تواجه الإدارة الأميركية الحالية ضغوطات كبيرة لتغيير استراتيجيتها تجاه التهديدات الإرهابية التي تمارسها ميليشيا الحوثي المدعومين من إيران ضد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن؛ خاصة أن الإجراءات المتبعة لم تحد من الهجمات أو تدحض تهديدات الحوثيين التي توسعت مؤخراً.

تقرير صادر القائد الأعلى للقوات الأميركية في الشرق الأوسط مؤخراً أكد أن الجهود العسكرية لكبح جماح الحوثيين فشلت وأن على الإدارة الأميركية توسيع وتغيير استراتيجيتها في التعامل مع التهديدات والهجمات الحوثية البحرية والجوية.

تحليل نشرته مجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية، كشف من أن هجمات ميليشيا الحوثي أصبحت أكثر خطورة وتقلبا بشكل مطرد في الأشهر الأخيرة، وباتت تلك الهجمات تمثل تهديداً مرتفعاً ضد الشحن التجاري في البحر الأحمر. موضحا أن _ظاهرياً_ تدعي الميليشيات الحوثية أنها تقوم بهذه العمليات دعماً لغزة، إلا أن الحقيقة عكس ذلك. 

التحليل الذي أعده الكاتب روبرت ف. وورث، أكد أن الحوثيين الذين استولوا على صنعاء، قام مؤخرا باعتقال عشرات الأشخاص الذي يعملون لدى الأمم المتحدة ومنظمات أخرى في اليمن، كما أنها بدأت مناوشات عنيفة مع منافسيها في جنوب البلاد، وكثفت تهديداتها بإشعال فتيل الحرب واستهداف السعودية من أجل إعادة الجهود الطويلة للتوصل إلى اتفاق سلام. 

ويشير التحليل الأميركي إلى أن حرب غزة كانت بمثابة نعمة عظيمة للحوثيين، الذين كانوا يواجهون بعض المقاومة الداخلية قبل اندلاعها. لقد ساعد الدعم العلني القوي الذي قدمه الحوثيون لغزة في تجنيد جنود جدد في الداخل والحفاظ على شعبيتهم، ووصل الأمر إلى جني أموال كبيرة لصالح هذه الحرب، على الرغم من احتياجات اليمنيين الكثيرة.

وأكد التحليل أن صعود الحوثيين إلى السلطة كان سريعا إلى الحد الذي جعله محيرا حتى بالنسبة لليمنيين. فقبل 20 عاما، كانوا جماعة متمردة غامضة في شمال غرب اليمن النائي، تغذيها مشاعر الاستحقاق والقمع التاريخي. واستغلوا فساد أعدائهم وعجزهم وتحالفوا بذكاء مع إيران، التي زودتهم بالأسلحة الأساسية والتدريب العسكري.

ووفقاً للكاتب روبرت ف. وورث، فإن مفاوضي الأمم المتحدة يعربون عن تفاؤل حذر بأنه إذا انتهت حرب غزة، فقد يتمكنون من الانتهاء من صفقة لإنهاء الصراع بين الأطراف اليمنية عبر "خريطة طريق للسلام". وهذه الخارطة من شأنها أن  توفر المال للمساعدة في تخفيف معاناة الشعب اليمني، الذي يعتمد بشكل كبير على الإمدادات المتناقصة من المساعدات الغذائية من الخارج.

ولكن خريطة الطريق تمثل مكافأة للحوثيين على حساب الشرعية، وكذا إضافة مصادر دخل جديدة ضخمة لهم في نفس اللحظة التي كانوا فيها يغلقون فعليا الممر المائي الذي يحمل 15% من التجارة العالمية. وقد انخفضت حركة الملاحة البحرية عبر البحر الأحمر بنحو 80% منذ بدأ الحوثيون في مهاجمة السفن في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وكان ذلك قبل أن يضربوا تل أبيب في 19 يوليو/تموز، مما دفع الإسرائيليين إلى قصف مدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر. وقد انخفضت حركة الملاحة البحرية بشكل أكبر منذ ذلك الحين.

ويشير التحليل إلى أن ميليشيا الحوثي تتهرب من الجهود الدولية خوفاً من منعهم وعرقلة استيرادهم للأسلحة. وخلال الأشهر الماضية تم الكشف عن زيادة كبيرة في أعداد السفن التي دخلت إلى موانئ الحوثيين خلال الفترة من مايو وحتى أكتوبر 2023 دون الخضوع للتفتيشات المطلوبة. حيث استخدمت الميليشيات أسلحة أكثر تطورًا منذ أن بدأوا في مهاجمة السفن في البحر الأحمر العام الماضي.

يحذر مسؤولون استخباراتيون أمريكيون من أن روسيا قد تسلح الحوثيين بصواريخ مضادة للسفن متطورة، وفقًا لتقرير في صحيفة وول ستريت جورنال، ردًا على الضربات الأوكرانية، باستخدام الأسلحة الأمريكية، على أهداف داخل روسيا.

ومع تعليق العمل بخريطة الطريق، بدأت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، ومقرها مدينة عدن الساحلية الجنوبية، في بذل الجهود في الأشهر الأخيرة لإضعاف الحوثيين من خلال قطع وصولهم إلى النظام المصرفي الدولي. لكن الحكومة التي تتخذ من عدن مقرا لها ليس لديها أموال وهي تعتمد بشكل كامل على السعوديين. وفي يوليو/تموز، هدد الحوثيون بمهاجمة السعوديين إذا لم يضعوا حدا للعقوبات المالية، وسرعان ما استسلم السعوديون. وقد تكرر النمط نفسه مرارا وتكرارا في السنوات الأخيرة.

ويشير التحليل الذي نشرته مجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية أن ميليشيا الحوثي أعادت تنظيم صفوفها الداخلية استغلالاً للأوضاع والتطورات الأخيرة، وغالباً بطرق تشير إلى نيتها لإعادة إشعال فتيل الحرب. ولقد أنشأوا قوة "تعبئة عامة" تبدو وكأنها على غرار قوات الباسيج، وهي قوة شبه عسكرية للشباب في إيران، كما أخبرني محمد الباشا، المحلل في شركة نافانتي للأبحاث والأمن الدولية. وقال: "لقد تم تدريبهم جميعاً على محاربة الأعداء المحليين والأجانب، وإجراء المراقبة -حتى على جيرانهم وقبائلهم وأصدقائهم".

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: میلیشیا الحوثی البحر الأحمر

إقرأ أيضاً:

بلومبرغ: أمريكا تخسر معركة البحر الأحمر أمام الحوثيين وتكشف ضعفها العسكري

الجديد برس:

قالت وكالة “بلومبرغ” الأمريكية إن الولايات المتحدة خسرت معركة البحر الأحمر أمام قوات صنعاء، وأن الهجمات البحرية التي شنتها الأخيرة مثلت أكبر مفاجأة خلال العام الماضي وأخطر تحدٍ بحري منذ عقود، مشيرةً إلى أنها كشفت مكامن الضعف لدى الجيش الأمريكي وسلطت الضوء على تآكل معايير المجتمع الدولي.

وتحت عنوان “أمريكا تخسر معركة البحر الأحمر” نشرت الوكالة تقريراً جاء فيه أنه “حتى وفقاً للمعايير الشرق أوسطية، كان العام الماضي مليئاً بالمفاجآت، فقد أدى هجوم مفاجئ شنته حماس إلى أعنف يوم لليهود منذ الهولوكوست، والآن استمرت الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة لفترة أطول مما تصوره أي شخص تقريباً، وربما شنت إيران أكبر هجوم بطائرات بدون طيار وصواريخ في التاريخ ضد إسرائيل”.

وأضاف: “لكن المفاجأة الأكبر هي أيضاً الأكثر شؤماً بالنسبة للنظام العالمي، فقد شنت جماعة الحوثي في اليمن، وهي جهة فاعلة شبه دولة لم يسمع بها غالبية الأمريكيين من قبل، أخطر تحد لحرية البحار منذ عقود من الزمان، ويمكن القول إنها هزمت قوة عظمى منهكة على طول الطريق”.

وأكد التقرير أن قوات صنعاء “دفعت بميناء إيلات الإسرائيلي في خليج العقبة إلى الإفلاس”.

وأشار إلى أنه “بعد مرور ما يقرب من عام لا تبدو الجماعة مردوعة بقدر ما هي أكثر جرأة”.

واعتبر التقرير أن “هذه الملحمة تجمع بين الديناميكيات القديمة والجديدة، فقد كان باب المندب منذ فترة طويلة بؤرة للصراع، وتحيط بهذا المضيق حالة من عدم الاستقرار في جنوب شبه الجزيرة العربية والقرن الأفريقي، وقد أدى هذا الوضع إلى نشوب صراعات وتدخلات أجنبية لعقود من الزمن، لكن حملة الحوثيين تكشف أيضاً عن مشاكل عالمية أحدث”.

وأضاف: “الحوثيين ليسوا قوة عسكرية تقليدية، فهم لا يسيطرون حتى على اليمن بالكامل، ومع ذلك فقد استخدموا الطائرات بدون طيار والصواريخ للسيطرة على الوصول إلى البحار الحيوية”.

ورأى التقرير أن “هناك عاملاً يزيد من تأجيج الأمور، وهو نفور أمريكا من التصعيد، والذي ينبع من الإفراط في التوسع العسكري، فقد تحولت قوة عظمى عالمية إلى مجرد حرب غير حاسمة مع مجموعة من المتطرفين اليمنيين”.

واعتبر أن “هذا النهج يعكس التعب الكامن الذي يعاني منه الجيش الأمريكي الذي يفتقر إلى ما يكفي من الصواريخ المجنحة والقنابل الموجهة بالليزر والطائرات الهجومية والسفن الحربية لمواصلة الحملة بشكل أكثر عدوانية بدون المساس باستعداده للصراعات في أماكن أخرى”.

وقال إن الوضع في البحر الأحمر كشف “تآكل المعايير التي اعتبرها المجتمع الدولي أمراً مسلماً به”، معتبراً أن ما يجري يمثل “سابقة مروعة، فقد قلب الحوثيون حرية البحار رأساً على عقب في منطقة بالغة الأهمية ودفعوا ثمناً متواضعاً للغاية”، حسب تعبير التقرير.

وبحسب التقرير فإنه “أياً كان من سيتولى الرئاسة في عام 2025 فسوف يضطر إلى مواجهة حقيقة مفادها أن أمريكا تخسر الصراع على البحر الأحمر، مع كل العواقب العالمية السيئة التي قد تترتب على ذلك”.

مقالات مشابهة

  • مجلة أمريكية: هجمات الحوثيين في البحر الأحمر تكشف عن مرونة عملياتية كبيرة رغم الجهود الغربية
  • بلومبرغ: أمريكا تخسر معركة البحر الأحمر أمام الحوثيين وتكشف ضعفها العسكري
  • باعتراف أمريكي بريطاني.. البحر الأحمر خارج الهيمنة الغربية
  • هجمات اليمن أثرت على واردات زيت الوقود إلى امريكا
  • ‏مدير الاستخبارات البريطاني: إيران تدعم الميليشيات في المنطقة وتساعد الحوثيين في هجمات البحر الأحمر
  • خلافات وانقسامات في البنتاغون على إثر هجمات الحوثيين في البحر الأحمر (ترجمة خاصة)
  • موقع أمريكي: 20 عاماً من الحرب الأمريكية.. لا تزال قوات صنعاء قادرة على حصار البحر الأحمر
  • خلافات في البنتاغون بسبب الحوثيين
  • يد الظل الإيرانية في هجمات الحوثيين على البحر الأحمر
  • موقع أمريكي: واشنطن تخوض حربا باليمن منذ 20 عاما.. لكن الحوثيين مازالوا قادرين على خنق البحر الأحمر (ترجمة خاصة)