سودانايل:
2024-11-23@20:11:16 GMT

في حضرة من نُبجّل

تاريخ النشر: 4th, August 2024 GMT

بقلم عمر العمر

الهاتف لا يشبع نهم الونس مع العم صالح فرح.فالرجل ذاكرة اجتماعية خصبة متنوعة،مرجعية ثقافية ثرة وذهنية ناقدة نافذة. كلما سألته عن اسم أو حدث يبحر بي في أنهر عسل مصفى عبر التاريخ ،الجغرافيا والديمغرافيا .بعض تلك الأسماء والأحداث هو شاهد عليها والآخر بها عليم. ببراعة حكاء يمزج الحدوتة بأبيات من الشعر الفصيح أحيانا والغنائي تارة و العديد من الأمثال و الحكم.

لذلك تصبح زيارته في دارته بأبي ظبي سياحة ممتعة فوق كونها فرض وفاء واجب الأداء في حق أستاذ مبجل، يسأل ويعاتب -له الامتنان وعليه الثناء - حين عنه أغيب أو أتأخر! وهو قبل ذلك وفوقه رجل بشوش ضحوك بلا كَلِفٍ خلوق بلا تكلُّف طلق المحيا ثبوت الحجة جم التواضع بلا تصنُّع.
***

العم صالح -أمد الله في سنيه وعافيته-تجاوز عتبة التسعين من العمر ولا يزال يرفض التسليم بحكمة زهير بن أبي سلمى(سئمت تكاليف الحياة...ومن يعش ثمانين حولا لا أبالك يسأم) فهو رجل( خُلق ألوفاً ذو قلب كلفٌ بالجمال ) وبالحياة يأبى قلبه الاعتراف بكر الأيام على حد توصيفه لذاته في كتابه المعنون (خواطر). الصادر طبعته الثانية في العم 2015.ذلك الرفض ليس السمة الوحيدة بين الشاعر العربي والقانوني الضليع إذ يطابق حاله قول عمر بن الخطاب في زهير . فمن يتأمل أحاديث العم صالح أو يقرأ في خواطره ،يجد كليهما (لا يتبع حواشي الكلام ولا يعاظل في المنطق ولا يقول إلا مايعرف ولا يمتدح أحداً إلا بما فيه).كما نقل ابن عباس عن ابن الخطاب اطراءً لذهير. فالعم صالح يقول لعبدالله علي ابراهيم (أنا صاحب كيف لا اقارب الكتابة حتى يتم كيفي،، وكيفي يتم حين يصفو مزاجي)
***

نبرة صوت العم صالح حافز آخر يحرّض على الاصغاء فهو يتمتع بحنجرة ودودة لإذاعي موهوب كادت حنجرته تحمله إلى موجات ال (بي بي سي). فالرجل كان أحد أربعةٍ شكلوا قائمة مختزلة نهائية لتصفية متنافسين للعمل في هيئة الإذاعة البريطانية. لو تم اختياره يومها لتبدل مسار الطيب صالح . لكن العم صالح المتصالح مع نفسه ومع الآخرين كتب( ما كنت لأكون على ما كان عليه الطيب من تألق). ربما حرمنا القانون من كاتب حاذق موثّقٍ في التاريخ السياسي والاجتماعي و النقد الأدبي. هو من الرعيل باني الحياة الطلابية في حنتوب إذ كان بين الدفعة البكر المنتقلة من أم درمان الثانوية إلى تلك المدرسة العريقة .بينما فارقهم من الثانوية نفسها أندادٌ إلى وادي سيدنا ، ذلك جيل ساهم في ارساء حركة الوعي السودانية.
***

حين تستمع إلى العم صالح أو تقرأ في ماكتب ترد طائفةُ أسماءٍ من أجيال متعاقبة برقت في فضاء السياسة ،الثقافة والصحافة السودانية.من أؤلئك منصور خالد، احمد محمد صالح ،عبدالله ابو عاقلة أبو سن ،محمد ابراهيم خليل، علي نور،الشريف حسين الهندي،أحمد المهدي مهدي إبراهيم و قد أسماه أحد ( نواطير الإنقاذ) ،عثمان خالد، محمد سعيد القدال ، فارق كدودة -وصفهما بأهل دربة ودراية في العلم و أهل مراس و عزم في السياسة -و محمود صالح عثمان صالح رجل المال والأعمال وعاشق المعرفة وخادمها والترجمان.
***

هو ليس قارئا متأملاً فقط بل منقبا ناقدا معقبا مثلما في تناوله موقف عبدالله علي إبراهيم تجاه عبد الخالق محجوب و ازاء رحيل الشاعر محمد عبد الرحمن شيبون رؤيةً و لغةً.كما تجد في العم صالح قارئا نهما إذ يستعرض كتبا من انتاج سودانيين مثل(مياه النيل ،،السياق التاريخي والقانوني )للأستاذ فيصل عبد الرحمن علي طه أستاذ القانون الدولي و(في بلاط الدبلوماسية والسلطة) من تأليف أبو بكر عثمان محمد صالح و كتاب يوسف محمد علي(السودان والوحدة الوطنية الغائبة) .فهو أحد مرجعيات نادرة دأبت على الاستعانة بهم كلما استدعتني الكتابة للتوثيق ،التوضيح أو الاستفاضة.
***

العم صالح قارئ عميق لتاريخ السودان وجغرافيته السياسية منذ مملكتي نبتة و مروي وله موقف ثابت مناهض للحكم العسكري أينما برز عبر العالم الثالث، إذ يرى فيه غدراً بالشرعية، مخالفةً أخلاقية،افتقاراً لمؤهلات السياسة،نكوصاً عن وعود وحشر الناس من الضيق إلى الأزمة.ثم يحدثنا عن خيبات الثورات حينما تنتهي إلى ثقافة التمكين و إلى شُلل من الانتهازيين و قناصي الفرص وتفشي (عهر المثقفين) و شبق السلطة. كما هو متابع راصد مواكب لما يحدث في العالم العربي على صعيد تقلباته القطرية وقضيته المركزية وزوابع ربيعه .
***

حينما يأتي الكلام عن القانون والدستور فإنه يحدثك بلسان العالم الفقيه عن القانون هو الملك. مع ذلك هو يعترف (كان من حسن حظي انني كنت قريبا من الشيخ زايد،طيب الله ثراه ،كنت مستشاره القانوني، أشهد التحول الذي تم على يديه. ،،،كان توجيه لنا يوم استخدمنا ان نرفق بقومه فإنه لم يعودهم شدة).جاء ذلك توجيها ساميا لقضاة تم استقدامهم من دول عربية متباينة.لعل الحظ كافأ في سخاء رجلا استقال من المنظومة العدلية السودانية رد فعل لإجراء رأى فيه مساسا بكرامته واجحافاً من ذوي القربى .

***

aloomar@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

القـتل تعزيرًا بجناة لارتكابهم جرائم إرهابية

أبها

أصدرت وزارة الداخلية، اليوم، بيانًا بشأن تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بعدد من الجناة أقدموا على ارتكاب جرائم إرهابية تمثلت في تمويلهم للإرهاب والأعمال الإرهابية، فيما يلي نصه:

قال الله تعالى: ( ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها )، وقال تعالى: ( ولا تبغِ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين )، وقال تعالى: ( والله لا يحب الفساد )، وقال تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ).

أقدم كل من / علي بن صالح بن مبارك الصيعري – سعودي الجنسية – و / صالح مرعي مبارك الصيعري و متعب عمر محمد الصيعري – يمني الجنسية – ، على ارتكابهم جرائم إرهابية تمثلت في تمويلهم للإرهاب والأعمال الإرهابية، وانضمامهم لتنظيم إرهابي، وتلقي التدريبات في معسكر خارج المملكة، والقيام بأعمال إرهابية والسطو بالقوة للاستيلاء على الأموال لصالح التنظيم، وحيازة الأسلحة والمواد المتفجرة والتستر على مخططات إجرامية لعناصر إرهابية أخرى.

وبفضل من الله، تمكنت الجهات الأمنية من القبض على المذكورين، وأسفر التحقيق معهم عن توجيه الاتهام إليهم بارتكاب الجرائم، وبإحالتهم إلى المحكمة الجزائية المتخصصة صدر بحقهم حكم يقضي بثبوت ما نسب إليهم وقتلهم تعزيرًا، وأصبح الحكم نهائيًا بعد استئنافه ثم تأييده من المحكمة العليا، وصدر أمر ملكي بإنفاذ ما تقرر شرعًا.

وقد تم تنفيذ حكم القتل تعزيراً بحق كل من / علي بن صالح بن مبارك الصيعري – سعودي الجنسية – و / صالح مرعي مبارك الصيعري و متعب عمر محمد الصيعري – يمني الجنسية – يوم الخميس بتاريخ 19 / 5 / 1446هـ الموافق 21 / 11 / 2024م بمنطقة عسير.

ووزارة الداخلية إذ تعلن عن ذلك لتؤكد للجميع حرص حكومة المملكة العربية السعودية على استتباب الأمن وتحقيق العدل وتنفيذ أحكام الشريعة الإسلامية في كل من يتعدى على الآمنين، وينتهك حقهم في الحياة والأمن، وتحذر في الوقت نفسه كل من تسول له نفسه الإقدام على مثل ذلك بأن العقاب الشرعي سيكون مصيره.
والله الهادي إلى سواء السبيل.

مقالات مشابهة

  • حقوقيون وحزبيون: خطوة قانون اللاجئين تأخرت كثيرًا... وفى صالح مصر والوافدين
  • وفاة شخصين في حادث مُروع بإن صالح
  • مليشيا الحوثي تبدأ الهجوم على قوات طارق صالح واندلاع مواجهات عنيفة ووقوع خسائر
  • زوج صفاء أبو السعود.. وفاة شقيقة الشيخ صالح كامل
  • وفاة شقيقة الشيخ صالح كامل
  • أولاد العم.. ثلاثيني يشرع في إنهاء حياة نجل عمومته بسوهاج.. ما السبب؟
  • صالح أبو نخاع: الهلال منظومة متكاملة ولا يتأثر بالغيابات .. فيديو
  • طارق صالح وسفير الإمارات يبحثان مستجدات الأوضاع وجهود التنمية في اليمن
  • القـتل تعزيرًا بجناة لارتكابهم جرائم إرهابية
  • العمدة صالح كوري: احرص على الموت توهب لك الحياة