آلهة الإغريق وقصص الإلياذة والخرافات.. كيف تأثر البردوني والعرب بالرمزية الأوروبية؟
تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT
في سبعينيات القرن العشرين صبغت الرمزية على الطريقة الأوروبية الشعر العربي، وتأثر الشاعر العراقي بدر شاكر السياب وكذلك الشاعرة العراقية نازك الملائكة بما درساه في الجامعة من الشعر الإنجليزي، وتنبَّها إلى اتكاء شعراء الإنجليز على آلهة الإغريق وعلى قصص الإلياذة وكل خرافة قديمة.
وسار الشاعر العربي على هذا النهج، خاصة أنه يمتلك تاريخا عريضا مليئا بالخرافات الممتعة، إذ أخذ الشعراء يستعملون اللغة استعمالات ملتوية بغرض الإيحاء، وليس فقط بغرض إيصال المعنى، وليكن المعنى غامضا وغير مفهوم.
وفي هذا السياق، تابع برنامج "تأملات" (2023/8/8) سيرة شاعر اليمن عبد الله البردوني الذي رغم بعده عن مركز التأثر بالشعر الأجنبي، وعدم إلمامه بالشعر الأوروبي، ورغم التزامه بعمود الشعر، فإنه ركب الموجة، إذ قال البردوني يصف جريحا:
لا تَلُمْهُ إذا شَكا، إنَّ شَكْواهُ وأَنَّاتِهُ دُخانُ اتِّقَادِهْ
كلَّما قالِ آهِ أَو صَعَّدَ الأَنْـفاسَ شَاهَدْتَ قِطْعَةً مِن فُؤادِهْ
وقال البردوني يصف يمنيا مشردا:
عَرَفْتُهُ يَمَنِيَّا، في تَلَفُّتِهِ خوفٌ، وعيْناهُ تَاريخٌ مِنَ الرَّمَدِ
مِنْ خُضْرَةِ القاتِ في عينيْهِ أَسئِلَةٌ صُفْرٌ تَبوحُ كَعُودٍ نِصْفِ مُتَّقِدِ
رأيتُ فيكَ بِلاديِ كلَّها اجتمَعتْ كيف التَقَى التِّسْعَةُ المليونُ في جَسَدِ
وفي هاتين القطعتين تأثر لا يخفى ببيتين للأخطل الصغير يصف مسلولا:
عيناهُ عالقتانِ في نفقٍ كسِراجِ كوخٍ نصفِ متَّقِدِ
ويَمُجُّ أحياناً دما، فَعَلى مِنديِلِهِ قِطَعٌ مِنَ الكَبِدِ
وللبردوني صورة قلمية بديعة في وصف انفجار، هذه الصورة التي رسمها لسان الشاعر الكفيف أبلغ تأثيرا من صورة فيديو متحركة يصحبها صوت هادر. قال البردوني:
أَقْبَلَتْ كلُّها الدَّكاكيِنُ وَلْهَى كَبَغايا هَرَبْنَ مِن نَسْفِ مَلْهَى
لم يَعُدْ مَنْ يَجيِءُ. جاءَتْ سُقوفٌ فوقَ أُخْرى، وَاهٍ أَتَى فَوقَ أَوْهَى
كان يَسْتَفْسِرُ الغبارُ الشَّظايا: ألـمَرايا أَوِ الجِراحاتُ أَزْهَى؟
أَقْبَلَتْ كلُّها العَماراتُ عَجْلَى تَمتَطيِ مَخْبَزا، وتَجْتَرُّ مَقْهَى
وهذه نفحة من رمزية البردوني:
هَذيِ الفِجاجُ كَأُنْثَى ما لها رَحِمٌ هذا الزِّحامُ رِجالٌ ما بِهِ رَجُلُ
غاصَتْ وُجوهُ الرَّوابيِ تحتَ أَرْجُلِها في جِلْدِ كلِّ حَصَاةٍ يَنْطَويِ جَبَلُ
وكانَ يَهْمِسُ مِن خَلْفِ الهَديرِ فَمٌ لا يُورِقُ الناسُ حتى تَذْبُلَ الدُّوَلُ
كما قال أيضا أخرى:
ماذا يُسِرُّ لِسفْحِ الرَّبْوَةِ الحَجَرُ كَأَنَّ كُلَّ حَصاةٍ هَهُنا خَبَرُ
لِكُلِّ واحِدَةٍ شَكلٌ وتَمْتَمَةٌ لَكِنْ يُوَحِّدُهُنَّ العَجْزُ والضَّجَرُ
ففي شعر البردوني، تظهر أرياف اليمن التي ظلت غافية زمنا بين الجبال، وكذا عهد الأئمة، والعهد الجمهوري، نرى الفرقة والوحدة، في شعره نعيش حياة اليمن في ذلك الزمن.
ويشار إلى أن الشعر العربي في القرن العشرين -حتى وهو يداعب الرمزية كما في شعر البردوني- يمثِّل مرآة صقيلة للمجتمع ولحركة التاريخ. ليس فيه تواريخُ بالسنوات والأشهر، لكن فيه صورةَ المراحل التي مر بها كل شعب، إلا أن الشعر العربي حاليا فقد إيمانه بالتحولات السياسية واهتمامه بالمجتمع، وأصبح مرآة يرى نفسه فيها فقط. ظل الشعر ديوان العرب 1500 سنة، ولم يعد كذلك الآن.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
مدبولي: تأثر قناة السويس بأحداث البحر الأحمر .. ونراقب الوضع عن كثب
رئيس الوزراء:
قناة السويس "قلب التجارة العالمية"
القناة تمثل رمزاً للسيادة والإرادة الوطنية
توجيهات رئاسية بتطوير مستمر لقناة السويس
نعمل على تحديث الأسطول البحري
تراجع الإيرادات المحققة في قناة السويس بسبب الأحداث الجارية في البحر الأحمر
شارك الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، في الاحتفالية التي تقيمها اليوم الهيئة العامة لقناة السويس للاحتفال "بيوم التفوق"، للإعلان عن إطلاق الهيئة عددا من الخدمات البحرية، وتوقيع عدد من مذكرات التفاهم مع شركاء النجاح والمشروعات الجديدة، وذلك بعد انتهاء جولته التفقدية التي قام بها صباح اليوم في عدد من المشروعات الخدمية بمحافظة الإسماعيلية.
وذلك بحضور كل من الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، والدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية، والفريق/ أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، واللواء طيار أكرم محمد جلال، محافظ الإسماعيلية، واللواء أ ح ممدوح جعفر، قائد الجيش الثاني الميداني، و وليد جمال الدين، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والمهندس/ أحمد عصام الدين، نائب المحافظ.
كما حضر الاحتفالية كل من السفيرة "أنجلينا أيخهورست"، رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي لدى مصر وجامعة الدول العربية، وعدد من سفراء دول الاتحاد الأوروبي، و "جاي بلاتن"، الأمين العام لغرفة الملاحة الدولية، ولفيف من ممثلي التوكيلات الملاحية العالمية.
وتضمنت الاحتفالية الإعلان عن إطلاق قناة السويس لخدمة جمع وإزالة مخلفات السفن العابرة للقناة، وافتتاح مصنع البنتونات العائمة، بالإضافة إلى افتتاح أكاديمية قناة السويس للإبداع والتميز، وإبرام مذكرة تفاهم مع شركة "تيخيدور لازارو جروب" الإسبانية في مجالات الثروة السمكية والاستزراع السمكي وإدارة وتشغيل مزارع الأسماك والجمبري وصناعة الأعلاف، واصطفاف عدد من الوحدات البحرية التابعة للهيئة.
وخلال فعاليات الاحتفالية، أكد رئيس مجلس الوزراء الأهمية الاستراتيجية للقناة لمصر والعالم، مشدداً على أنها ليست مجرد ممر ملاحي، بل هي "قلب التجارة العالمية" وشريان حيوي يربط الشرق بالغرب، لافتاً إلى أن القناة على امتداد تاريخها، لعبت دوراً محورياً في تيسير حركة التجارة بين القارات، وتقليل تكاليف ومدة النقل، وهو ما انعكس بشكل مباشر على ازدهار الاقتصاد العالمي.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي أن قناة السويس تمثل رمزاً للسيادة والإرادة الوطنية، ومصدراً رئيسياً للعملة الصعبة، بالإضافة إلى كونها محركاً أساسياً لخطط التنمية الطموحة التي تتبناها الدولة، مشيراً إلى حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، والحكومة على دعم جهود تطوير المجرى الملاحي ورفع مستوى الخدمات الملاحية وتحديث الأسطول البحري، بما يضمن صدارة قناة السويس للممرات الملاحية الدولية، وتكون قادرة على مواكبة التحديات المستقبلية، والمساهمة بفاعلية في دعم مسيرة النمو الاقتصادي العالمي.
وفي الوقت نفسه، لفت رئيس مجلس الوزراء إلى أن التداعيات الجيوسياسية المتصاعدة للأوضاع في منطقة البحر الأحمر تمثل تحدياً كبيراً لأمن واستقرار الملاحة الدولية، وهو ما ألقى بظلاله على معدلات العبور بقناة السويس وتراجع الإيرادات المحققة.
وأشار إلى أن مصر أبدت تفهماً للتداعيات السياسية والاقتصادية ولم تنخرط في اتخاذ أية إجراءات تتعارض مع دورها الإقليمي، بل على العكس عملت على اتخاذ خطوات فعالة نحو حل جذور ومسببات الأزمة سياسياً، مؤكداً أن مصر تتابع عن كثب تطورات الأوضاع، وتسعى بالتنسيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين؛ للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة وضمان استمرار قناة السويس في أداء دورها الحيوي؛ كشريان رئيسي للتجارة العالمية في ظل هذه الظروف الدقيقة.