تصريحات ياسر العطا هي مناورة ومحاولة لجس النبض في الشارع ...
ومنصب كباشي الحالي غير بسيط ، فهو صاحب قرار والرجل الثاني في المؤسسة العسكرية ، ولوكان الرجل قادر على صناعة فرق في المعارك لتحقق الآن بما تيسر إليه من قوات ومعدات ..
صحيح كباشي يجيد الغدر والتآمر والعمل من وراء ستار لإرباك المشهد السياسي ، ولكن قدراته السياسية والعسكرية ضعيفة عندما تحين لحظة الجد ، فهو ضابط لا يتحمل عواقب أفعاله ، وكلنا نذكر كيف تراجع عن رواية فض الإعتصام وأنكرها بعد أن أعترف بها وعدد الأجهزة المشاركة بها .
أهمية كباشي أنه إتخذ قرارات حاسمة قبل وبعد الإنقلاب و لعب دوراً مهماً في التنسيق لفض الإعتصام أمام القيادة العامة ، ثم صنع دولة موازية قوامها بعض أبناء النوبة ومصدر أموالها الذهب والبترول ، وهو الذي أشرف على إغلاق موانئ الشرق في حكومة الدكتور حمدوك وموّل إعتصام الموز وعصابات 9 طويلة ، وهو الذي كان وراء أزمة إختفاء السلع الأساسية من الأسواق ...
كل هذه الجرائم كان الغرض منها عرقلة التحول نحو الحكم المدني ، وقد حدث ذلك بالفعل.
ثم إنتهي به الأمر في إنقلاب 25 إكتوبر ، وكان الفريق كباشي يراهن على حاضنة الموز في تشكيل الحكومة وكسب الإعتراف الدولي ...
لكن أين أخطأ كباشي ؟؟
الكباشي أخطأ عندما سمح لناشطين من النوبة بعبور كبري المك نمر والتظاهر أمام مكتب حميدتي ، وقتها تحدث حميدتي لأول مرة بوضوح وقال :
ليه تسمحوا لناس بعبور الكبري والتظاهر بينما تطلقوا الرصاص على آخرين ؟؟
هذه هي كانت بداية الحرب بشهور قبل الهجوم على المدينة الرياضية .
مصدر قوة كباشي هو الجيش السوداني وفق نمطه القديم ، وكان كباشي يصرح إنه لو كانت الثورة مكونة من خمس عيدان فإن الجيش يملك منها أربعة ...
كباشي ما بعد 15 ابريل هو رجل يائس ومهزوم وفقد ريشه ، وحاله ليش أقل قنوطاً ويأساً من ياسر العطا ، وأزمة الجيش ليس في القيادة بل أزمته تكمن في فشله على الأرض ، فقد إتضح إنهم كانوا يقودون مؤسسة مترهلة وغير مهنية ، والميزان العسكري لن يميل لصالحهم .
المسألة مش يجي كباشي ويمشي البرهان
المسألة في مسك المرفعين من إضنينو ..وقد إنفرط الحبل ، وأنقطعت الحلول.
بشرى احمد علي
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
الشيخ ياسر مدين يكتب: في الصوم
قال سيدُنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لسيدِنا جبريلَ عليه السلام حين سأله عن الإسلام: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقيمَ الصلاة، وتُؤتي الزكاة، وتصومَ رمضان، وتحجَّ البيت إن استطعتَ إليه سبيلا». سبقت الإشارة إلى أن قَصْر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام فى هذه الخمس ليس معناه أنّ الإسلام عبادات فقط، فقد سبق أن أشرنا إلى أثر الشهادة والصلاة والزكاة في حياة المسلم، وما تستلزمه منه.
وسوف نشير -إن شاء الله تعالى- إلى أثر الصيام والحج، فالحديث إذن لا يدل على انحصار الإسلام في العبادات فقط، وإنما هو ذِكرٌ للأركان الكبرى التي تُؤصّل لحياة مستقيمة في العبادات والمعاملات. وبدَيهيٌّ أن يبدأ الحديث بشهادة «أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم» لأنها إعلان الإسلام والالتزام به عقيدة وسلوكا.
وقد سبقت الإشارة إلى أنّ الواو العاطفة بين الصلاة والزكاة والصيام والحج تقتضي الجمع بدون ترتيب؛ أي: صار المرء بمجرد إسلامه مطالبا بهذه العبادات كلها، إلا إذا سقطت عنه لعدم القدرة. فالواو إذن لا تقتضي ترتيبا، لكن هذا لا ينفي أن يكون لترتيب هذه الأركان حِكمةٌ، وذلك ليس من حيثُ اقتضاء الواو ترتيبا معينا، ولكن من حيث إن المتكلم بها قدَّم بعضها على بعض وأخّر بعضها عن بعض.
وإذا نظرنا سنجد أنّ الزكاة والصيام لا يفرضان كل عام، بخلاف الصلاة التي تتكرر خمس مرات في اليوم والليلة، فتقديم الصلاة تقديم لما يكثر تكراره، والزكاة والصيام يسقطان عن غير القادر، فالذي لا يملك النِصاب يسقط عنه أداء الزكاة، وغير القادر على الصيام لا يصوم، هذا بخلاف الصلاة التي يؤديها المسلم ولو بالإشارة إن لم يقدر على الركوع والسجود، وهذا داعٍ ثانٍ لتقديمها عليهما.
ثم تأتي الزكاة بعد الصلاة، وهي كذلك في كتاب الله جاءت تالية للصلاة في ستة وعشرين موضعا، ومن الجهة الاجتماعية نجد أن الصلاة شأنها أن تجمع المسلمين خمس مرات فى اليوم والليلة فيقترب بعضُهم من بعض، ويعرف بعضهم بعضا، وهذا يُوقفهم على أصناف مستحقي الزكاة بينَهم، وهنا يأتي دور الزكاة لمساعدة أولئك المحتاجين، وهذا يقتضي أن تأتي الزكاة بعد الصلاة.
ثم إن الزكاة رِفْدٌ بالمال [أي عطاء وصِلة]، وهذا العطاء هو الذي يعين المحتاج على ضروريات حياته، فيقدرُ على شراء الطعام الذي يتسحر به ويُفطر عليه إذا صام، وبعض مصارفه قد يُجعل لحج بعض المحتاجين، فسبق الزكاة للصيام والحج أمر منطقى.
وإذا كانت الزكاة قد عوّدت المسلم الواجد أن يُخرج قدرا من ماله للمحتاجين، فإنّ ما يذوقه في الصيام من سَغَبٍ [أي: جوعٍ] يحمله على مزيد من الجود والإطعام، وكما طهّرته الزكاة من البخل وحب المال والاستئثار به، يأتي الصيام ليرقى به مرتبة أعلى فيجعله يستغني في يومه من طلوع الفجر إلى غروب الشمس عن الطعام والشراب والشهوة، وهذه الأمور هي أسباب استمرار الحياة، وطغيان شهوتي البطن والفرج سبب لارتكاب الموبقات والاعتداء على الحرمات، فالصيام يجعل الإنسان يستعلى عن أن تسوقه الشهوات، فهو قادر على قمعها وتوجيهها وفق ما أمر الله تعالى به، وباستقامة هذا الشأن يستقيم أمر الإنسان في سائر حياته في العبادات والتعاملات.
والصيام إذن عبادة تؤصّل لاستقامة شأن الحياة في جميع مناحيها، حيثه إنه يرجى من وراءه تحقيق التقوى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، والتقوى هى أن يقي الإنسان نفسه من الوقوع فيما حظره الشرع الشريف، فبها يستقيم شأن الحياة وفق مراد الله تعالى.
ثم بعد ذلك يأتي الحج، فهو عبادة مالية بدنية، يحتاج فيها المرءُ إلى مالٍ كافٍ للذهاب والعودة وترك ما يكفي لأهله حتى عودته، كما يحتاج إلى قوة بدنية يستطيع بها أداء مناسك الحج المختلفة، وهو بهذا لا يتهيأ لكل مسلم، ولذا قيده سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاستطاعة فقال: «وتحجَّ البيت إن استطعتَ إليه سبيلا»، وهذا يقتضي تأخره عما قبله.
ثم إنه عبادة تجب مرةً في العمر، وهذا الوجه أيضا يقتضي تأخره عما قبله.