انعقاد المجلس التنفيذي لوزراء الأوقاف والشئون الإسلامية بدول العالم الإسلامي بمكة
تاريخ النشر: 4th, August 2024 GMT
انعقد اليوم السبت بمكة المكرمة المجلس التنفيذي لوزراء الأوقاف والشئون الإسلامية بدول العالم الإسلامي في دورته الرابعة عشرة بمكة المكرمة، حيث شارك الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف في جلسات المجلس التنفيذي، بحضور وزراء الأوقاف والشئون الإسلامية في كل من المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة المغربية والكويت وإندونيسيا وغامبيا.
واستعرض الاجتماع جدول الأعمال للدورة الحالية وأقر بالإجماع جدول أعمال المؤتمر التاسع، إلى جانب مناقشة مقترح الأمانة العامة بشأن المؤتمر القادم، والدورة القادمة (الخامسة عشرة) للمجلس التنفيذي من حيث الدولة المستضيفة وحيث استمع الأعضاء إلى الدعوة الكريمة التي قدمها معالي وزير الأوقاف والشئون الإسلامية بالمملكة المغربية الشقيقة السيد أحمد التوفيق وقرر المجلس تلبية دعوة معاليه بانعقاد الدورة الخامسة عشرة للمجلس بالمغرب على أن يكون تحديد الموعد بالتنسيق مع الأمانة العامة للمؤتمر.
ووجه وزير الأوقاف التحية والتقدير للأمانة العامة للمؤتمر التاسع لوزراء الأوقاف والشئون الإسلامية وللمجلس التنفيذي في دورته الرابعة عشرة، مؤيدًا ماجاء في جدول أعمال المجلس التنفيذي، وماجاء في جدول أعمال المؤتمر التاسع لوزراء الأوقاف والشئون الإسلامية ووافق على ما جاء فيه.
وأكد الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف أن بناء الإنسان من الأهمية بمكان، وأضاف أن الدول الإسلامية وخلال أعوام مضت نجحت في مواجهة الإرهاب والتطرف، وفي هذا المؤتمر التاسع نتكلم عن القيم الإسلامية المشتركة ونتحدث عن المواطنة، والخطوة الثانية أن نتكلم عن بناء الإنسان.
وأكد وزير الأوقاف أننا نريد بناء الإنسان الواعي للواقع، الإنسان الصالح للحضارة، وقد جاء الوقت الذي نناقش فيه جديًّا كيف يعود كل منا إلى وطنه برؤية قوية لبناء الإنسان في وطنه على حب الوطن وعلى القوة وعلى الدين وعلى الحضارة على الوعي بخطورة التحديات التي تواجه الأمة.
وأضاف وزير الأوقاف أن الدولة المصرية وضعت على عاتقها منذ سنوات وعلى رأس أولوياتها قضية بناء الإنسان، وتم تشكيل مجموعة وزارية في مجلس الوزراء الموقر في مصر لدراسة هذه القضية من حيث التعليم والصحة والوعي والثقافة، ومن ناحية بنية الخطاب الديني الذي يتجاوز مواجهة الإرهاب والتطرف وينطلق إلى صياغة إنسان واع لمقاصد الشريعة، مدرك لمقاصد القرآن الكريم، يحسن التعامل مع أبناء الديانات الأخرى، يحسن التعامل في عالم شديد التغير والتناقض، يمكنه التعامل مع الذكاء الاصطناعي، يحسن التعامل مع العالم التكنولوجي.
يشار إلى أن المجلس التنفيذي لمؤتمر وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية بدول العالم الإسلامي يضم في عضويته ثمانيَ دولٍ هي: المملكة العربية السعودية، وجمهورية مصر العربية، والمملكة الأردنية الهاشمية، وجمهورية إندونيسيا، وجمهورية باكستان وجمهورية غامبيا، والكويت، والمملكة المغربية، وللمجلس منهجية واضحة ودقيقة للقيام بمهامه الموكلة إليه من حيث متابعة تنفيذ قرارات المؤتمر العام وإصدار القرارات والتوصيات اللازمة له، وإعداد جدول أعمال المؤتمر والتقارير والأعمال المتعلقة به تمهيدًا لعرضها عليه.
وقد حضر الوفد المرافق لوزير الأوقاف والمكون من: الدكتور هشام عبد العزيز علي رئيس القطاع الديني والدكتور عبد الله حسن مساعد وزير الأوقاف للمتابعة والأستاذ محمود الجلاد معاون وزير الأوقاف للإعلام.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: أسامة الأزهري وزير الأوقاف مكة المكرمة الدورة الرابعة عشر لوزراء الأوقاف والشئون الإسلامیة المجلس التنفیذی وزیر الأوقاف بناء الإنسان جدول أعمال
إقرأ أيضاً:
د. محمد بشاري يكتب: المنامة على موعد مع الوحدةومؤتمر الحوار الإسلامي يبشر بعهد جديد
في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه الأمة الإسلامية، تبرز الحاجة الملحّة إلى تعزيز الوحدة والتفاهم بين مختلف المذاهب الإسلامية. يأتي مؤتمر الحوار الإسلامي-الإسلامي، المزمع عقده في المنامة يومي 19 و20 فبراير الجاري، كخطوة مهمة نحو تحقيق هذا الهدف. يُعقد المؤتمر تحت شعار “أمة واحدة ومصير مشترك”، برعاية كريمة من جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، وبحضور فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف ورئيس مجلس حكماء المسلمين، وبمشاركة أكثر من 400 شخصية من العلماء والقيادات والمرجعيات الإسلامية والمفكرين والمثقفين من مختلف أنحاء العالم.
يهدف المؤتمر إلى الانتقال من مجرد الدعوة إلى التقارب إلى التفاهم العملي حول المشتركات والتحديات التي تواجه الأمة. كما يسعى إلى تأسيس آلية حوار علمي دائمة على مستوى العالم الإسلامي، بهدف لمّ شمل الأمة بمكوناتها المتعددة، وتسليط الضوء على مساحات الاتفاق الواسعة بين المسلمين، وتعزيز دور العلماء والمرجعيات الدينية في رأب الصدع بين المذاهب المختلفة، ونبذ خطاب الكراهية، وتعزيز التفاهم والاحترام المتبادل، والعمل على تجديد الفكر الإسلامي لمواجهة أسباب الفرقة والنزاع والتحديات المشتركة، وإبراز التجارب الناجحة في هذا المجال.
إنّ الاختلاف في التأويلات الفقهية والتفسيرات العقائدية كان ولا يزال جزءًا من مسيرة الفكر الإسلامي، وهو مظهر من مظاهر الثراء الفكري الذي يزخر به التراث الإسلامي. غير أنّ ما جرى عبر التاريخ هو تحول هذا التنوع إلى ساحة صراع، حيث استُغلت الفوارق المذهبية لإضفاء شرعية على النزاعات السياسية، وتحولت بعض المدارس الفقهية إلى أدوات للصراع بدل أن تكون وسائل للإثراء المعرفي والاجتهاد الشرعي. من هنا، فإن أي مشروع للتقريب بين المسلمين لا بد أن يستند إلى قاعدة أساسية وهي الاعتراف بالتعددية بوصفها سنة كونية لا تتناقض مع وحدة الأمة، بل تُعززها عبر بناء جسور التواصل على أسس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
إنّ مسئولية الدولة في تحقيق هذا التقريب تُعدّ محورية، فلا يمكن لمجتمع أن يعيش في سلم داخلي إذا لم تكن هناك رؤية سياسية واعية تدير هذا التنوع بمسؤولية وتُعلي من قيم المواطنة على الانتماءات الطائفية الضيقة. فالدولة ليست مجرد كيان إداري، بل هي الحاضن الذي يُفترض أن يحمي النسيج الاجتماعي من التشظي، ويؤسس لمنظومة قانونية تُجرّم خطابات التكفير والتحريض الطائفي، وتوفر الفضاءات التي تُتيح للعلماء والمفكرين العمل على صياغة خطاب ديني يتجاوز النزعات الإقصائية. إنّ بقاء الدولة محايدة في القضايا المذهبية ليس موقفًا سلبيًا، بل هو الضمان لاستمرارها في لعب دورها كراعية للوحدة الوطنية والإسلامية، بعيدًا عن الانحيازات التي قد تؤدي إلى اضطرابات اجتماعية مدمرة.
إنّ المرجعيات الدينية، بمختلف انتماءاتها، تتحمل مسئولية كبرى في تصحيح المفاهيم المغلوطة التي كرّست الانقسام داخل الأمة. فليس مقبولًا أن يظل بعض العلماء أسرى تفسيرات تاريخية متشددة تجعل الآخر المذهبي في خانة الضلال والكفر، وتُضفي على الصراعات السياسية طابعًا دينيًا لا أساس له من الشرع. إنّ المطلوب اليوم هو إعادة قراءة التراث الإسلامي بروح نقدية، تنزع عنه صفة القدسية المطلقة، وتفصل بين ما هو اجتهاد بشري قابل للنقاش والتطوير، وما هو أصل ثابت من أصول الدين لا يجوز المساس به. فلا يمكن للخطاب الديني أن يكون عامل تفريق وهو الذي أُسس ليكون أداة توحيد، ولا ينبغي أن تتحول منابر الفقه إلى ساحات تجييش وتأليب، بل إلى فضاءات لنشر قيم الوسطية والتسامح.
أما المجتمع، فله دور لا يقل أهمية عن الدولة والمؤسسات الدينية في تكريس ثقافة التقريب والتعايش. إنّ القاعدة الجماهيرية هي التي تُحدد في نهاية المطاف مدى نجاح أي مشروع حواري، لأن الخطابات الوحدوية إذا بقيت حبيسة النخب فلن تُحدث أي تغيير فعلي على الأرض. من هنا، فإن الإعلام والمؤسسات التعليمية يقع على عاتقها مسؤولية ضخمة في بناء وعي جماهيري جديد، يقطع مع الصور النمطية المتبادلة بين أتباع المذاهب المختلفة، ويُكرس فكرة أن الاختلاف لا يعني العداء، وأن وحدة المسلمين ليست شعارات جوفاء، بل مشروع نهضوي ضروري لتمكين الأمة من استعادة قوتها الحضارية.
إن مؤتمر المنامة يأتي في سياق دولي وإقليمي بالغ التعقيد، حيث تتزايد النزاعات المذهبية وتتعمق الفجوات بين أبناء الأمة الواحدة، مما يجعل الحاجة إلى مبادرات جادة للحوار أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. لا ينبغي لهذا المؤتمر أن يكون مجرد لقاء بروتوكولي أو حدث إعلامي عابر، بل عليه أن يؤسس لمرحلة جديدة في إدارة التنوع المذهبي داخل الأمة الإسلامية، بحيث تُصاغ آليات مؤسسية دائمة للحوار والتفاهم، تُخرج مسألة التقريب من دائرة المبادرات الموسمية إلى حيز السياسات المستدامة. إنّ نجاح المؤتمر لن يُقاس بعدد الكلمات التي ستُلقى فيه، بل بمدى قدرته على إنتاج أفكار ومشاريع قابلة للتطبيق، تضع حدًا لحالة الاستقطاب المستمرة، وترسي قواعد صلبة لحوار إسلامي-إسلامي يؤسس لوحدة حقيقية، تُحصّن الأمة من الفتن، وتُعيدها إلى مسارها الحضاري الذي تاهت عنه بفعل النزاعات العبثية.