صحيفة التغيير السودانية:
2024-09-09@11:26:15 GMT

«الانصرافي» ليس ذئبًا منفردًا

تاريخ النشر: 4th, August 2024 GMT

«الانصرافي» ليس ذئبًا منفردًا

 

«الانصرافي» ليس ذئبًا منفردًا

محمد م. راجي

“الانصرافي” ليس ذئبًا وحيدًا منفردًا (Lone wolf)، بمثلما يظن البعض، وإنما هو واجهةٌ أو أداة لمنظمةٍ استخباريةٍ، أو لفرع منها مختصٌ بعمليات الحرب النفسية وهندسة التجهيل، تلاعبًا بالعقول وعبثًا ببوصلتها بما يزعزع الثقة بالثوابت والقناعات والقيم الراسخة، ويهيئ العقول لتصديق ما لا يمكن تصديقه، وقبول ما لا يمكن قبوله، عبر عمليات تضليل استراتيجي مُمنهجة، يديرها خبراء.

الأدوات: اختلاقٌ، واجتزاءٌ، وتشويه، وتشهيرٌ، وتشكيك، وإرباك، وسخرية، وشتمٌ، وسبٌ، وتحقيرٌ، والفاظ نابية، وبذاءةٌ لغويةٌ، واغراق الفضاء العام بروايات مكذوبة عن وقائع لم تحدث، وتصريحات لم تقال، ولقاءات لم تنعقد، وصفقات لم تتم، وهجمات لم تحدث، وأخبار ومعلومات وصور مزيفة ومحرفة، تدليسًا وتضليلًا (misinformation)، وتجهيلًا معرفيًا، في “زمن التفاهة” هذا الذي أصبح فيه التجهيل (Agnotolgy) علمًا له؛ مناهجه وأدواته، وصناعةً لها؛ مدخلاتها، ومخرجاتها، وعملياتها، ومنتجون، ورعاة، وممولون، ومسوقون.، كما اصبح أيضًا مجال دراسة أكاديمية سُمى “إدارة الإدراك أو التصور أو الفهم” (Perception Management)، مختص بدراسة الأساليب النفسية والإدراكية لتوظيف واستخدام المعلومات في غرس وترسيخ ثقافة الجهل والشك والوهم، بما يؤثر على تفكير الجمهور وصولًا لنتائج يستفيد منها أصحاب المصلحة.

و”علم التجهيل”، تأسس في تسعينيات القرن الماضي على يد لوبي التبغ في الولايات المتحدة، الذي رعى أبحاثًا علمية مزيّفة غايتها تحسين صورة التبغ اجتماعيًا ونشر الجهل حول مخاطر التدخين، بإثارة الشكوك حول البحوث العلمية التي تربطه بالسرطان، ثم تبعتها شركة “كوكاكولا” العالمية التي أنفقت 5 ملايين دولار على بحوث علمية موجهة غايتها نفي علاقة “السمنة” بالمشروبات الغازية الغنية بالسكريات وتَوْجيه اللَّوم إلى عدم مُمارسة التمارين الرياضية، في محاولة تحسين مبيعاتها بنسبة 25% بسبب الربط بينها والسمنة. ثم بعدها تم توظيف هذا النوع من البحوث لاحداث تحولات تجارية وسياسية. وبدات المنهج يسوقوقون اليوم لأكذوبة أن من أشعل الحرب هي قوى الحرية والتغير وأنها الحاضنة السياسية للدعم متجاهلين بأن هذه كان أول   منتقد للدعم السريع وأول من نادى بحله ودمجه في القوات المسلحة ونص على ذلك في الاتفاق الإطاري الذي صوروه كذبًا، بأنه كان سبب الحرب.  وهكذا يُصنع التجهيل.

المنهج: توجيه الجهد منظمًا وقاصدًا نحو مكونات العقل وآليات الوعي، تلاعبًا نفسيًا، وتخريبًا للمنظومة الفكرية، ببث الخوف وإثارة الشكوك وبث المعلومات المتضاربة، وتحشيد الرأي العام، مُكثفًا، حول أعداء متوهمين، وإشاعة للحيرة، بما ينتهي إلى تدمير مهارات التفكير النقدي (ملكات التفسير، والتحليل، والتركيب، والاستدلال، والاستنتاج، والاستقراء)، ويُهيئ المسرح لتمرير وقبول الأكاذيب المُرسخة لواقع بديل؛ تُصور فيه الرغائب والأوهام وقائع، والهزيمة نصًرا، والانسحاب تقدمًا، والخسارة ربحًا، والشر خيرًا، والذئب حملًا، والمؤتمن خائنًا، والرويبضة نبيًا، وحمدوك عميلًا، وتمبور بطلًا، وأردول راهبًا، والمصباح منقذًا.

والغاية النهائية: زعزعة إيمان الناس بثورتهم، وتشكيكهم في رموزها وقياداتها، توطئةً لعودة النظام القميء الذي كنسه، الشعب ثورةً شعبية، وألقى به في مذبلة التاريخ.

وتعديدًا للأصوات فالإنصرافي، لا يعمل وحيدًا وإنما محاط بشبكة اسناد مُنظمة وفاعلة، تعمل تحت مظلة واحدة، وتضم داخلها عشرات الكُتاب والخشامة والقوانات والمُغنيات واللايفاتية والخبراء الأمنيين والمحللين الاستراتيجين والدعاة وخطباء المساجد، الذين يتمثل دورهم في إعادة انتاج الوقائع البديلة وتوسيع دائرة انتشارها. وهي شبكة متفرغة تمامًا لأداء الدور  نظير أجور.

 

الوسومالانصرافي حرب السودان خطاب الكراهية

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الانصرافي حرب السودان خطاب الكراهية

إقرأ أيضاً:

تعرف على المعبر الذي شهد قتل 3 أمنيين إسرائيليين (إنفوغراف)

يعد المعبر الحدودي الذي شهد مقتل 3 أفراد أمن إسرائيليين برصاص سائق أردني هو المعبر الوحيد لفلسطينيي الضفة الغربية إلى الأردن ومن ثم إلى دول العالم.

ويعرف المعبر لدى الأردنيين باسم جسر الملك حسين، كما يحمل اسم "الكرامة" لدى الفلسطينيين، واسم "اللنبي" لدى جانب الاحتلال الإسرائيلي.

بني جسر الملك حسين من قبل الدولة العثمانية عام 1885 ودمر من قبل الاحتلال الإسرائيلي مرات عدة، لا سيما عامي 1946-1967.

ويقع المعبر على بعد 5 كلم شرق مدينة أريحا ونحو 60 كلم عن العاصمة الأردنية، ويستخدم لعبور الأشخاص ونقل البضائع من الضفة الغربية وإليها.

وتدير المعبر سلطة المطارات الإسرائيلية ولا يحقّ للإسرائيليين المرور عبره.

وفي عام 2010 سُجلت محاولة استهداف لسيارة السفير الإسرائيلي بالعدسية القريبة من المعبر، كما قتل جندي إسرائيلي عام 2014 قاضيًا أردنيًا من أصل فلسطيني بالرصاص عند الجسر.

مقالات مشابهة

  • انتخابات تونس.. الفخّ الذي وقع فيه قيس سعيد
  • ما الذي جرى في تخريج ضباط الكلية العسكرية بتركيا؟
  • محلل سياسي: روسيا روّجت لمعلومات مغلوطة حول الحرب ضد أوكرانيا
  • 20 قتيلا بقصف للدعم السريع على سنار وغارات للجيش بالخرطوم
  • من هو الطرف الذي تأمر على منتخب اليمن وأقصاه من البطولة؟
  • تعرف على المعبر الذي شهد قتل 3 أمنيين إسرائيليين (إنفوغراف)
  • من الذي سمى الرسول باسم "محمد"؟
  • الجيش يهاجم مواقع للدعم السريع في الخرطوم وشرق النيل
  • الجميع ينتظر.. تسريب يكشف المعالج الذي اعتمتده أبل في آيفون 16
  • ”ما الذي سيحدث لك في القبر؟.. أدعية وسنن قد تنقذك من العذاب!”