نفذ الاحتلال الإسرائيلي سلسلة من العمليات العسكرية الجريئة، بما في ذلك الهجمات في عواصم عربية وغارات شنتها قوات الكوماندوز في قلب قطاع غزة، والتي تهدد بإشعال دوامة تصعيدية جديدة في الشرق الأوسط.

وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن جيش الاحتلال يراهن على أن الرد سيكون قابلا للإدارة، وأن الأهم من ذلك هو كسب "خوف خصومه واستعادة الردع"، بعد الفشل الأمني في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.



وقال آرون ديفيد ميلر، وهو زميل بارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي في واشنطن: "لا أعتقد أن هناك أي شك في أن الحاجة إلى إثبات أن [الجيش الإسرائيلي] ليس فقط كفء ولكن أيضا إثبات أنه بارع من حيث التنفيذ قد خلقت استعدادا أكبر بكثير للمخاطرة".

وأعلن الاحتلال أنه اغتال أحد كبار القادة العسكريين في حزب الله، فؤاد شكر، في بيروت، بعدما اتهم الحزب اللبناني بمقتل 12 شخصا بحادث مجدل شمس، رغم نفي حزب الله مسؤوليته وتأكيده أن ما حصل هو سقوط صاروخ اعتراضي إسرائيلي.

وبعد ذلك ساعات، جرى اغتيال رئيس الوزراء الفلسطيني المنتخب ورئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران، إلا أن "إسرائيل" لم تعلن المسؤولية، رغم أن إيران وحماس ألقتا اللوم عليها في الهجوم.

وقد جاءت هذه الهجمات في أعقاب عمليات أخرى نفذتها "إسرائيل" بطرق أسفرت عن خسائر فادحة في صفوف المدنيين وأثارت قلق المجتمع الدولي، ففي ضربة أدت إلى اغتيال الزعيم العسكري لحماس محمد ضيف في تموز/ يوليو الماضي، ألقى جيش الاحتلال ثماني قنابل تزن 2000 رطل، ووفقا للسلطات الصحية في غزة، استشهد 90 فلسطينيا في منطقة "آمنة إنسانية محددة مسبقا".

وذكرت الصحيفة أنه في وقت سابق، اختارت "إسرائيل" شن عملية إنقاذ رهائن في قلب سوق في غزة في منتصف الصباح، مما أدى إلى اندلاع قتال في الشوارع أسفر عن استشهاد ما يصل إلى 274 فلسطينيا، وفقاً لمسؤولي الصحة المحليين.

وأكدت الصحيفة أنه "ليس من الواضح ما إذا كانت الضربات على كبار القادة ستؤدي إلى تدهور كبير في قدرات حزب الله أو حماس، وكلاهما من الجماعات الإرهابية التي صنفتها الولايات المتحدة، ولكنها أدت إلى خطاب ناري وتحذيرات من الانتقام القاسي".

قال المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي إن الهجوم في بلاده من شأنه أن يؤدي إلى رد فعل قاس، بينما قال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله: إن "القتل في بيروت نقل الصراع إلى مرحلة مختلفة من التصعيد".


وأضاف نصر الله "أنت لا تعرف الخطوط الحمراء التي تجاوزتها. لقد دخلنا مرحلة جديدة مختلفة عن المرحلة السابقة".

وتتزايد المخاوف الآن من أن إيران قد تبدأ هجوما واسع النطاق جنبا إلى جنب مع الجهات المتحالفة معها في لبنان واليمن والعراق، وهو السيناريو الذي تحاول الولايات المتحدة تجنبه منذ أشهر. 

وقال أشخاص مطلعون على الجهود إن الدبلوماسيين من الولايات المتحدة وحول المنطقة منخرطون الآن في سلسلة من الاجتماعات والمكالمات لإقناع إيران بتجنب الرد بطريقة تؤدي إلى دوامة تصعيدية، بحسب الصحيفة.

وتتوقع "إسرائيل" ردا وتأمل أن يظل قابلا للإدارة، وفي موقف مماثل في نيسان/ أبريل، أطلقت إيران وابلا كثيفا من الصواريخ ردا على ضربة نُسبت إلى "إسرائيل" أسفرت عن مقتل ضابط عسكري إيراني كبير في مبنى دبلوماسي في دمشق. 

وتمكنت "إسرائيل" حينها من إسقاط كل الصواريخ والطائرات بدون طيار التي كانت تستهدف الأراضي المحتلة، والتي بلغ عددها أكثر من 300 صاروخ، ولكن فقط بمساعدة تحالف عسكري تقوده الولايات المتحدة.

واعتبرت الصحيفة أن الاهتمام الأكبر لـ "إسرائيل" كان هو استعادة الردع، فقد اجتاحت هجمات السابع من تشرين الأول/ أكتوبر التي قادتها حماس القواعد العسكرية والمستوطنات، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 250 أسير. 

وأضافت "هز الهجوم المجتمع الإسرائيلي ليس فقط بسبب الخسارة الوحشية للأرواح، ولكن أيضا بسبب العار الناجم عن فشل جيش كان يُنظر إليه ذات يوم على أنه من بين الأقوى في الشرق الأوسط".

وكانت استعادة هذه الميزة من منظور عسكري واستخباراتي على رأس أولويات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية منذ ذلك الحين.


وقالت الصحيفة "لقد فاجأت بعض التحركات العدوانية الإسرائيلية نظراءها، فقد عمل الوسطاء الأميركيون والعرب بحماس في الأيام التي أعقبت الهجوم الصاروخي من لبنان والذي أسفر عن مقتل 12 شابا درزيا لمنع الانتقام الإسرائيلي الذي قد يشعل حربا إقليمية. وقال المسؤولون الأميركيون إنهم توقعوا هجوم بيروت لكنهم فوجئوا بمقتل هنية في طهران".

وأوضحت "تخشى الولايات المتحدة الآن أن تؤدي عمليات القتل إلى إطلاق العنان لدورة من الأعمال الانتقامية الأكثر ضراوة والتي قد تشمل هجمات على القوات الأميركية في الشرق الأوسط. كما أضعفت بشدة فرص التوصل إلى وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن لوقف القتال في غزة، والذي كان أحد الأهداف الرئيسية للسياسة الخارجية للرئيس بايدن".

وكان كبار المسؤولين في الإدارة يتفاوضون مع مسؤولين إسرائيليين وقطريين وعراقيين وسعوديين لمعرفة ما إذا كانت هناك طريقة للتوصل إلى اتفاق. 

وقال مارك دوبويتز، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مؤسسة بحثية مقرها واشنطن، إن إدارة بايدن لديها قدرة أقل على تحمل المخاطر مقارنة بالإسرائيليين، مضيفا أن "التهديد من إيران والميليشيات الإقليمية التي تدعمها يمثل تهديدا وجوديا بالنسبة للإسرائيليين".

واعتمد الاحتلال منذ فترة طويلة على عمليات الاغتيال المستهدفة لمحاولة "تقويض أعدائها"، بما في ذلك القادة السابقون لحزب الله وحماس، وكبار الشخصيات الأمنية والاستخباراتية الإيرانية. 

يقول المسؤولون الإسرائيليون إن مثل هذه العمليات "تحط من قدر أعدائهم من خلال إزالة القادة الرئيسيين الذين يصعب استبدالهم، وفي الوقت نفسه تجبر أولئك الذين ما زالوا على قيد الحياة على التصرف بحذر أكبر، وبالتالي تجعلهم أقل فعالية".

وقال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، جيورا إيلاند: "نحن نعيش في منطقة لا يقدر فيها أحد أي شيء سوى القوة العسكرية والاستعداد لاستخدامها، والاغتيالات تساعد إسرائيل على استعادة ليس فقط الثقة بالنفس ولكن أيضًا بعض القدرات لردع أعدائنا".

بينما قال مسؤول أمني إسرائيلي إن "الحرب قد تكون فرصة مناسبة للقضاء على الأعداء، لأن الأعمال العدائية اليومية حينها أمر مفروغ منه، بينما في وقت السلم قد يؤدي نفس القتل إلى اندلاع موجة جديدة من العنف".

 وأضاف المسؤول أن "إسرائيل مستعدة لتحمل مخاطر أكبر في القضاء على أعدائها خلال هذه الحرب نظرا لخطورة التهديد، ونحن نقاتل من أجل حياتنا". 

ولكن هناك نقاش طويل في "إسرائيل" حول القيمة الإستراتيجية لعمليات الاغتيال، نظرا لأن "إسرائيل" قتلت أعضاء كبارا في حماس وحزب الله في الماضي، ومع ذلك أصبح كلاهما أقوى بمرور الوقت. 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة دولية الإسرائيلي حزب الله حماس إسرائيل حماس حزب الله الاغتيالات المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

تقرير: الصين تتسلح لحرب تجارية مع ترامب

تجهز الصين احتياطاتها، في حال أعاد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، إشعال الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين بالعالم، حيث أعدت إجراءات مضادة قوية للانتقام من الشركات الأمريكية، وفقاً لمستشارين ومحللين دوليين للمخاطر في بكين.

وفوجئت حكومة الرئيس الصيني شي جين بينغ، بفوز ترامب في انتخابات عام 2016، وما تلاه من فرض رسوم جمركية أعلى وتشديد الرقابة على الاستثمارات، والعقوبات على الشركات الصينية، بحسب صحيفة "فايننشال تايمز".

ولكن في حين أن التوقعات الاقتصادية الهشة للصين جعلتها أكثر عرضة للضغوط الأمريكية منذ ذلك الحين، فقد أدخلت بكين قوانين جديدة شاملة على مدى السنوات الـ 8 الماضية، تسمح لها بإدراج الشركات الأجنبية في القائمة السوداء، وفرض عقوباتها الخاصة، وقطع وصول الولايات المتحدة إلى سلاسل التوريد الحيوية.

Spot on: ‘you think you’ve priced-in geopolitical risk and US-China trade warfare, but you haven’t, because China hasn’t seriously retaliated yet’

China arms itself for potential trade war with Donald Trump via @FT
https://t.co/rz7J09jaAm

— Robert Ward (@RobertAlanWard) November 14, 2024 موقف أمريكي صارم

"هذه عملية ذات اتجاهين"، يقول وانغ دونغ، المدير التنفيذي لمعهد التعاون والتفاهم العالمي بجامعة بكين، مضيفاً "ستحاول الصين بالطبع التعامل مع الرئيس ترامب بأي طريقة والتفاوض معه. لكن، كما حدث في 2018، إذا لم يتحقق شيء من خلال المحادثات وكان علينا القتال، فسندافع بحزم عن حقوق الصين ومصالحها".

وحافظ الرئيس جو بايدن، على معظم إجراءات سلفه ضد الصين، لكن ترامب أشار بالفعل إلى موقف أكثر صرامة من خلال تعيين صقور الصين في أدوار مهمة. ولدى الصين الآن "قانون عقوبات ضد الأجانب"، يسمح لها بمواجهة الإجراءات التي تتخذها دول أخرى و"قائمة كيانات غير موثوقة" للشركات الأجنبية، التي ترى أنها قوضت مصالحها الوطنية.

ويعني قانون موسع للرقابة على الصادرات، أن بكين يمكنها أيضاً تسليح هيمنتها العالمية بتوريد عشرات الموارد مثل الأتربة النادرة والليثيوم، التي تعتبر حاسمة للتكنولوجيات الحديثة. وقال أندرو جيلهولم، رئيس قسم التحليل الصيني في شركة استشارات مراقبة المخاطر، إن "الكثيرين قللوا من الضرر الذي يمكن أن تلحقه بكين بالمصالح الأمريكية".

Why China is betting on local governments to spur the economy https://t.co/Fs1MZ6wEgz

— Financial Times (@FT) November 11, 2024 "طلقات تحذيرية"

وأشار جيلهولم إلى "طلقات تحذيرية" أطلقت في الأشهر الأخيرة. وشملت هذه العقوبات المفروضة على "سكايديو"، أكبر شركة أمريكية لتصنيع الطائرات بدون طيار ومورد للجيش الأوكراني، والتي تمنع الجماعات الصينية من تزويد الشركة بمكونات مهمة.

كما هددت بكين بإدراج "بي في إتش"، التي تشمل علاماتها التجارية "كالفن كلاين" و"تومي هيلفيغر"، في "قائمتها غير الموثوقة"، وهي خطوة يمكن أن تقلل من وصول شركة الملابس إلى السوق الصينية الضخمة.

وقال جيلهولم: "هذا هو غيض من فيض"، مضيفاً "ما زلت أخبر عملائنا: أنت تعتقد أنك قمت بتسعير المخاطر الجيوسياسية، والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، لكنك لم تفعل ذلك، لأن الصين لم ترد بجدية بعد".

وتتسابق الصين أيضاً لجعل سلاسل توريد التكنولوجيا والموارد، لديها أكثر مقاومة للاضطرابات الناجمة عن العقوبات الأمريكية، مع توسيع التجارة مع الدول الأقل انحيازاً لواشنطن.

ومن وجهة نظر بكين، في حين كانت العلاقات مع الولايات المتحدة أكثر استقراراً قرب نهاية رئاسة بايدن، استمرت سياسات الإدارة المنتهية ولايتها إلى حد كبير على نفس المنوال كما في ولاية ترامب الأولى. وقال وانغ تشونغ خبير السياسة الخارجية: "كان الجميع يتوقعون الأسوأ بالفعل، لذلك لن تكون هناك أي مفاجآت. الجميع مستعد".

“This is important, because it shows Beijing that they no longer own the American political system.”@GordonGChang assesses how President-elect Trump’s picks will move the U.S. in a much more aggressive posture toward China. pic.twitter.com/I9fSmmVKLG

— Tony Perkins (@tperkins) November 13, 2024 انفتاح صيني

ومع ذلك، لا يمكن للصين ألا تأخذ تهديد ترامب في حملته الانتخابية بفرض رسوم جمركية شاملة، تزيد عن 60% على جميع الواردات الصينية بجدية، نظراً لتباطؤ النمو الاقتصادي وضعف الثقة بين المستهلكين والشركات وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب تاريخياً.

وقال غونغ جيونغ، الأستاذ في جامعة بكين للأعمال والاقتصاد الدولي، إنه في حالة المفاوضات، يتوقع أن تكون الصين منفتحة على المزيد من الاستثمار المباشر في التصنيع الأمريكي، أو نقل المزيد من التصنيع إلى الدول التي وجدتها واشنطن مقبولة.

وتكافح الصين لتعزيز الاقتصاد، وسط شكوك حول قدرتها على تحقيق هدف النمو الرسمي هذا العام البالغ نحو 5%، وهو أحد أدنى أهدافها منذ عقود.

وقال مسؤول تجاري أمريكي سابق طلب عدم الكشف عن اسمه، بسبب تورطه في نزاعات نشطة بين الولايات المتحدة والصين: "التوتر الداخلي في الصين لا يزال قائماً، ولكن إذا كانت هناك رسوم جمركية بنسبة 60% أو نية متشددة حقيقية من قبل إدارة ترامب، فقد يتغير ذلك".

وقال جو مازور، المحلل التجاري بين الولايات المتحدة والصين لدى شركة تريفيوم، وهي شركة استشارية في بكين، إن "خط الحماية" الأوسع لترامب قد يعمل لصالح الصين، حيث تعهد الرئيس المنتخب بفرض رسوم جمركية لا تقل عن 10% على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة.

وأضاف: "إذا بدأت الاقتصادات الكبرى الأخرى في النظر إلى الولايات المتحدة كشريك تجاري غير موثوق به، فيمكنها السعي إلى تنمية علاقات تجارية أعمق مع الصين بحثاً عن أسواق تصدير أكثر ملاءمة"، ومع ذلك، يعتقد آخرون أن الإجراءات المضادة التي تخطط لها بكين، لن تضر إلا بالشركات الصينية واقتصادها على المدى الطويل.

مقالات مشابهة

  • إيران تؤكد دعمها التام للبنان في مفاوضات وقف إطلاق النار
  • تقرير: إسرائيل دمّرت منشأة سرية لأبحاث الأسلحة النووية في إيران بالهجوم الأخير
  • الحرب في لبنان .. تصعيد إسرائيلي رغم جهود التهدئة الأميركية
  • تقرير: الصين تتسلح لحرب تجارية مع ترامب
  • الدويري: عمليات المقاومة النوعية بغزة تظهر تميزها وإسرائيل تخفي خسائرها بلبنان
  • فرنسا تكشف شرطاً إسرائيلياً للهدنة في لبنان
  • مصدر سياسي:وصول وفد أمريكي إلى بغداد لبحث التهدئة مع إيران
  • وزير الخارجية: نسعى لوقف عمليات القتل الممنهجة التي تتم بصمت دولي مخجل| فيديو
  • الجيش الإسرائيلي يعلن تصفية 3 من القادة الميدانيين لحزب الله
  • لن نتماهى مع دعوات القحاته المخذلة المرجفة الداعية إلى إحداث شرخ بين الجيش والشعب