لموزين الصعايدة
العبر والدروس يقلب الحاكم توجسه وغيرته على شعبه الى خوف على ملكه فيأخذهم بالقتل والاهانة ابن خلدون
بقلم: حسن أبو زينب عمر
تقول الطرفة ان سبعة صعايدة فكروا في القيام بعمل استثماري فضربوا الأخماس في الأسداس وأخيرا اتفقوا على ان خير استثمار ممكن أن يدر لهم ايرادا جيدا هو المواصلات وبالذات بين أسوان والقاهرة وبالفعل اشتروا سيارة ليموزين ولكن لخوفهم من ألاعيب وغش السواقين فقد وجدوا ان الحل أن يركب السبعة في سيارة الليموزين ذهابا وإيابا وبعد أسبوع قاموا بجردة في حسابات الربح والخسارة فوجدوا الايراد صفرا على الشمال فاحتاروا ماذا يفعلون فجاءت النصيحة من أحدهم تقول غيروا السواق .
.غيروا السواق . العبرات والعظات المكتسبة من هذه الكوميديا السوداء من شاكلة تغيير السواقين في سوق السياسة السودانية كانت أحداث نادرة معزولة الا انها تكررت في الآونة الأخيرة ,أصبحت ظاهرة في الممارسات السياسية ورائها صراعات عبثية على كرسي السلطة تمس القشرة الخارجية ولا تغوص الى الجوهر ولكنها كلها كلموزين الصعايدة او كالمنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى . (2) آخر هذه الحلول هي المسيرات الدامية التي أصبحت وان نجا منها
البرهان بأعجوبة الا أنها أحد أسلحة الصراع العبثي على السلطة في السودان والتي
مهما اختلفت الآراء حول مصدرها فان كل الأصابع تشير الى قوات الدعم السريع فالسلاح المستخدم هو آخر ما تفتقت عنه تكنولوجيا الاختراعات وهذا السلاح الخطير ورائه دول لها نفوذ وليس خصوم أفراد مهما كان حدة الخلاف بينهم وقد أصبحت الآن السلاح المميت الذي تعتمد إسرائيل عليه مع أسلحة أخرى موجهة في تصفية خصومها وكان آخرهم إسماعيل هنية زعيم حماس الذي نسف الموساد العمارة التي كان يقيم فيها داخل العاصمة الإيرانية طهران . (3) المسيرات التي ليس مهرجان جبيت هدفها الأول ستفتح احتمالات التدمير والاغتيال من بعد على أوسع أبوابها فسوف يتلوها قطع شك السيارات المفخخة والهجمات الانتحارية والنتيجة مزيدا من الضحايا الأبرياء ..السؤال هنا لماذا لجأت قيادات الميلشيات المتمردة التي تعلن دائما جاهزيتها للحوار الى تصفية خصمها بالمسيرات في هذا الوقت تحديدا وعقارب الساعة تقترب من خط انطلاق مؤتمر جنيف الذي تراهن عليه أمريكا لإيجاد اختراق في جدار قضية تعتبر الآن أكبر معاناة إنسانية في العالم سيما فلو نجحت فسوف يجير لصالح حساب الرئيس بايدن قبل رحيله من المسرح السياسي ؟. (4) الجواب في تقديري ان حميدتي يستهدف كما يعتقد صيد ثلاثة عصافير بحجر واحد الأول لا يصدر الا من عقلية رعوية لا ترى أبعد من أرنبة أنفها وهو الرهان على الاغتيالات وهو أسلوب سبقه اليه كثيرون ولكن ارتد عليهم البصر خاسئا وهو حسير والعصفور الثاني ان قائد الدعم السريع يود ارسال رسالة الى البرهان بأن أذرعه طويلة وقد تطال حتى مخدعه في بورتسودان وهو هنا وكأنه يتقمص جهاز الموساد الإسرائيلي الذي انقضت طائراته عام 2011 على تجار الأسلحة في طرق مجهولة وسط الجبال النائية غرب بورتسودان أو على سيارة السوناتا بالقرب من قرية كليناييب أو (البرادو) في مدخل حي ترانسيت في بورتسودان وكلتا السيارتين تم نسفهما جهارا نهارا .. أما العصفور الثالث والذي يعتبره صيدا ثمينا فهو توتير البرهان ودفعه لرفض مؤتمر جنيف لإظهاره أمام العالم كرافض للسلام. (5) بالفعل سقط البرهان في الفخ الذي نصبه راعي الابل فقد صرح بأنه لم يفاوضه فحتى اذا ذهب الى جنيف فلن يتحرك الا بتنفيذ مخرجات جدة في اخلاء قوات الجنجويد من منازل المواطنين ..السؤال هنا ما الخطوة الثانية التي سيلجأ اليها بلينكن وزير الخارجية الأمريكي (راعي المؤتمر) . وماذا يملك من ضغوط لإعادة البرهان الى الحظيرة وابعاد مني اركو مناوي الذي (يكابس) بقوة في المشاركة حتى لا يلد المؤتمر جنينا مشوها كما يعتقد . (6) المؤسف هنا ان الهجوم السابق بالمسيرات والذي راح ضحيته أبرياء من السجد الركوع في مدينة عطبرة كانوا يتناولون وقتها إفطارا جماعيا ولم يكن يخططون لعمل عدائي ضد قوات الدعم السريع مهما كانت ادعاءات (آل دقلو) ورغم ذلك لم يجد استنكارا من المجتمع الدولي ولم يجد من يدرجه ضمن قوائم الإرهاب خاصة سيما فأن الضحايا مدنيين لم تكن لهم علاقة مباشرة بالصراع بل ان الخلافات حتى وان وجدت لا تحل بسفك الدماء. اللافت للنظر هنا أيضا أن المجتمع الدولي وعلى رأسه أمريكا ودول الغرب يعتبرون جرائم القتل العشوائي ونهب وسرقة المدنيين على فوهة البندقية واغتصاب نسائهم أمام أعينهم مماثلا لانقلاب البرهان على حكومة حمدوك المدنية القدم مع القدم والكتف مع الكتف. (7) من الشواهد أمامنا ومن التجارب السابقة فقد بات مؤكدا ان الطرفين البرهان وحميدتي لازالا يلعبان بالوقت لحسم المعركة ولا زال كل طرف يعول على تحقيق شروط تعجيزية مرفوضة من الطرف الآخر فما هي مخارج الوسيط هل لديه خيارات أخرى بخلاف وضع السودان تحت المواد 39 -51 من البند السابع من ميثاق مجلس الأمن؟ الجواب ان قضية الحكم مؤجلة الآن وان الهدف الأول للوسيط الدولي ممثلا في الولايات المتحدة هو وقف إطلاق النار وتأمين ملاذات آمنة save haven لمنظمات الإغاثة للوصول الى ذوي الحاجة. هذا هو الجزء البارز من جبل الثلج وما تحته لا زال في خانة التكهنات. (8) الخلاصة ومن واقع الدروس المستفادة والمآسي التي تجرعها كل شعب السودان نقولها بالفم المليان ان الجنرالان .. (الأصلي) البرهان و(المصنوع) حميدتي لا يصلحان لقيادة البلاد وإذا قلنا بحكم المعايشة ان لا مكان للبرهان سوى ثكنات الجيش فان الآخر ينبغي أن لا يكون جزءا من أية تسوية سياسية مهما بلغ حجم مساحات الأرض التي وضعت عصابته اليد عليها ..هذا مجرم لا يقل عن هولاكو وجنكيزخان وقيادات الرايخ الثالث لا ينفع فيه عفا الله عما سلف ..لابد من جره للوقوف أمام محكمة مماثلة لمحكمة (نورمبرج) ليقول فيه القضاء كلمته حتى لو لم تتضح الآلية . مدخل للخروج ... لقد دفعنا غاليا ثمن مغامرات العسكر ولدغنا أكثر من مرة من جحر ليموزين الصعايدة .. عليه لابد أن تترجل هذه الكارثة ولابد من حكم مدني وان طال السفر فلا بديل لحزمة ضوء في نهاية النفق مهما تمدد وتطاول الليل كفيف البصر .
oabuzinap@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
البيت الأبيض: غالانت كان شريكا مهما لأميركا
قال متحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، الثلاثاء، إن وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، يوآف غالانت، كان "شريكا مهما" للولايات المتحدة في جميع الأمور المتعلقة بأمن إسرائيل.
وأضاف المتحدث، في بيان بعد أن أقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، غالانت من منصبه، "باعتبارنا شركاء مقربين، سنواصل العمل مع وزير الدفاع الإسرائيلي المقبل".
وأقال نتانياهو وزير دفاع حكومته غالانت، وعين بدلا منه، يسرائيل كاتس، الذي كان يشغل منصب وزير الخارجية.
وقال نتانياهو في اجتماع وزاري إن "التزامي الأسمى كرئيس وزراء إسرائيل هو الحفاظ على أمن إسرائيل وتحقيق النصر التام".
وأضاف أنه "في خضم الحرب، أكثر من أي وقت مضى، هناك حاجة إلى ثقة كاملة بين رئيس الوزراء ووزير الدفاع".
وتابع نتانياهو "للأسف، رغم أن هذه الثقة كانت موجودة وكان هناك تعاون مثمر للغاية في الأشهر الأولى من الحملة، إلا أنه في الأشهر الأخيرة تآكلت هذه الثقة بيني وبين وزير الدفاع".
وخلال الأشهر الماضية برز خلاف بين توجهات نتانياهو في الحرب المستمرة أكثر من عام في قطاع غزة، والمتصاعدة عند الحدود الشمالية لإسرائيل مع حزب الله منذ سبتمبر الماضي.
وقبل أسبوع، قال غالانت في رسالة نشرتها صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إن "الحرب تُدار دون بوصلة ومن الضروري تحديث أهدافها".