 131 شهيدا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول النصيب الأكبر من هذه الاغتيالات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة طولكرم ومخيميها لليوم الـ70 على التوالي

الثورة نت/وكالات  يدخل عدوان الاحتلال الإسرائيلي على مدينة طولكرم ومخيمها يومه الـ70 على التوالي، ويومه الـ57 على مخيم نور شمس، في ظل استمرار الانتهاكات، والتصعيد العسكري بحق المواطنين. وأفادت مصادر فلسطينية، بأن قوات العدو دفعت بتعزيزات عسكرية الى المدينة، ومخيمي طولكرم ونور شمس، ونشرت فرق المشاة بشكل كبير داخل حاراتهما، مع اقتحامها للمنازل، وتخريبها وإطلاق الرصاص الحي، والقنابل الضوئية، وسماع دوي انفجارات بين الفينة والأخرى، خاصة بعد منتصف الليل. وأضافت، أن قوات العدو ما زالت تتمركز في عدة منازل داخل المخيمين، حيث حولت عددا منها إلى ثكنات عسكرية، في وقت انتشرت فيه آليات الاحتلال في محيطهما، وسط حصار مطبق عليهما. وشهد مخيم نور شمس، فجر اليوم، انتشارا مكثفا لآليات العدو وفرق المشاة التي جابت حاراته، وتركزت في حارة المنشية، وسط أعمال تفتيش، وتمشيط واسعة. وفي موازاة ذلك، انتشرت قوات العدو داخل مخيم طولكرم، في إطار التصعيد المستمر الذي طال كافة حاراته، والذي أصبح فارغا من سكانه بعد تهجيرهم قسرا من منازلهم، وخاليا تماما من مظاهر الحياة، بعد تدمير كامل للبنية التحتية وتخريب وهدم وحرق للمنازل والمنشآت. وفي سياق متصل، جابت آليات العدو شوارع وأحياء المدينة بشكل استفزازي، وأقامت الحواجز الطيارة، في عدة مواقع، منها: شارع نابلس، وشارع شويكة في الحي الشمالي، وعند المدخل الجنوبي للمدينة، واعترضت المركبات المارة، واحتجزتها لوقت طويل، وأخضعتها للتفتيش والتدقيق في هويات ركابها، واستجوابهم. وتواصل قوات العدو استيلائها على عدد من المنازل والمباني السكنية في شارع نابلس، والحي الشمالي للمدينة، وتحويلها لثكنات عسكرية مع تمركز آلياتها في محيطها، في حين تقوم بالتضييق على المواطنين واعتراض حركة تنقلهم في الشارع الذي أغلقت مقاطعه بسواتر ترابية في كلا الاتجاهين. وصباح اليوم، توجه طلاب مدينة طولكرم وضواحيها إلى مدارسهم لاستئناف التعليم الوجاهي، وذلك بعد توقف دام 70 يوما نتيجة العدوان المتواصل على المدينة ومخيميها، باستثناء خمس مدارس للبنات، ما زالت مغلقة ،وهي : العدوية الثانوية، واشبيلية الأساسية، وأبي سلمى الكرمي الأساسية، وزنوبيا الأساسية، وخولة بنت الأزور الأساسية. وجاءت هذه العودة في ظل جهود تبذلها الطواقم التربوية بالتنسيق مع الجهات المعنية في المحافظة، لضمان بيئة تعليمية آمنة وسط الأوضاع الصعبة. هذا وأسفر العدوان المتواصل على المدينة ومخيميها عن استشهاد 13 مواطنا، بينهم طفل وامرأتان إحداهما حامل في الشهر الثامن، بالإضافة إلى إصابة واعتقال العشرات، ونزوح قسري لأكثر من 4000 عائلة من مخيمي طولكرم ونور شمس، الى جانب عشرات العائلات من الحي الشمالي للمدينة بعد الاستيلاء على منازلهم وتحويل عدد منها لثكنات عسكرية. كما ألحق هذا العدوان دمارا شاملا في البنية التحتية والمنازل والمحال التجارية والمركبات التي تعرضت للهدم الكلي والجزئي والحرق والتخريب والنهب والسرقة، حيث دمرت 396 منزلا بشكل كامل و2573 بشكل جزئي في مخيمي طولكرم ونور شمس إضافة إلى إغلاق مداخلهما وأزقتهما بالسواتر الترابية.

مقالات مشابهة

  • إضراب شامل ومسيرات وتوجه لحراك متصاعد بالضفة نصرة لغزة
  • إضراب شامل بالضفة الغربية ضد حرب الإبادة بغزة
  • إضراب شامل بالضفة ودعوات لمسيرات غضب ضد حرب الإبادة بغزة
  • اقتحامات واسعة بالضفة وحملة التهجير مستمرة بمخيم نور شمس
  • خبير عسكري: إسرائيل تتبنى إستراتيجية تقطيع غزة لعزل المقاومة عن المدنيين
  • لدعم غزة ورفض جرائم الإبادة.. دعوات لتنظيم إضراب شامل بالضفة والقدس غداً
  • الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة طولكرم ومخيميها لليوم الـ70 على التوالي
  • فلسطين.. الاحتلال الصهيوني يواصل عدوانه على مدينة طولكرم لليوم الـ 69 على التوالي
  • الاحتلال يواصل عدوانه على طولكرم ومستوطنون يصعدون اعتداءاتهم بالضفة
  • بكرى: إسرائيل قصفت غزة بما يعادل 2.5 قنبلة ذرية