الوطن:
2024-09-09@12:12:33 GMT

خالد فرج يكتب: شجاعة محمد فؤاد

تاريخ النشر: 4th, August 2024 GMT

خالد فرج يكتب: شجاعة محمد فؤاد

كل إنسان وقت مروره بأى أزمة -أياً كانت ماهيتها- يحتاج إلى البوح عما يجيش بداخله، لعله يجد عبارات تحفيزية ممن حوله تساعده على تجاوز محنته، ومحمد فؤاد الذى أصيب مؤخراً بالعصب السابع، لم يجد أفضل من جمهوره لـ«الفضفضة» معهم على مسرح أرينا العلمين، ولكن دموعه غالبته حين قال بتأثر شديد: «ولادى جايين النهارده علشان يشوفوا هاعرف أغنى ولّا لأ»، فأدمت كلماته قلوب الجماهير الذين زلزلوا مكان الحفل بصوت موحد، قائلين «بنحبك يا فؤش».

محمد فؤاد الشجاع طمأن أولاده وجمهوره بعد أن أطربهم بصوته وأسعدهم بأغنياته فى حفل «كاسيت 90»، الذى أقيم مساء الخميس الماضى، ضمن فعاليات مهرجان العلمين الجديدة فى دورته الثانية، وذلك رغم أنه كان بإمكانه الاعتذار عن المشاركة فى الحفل، استناداً إلى حالته الصحية.

ولكنه كعادته كان جريئاً فى الظهور، ليؤكد لنفسه قبل جمهوره أنه يمر بأزمة عابرة ليس أكثر، لن تعيقه عن مقابلة الناس، وازدادت جرأته حين قرّر الغناء «لايف»، وليس بطريقة «بلاى باك»، ليؤكد أن المرض لن ينال منه طالما ظل متسلحاً بالإرادة والرغبة فى تجاوز المحنة.

ويبدو أن «فؤش» كان بحاجة إلى الكلام والتنفيس عن مشاعره دون مواربة، ولم يخشَ ردة الفعل الناتجة عن صراحته مع الناس، والتى كشف من خلالها أن «الحسد» كان سبب أزمته الصحية، وذلك بعد إشادة شخص -لم يذكر اسمه- بالجاكيت الذى ارتداه فى فرح نجله «عبدالرحمن»، ليفاجأ بعدها بأن «وشه اتلوح»، على حد وصفه.

وقرر «فؤاد» أن يُحول سبب محنته إلى منحة، أملاً فى إفادة الآخرين، فأعلن خلال الحفل عرض الجاكيت المشئوم فى مزاد عبر مواقع التواصل الاجتماعى، والتبرّع بقيمته المادية لصالح مستشفى 57357، ليضج المسرح بالتصفيق والهتاف مع كلمات «فؤش» المُعبّرة.

ولم تقف رسائل فؤاد إلى جمهوره عند تفاصيل مرضه فحسب، وإنما امتدت إلى مطربى جيله والأجيال الحاليين أيضاً حين قال لحضور حفله: «علّموا أولادكم يسمعوا الأغانى الحلوة علشان ربنا يحبنا، الكلام الوحش سهل يتعمل، بس كلنا بنخاف من ربنا، جيلنا كان بيخاف من ربنا علشان مانطلعش جيل وحش منحرف، الكل هيتحاسب على اللى بيقدمه»، وذلك فى رسالة تحذيرية منه تحمل غضباً فى الوقت نفسه من بعض الأغانى غير الجيدة التى تُقدّم حالياً.

وأعاد «فؤاد» جمهوره إلى زمن التسعينات، وما أدراكم بهذه الحقبة الزمنية التى شهدت أجمل الأغانى، فقدّم «فؤش» باقة من أبرز أغانيه التى قدّمها على مدار مشواره الغنائى، ومنها «كامننا، الحب الحقيقى، حبيبى يا، كداب مغرور، بين إيديك» وغيرها من الأغانى التى تفاعل معها الجمهور من مختلف الفئات والأعمار.

وقد خرجت حفلة «كاسيت 90»، التى أقيمت فى إطار اتفاقية الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية مع هيئة الترفيه وموسم الرياض بالسعودية بشكل مبهر، سواء على مستوى التنظيم أو الحضور الجماهيرى، الذى رسم لوحة بديعة زيّنت أصوات مطربى الحفل محمد فؤاد وهشام عباس وحميد الشاعرى وإيهاب توفيق وخالد عجاج.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: العالم علمين مهرجان العلمين محمد فؤاد كاسيت 90

إقرأ أيضاً:

تأثير مبادئ ثورة ١٩ وانتماء محفوظ للوفد على نظرته للصحافة

الحكيم.. صبرى.. غانم.. بركة.. أدباء تناولوا صاحبة الجلالةاللص والكلاب.. الثلاثية.. القاهرة ٣٠.. صحافة النفوذ والثراء

كثيرة هى الروايات والكتب التى مرت بأروقة صاحبة الجلالة، منها ما دلف حيث الكواليس، وفض أسرارها، وكشف مكنوناتها، ومنها ما مر مرور الكرام دون توغل يذكر..

فهذا كتاب «صاحبة الجلالة» لتوفيق الحكيم، الذى ذاع صيته وكان أحد أكبر أسباب شهرة كاتبه.

وتلك رواية «الرجل الذى فقد ظله» لفتحى غانم، التى تحولت إلى فيلم للمخرج كمال الشيخ، وبدا فيها الصحفى شخصية انتهازية، بينما عبر موسى صبرى فى روايته «دموع صاحبة الجلالة» عن أجواء العمل الصحفى وأسراره وطقوسه التى خبرها لنصف قرن من الزمان، وتُصور مناخاً عاماً للصحافة المصرية منذ أوائل الأربعينيات حتى ثورة 23 يوليو وما بعدها، فيما تمثل رواية «الحب فى المنفى» لبهاء طاهر، مرحلة الغربة التى عاشها، بعد فصله من العمل فى الإذاعة المصرية فى منتصف السبعينيات.

بينما تتناول رواية «أشباح بروكسل» لمحمد بركة، رحلة الصحفى مكاوى، الذى يسافر إلى بروكسل فى مهمة عمل ويسيطر عليه شعور بأنه منفى فيتعامل مع المهمة على أنها عبء ثقيل ثم ينخرط فى رحلة أخرى فى نفس الوقت يفرضها واقع جديد أخذ يتشكل فى أوروبا وهى رحلة اللاجئين الذين بدأوا التوافد بطرق غير شرعية.

وتحكى «باب الخيمة» لمحمود الوردانى عن معاناة الصحفيين، حيث تناول الوردانى عالم الوكالات والمكاتب الصحفية وصحف الحكومة ويقترب من الباب الخلفى لعالم الصحافة.

على أن القليل من الروايات التى تناولت صاحبة الجلالة، استطاع أن يرسم صورة أقرب وأكثر واقعية لشخصية الصحفى نفسه.

ففى الواقع لا يمكن فصل صورة الصحفى عن الخطاب الأدبى، فالصحفى يعد انعكاساً قوياً لطبيعة المجتمع وتوجهاته وتطوراته ورؤاه السياسية والأخلاقية بشكل أكثر وضوحا وتكثيفا.

وقد أولى أديب نوبل، نجيب محفوظ، اهتماماً خاصاً بشخصية الصحفى، فقد حفل أدبه سواء فى رواياته أو قصصه القصيرة، بنموذج الصحفى الذى يعتبره محفوظ شخصية تكاد تكون رئيسية ومؤثرة فى تطور أحداث النص، فتتعدد صور الصحفى، إلا أن السائد منها فى أدب محفوظ، هو ذلك الصحفى الانتهازى المتطلع المنافق، وأحياناً كثيرة الذى يبيع كرامته فى سبيل الوصول لمنصب أو تحقيق ثراء.

وغالباً ما يصف محفوظ الصحفى والكاتب فى بداياته بالمتحمس والواعد، وما يؤكد انحياز محفوظ لأفكاره ومن يمثلها من شخوصه، أنه لم يفلت صحفى فى رواياته من الجانب السلبى إلا من استمروا مخلصين للوفد مثل عامر وجدى فى «ميرامار»، أو صاحب ورئيس تحرير مجلة «الإنسان الجديد» المفكر التقدمى عدلى كرم فى «السكرية»؛ ربما لأنه يمثل سلامة موسى صاحب ورئيس تحرير مجلة «المجلة الجديدة» التى كتب فيها محفوظ مقالاته الفلسفية الأولى.

 كما أنه أحياناً يتعاطف مع النماذج الصحفية التى تعرضت للظلم فى عهد عبدالناصر.

فهل تلك الصورة السائدة تعد واقعية وانعكاساً فعلياً للواقع، أم أنها وقعت تحت تأثير الرؤية الشخصية لمحفوظ عن الصحفي؟

فى البداية، دعونا نتحدث عن نموذج الصحفى من واقع أعمال محفوظ ثم نستنتج إجابة سؤالنا بالتبعية.

** الصحفى المتطلع الحالم بالنفوذ والثراء:

ونرى عند محفوظ نماذج صحفية عدة من الحالمين بالثراء والساعين إلى النفوذ مثل رؤوف علوان فى «اللص والكلاب» وأنوار بدران فى «قشتمر» وعزيز صفوت فى «الباقى من الزمن ساعة» ومحمد بدران صاحب الموضوعات الدعائية التى يقبض ثمنها من الشركات وعلى السيد فى «ثرثرة فوق النيل».

ولنتحدث عن بعض النماذج فى بعض الروايات بشىء من الإيجاز:

*نموذج الصحفى فى اللص والكلاب:

مثلاً فى رواية «اللص والكلاب»، نرى بطلها رؤوف علوان قد دفعته الانتهازية والنفعية والأنانية إلى احتلال المناصب العليا فى أشهر الصحف الحكومية، وعن طريق الانتهازية صعد فوق قمة المجد والشهرة والثروة وانضم إلى فئة الأغنياء بعد أن كان بالأمس يهاجمهم بمقالاته الصحفية.

** رواية (القاهرة الجديدة):

وتتجلى بتلك الرواية ثلاث شخصيات كانت لها علاقة بالصحافة (أحمد بدير ومحجوب عبدالدايم وعلى طه)، من خلالهم يقدم محفوظ رؤيته لمهنة الصحفى، مُركزاً على شخصية «محجوب» الصحفى الانتهازى الذى يتجرد من مبادئه، ثم تفضيله طريقاً آخر مختصراً إلى الصعود المادى والاجتماعى، وهو أن يبيع شرفه مقابل وظيفة عندما يتزوج من عشيقة مرؤوسه.

**وفى الثلاثية (بين القصرين، قصر الشوق، السكرية)، تظهر الصحافة وحياة بعض الصحفيين قوية وحاضرة، وأول تناول لها نراه فى نشر كمال أحمد عبدالجواد مقالاً فى جريدة «البلاغ الأسبوعى»، وفى الحوارات الكثيرة بين كمال وأصدقائه، وفى «السكرية» نرى تبيان صورة مهنة الصحافة عام 1941 خاصة لدى البرجوازية التركية القديمة، ليصل المؤلف إلى أن صورة الصحفى الاشتراكى فى أدب نجيب محفوظ مستمرة ملامحها حتى الآن.

وفى الواقع فإن هناك أكثر من كتاب مهم تناول تلك التيمة لدى محفوظ، أهمها وأكثرها رصداً كتاب الدكتور محمد حسام الدين إسماعيل، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، بعنوان «الصحفى فى أدب نجيب محفوظ»، يدرس المؤلف من خلاله صورة الصحفى فى جميع أعمال نجيب محفوظ من روايات وقصص قصيرة.

ويرى المؤلف أن النماذج الصحفية فى أدب نجيب محفوظ – التى لا تزال حية حتى الآن – لا تخبرنا فقط عن خواص زمنية بالمهنة وقت كتابة الرواية أو القصة، بل تتجاوز ذلك عبر الزمن، ألا وهى الثقافة، وهو ما جعل نقاد وباحثى أدب نجيب محفوظ يرون مثلاً أن بعض نماذج رواية «المرايا»– التى نشرها عام 1971 تعبر عن شخصيات شغلت حيزاً كبيراً من القرن العشرين– ولا تزال نماذجها تعيش بيننا حتى الآن رغم مرور أكثر من نصف قرن على كتابة الرواية، فالعناصر الثقافية شبه الثابتة التى رصدها نجيب محفوظ بعبقريته وموهبته هى إفراز لخصوصية الخطاب الأدبى الراقى.

وفى تصورى (يقول المؤلف) إن «نماذج شخصية الصحفى التى أبدعها نجيب محفوظ، لا سيما بعد «أولاد حارتنا» ما زالت تعيش بيننا ومؤثرة فى صنع حاضرنا ومستقبلنا».

* علاقة محفوظ بالصحفيين:

 والغريب أنه رغم إيراد محفوظ لنماذج صحفية سلبية فى قصصه ورواياته، إلا أنه كانت له علاقات طيبة بالصحفيين وله صداقات شهيرة مع العديد منهم، مثل رجاء النقاش ومحمد عفيفى وصلاح جاهين ويوسف القعيد وجمال الغيطانى وإبراهيم عبدالعزيز وغيرهم.

إلا أن الفكرة الأساسية عند محفوظ هى جرأته الصادمة فى تناول الشخصيات والنماذج التى يعرفها، لأنه يستقى منها شخصيات قصصه ورواياته، وكل من درج فى حارته كان له نصيب فى أدبه، كما أن كل من صادفهم فى الوظيفة الحكومية وجدوا أنفسهم فيما بعد فى أعماله، وأيضاً من الوسط الصحفى أخذ نماذج من الواقع الذى عاشه والشخصيات الصحفية التى صادفها.

 

** موسوعة نجيب محفوظ:

أما ما يراه الناقد الكبير وعاشق محفوظ مصطفى بيومى فى موسوعته ويمكن استنتاجه، أن وراء المصير المأساوى أو الحكم العنيف ضد زملاء المهنة هو الموقف السياسى لمحفوظ نفسه، فهو يرى الصحفى فى كل قصصه ورواياته ضمن منظوره لقيمة وأهمية ثورة 1919 وحزب الوفد. التى أثرت بشكل كبير فى توجهاته وأفكاره ومواقفه، بدءاً بوفديته وانتمائه لليبرالية اليسارية داخل الوفد ثم موقفه تجاه ثورة يوليو وإيمانه بمبادئها وكفره بسياساتها، وصدمته فى النكسة وفخره بالنصر، وموقفه تجاه السلام مع إسرائيل وغيرها.

فى النهاية نخلص إلى أن نماذج شخصية الصحفى التى أبدعها محفوظ لا سيما بعد رواية «أولاد حارتنا» ما زالت تعيش بيننا وتؤثر فى صنع حاضرنا ومستقبلنا، ولذا اتخذ واعتمد فى دراسته على تحليل صفات وأدوار الصحفيين وتطور ذلك عبر مراحل أدبه المختلفة، زمنياً وتقنياً، مازجاً ذلك برؤيته الشخصية تجاه مهنة الصحافة التى رفض الالتحاق بها لأنها ستلتهم جل وقته وقد تصبح حائلا بينه وبين الإبداع.

 

مقالات مشابهة

  • تأثير مبادئ ثورة ١٩ وانتماء محفوظ للوفد على نظرته للصحافة
  • د. فكري فؤاد يكتب: بناء المهارات الرقمية
  • خالد ميري يكتب: في صدارة القوة الناعمة
  • خالد ناجح يكتب: كلام مصري
  • أشرف غريب يكتب: في مئوية ميلاد فؤاد المهندس
  • رسائل مزعجة ومشهد دراماتيكى فى إسرائيل
  • أمريكا.. الصديق الخائن
  • الدكتور محمد كمال يكتب: الاستثمار في رأس المال البشري
  • عبدالفتاح علي يكتب: 11 سنة ومصر جزيرة جهنم
  • نجيب محفوظ.. ذلك المقاوم الأكبر